يعرف جون كين، وهيج باتابان الحصافة بأنها الحكمة العملية أو القدرة على اتخاذ القرارات السديدة ضمن ظروف معقدة ومتغيرة، باستمرار، والشخص الحصيف هو الذي يقرر بعد تفكير عميق، ويتصرف بشكل حاسم موفقاً بين إلحاح الجوانب الأهم والجوانب الأكثر إلحاحاً، والحصافة هي الفضيلة الأسمى للحياة العملية، وبالتالي للسياسة والحكومة (مجلة الإدارة العامة ربيع الآخر 1429ه) ترجمة درويش نايف عبدالهادي. ينظر الكاتبان إلى القطاع العام كبيئة عمل تختبر قدرة المدير على الحصافة ذلك أن وجود أنظمة وقوانين تحكم العمل قد تتحول إلى قيود لدى بعض المديرين والمدير الحصيف في القطاع العام لا يدع القيود سبباً للكسل أو عدم التصرف، وحيث إن القطاع العام مقيد أكثر بالقوانين مقارنة بالقطاع الخاص، ولأن عمل المدير يستند إلى ثقة العامة وموقعه محدد ضمن هيكل تنظيمي، فإن مشروعية أية أفعال قد يقوم بها المدير قد تكون معرضة أكثر للتحدي مقارنة بنظرائه في القطاع الخاص والمدير الحصيف في القطاع العام هو ذلك القادر على العمل والقيادة بشكل فاعل دون تعريض هذه المشروعية للخطر. نستخرج من تلك المقدمة السؤال التالي: ماذا يعني أن يكون المدير قادراً على العمل والقيادة؟ أما العمل فهو الانتظام في البرنامج الزمني المحدد، وأداء المهام بطريقة روتينية تستند بشكل حرفي على الدليل المكتوب وعلى الإجراءات البيروقراطية التي تطبق على كل الحالات. المدير في هذه الحالة يعمل حسب النظام والتعليمات والتوجيهات ويتقيد بالخط البيروقراطي ولا يخرج عنه لأي سبب إلى ساحة القيادة. ولكن عندما نتحدث بالمقارنة عن القيادة فإننا نتحدث عن القدرة على اتخاذ القرارات، والتصرف بشكل حاسم وسط الظروف المتغيرة. في المقال الذي نتحدث عنه يصل الكاتبان إلى نتيجة وهي أن الأشخاص المخلصين والأذكياء عندما يمنحون المجال للتصرف فإنهم يميلون الى التصرف بحصافة، ومع ذلك يطرح الكاتبان سؤالاً مهماً: "إن مشكلة الحصافة في نهاية المطاف مشكلة بمن تثق وإلى أي مدى". الإجابة المقترحة هي أن تتم معرفة الأفراد وشخصياتهم وقدراتهم التي تظهر في السلوك المسؤول، والمطلوب هو محاولة واعية ومنظمة لرعاية وتشجيع الحكمة العملية منذ المراحل الأولى لعملية التوظيف عبر وضع وترقية الأفراد الحصيفين والمخلصين. نحن نبحث إذن عن الشخص المخلص الذكي، الحصيف، فكيف نصل إلى ذلك؟ من الواضح أنه لنصل إلى ذلك الشخص نحتاج الى تطوير الأساليب المتبعة في هذا الشأن. إن مدير الادارة الحصيف هو ذلك المدير الذي سيبحث عن أفراد يساعدونه بالفكر والممارسات الحصيفة دون انتظار لتعليماته، كما أنه يبحث عن الأفراد الذين يتعاملون معه بشفافية، ومصداقية فيضيفون إلى أفكاره بدلاً من الاكتفاء بالموافقة على كل شيء. المدير بحاجة إلى أفراد يتمتعون بالمهارات القيادية التنفيذية أي لديهم القدرة على العمل والقيادة لكن المدير الحصيف فقط هو من يبحث عن هذا النوع من الأفراد.