رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في تقرير شهر أكتوبر للمرة الثانية على التوالي خلال ثلاثة أشهر، وذلك على وقع استمرار الزخم والتوسع في الأنشطة غير النفطية، والتخفيف التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط ضمن تحالف "أوبك+". وفي عدد أكتوبر من تقرير "آفاق الاقتصاد العالمي"، رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي للعامين الجاري والمقبل للمرة، حيث توقع الصندوق أن يحقق الاقتصاد السعودي نمو بنسبة 4 % للعامي 2025 و2026، بزيادة عن توقعات يوليو الماضي بواقع 0.4 و0.1 نقطة مئوية. يأتي ذلك بعد أن كان الصندوق قد رفع توقعاته في يوليو مقارنة بتوقعاته في أبريل السابق له إلى 3.6 % مقابل 3 % في تقرير أبريل، بعد أربع تخفيضات متتالية قبلها. كما يأتي ذلك بعد أن رفع البنك الدولي الأسبوع الماضي، أيضا توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي بواقع 0.4 نقطة مئوية إلى 3.2 % العام الجاري بدعم القطاع غير النفطي، ثم إلى 4.3 % في 2026. تعكس هذه التوقعات تسارعًا في نمو الاقتصاد السعودي في 2025 لأعلى مستوى منذ 2022، بعد نموه 2 % في 2024، و0.5 % في 2023 تزامنا مع خفض إنتاج النفط. وتسارع نمو الاقتصاد السعودي خلال الربع الثاني من العام الجاري، إلى 3.9 % على أساس سنوي، مقابل 3.4 % للربع السابق، بدعم أساسي من تعافي الأنشطة النفطية وتسجيلها أسرع وتيرة نمو في عامين ونصف العام، ليحافظ بذلك الناتج المحلي الإجمالي للمملكة على سلسلة نمو مستمرة منذ خمسة فصول على التوالي. تبقى توقعات الصندوق والبنك أقل من توقعات الحكومة السعودية، التي رفعت بدورها توقعات النمو للعام المقبل 1.1 نقطة مئوية إلى 4.6 %، فيما خفضت التوقعات للعام الجاري إلى 4.4 %، فيما أبقت وزارة المالية توقعاتها للنمو الاقتصادي أعلى من 3.5 % على المدى المتوسط حتى 2028، المتوقع أن ينمو خلاله 4.5 %. والنظرة الإيجابية لاقتصاد السعودية من قبل صندوق النقد الدولي تأتي بدعم أساسي رفع الصندوق تقديراته لمتوسط أسعار النفط خلال العام الجاري إلى 68.9 دولار للبرميل مقابل 68.2 دولارا في توقعاته السابقة، وإلى 65.8 دولارا للبرميل في 2026 مقارنة ب64.3 دولارا قبل ثلاثة أشهر. وتتوقع وزارة المالية السعودية، أن ينمو الاقتصاد 4.4 % في 2025، مدعوما من النمو المتوقع للقطاع غير النفطي ب5 %، في ظل الأداء الإيجابي لكل من المؤشرات الاقتصادية والاستراتيجيات والبرامج المتخذة لتعزيز السياحة وجذب الاستثمارات في السعودية خلال النصف الأول من العام الجاري. يعزز توقعات النمو مؤشرات النصف الأول 2025، خاصة المتعلقة بالاستهلاك والاستثمار الخاص، كما أنه من المتوقع أن يسهم انخفاض أسعار الفائدة على ارتفاع الطلب وتأثير ذلك إيجابا في النمو. وتشير التوقعات إلى المحافظة على معدلات نمو إيجابية على المدى المتوسط، بدعم من نمو القطاع غير النفطي، مع استمرار القطاع الخاص في قيادة النمو الاقتصادي والإسهام في زيادة الوظائف في سوق العمل، إضافة إلى الاستمرار في تنفيذ برامج ومبادرات تحقيق رؤية السعودية 2030 والاستراتيجيات القطاعية والمناطقية. الإنفاق الحكومي الضخم ينجح في تحقيق التنوع الاقتصادي يأتي ذلك في ظل الإنفاق الحكومي الضخم ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد والتركيز على القطاع غير النفطي، ولا سيما القطاع الخاص، لتحقيق التنوع الاقتصادي. ورفع خبراء اقتصاديون توقعاتهم لنمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي في 2025، لكنهم خفضوا توقعاتهم قليلًا للعامين المقبلين، مرجحين أن يرتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي السعودي في العام الجاري إلى 4.1 %، مقارنةً بتقديرات سابقة عند 3.8 %، وتعكس هذه الزيادة في التقديرات تفاؤلًا أكبر لدى الخبراء بأداء الاقتصاد السعودي. وبالنسبة للعام المقبل، يتوقع الخبراء أن يواصل الاقتصاد السعودي نموه