اختُتم يوم معرض «إشراقات فنية 10» في Yun Art Gallery، ذلك الفضاء الذي ظل لثلاثة أيام متتالية يفتح للمدينة نافذة تتنفس من خلالها الفن، وتعيد عبر ألوانه رسم علاقتها بالجمال. ومع إغلاق أبوابه، بدا المعرض ككتاب أغلق صفحته الأخيرة، لكنه ترك أثره ممتدًا في ذاكرة الزوار، كما لو أن الألوان تسير معهم إلى الخارج بخفة لا تُرى. وجاءت هذه النسخة برعاية صاحبة السمو الملكي الأميرة غالية بنت ناصر بن عبد العزيز آل سعود، وبإشراف الفنان عبد الحميد الطخيس وبمشاركة اثنين وأربعين فنانًا وفنانة من اتجاهات وتجارب مختلفة شكّلت فسيفساء بصرية تتعدد فيها الأصوات وتتقاطع فيها الرؤى. وفي إحدى الزوايا التي ازدحم حولها الضوء، خطفت لوحة الفنانة أمل البدر اهتمام الزوار، إذ صنعت من السجاد الشرقي بوابة إلى ذاكرة المرأة السعودية، وقدمت بورتريها يزاوج بين قوة الحضور ورهافة التفاصيل. بدت المرأة في اللوحة ككائن خرج من زمن أقدم من العين، زمن منسوج بخيط وصمت، تقف بثبات أمام المتلقي كأنها تحرس روح المكان. وقد توقف الزوار طويلًا أمام العمل، وكأنهم يدخلون عبره في حوار صامت مع الجذور والهوية وظلال الذاكرة. وفي مساحة أخرى من المعرض، قدمت الفنانة التشكيلية أمل العمير عملًا تجريديًا يذهب بعيدًا في تحرير اللون من شكله التقليدي، وكأنه ينساب خارج حدود اللوحة إلى فضاء أرحب. استخدمت العمير ضربات لونية تتقاطع فيها الكثافة مع الشفافية، لتمنح المتلقي فرصة الدخول في تجربة بصرية لا تعتمد على الشكل بل على الإحساس. بدا عملها كحوار داخلي صامت بين الضوء والحركة، حيث يتجسد التجريد كوسيلة لاكتشاف ما وراء الأشياء، لا تصويرها. وتنوعت بقية الأعمال بين التجريد والواقعية والمدارس الحداثية، بينما أكد القائمون على Yun Art Gallery أن «إشراقات فنية» ليس مجرد معرض، بل مساحة للعبور من الذات إلى الآخر، ولتحويل الفكرة إلى حضور بصري يتجاوز حدود التلقي التقليدي. أما الفنان عبد الحميد الطخيس، فأشار إلى أن هذا التجمع الفني يؤرخ لمرحلة جديدة يتجاوز فيها الفن العرض إلى فعل يُعيد للإنسان حساسيته تجاه العالم. واستقبل المعرض زواره يوميًا من الخامسة حتى العاشرة مساء في مجمع الموسى بحي العليا، ليختتم نسخته العاشرة وقد ترك أثرًا يشبه التوهج الهادئ الذي يبقى في الذاكرة بعد انطفاء آخر لوحة.