الذهب يرتفع.. والأسهم تتراجع مع ضعف الدولار

استقر الذهب قرب أعلى مستوى له في أكثر من سبعة أسابيع، أمس الاثنين، مدعومًا بضعف الدولار وانخفاض عوائد السندات الأميركية قبيل صدور بيانات الوظائف الرئيسية، بينما ارتفعت الفضة لكنها ظلت دون مستوى الذروة القياسية التي سجلتها يوم الجمعة.
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 1 % إلى 4344.40 دولارًا للأوقية. وكان المعدن النفيس قد سجل أعلى مستوى له منذ 21 أكتوبر يوم الجمعة. وارتفعت العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 1.1 % إلى 4377.40 دولارًا للأوقية.
وظل الدولار (مؤشر الدولار الأميركي) قريبًا من أدنى مستوى له في شهرين والذي سجله الأسبوع الماضي، مما جعل الذهب أكثر جاذبية للمشترين الأجانب، في حين انخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية القياسية لأجل 10 سنوات بشكل طفيف.
وقال كيلفن وونغ، كبير محللي السوق في منصة تداولا أواندا: "من المرجح أن يظل الطلب على الذهب قويًا في ظل بيانات الوظائف غير الزراعية الأميركية، حيث أن مؤشرات ضعف سوق العمل ستُبقي عوائد السندات قصيرة الأجل محدودة، وسيُضعف الدولار، مما يدعم ارتفاعه نحو 4380-4440 دولارًا بعد ارتداد قوي من منطقة الدعم عند 4243 دولارًا".
ولا تزال الأسواق تُركز على توقعات السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي بعد أن خفض البنك المركزي الأميركي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع الماضي في قرار نادر منقسم، مع الإشارة إلى احتمال التوقف المؤقت نظرًا لاستمرار التضخم في الارتفاع وعدم وضوح توقعات سوق العمل.
وقال مسؤولان في الاحتياطي الفيدرالي ممن عارضوا القرار إن التضخم لا يزال مرتفعًا للغاية بحيث لا يُبرر سياسة نقدية أكثر تيسيرًا. ويتوقع المستثمرون حاليًا خفضين لسعر الفائدة العام المقبل، ويُنظر إلى تقرير الوظائف الأميركية لهذا الأسبوع على أنه اختبار رئيسي لهذه التوقعات.
وعادةً ما تستفيد الأصول غير المُدرّة للدخل، مثل الذهب، في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وأشار بنك إيه ان زد، في مذكرة له إلى أن خطوة الهند بالسماح لصناديق التقاعد بالاستثمار في صناديق المؤشرات المتداولة للذهب والفضة قد ترفع من مشاركة المؤسسات. وأن مثل هذا التنظيم من شأنه تعزيز الثقة ودعم معنويات المستثمرين، مما يدعم زيادة تخصيصات الذهب والفضة في مختلف المحافظ الاستثمارية.
ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 2 % ليصل إلى 63.23 دولارًا للأونصة. وكان قد سجل مستوى قياسيًا بلغ 64.65 دولارًا يوم الجمعة قبل أن يغلق على انخفاض حاد. وعلى الرغم من الارتفاع الذي تجاوز 115 % حتى الآن هذا العام، فقد نبّه بنك إيه ان زد، إلى مخاطر انخفاض الأسعار، مشيرًا إلى احتمالية إعفاء الولايات المتحدة من الرسوم الجمركية، الأمر الذي قد يخفف من شحّ المعروض، بالإضافة إلى التقييمات المبالغ فيها مقارنةً بالذهب، والتي قد تدفع المستثمرين إلى تغيير محافظهم الاستثمارية.
تباينت أسعار المعادن النفيسة الأخرى، إذ انخفض سعر البلاتين الفوري بنسبة 0.4 % ليصل إلى 1738.23 دولارًا، بينما ارتفع سعر البلاديوم بنسبة 2.9 % ليصل إلى 1531.28 دولارًا للأونصة.
وقال محللو المعادن الثمينة لدى انفيستنق دوت كوم، ارتفعت أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية يوم الاثنين، مواصلةً مكاسبها بعد أن سجلت أعلى مستوى لها منذ شهرين تقريبًا في الجلسة السابقة، مدعومةً بضعف الدولار وعوائد سندات الخزانة، في أعقاب إشارات أقل تشدداً من مجلس الاحتياطي الفيدرالي، مما عزز أسواق المعادن.