بنسبة 4.1 % في عام 2026، مقارنةً بتوقعات سابقة كانت تشير إلى نمو بنسبة 4.3 %، أما في عام 2027، فمن المتوقع أن يصل نمو الاقتصاد إلى 3.5 % مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 3.6 %. من جهته، قال وزير المالية محمد الجدعان، نعمل على نمو الاقتصاد ومن ثم الإيرادات وتقليل الديون ولا نية لدينا لزيادة الضرائب. وأضاف خلال جلسة "المجلس الأطلسي" على هامش الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك وصندوق النقد الدوليين لعام 2025 في واشنطن، إن البطالة في السعودية عند أدنى مستوى على الإطلاق، وهذا ليس من قبيل الصدفة، بل نتيجة رؤية وخطة واقعية. وقال إن التحول ليس بالأمر السهل ويتطلب رؤية جريئة لبناء زخم التغيير. وأشار إلى أن العجز المالي "اختياري" في الميزانية السعودية بسبب استثمارنا في البرامج الاستراتيجية ذات الإنتاجية التي تستحدث الفرص والنمو وتدعم تنويع الاقتصاد، وإن نسبة الدين للناتج المحلي في السعودية من ضمن الأقل بمجموعة العشرين. وأكد الوزير المضي قدمًا في المملكة بتنمية الناتج المحلي غير النفطي ليصل إلى نحو 65 % من الناتج الإجمالي بحلول 2030. كما أكد التقييم المستمر لجدوى المشاريع الكبرى، منوهًا بأن توجيهات ولي العهد أكدت أنه إذا اقتضت المبررات والحاجة عدم الاستمرار بأي من المشاريع التي بدأنا بها، فإننا لن نتردد بالتغيير أو توقيفه. ونوّه إلى أن الحكومة سرّعت مشاريع القطاع اللوجستي لدعم قطاع السياحة وضمان جاهزيته، بالإضافة لدعم قطاع التصنيع. إلى ذلك قفزت مبيعات نقاط البيع بالسعودية ل16 مليار ريال الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 12.8 مليار ريال خلال الأسبوع الذي سبقه. ووفقًا لبيانات البنك المركزي السعودي (ساما)، فقد بلغ عدد العمليات المنفذة نحو 253.0 مليون عملية خلال الأسبوع الماضي، مقارنة بنحو 221.4 مليون عملية خلال الأسبوع الذي سبقه. وتشمل العمليات عبر نقاط البيع تمثل ما ينفقه المستهلكون عبر بطاقات الصراف وبطاقات الائتمان في مراكز التسوق الكبيرة، ومحلات التجزئة، والصيدليات، وغيرها. وحسب القطاعات، تركز إنفاق المستهلكين خلال الأسبوع الماضي، على قطاع الأطعمة والمشروبات بنسبة 16.6 % وبقيمة 2.68 مليار ريال، وقطاع المطاعم والمقاهي بنسبة 11 % وبقيمة 1.78 مليار ريال. على صعيد منفصل، دعت هيئة السوق السعودية لزيادة حصة الأفراد في الطروحات الأولية. ونقل موقع سيمافور عن مصادر، أن الهيئة طلبت بشكل غير رسمي من عدد من الشركات التي تخطط لطرح أسهمها خلال الأشهر المقبلة تخصيص نحو 30 % من الأسهم المطروحة للأفراد، في خطوة تهدف إلى تعزيز السيولة. وتنص تعليمات بناء سجل الأوامر وتخصيص الأسهم في الاكتتابات الأولية على أن نسبة التخصيص للمكتتبين الأفراد تُحدد في نشرة الإصدار، بينما يتم تخصيص الأسهم للجهات المشاركة وفق ما يراه المستشار المالي مناسبًا بالتنسيق مع الجهة المصدرة. وشهدت بعض الاكتتابات في السوق السعودي تخصيص نسب أعلى للأفراد مقارنة بالنسبة المعتادة البالغة 10 %، حيث وصلت الى 20 % في آخر الاكتتابات، و30 % في اكتتابات مثل شركتي عِلم ومجموعة تداول، و40 % في اكتتاب الأندلس العقارية و50 % في اكتتاب الصناعات الكهربائية. من جهة أخرى، ارتفعت استثمارات بنوك السعودية بسندات الخزينة 6 مليارات ريال في أغسطس، مقارنة بشهر يوليو الماضي، إلى 637.4 مليار ريال. وشكلت استثمارات البنوك بسندات الخزينة الحكومية أكثر من 73 % من إجمالي مطلوباتها من القطاع الحكومي وشبه الحكومي بنهاية أغسطس. وسندات الخزينة في السعودية هي أدوات دين حكومية طويلة الأجل تصدرها حكومة المملكة (عبر وزارة المالية / مكتب إدارة الدين العام). وحسب البنك المركزي السعودي تشتمل سندات الخزينة على السندات والصكوك الحكومية المصدرة دوليًا والتي تقوم المصارف بشرائها من السوق الثانوية، وتم استبعاد أذونات البنك المركزي تطبيقا للمنهجيات الدولية.