يروي لنا التاريخ الذي هو عبارة عن جسر يربط ماضي كل أمة بحاضرها. وبأنه مدرسة الأجيال يتعلم فيها الأحياء ما ينفعهم فيعملونه، وما يضرهم فيجتنبونه، وبقدر العناية بهذا التاريخ وبتدوينه تستطيع الأمم أن تبني حياتها على أسس متينة وثابتة. فالحياة كلها بدروبها الطويلة المتعاقبة ليست إلا تاريخا والساعة التي يعيشها الإنسان هي حاضرة، ولكنها ستكون بعد مرورها جزءا من تاريخه تشهد له أو عليه. وقد ضرب الشعب السعودي بكل فئاته أروع الأمثلة في المحبة والتفاني والإخلاص لهذا الوطن ومكتسباته وقيادته السياسية، فجعل من الحكمة وبعد النظر ومحبة عبدالله بن عبد العزيز سدا منيعا في رفض الدعوات الخارجية والتي تحكمها أجندات معروفة تحمل في بنودها الحقد على هذا الوطن وأهله مطالبة بالخروج على ولي الأمر، شاهرين سلاح التدمير والتخريب وإشاعة الفوضى وبث الخوف والرعب في نفوس الآمنين الساكنين والساكنات في قلوب القيادة وضميرها. كل عقلاء الوطن كانوا يراهنون على أنها فقاعات تذهب سدى وأنه لن يكون هناك يوم آخر لحنين، إنما هو يوم واحد في التاريخ كان لنبي الله ورسوله. الشعب السعودي وبكل فئاته أثبت للعالم أجمع أنه شعب واع ومثقف. درس التاريخ بحصافة واستوعب الدرس جيدا وآمن أن العاقل من اتعظ بغيره. وهذا يؤكد للحاقدين والمشككين في قدراتنا أننا شعب شب عن طوقه قادر على خوض الحياة ومواجهتها بكل ما فيها بقوة واقتدار. متحصن بدينه وعلمه وحبه لوطنه وقيادتها، يعرف متى وكيف يقف أمام المغرضين ودعاة الفتن وإشاعة الفوضى. ليس عن خوف وجبن وإنما عن حب وإيمان واقتناع، بهذا الوطن الكبير الذي وحد ذرات رمله مؤسس بذل الغالي والرخيص في سبيل توحيده وجمع كلمته تحت راية التوحيد والمحبة. كتب المؤرخ الإسلامي محمد أسد، والذي كان مرافقا للملك عبدالعزيز، أن المؤسس رحمه الله اجتمع مع أركان دولته والعلماء وأعيان نجد وبعض من أفراد شعبه في قصره بمدينة الرياض في الخامس من نوفمبر عام 1928م لبحث بعض الأمور والمستجدات بعد أن عاد من غزواته موحدا للجزيرة قاضيا على الكثير من الفتن في أرجاء نجد والحجاز، وقف الملك عبدالعزيز أمام الجمع وعرض عليهم أن يتنازل عن العرش، فكانت جميع فئات نجد وما حولها ممثلة في هذه الجمعية العامة، وكانوا أكثر من ألف شخص يقول أسد .. بعد أن قدمت القهوة قام عبدالعزيز وأبدى استعداده للتنازل عن العرش. صدم الجميع بهذا الاقتراح الذي صك أسماعهم، كان الجميع حاضرا يتوقعون ردا حاسما من الملك على بعض الأمور المعروضة والمستحدثة في دولته. لذا أذهلهم اقتراح عبدالعزيز، قال الملك إنه لم يعد عنده رغبة في حكم الشعب وأنه يريد يتجنب خطيئة التكبر وأنه سيكون سعيدا باعتزال الملك وقضاء بقية حياته في تأمل كلام الله. مضيفا أن الملك قال اختاروا أي فرد من عائلتي حاكما عليكم، قال مشيرا إلى إخوانه وأبناء عمه «وسأقبل به». فإذا بالجميع وعلى لسان واحد يعلنون احتجاجهم على هذه الفكرة وصاح الجميع بصوت واحد (لن يحكمنا أحد سواك)، ومنذ تلك اللحظة حظي عبدالعزيز بتأييد الجميع. يقول روبروت ليسي في كتابه المملكة الجزء الأول، لقد كان هذا تذكيرا للحاضرين بالشرعية المطلقة التي كان النظام السعودي يستند إليها، فقد وحد عبدالعزيز البلاد بانضباط ديني شديد جدا، واحتفظ بسلطته والتي كان أساسها رضا الرعايا الذين يحكمهم طوعا، وهاهو يبين باقتراحه أن يعفيهم من يمين الولاء له. يقول المؤسس رحمه الله لجون غلوب، وهو كابتن في الجيش البريطاني