أتذكر تمامًا ما حدث في مونديال كوريا واليابان عام 2002، وما سبقه من إخفاقات ونتائج غير مرضية، لا داعي لذكرها حتى لا يتسلل إلينا الإحباط والقلق، لكن الشاهد في هذه القصة تحديدًا هو ما حدث بعدها؛ إذ تم اتخاذ قرار جريء بتغيير الخطة، تضمن الإحلال بأسماء شابة تهدف إلى تجديد الدماء، بقيادة المدرب الهولندي فاندرليم، الذي تم اختياره بعناية شديدة ليقود مشروع بناء طويل الأمد، قائم على الصبر على المواهب الشابة وتبديل جلد المنتخب بما يواكب متطلبات المرحلة. جميعنا يتذكر بدايات ذلك الجيل المميز، بقيادة رضا تكر، وحمد المنتشري، وسعود كريري، وسعيد الودعاني، وبندر تميم، وياسر القحطاني، إلى جانب لاعبي الخبرة، وعلى رأسهم محمد نور والراحل خميس العويران. لقد صُقل ذلك الجيل بشكل جيد، بعدما قرر الاتحاد السعودي حينها، بقيادة الأمير سلطان بن فهد، التجديد في ظرف أشهر قليلة فقط بعد المونديال المخيب للآمال في كوريا واليابان. وعندما نعود بالذاكرة قليلًا إلى الوراء، نجد أن ذلك المنتخب كان يخوض مباريات مع منتخبات المناطق، بهدف تحقيق التفاهم والتناغم والانسجام بين اللاعبين. وكانت النتيجة في النهاية أننا حصدنا، وبنفس الأسماء، بطولتي العرب والخليج عام 2003، ومن خلالهما عمّت الأفراح كل الجماهير السعودية بما تحقق من إنجازات لا نزال ننتظر عودتها اليوم، لترسم البهجة والسرور في كل بيت سعودي. الحكمة التي يجب أن نستفيدها من هذا النجاح السابق، الذي لا يزال يعبق في الذاكرة، هي أن التغيير الصحيح في التوقيت المناسب يصنع الفارق. فالبقاء على نفس الحال، وبنفس الأدوات، يعني أن الفشل سيجر فشلًا آخر، وتستمر الحكاية دون نهاية، ما لم يتم إحداث تغيير حقيقي يعيدك تدريجيًا إلى وضعك الطبيعي، وهو ما تحقق بالفعل في آخر عهد لنا بالإنجازات الوطنية. ولكي نكشف الخلل الكامن، يجب أن نسأل: هل عملت الإدارات السابقة للمنتخب، إلى جانب الإدارة الحالية، على تخطيط واضح لتطوير جيل متكامل يتم الاهتمام به والاعتماد عليه لمواكبة تطور المراحل المختلفة؟ بالطبع لا. فقد اعتمد الجميع على التاريخ السابق والهيبة القديمة، لنُفاجأ لاحقًا بتطور من حولنا ووصولهم إلى القمة، بينما وجدنا أنفسنا في القاع. ختامًا: لا يوجد عمل ناجح يأتي محض صدفة أو بضربة حظ، بل هو نتاج تخطيط إداري محكم. وإذا أردت أن تفشل في مستقبلك، فما عليك إلا الاعتماد على أمجادك السابقة، حتى يفاجئك من حولك بالتفوق عليك، وأنت تجر خلفك الحسرة والخيبة.