طرحت شركة "جوجل" مبادرة علمية ثقافية تحمل عنوان "أفكار رائعة" تهدف إلى تحفيز الناس لطرح أفكار إبداعية تساهم في تغيير العالم ومساعدة الناس. الفكرة نفسها ابداعية وقد استقطبت (150) ألف فكرة خلاقة سيتم عرضها على لجان استشارية بهدف غربلتها واختيار الفائز منها. هنا نجد تعزيزاً للثقافة الإبداعية، وثقافة المعرفة القابلة للتطبيق بدلاً من ثقافة المعلومات التي يتم حصرها في ثقافة "هل تعلم". ان من ايجابيات هذا المشروع أن الأفكار الفائزة سيتم تمويلها لتحويلها إلى حقيقة. هذا الربط بين المعرفة والتطبيق هو الذي ينمي قدرات التفكير، ويقود إلى تطوير الأداء. لقد أصبحت المعلومات متاحة أمام الطالب والباحث والقارئ العادي فليس هناك صعوبة في الوصول إلى المعلومات في كافة المجالات والتحدي يكمن في استثمار هذه المعلومات في طرح أفكار جديدة تخدم الإنسانية. وأظن ان هذا المسار يجب أن يدخل ضمن برامج ومناهج التعليم العام والعالي بصفة دائمة وليس كفكرة طارئة فالربط بين المؤسسات التعليمية ومراكز الأبحاث العلمية مع قضايا الإنسان والمجتمع هي من أهم مسؤوليات تلك المؤسسات. هذا المنهج العملي يمكن التوصل إليه إذا أقدمت المؤسسات التعليمية على تغيير جوهري في بناء برامجها وأساليبها في التدريس والبحث وبناء القدرات. إن المطالبة بتحقيق تغيير نحو الأفضل في برامج وطرق التعليم لا تعني عدم وجود إنجازات علمية ومخترعات ولكنها في معظمها جهود فردية أو من خلال بعض المؤسسات ولكنها لا تتسم بصفة العمل المؤسسي. وبالرجوع إلى أخبار المعارض الدولية للاختراعات نعلم بكل فخر عن وجود اختراعات سعودية في معارض الصين، وجنيف وغيرهما ومنها على سبيل المثال لا الحصر حصول السعودية على ميداليتين ذهبيتين هما للدكتور ابراهيم العالم والدكتور عبدالله الراشد، كما حصل السعوديون والسعوديات على 9جوائز دولية في معرض جنيف الدولي للاختراعات لعام 2008، كما تبنت جامعة توليدو الأمريكية تسجيل اختراعات المبتعثين السعوديين (مها الشمري، وعلي السامطي وعادل البلوي) أما الدكتور سالم بن سليم الذياب عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود فقد حصل على براءة اختراع من أمريكا لبحثه المتعلق بتحضير صبغة الليزر، كما ابتكر طبيب سعودي علاجاً للإقلاع عن التدخين في أسبوع ووافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على تداوله. هناك إذن انجازات ومخترعات وأفكار ولكن إلى أين ينتهي بها المطاف. فبعد إعلان الجوائز وابراز أخبار الاختراعات فإننا لا نسمع عن تفعيل تلك الانجازات وتبنيها وتمويل تطبيقها من المؤسسات العلمية أو من رجال الأعمال القادرين. إن المجال لا يتسع لإيراد تفاصيل تلك الاختراعات ولكن المجال يتسع لطرح التساؤل عن تفعيل تلك الاختراعات وتحويلها إلى خدمات أو منتجات. مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين تقوم مشكورة بجهود في هذا المجال وهي تشرف على اكتشاف المواهب ورعايتهم وتنظم مشاركة المملكة في المعارض الدولية وقد شاركت في أكثر من معرض وحقق فيها السعوديون كما أشرنا ميداليات ذهبية اكدت قدرة الإنسان السعودي على امتلاك مقومات الإسهام في البناء العلمي والحضارة الإنسانية وان الاستثمار في الموارد البشرية هو الأهم في مسيرة التنمية. ان تقدير جهود المؤسسة لا يلغي السؤال المطروح، وهوأين تذهب تلك الاختراعات؟ ما هو مصيرها وكيف تفعَّل؟ وهل تم تكريم أصحابها