أسهم الانتعاش القوي للأنشطة النفطية الذي يعد الأسرع منذ 3 سنوات في تحقيق الاقتصاد السعودي أعلى وتيرة نمو في الربع الثالث من العام الجاري والذي شهد تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 4.8 % على أساس سنوي، مقارنة مع نمو بنسبة 4.5 في الربع الثاني، و3.7 % في الربع الأول، بحسب البيانات النهائية للهيئة العامة للإحصاء، والتي أشارت إلى أن النمو الفعلي للربع الثالث جاء أقل قليلًا من التقديرات السريعة التي قدرت النمو ب5 %، نتيجة مراجعة بالخفض لأداء القطاع غير النفطي. ورفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في 2025 إلى 3.8 % بدلًا من 3.2 % في تقديراته السابقة، كما يتوقع نموًا حقيقيًا بنسبة 4.3 % خلال عامي 2026 و2027، مدعومًا بانتعاش القطاع النفطي واستمرار توسع الأنشطة غير النفطية. وكان البنك توقع في أكتوبر الماضي نمو اقتصاد المملكة بنسبة 4.3 % في 2026 و4.4 % في 2027. وكانت الأنشطة النفطية المحرك الرئيس للنمو خلال الربع الثالث، بعد أن سجل القطاع زيادة بنسبة 8.3 % وهي الأقوى منذ الربع الثالث لعام 2022. وجاء هذا النمو مع الرفع التدريجي لإنتاج النفط عقب انتهاء التخفيضات الطوعية لتحالف "أوبك+" نهاية أغسطس، حيث رفعت المملكة إنتاجها بنحو 547 ألف برميل يوميًا اعتبارًا من سبتمبر، ثم أضافت زيادة جديدة بنحو 137 ألف برميل يوميًا بدءًا من نوفمبر. وارتفعت صادرات النفط إلى 6.42 ملايين برميل يوميًا في سبتمبر، وهو أعلى مستوى في 18 شهرًا، وبزيادة تتجاوز 600 ألف برميل يوميًا مقارنة بأغسطس، ما أعاد للقطاع النفطي دوره المحوري في دفع النمو الاقتصادي. وفي المقابل، واصلت الأنشطة غير النفطية نموها للربع التاسع عشر على التوالي، إلا أن وتيرة النمو تباطأت بالربع الثالث إلى 4.3 %، وهو أدنى مستوى خلال خمس سنوات، مقارنة بنمو 5.6 % في الربع الثاني. وأسهم تباطؤ نمو القطاع غير النفطي في انخفاض مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 55 % نزولاً من 56 % بالربع الثاني، خاصة في ظل القفزة الكبيرة التي حققها القطاع النفطي. وأكد وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم بأن المملكة تدخل مرحلة جديدة من التحول الاقتصادي، يقود فيها الذكاء الاصطناعي النمو غير النفطي خلال السنوات المقبلة، وبما يعيد تشكيل بنية الاقتصاد الوطني. وأشار إلى ارتفاع مساهمة القطاع الخاص من 38 % إلى 50 %، مع وجود فرصة لتعزيز هذه النسبة مستقبلًا. وأضاف خلال مشاركته في "ملتقى الميزانية السعودية 2026" أن الذكاء الاصطناعي سيسهم في تعزيز الإنتاجية وتعظيم العوائد الاقتصادية والمالية من الاستثمارات، إضافة إلى جذب المواهب العالمية والشركات التقنية للمملكة. ويتوقع البنك الدولي نمو القطاع غير النفطي بمتوسط 4 % خلال العامين المقبلين، في حين قد تنمو الأنشطة النفطية بنحو 5.4 %، مستفيدة من التراجع التدريجي في تخفيضات الإنتاج ضمن "أوبك+". كما يدعم نموّ الأنشطة غير النفطية قطاعات مثل السياحة والضيافة ضمن جهود تنويع الاقتصاد. وبحسب بيان ميزانية 2026، تتوقع المملكة نمو الاقتصاد بنسبة 4.6 % العام المقبل مدفوعًا بالنشاط غير النفطي، مع استمرار دور صندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني في تعزيز الاستثمار والنمو. نمو الإنفاق الاستهلاكي وتشير بيانات هيئة الإحصاء إلى نمو الإنفاق الاستهلاكي النهائي الخاص بنسبة 2.6 % سنويًا في الربع الثالث، رغم تراجعه 0.6 % ربعيًا. وفي المقابل، انخفض الإنفاق الاستهلاكي النهائي الحكومي بنسبة 3.1 % سنويًا، بينما ارتفع 