ودعنا قبل أيام، ابن العم عبدالله بن عبدالعزيز بن عمر السنيدي، الذي كان يسعى في قضاء حوائج الناس، عندما كان في مكتب وزير المعارف سابقاً قبل سنوات طويلة، وامتد عمله لسنوات زخرت بتقديم العون والمساعدة لكل من يحضر إلى مكتب الوزير. وقد شهدت ذلك بنفسي وأنا في السابعة عشرة من عمري مع والدي - رحمه الله - حيث كان يقوم من مكتبه ويقابل الرجل الكبير ويستقبله ثم يجلسه على الكرسي ويقول له (استرح يا عم)، ثم ينهي معاملته بنفسه ويسلمها له ويقول له: الله يسهل أمرك. هذه العبارة مازالت راسخة في ذهني من هذا الرجل الذي أعطاني درساً لن أنساه حتى عملت موظفاً، وشعرت بحاجة الناس، وعلمت أن صنائع المعروف تقي مصارع السوء. كان -رحمه الله- يأخذ معاملة أي مراجع، ويدخل بها إلى مكتب الوزير، ثم يخرج مستبشراً فرحاً ليسعد ذلك الرجل بقوله: (أبشر بسعدك)، ثم يقوم صاحب المعاملة وهو يدعو له بكل ما يملك من عبارات. فكم فرج لكثير من المراجعين؛ وخاصة كبار السن، أو من هم في حاجة للمساعدة والوقوف معهم، وقد ودع زملاءه من منسوبي وزارة المعارف، بعد أن ترك أثراً طيباً، وسمعة واسعة، فكل من سمع عن وفاته دعا له بالرحمة والمغفرة، وهذا هو ما يسعى له الإنسان في حياته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سأل باللهِ فأعطُوه، ومن استعاذ باللهِ فأَعِيذُوه، ومن دعاكم فأجيبوه، ومن صَنَع إليكم معروفًا فكافِئوه، فإنْ لم تَجِدوا ما تكافِئونَه فادْعُوا له حتى تَرَوا أنَّكم قد كافَأْتُموه). فدعوتنا له بعد موته هي واجب علينا وحق للمسلم على المسلم، وكان -رحمه الله- يحرص كل الحرص على صلة الرحم، حيث كان يرافق والدي -رحمه الله- وأحياناً يسبقه إلى زيارة الأقارب، الذين هم من الأسرة سواء في الرياض أو خارج الرياض. كان من المبادرين الأوائل في المشاركات المجتمعية في محيط الأسرة الواسع سواء كان مادياً أو معنوياً، وكان يحرص على الاجتماعات، وزيارة كبار السن من العائلة، ويسأل عن أحوالهم باستمرار، وكان يعرض جاهه وماله دون أن يطلب منه. وهذه من صفات المسلم التي تميز بها، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته. اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجعل له في عقبه خيراً من أبنائه البررة. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.