خدم في الحرب العالمية الأولى وفقد جزءا من حنكه ويطلق عليه البدو أبو حنيك، (إن خيط الرضا أقوى من طوق الحديد)، بهذه الحكمة البليغة العاقلة استطاع المؤسس أن يوحد هذه المملكة رغم مساحتها الكبيرة، ويجمع شعبه من حوله بالمحبة والمودة والإخلاص لينتقل هذا الإخلاص والمحبة والوداد إلى أبنائه الكرام من بعده في لحمة قل أن يشهد مثلها التاريخ. هذه القصة التاريخية تؤكد للجميع أن هذا الشعب قد التف حول قيادته منذ بداية التأسيس وأنه لن يستطيع كائن من كان أن يراهن على هذا الحب والولاء. المملكة كبيرة بشعبها عظيمة بعظم وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها تجاه وطن كبير شد أركانه المؤسس بالحب والمحبة وجعلها في عقبه قائمة إلى ما شاء الله. وما أشبه اليوم بالبارحة فها هو التاريخ يعيد نفسه فكما رفض شعب نجد والحجاز أنذاك أن يتخلى الملك عبدالعزيز عنهم وقرروا بصوت واحد أنه لا يحكمنا سواك، يقولها الشعب اليوم وبصوت واحد ويد واحدة وعلى قلب رجل واحد لقيادة هذا الوطن وبالحوار والتفاهم تبنى الأوطان وتتحقق الآمال في ظل دولة التوحيد. وهذا ما عبر عنه خادم الحرمين الشريفين في جلسة مجلس الوزراء الأسبوع الماضي بأن شعب المملكة منذ توحيد هذه الدولة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، أثبت حكمته في مختلف الظروف والأحداث ووفاءه، وأنه في قمة التلاحم مع قيادته وبالتالي لا يستغرب عدم انسياقه لمحاولات المغرضين والحاقدين لأنه يدرك الأهداف من وراء تلك الدعوات الباطلة والمخالفة لتعاليم الكتاب والسنة، معبرا أيده الله عن الشكر والتقدير لشعب المملكة على تمسكه بدستوره كتاب الله وسنة رسوله وعلى ما يجسده من تلاحم وقيمه الإسلامية ووحدة وطنه. وفي جمعة الخير والعطاء يعلن خادم الحرمين الشريفين حزمة من الأوامر الحكيمة لصالح المواطن مبادلا الحب بالحب، غامرا أفراد شعبه بمحبته وامتنانه لهم على وقوفهم صفا واحدا في وجه الفوضى والتدمير. فكانت أوامر خير شاملة عم بخيرها المواطن، دعمت الشباب وبنك التسليف والضمان الاجتماعي والصحة وقطاعات أخرى كثيرة وكلها أوامر خير وعطاء. ولعل الأمر الملكي الكريم بإنشاء هيئة لمكافحة الفساد جاء في الوقت المناسب ليحفظ المال العام الذي انتهكه البعض وعاثوا فيه فسادا وحرموا المواطن الكثير من الإصلاحات التي اعتمدت لها المليارات، كان شكر الملك لأفراد شعبه جميعا فئة العلماء الذين هم صمام أمان لهذا الوطن وأهله ولأفراد القوات المسلحة والداخلية والصحافيين والكتاب وكل من وقف بحق أمام الفتنة ووأدها في مهدها. كانت كلمة حق حملت من البيان ما يثلج الصدور ويفرح النفوس كم أنا فخور بكم والمفردات والمعاني تعجز عن وصفكم أقول ذلك ليشهد التاريخ وتكتب الأقلام وتحفظ الذاكرة الوطنية بأنكم بعد الله صمام أمان لوحدة هذا الوطن وأنكم صفعتم الباطل بالحق والخيانة بالولاء وصلابة إرادتكم المؤمنة. كلمات ليست كالكلمات نزلت بردا وسلاما على قلوب المحبين العاشقين لهذا الوطن الكريم بمقدساته وقيادته وشعبه الوفي ليستمر العطاء ويتجدد الأمل لغد مشرق في وطن موحد، الكل يعمل لأجل تنميته وبنائه ليسود على الأوطان. فبالحوار نصل إلى ما نريد بعيدا عن دعم المغرضين والحاقدين، وكما نحن في قلبك فاطمئن فأنت أيضا في قلوبنا. حفظك الله لشعبك ومد في عمرك وعافيتك لترى نتاج صنعك وجميلك. فاكس: 6975040 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 148 مسافة ثم الرسالة