وحافظت أسعار الفضة على مستويات قريبة من أعلى مستوياتها القياسية بعد مكاسبها الكبيرة الأسبوع الماضي، بينما ارتفعت أسعار المعادن بشكل عام. وينصب التركيز هذا الأسبوع على مؤشرين اقتصاديين أميركيين رئيسيين - الوظائف غير الزراعية وتضخم مؤشر أسعار المستهلك - واللذان من المرجح أن يؤثرا على توقعات مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة.
واصل الذهب والمعادن الأخرى مكاسبها التي حققتها الأسبوع الماضي، مدعومةً بضعف الدولار وعوائد سندات الخزانة. جاء هذا الارتفاع عقب إشارات تيسيرية من الاحتياطي الفيدرالي، بعد أن خفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي وأشار إلى أنه سيبدأ فورًا بشراء سندات الخزانة قصيرة الأجل اعتبارًا من ديسمبر، بمعدل شهري قدره 40 مليار دولار.
تعكس أنشطة شراء الأصول التي يقوم بها الاحتياطي الفيدرالي نظرةً تيسيرية للسياسة النقدية، خاصةً مع احتمال تحسن السيولة المحلية بشكل أكبر نتيجةً لضخ السيولة. ومن المتوقع أن يستفيد الذهب في ظل هذه الظروف. لكن إعلان الاحتياطي الفيدرالي عزز أيضًا الطلب على الذهب كملاذ آمن، نظرًا لما أثاره من تساؤلات حول صحة الاقتصاد الأميركي.
ينصب التركيز هذا الأسبوع على بيانات الوظائف غير الزراعية ومؤشر أسعار المستهلك الأميركية لشهر نوفمبر، والمقرر صدورها يومي الثلاثاء والخميس على التوالي. تأخر صدور بيانات الوظائف، التي تصدر عادةً في أول جمعة من كل شهر، بسبب إغلاق حكومي مطول في أكتوبر ونوفمبر.
لكن الأسواق ستراقب عن كثب أي مؤشرات أخرى على تباطؤ نمو سوق العمل وانخفاض التضخم، نظرًا لأن هذين العاملين هما أهم اعتبارات الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة. وستكون هذه البيانات أيضًا أحدث القراءات الاقتصادية الرسمية المتاحة للأسواق بعد أن أدى الإغلاق الحكومي إلى تعطيل العديد من البيانات الرئيسية لشهر أكتوبر.
تراجع الأسهم
في بورصات الأسهم العالمية، تراجعت الأسهم الآسيوية يوم الاثنين، متأثرة بعمليات بيع مكثفة في وول ستريت، ومخاوف جديدة بشأن العقارات الصينية، ومع كبح المستثمرين للمخاطرة في بداية أسبوع حافل بقرارات البنوك المركزية الهامة والبيانات الاقتصادية.
انخفض مؤشر (ام اس سي آي) الأوسع نطاقًا لأسهم منطقة آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 1.2 %، مدفوعًا بانخفاض حاد وصل إلى 2.7 % في أسهم كوريا الجنوبية، أحد أفضل الأسواق أداءً في العالم هذا العام.
وقال مارك فيلان، رئيس قسم الاستثمارات في شركة لوسيرن لإدارة الأصول في سنغافورة: "يبدو أن حالة النفور من المخاطرة السائدة في آسيا أقرب إلى امتداد لموجة البيع التي شهدها قطاعا التكنولوجيا والزخم الأميركيان يوم الجمعة الماضي، منها إلى عامل محفز خاص بالمنطقة. وقد أثر تراجع الإنفاق الرأسمالي على الذكاء الاصطناعي سلبًا على شهية المخاطرة العالمية، وفي ظل شح السيولة في نهاية العام، تميل هذه التحركات إلى الانتشار بسرعة بين المناطق."
ارتفعت العقود الآجلة المصغرة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.3 %، بينما انخفض عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 2.2 نقطة أساسية ليصل إلى 4.1743 %، في ظل ترقب المستثمرين لسلسلة من البيانات الاقتصادية وقرارات البنوك المركزية.
