انتقل إلى رحمة الله الأديب محمد بن عبدالله الحمدان، صاحب مكتبة قيس الشهيرة بجمع المخطوطات والكتب النادرة، قد كانت مسيرة الأدبية حافلة بالعطاء في خدمة والأدب والثقافية عن طريق الكتاب والصحافة والمشاركة في المناشط الأدبية وتقديم خدمات جليلة للمهتمين بالتراث السعودي عن طريقة مكتبته الشهيرة «مكتبة قيس». وفيما يخص الموروث والأدب الشعبي قدم له الكثير وكان له -رحمه الله- مجهود يذكر فيشكر، ولعلنا نلقي نظرة سريعة على بعض ما قدمه للأدب الشعبي من خلال ديوانين شهيرين، الأول (ديوان السامري والهجيني)، والثاني (ديوان حميدان الشويعر) واللذين جمعها وطبعتهما دار قيس. وديوان السامري والهجيني طبع في أربع طبعات، وحظيت الطبعة الرابعة باهتمام بالغ من حيث الترتيب والشرح والحواشي والفهرسة الجميلة التي بلغت ما يقرب من 37 صفحة ما يسهل على القارئ والباحث استخراج ما يريده بسهوله ويسر، ولعل مقدمة هذه الطبعة توضح لنا مدى الدقة التي حرص عليها لإخرج الديوان بحلة قشيبة، فقد كتب في مقدمة الطبعة الرابعة: قلت في مقدمة الطبعة الثالثة إني تحرجت من نشري لهذا الشعر، ورجوت أن تكون تلك الطبعة الثالثة هي الأخيرة، ولن أشغل نفسي بعدها بهذا النوع من التأليف، وصممت على هذا، ولكن ملاحظات مهمة وتصحيحات جيدة من الراوي الشيخ إبراهيم الواصل - رحمه الله - والأستاذين عبدالرحمن بن صالح آل عبداللطيف، وسيف بن علي آل عساف، وغيرهما، وكذلك نفاد الكمية المطبوعة جعلني أعيد نشره، وأغتنمها فرصة لحذف بعض القصائد التي ليست من السامري، أو تلك التي أرى أنها أقل أهمية من غيرها. والطبعة الماضية كانت بحرف أبيض غير واضح، وقد نبهني الصديق الأستاذ محمد الدعيج لهذا، ولكن بعد فوات الأوان. ولعل هذه تكون أفضل من تلك. ومن الذين لهم الفضل في تنبيهي إلى بعض الأخطاء الأخ الأستاذ عبدالله بن عبدالرحمن الحيدري، الإذاعي الأديب المؤلف المعروف، فقد ذكر في كتابه (أطياف شعبية) الذي طبع عام 1413ه، في فصل (متفرقات) بعنوان: (قراءة عجلى لديوان السامري)، بعد أن أثنى - جزاه الله خيراً - على عملي المتواضع في الديوان ذكر بعض الملحوظات، و ود التوسع في تراجم الشعراء - ما أمكن - كما اقترح إعادة البيت: اللي يبينا عيت النفس تبغيه واللي نبي عيا البخت لا يجيبه للشاعرة نورة الهوشان أو الحوشان وهو بيت من السامرية المشهورة، وقد عدته في الطبعة التالية لاقتراحه، وكنت تركته لأن الأستاذ المحقق سعد الجنيدل ذكر في كتابه (خواطر من التراث) أن البيت ليس من السامرية. كما اقترح أخي عبدالله وضع ملحق للكتاب يتضمن بعض القصص التي أشير لها في الديوان، وأقول: ليت الجهد والوقت يسمحان - يا أبا أمل - بتحقيق ما وددت، وشكراً جزيلاً لك. وفي بعض الطبعات الجديدة لبعض الكتب يقول مؤلفوها (طبعة مزيدة ومنقحة)، وفي هذه الطبعة كدت أقول (طبعة منقحة وناقصة) ولكني تذكرت أني أضفت سامريات على هذه، لم تكن في سابقاتها للدكتور عبدالرحمن بن سعد العثمان، وعبدالله لويحان وعبدالعزيز السليم من سامري عنيزة). بفضل الأخ الأستاذ عبدالله الحبيب الذي أشكره كثيراً، كما أشكر الأخ الأستاذ إبراهيم الصيخان، والشكر موصول للشيخ محمد الهطلاني على لطفه ومبادرته بتزويدي بما طلبته منه. أقول قولي هذا أو كما يقول بعضهم - في خطبة الجمعة - (أقول ما تسمعون)، أقصد أكتب ما تقرؤون، والله يعفو ويتوب، والسلام عليكم. محمد بن عبدالله آل حمدان الرياض - البير في 1423/1/1ه مكتبة قيس للكتب والجرائد والمجلات