1.4 % ربعياً. وعلى صعيد التجارة الخارجية، ارتفعت الصادرات بنسبة 18.4 % سنويًا و7.5 % ربعيًا، فيما زادت الواردات 4.3 % سنويًا و3.4 % ربعيًا، لكنها سجلت انخفاضًا بنسبة 2.1 % ربعياً. إلى ذلك تخطط شركتا "إير برودكتس" و"يارا إنترناشيونال" الأمريكيتان لتسويق وتوزيع كميات ضخمة من أمونيا مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر السعودي خلال النصف الأول من العام المقبل. اكتمل مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر بنسبة تزيد على 90 %، ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج التجاري في 2027، وتعد "إير برودكتس" المزود الوحيد لما يصل إلى 1.2 مليون طن سنويا من الأمونيا المتجددة. وتتوقع الشركتان أن تبرما قريبا اتفاقية التسويق والتوزيع، لتقوم بموجبها "يارا" بتسويق الأمونيا التي لا تبيعها "إير برودكتس" كهيدروجين متجدد في أوروبا على أساس العمولة. من جانب أخر، قفزت مبيعات نقاط البيع في السعودية ل15 مليار ريال الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 12.5 مليار ريال خلال الأسبوع الذي سبقه، كما ارتفع عدد العمليات المنفذة إلى نحو 240.2 مليون عملية، مقارنة بنحو 220.1 مليون عملية، وفقًا للتقرير الأسبوعي لعمليات نقاط البيع، الصادر عن البنك المركزي السعودي (ساما). وحسب القطاعات، تركز إنفاق المستهلكين خلال الأسبوع الماضي، على قطاع الأطعمة والمشروبات بنسبة 15.3 % وبقيمة 2.31 مليار ريال، وقطاع المطاعم والمقاهي بنسبة 12.6 % وبقيمة 1.90 مليار ريال. فيما يخص توزيع إنفاق المستهلكين حسب المدن، فقد تصدرت الرياض بنحو 5.09 مليار ريال، ما يمثل 33.7 % من إجمالي قيمة المبيعات، تلتها مدينة جدة ب 2.03 مليار ريال وبنسبة 13.4 %. استثمارات البنوك السعودية وعلى صعيد منفصل، ارتفعت استثمارات البنوك السعودية بسندات الخزينة 12 % في أكتوبر، على أساس سنوي، ما يعادل نحو 68 مليار ريال لتصل إلى 648.4 مليار ريال، وفقًا لبيانات البنك المركزي السعودي. وزادت استثمارات البنوك في سندات الخزينة إلى 648.4 مليار ريال خلال شهر أكتوبر، بنسبة 0.8 % مقارنة بشهر سبتمبر الماضي. شكلت استثمارات البنوك بسندات الخزينة الحكومية أكثر من 72 % من إجمالي مطلوباتها من القطاع الحكومي وشبه الحكومي بنهاية شهر أكتوبر 2025. وبلغت مطلوبات البنوك الإجمالية من القطاع العام نحو 895.3 مليار ريال بنهاية شهر أكتوبر الماضي؛ مقابل 760 مليار ريال في نهاية الشهر المماثل من عام 2024. وتعتبر سندات الخزينة في المملكة العربية السعودية، أدوات دين حكومية طويلة الأجل تصدرها حكومة المملكة عبر وزارة المالية في مكتب إدارة الدين العام. من جهتها، وقعت شركة أرامكو السعودية وإكسون اتفاقية لتطوير مصفاة سامرف وإنشاء مجمع بتروكيمياويات في ينبع، حيث ستعمل الشركتان على استكشاف الاستثمارات الرأسمالية لتطوير وتنويع الإنتاج، بما في ذلك نواتج التقطير عالية الجودة التي تُسهم في خفض الانبعاثات، والمواد الكيميائية عالية الأداء، فضلًا عن فرص تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المصفاة وتقليل الانبعاثات الناتجة عن أعمالها من خلال استراتيجية متكاملة لخفض الانبعاثات. صُمم هذا المشروع لزيادة تحويل النفط الخام والسوائل البترولية إلى مواد كيميائية عالية القيمة، إذ يُعزز المشروع التزام أرامكو بخلق القيمة في قطاع التكرير والكيميائيات والتسويق، وإستراتيجيتها لتحويل السوائل إلى مواد كيميائية. كما سيُسهم في ترسيخ مكانة سامرف لتصبح محركًا لنمو قطاع البتروكيميائيات في المملكة.