من منا سلم من ضربات الحياة ونجا من صدمات الألم ؟ كيف نصنع توازناً يجعلنا أقوياء بلا قسوة.. وهادئين بلا هروب؟ وأيُّ طريقٍ يقودنا إلى قوّة لا تجرح.. وسلامٍ لا يخذل؟ أكاد أجزم كثيرة مثل هذه التساؤلات التي تجول في عقولنا ونبحث عن أجوبة لتطمئن قلوبنا. في حياةٍ لا تُشاورنا في شدّتها تأتي الضربات أحياناً كمدرّب قاسٍ يهيّئنا لطرقٍ لم نخترها، ويصنع فينا صلابةً نفتخر بها.. لكنّه في المقابل يترك في الروح ارتجافة خفيّة، خوفاً يسكن في الزوايا ولا يغادر بسهولة. وعلى الضفة الأخرى، يعيش مَن تجنّب الضربات في هدوءٍ هشّ، أمانٍ يشبه بيتاً من رمال.. إذا نظرتِ إليه من بعيد بدا جميلاً، لكنه لا يقوى على رياح الحقيقة. فأين الميزان؟ وكيف نعيش أقوياء دون أن نفقد الطمأنينة.. و آمنين دون خوف؟ الميزان ليس في قوة الضربات، ولا في الهروب منها، بل في قوة الداخل. أن يكون لنا قلبٌ يتّسع للوجع دون أن يعلّق فيه، وعقلٌ يعبر التجربة دون أن يسكنها. السرّ ليس أن نتحمّل كل الضربات، ولا أن نتفاداها كلها، بل أن نختار ما يستحق أن نواجهه.. وما يستحق أن نتركه يمرّ دون أن يلمسنا. التوازن الحقيقي هو: قوّة في المواقف.. مقابل رحمة للذات، وصلابة أمام العواصف مقابل طمأنينة في الداخل، وشجاعة للمواجهة، وحكمة للانسحاب، حين ينهكنا الطريق. فالإنسان لا يكتمل بالقسوة ولا بالنعومة، بل بالجرعة التي تُبقي روحه واقفة، وقلبه مطمئناً، وخطاه ثابتة دون خوفٍ يُلازمه أو أمانٍ يُخدّره. هنا فقط... تصنعنا الضربات بلا خوف، ويحمينا الأمان بلا ضعف.