تراجع الدولار الأميركي بنسبة 0.1 % مقابل اليوان الصيني المتداول في الأسواق الخارجية، ليصل إلى 7.0486 يوان، محومًا حول أعلى مستوى له منذ أكثر من عام، وذلك بعد تباطؤ بيانات الإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة في نوفمبر.
وأظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الاثنين استمرار انخفاض أسعار المنازل الجديدة في نوفمبر، مما يشير إلى أن انتعاش الطلب لا يزال بعيد المنال رغم تعهد الحكومة بتحقيق الاستقرار في هذا القطاع.
وأعلنت شركة "تشاينا فانكي"، المدعومة من الدولة، أنها ستعقد اجتماعًا ثانيًا لحاملي السندات، وذلك بعد فشلها في الحصول على موافقة حاملي السندات لتمديد سداد دفعة مستحقة يوم الاثنين لمدة عام، مما يزيد من خطر التخلف عن السداد ويُجدد المخاوف بشأن قطاع العقارات المتضرر من الأزمة.
وقال جيف تشانغ، محلل الأسهم في "مورنينغ ستار": "إذا تخلفت فانكي عن السداد في نهاية المطاف، نعتقد أن التداعيات على قطاع العقارات الصيني ستكون كبيرة. قد يشعر المستثمرون بقلق أكبر حيال الميزانية العمومية وموقف الحكومة من تقديم الدعم المالي حتى للشركات ذات التصنيف الائتماني الآمن".
وأغلقت المؤشرات الرئيسية في وول ستريت على انخفاض يوم الجمعة، حيث خسر مؤشر داو جونز نصف بالمئة، وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1 %، وانخفض مؤشر ناسداك، الذي يضم شركات التكنولوجيا، بنسبة 1.7 %.
من المتوقع أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساسية إلى 0.75 %، بينما قد يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة بمقدار مماثل إلى 3.75 %. ومن المتوقع أن يُبقي البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة دون تغيير، إلى جانب بنك ريكسبانك السويدي وبنك النرويج.
كما ستتاح للمستثمرين فرصة الاطلاع على البيانات الاقتصادية التي تأخر صدورها بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، بما في ذلك تقرير الوظائف لشهر نوفمبر ومؤشر أسعار المستهلك الشهري.
يقول بن بينيت، رئيس استراتيجية الاستثمار في آسيا لدى شركة إل آند جي لإدارة الأصول في هونغ كونغ: "من الأفضل التعامل مع بيانات هذا الأسبوع بحذر نظراً لصعوبة جمع البيانات والتأثير الاقتصادي المباشر لإغلاق الحكومة. سنضطر للانتظار حتى عام 2026 للحصول على صورة أوضح عن الاقتصاد الأميركي."
في اليابان، تلقت الأسهم بعض الدعم بعد أن أظهر مسح "تانكان" الذي يُجريه بنك اليابان، والذي يحظى بمتابعة دقيقة، يوم الاثنين، أن معنويات الشركات الكبرى في قطاع التصنيع بلغت أعلى مستوى لها في أربع سنوات، مما يشير إلى أن الاقتصاد يتجاوز آثار ارتفاع الرسوم الجمركية الأميركية. وارتفع مؤشر توبكس بنسبة 0.2 %، بينما ارتفع الين بنسبة 0.6 % ليصل إلى 154,955 مقابل الدولار الأميركي، مقترباً من أعلى مستوى له في أسبوع.
وتراجع الدولار النيوزيلندي بنسبة 0.4 % إلى 0.5781 دولار أميركي بعد تصريحات محافظ البنك المركزي النيوزيلندي الجديد، آنا بريمان، التي حذرت من تضييق أوضاع السوق المالية في الأسابيع الأخيرة، مما دفع المستثمرين إلى خفض توقعاتهم لرفع أسعار الفائدة العام المقبل.
وخرجت أسواق العملات الرقمية من سلسلة خسائر استمرت ثلاثة أيام، حيث ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 1.3 % ليصل إلى 89598.96 دولاراً، وارتفع سعر الإيثيريوم بنسبة 1.5% ليصل إلى 3127.57 دولاراً.