القديمة أما الديوان الآخر فهو (ديوان حميدان الشويعر) وسوف نلقي نظرة سريعة للمجهود الذي بذل في الطبعة الثانية والذي أصدرته دار قيس عام 1417ه، وظهر فيه المجهود الذي بذله الحمدان -رحمه الله- حيث جاءت المقدمة في خمسين صفحة شملت مقدمة الطبعة الثانية ومقدمة الطبعة الأولى من إجمالي الديوان الذي جاء في 194 صفحة حيث ذكر في المقدمة تعريف بحميدان الشويعر وجمع ما ذكره المهتمون بالشعر الشعبي كخالد الفرج في كتابه (ديوان النبط) وعبدالله الحاتم في كتابيه (خيار ما يلتقط من شعر النبط) و(ديوان حميدان الشويعر وعبدالمحسن الهزاني) وما كتبة د. حسن الهويمل ود. عبدالله الفوزان واستنكر على طلال السعيد ترجمته الغريبة الشاذة لحميدان في كتابه (الموسوعة النبطية الكاملة). ثم انتقل إلى المخطوطات: 1- مخطوطة محمد ناصر العبودي، 2- مخطوطة محمد العمري (مكتبة جامعة الملك سعود) 3- مخطوطة الذكير ثم انتقل إلى طبعات ديوان حميدان حيث ذكر أن هناك طبعة قديمة طبعت في مصر وقد حاول أن يحصل على نسخة منها ولكنه لم يوفق للحصول عليها وذكر الحمدان أن أول طبعة رآها لخالد الفرج في كتابه (ديوان النبط) ذي الجزأين الذي خصص الأول لشعر حميدان وشعراء آخرين عام 1371ه واتبعه محمد سعيد كامل وما نشره عبدالله الحاتم في كتابه (خيار ما يلتقط من شعر النبط ) 1372ه شمل 30 قصيدة لحميدان بزيادة أربع قصائد عما ذكره خالد الفرج. ديوان ابن سبيل والشويعر والعوني لناشر مجهول وديوان الأشعار النادية من أشعار البادية لمحمد سعيد كامل ثم ذكر من بقي من ذرية حميدان الشويعر خاصة في حائل ومنهم محمد سليمان الشويعر وأنه ذهب إلى حائل ولكنه لم يستطع لقاءه لوجوده في مكة، وذكر أنه حاول الوصول إلى من يحفظون شعره كمحمد الجاسر بالزلفي ومحمد الراشد برغبة وعبدالله بن منصور بالشعراء وغيرهم. ثم تطرق إلى قصص حميدان الطريفة التي يتداولها الناس كقصة زواجه وطلاقه في نفس الليلة، وقصة المغرفة. ثم أورد شيئا عن حميدان بقوله: لا أود أن أخوض في ترجمة حميدان بل أترك هذا لدارسيه ولكنها إلمامة قصيرة تلقي بعض الأضواء الباهتة على هذا الرجل: محمد بن عشبان روي محمد بن يحيى عن الشاعر إبراهيم بن جعيثن أنه كان يلتقي محمد بن عشبان في جلاجل لأخذ شعره وشعر غيره. وفي يوم من الأيام أسمعه بعض شعر حميدان فقال بن جعيثن يا محمد بن عشبان هل واجهت حميدانًا فقال نعم: ثلاث مرات. مرتين في القصب ومرة في وثيثيا فقال: صفه لي فوصفه بأنه قصير عصل ورأسه كبير ولحيته كبيرة بيضاء ووجهه حسن ولا يجلس وهو في المسجد لا يخرج إلا متأخرا ولا يجالس عامة الناس. تجده مع الأمراء والمشايخ فقال: صف لي مجلسه.. فرد ابن عشبان في المجلس لا يتكلم إلا هو.. فيه فصاحة وبلاغة وذكاء لا تود أن يسكت وعليه هيبة عظيمة. وكريم، فرغم أن الأحوال المعيشية في ذلك الوقت غير جيدة إلا أن أول يوم عنده ثم عند السيايره.. هذا في القصب، أما في وثيثيا فأول يوم عنده وثاني يوم عند آل زامل». ثم ذكر أغراض شعره ورتبها مفهرسة والأمثال في شعره ثم أورد محاضرة للأديب عبدالله بن خميس عن حميدان الشويعر ألقاها في المركز الثقافي التابع للجمعية العربية للثقافة والفنون. ثم جاءت قصايد الديوان 60 قصيدة مرتبة حسب القافية هجائياً مع بعض الشروح والتعليق على بعضها وفي آخر الكتاب جاءت الفهارس وصور لبعض المصادروالكتب التي أخذ منها. الحمدان في شبابه علاقة مستمرة بالمكتبة من متحف الحمدان ديوان حميدان الشويعر ديوان السامري والهجيني