نعيش داخل نتائج لم نختَرها، لا أحد يتوقع أن تتغير صحته فجأة، لا إشعار مسبق، ولا علامة واضحة تقول: انتبه، القادم أصعب. نمشي في أيامنا ونحن نعتقد أن الجسد ثابت، أن العافية حالة دائمة، وأن التعب مؤقت مهما طال. ثم يحدث شيء بسيط في ظاهره، ألم عابر، إرهاق غير مفهوم، إحساس غريب لا يجد له الإنسان تفسيرًا. فنبدأ الرحلة. رحلة لا يتحدث عنها أحد كثيرًا: المواعيد، الانتظار، القلق الصامت، وتلك اللحظة التي تجد فيها نفسك ممددًا داخل جهاز تحاول فيه أن تبقى ثابتًا بينما أفكارك تركض في كل اتجاه. في تلك اللحظة، لا يعود الإنسان يفكر في الإنجاز، ولا في الخطط، ولا في التفاصيل الصغيرة التي كانتن تشغله. كل ما يتمناه شيء واحد فقط: أن يكون سليمًا كما كان من قبل. العافية لا تُدرك قيمتها وهي حاضرة، بل حين تهتز. حين يشعر الإنسان أن جسده لم يعد مألوفًا، وأن الطمأنينة التي كان يعيش بها لم تكن مضمونة كما ظن. المؤلم أن هذا التحوّل لا يحدث بتدرّج واضح، بل يأتي بغتة، كأنه يذكّرنا أن الصحة ليست وعدًا دائمًا، بل نعمة صامتة ننتبه لها متأخرين. لا أحد يختار أن يدخل هذه المتاهة، ولا أحد يستعد لها نفسيًا. ومع ذلك، كثيرون يعيشونها بصمت، ويكتشفون أن أقسى ما فيها ليس الألم نفسه، بل القلق، والانتظار، وتغيّر نظرتهم للحياة بعدها. بعد هذه التجربة، تتغير الأمنيات. لا تعود كبيرة، ولا بعيدة. تصبح بسيطة جدًا: أن تستيقظ دون وجع، أن تعيش يومك بلا خوف، أن يكون جسدك معك... لا ضدك. أن نعيش داخل نتائج لم نختَرها هو أن نكتشف فجأة أن الصحة الجسدية قد تُسحب من تحت أقدامنا دون إنذار، ودون أن نكون مستعدين. فكيف يتحول ما كنا نعيشه دون تفكير إلى أكثر ما يشغل تفكيرنا؟.