في منتدى "TOURISE 2025" الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض، لم يظهر النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو كلاعب كرة قدم وحسب، بل كشاهدٍ واعٍ على عملية التحول الوطني الواسعة التي تشهدها المملكة في حقول شتى، جرى خلالها إصلاح الكثير من الأطر المؤسساتية والمجتمعية والاقتصادية والقانونية، وغيرت في بنى التفكير العام ورؤية السعوديين إلى ذواتهم ومستقبلهم وعلاقتهم مع العالم من حولهم! من ينصت لكلمات رونالدو يجد أنها تعبير صادق وليس بمصطنع، عن أن ما يجري في السعودية ليس تجربة عابرة، بل مشروع دولة يعيد تعريف موقعها في الاقتصاد العالمي والدبلوماسية الدولية، وأدوار شعبها وحكومتها في الدفع نحو التنمية والإصلاح الإداري والثقافي والديني، من خلال الاعتماد على المواطنين أولاً، وشركاء العمل ثانياً من ذوي الخبرات الذين قدموا إلى السعودية، ليكونوا جزءا من التطوير الذي يجري حالياً. "أدرك الجميع أنني كنت على حق عندما انتقلت إلى السعودية"، يقول كرستيانو رونالد، مضيفاً "أؤمن بطموح وإمكانات مشروع التنمية". هذا الرأي تكون لدى النجم البرتغالي كونه أصبح جزءا من المشهد السعودي الجديد، مشاركاً في صناعة التغيير، وليس مراقباً عن بعد كما هو حال الكثيرين. ولذا، فوجوده في المجتمع المحلي ولقاءاته مع النخب الوطنية والشخصيات التي تزور المملكة، شكّل لديه وعياً بحقيقة وعمق التبدلات البنيوية التي طالت كثيراً من مفاصل الحياة العامة! حين جاء كرستيانو إلى الرياض في العام 2022 واجه شكوكاً كبيرة من قطاع واسع في الإعلام الغربي، معتبرين انتقاله إلى نادي "النصر" مجرد صفقة دعائية لا أكثر! فيما اليوم، وخلال وقت سريع، تحول اختياره إلى دليل على صوابية الرؤية التي تربط الرياضة بالاقتصاد والسياحة والثقافة. من هنا، لم يعد أي نجم رياضي في الدوري السعودي مجرد محترف يتقاضى أجراً عالياً، بل فردا في سردية وطنية أوسع، حيث الرياضة أداة تغيير مفاهيمي ودبلوماسية ناعمة تقدم حكاية دولة تفتح أبوابها للعالم بثقة. بالتأكيد لا كرستيانو رونالدو ولا سواه من النجوم قدموا إلى السعودية ليؤدي خدمات تطوعية مجانية، فهم يتقاضون رواتب وامتيازات من الأندية التي ينتمون لها. إلا أن كرستيانو تحديداً استطاع أن يمزج بين العمل الاحترافي، والانسجام مع المشروع السعودي الإصلاحي الأوسع. قد لا تكون تجربة جميع النجوم الرياضيين بذات المستوى، إلا أن مستوى ما تحقق كبير، ليس في الرياضة وحسب، وإنما أيضا في الفن والسينما والأزياء والترفيه والرياضات الإلكترونية! "أعتبر نفسي سعودياً، أنا رجل سعودي، وأحب كثيراً أن أتواجد هنا" هذه العبارة لكرستاينو تعبر عن مقدرته على التواصل مع جمهوره الواسع، وتتجاوز ذلك إلى ما يمكن تسميته "الانتماء الرمزي" وهو ما يمنح حضوره بعداً هوياتياً وثقافياً يتجاوز إطار المستطيل الأخضر، ويتجلى ذلك في صوره التي تظهره مرتدياً الثوب السعودي بأناقة فاخرة، وكأنه معتاد على لبسهِ منذ سنوات! حين يتحدث رمزٌ عالمي بلغة الاندماج، يتحول من "ضيفٍ عابرٍ" إلى جزء من هذا النسيج المتنوع الذي يعيش على أرض المملكة، وجسر للتواصل يربط بين ثقافات متنوعة، يقرؤها جمهوره في دول العالم المختلفة بوضوح واهتمام. هنالك أيضاً تقدير واحترام كبيرين يظهرهما كرستاينو لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، حيث يقول: "عمل ولي العهد بجد ليرتقي بالمملكة إلى مستوى عالمي". هذا الحديث ليس مجاملة بروتوكولية، بل اعتراف أن التحول الجاري منظومة تُدار برؤية واضحة، وقيادة لديها محبة لشعبها، وإصرار على الدفع بالمشاريع الكبرى نحو التحقق، بما يخدم رفاهية ومستقبل السعوديين.