حافظ النفط على مكاسبه، أمس الاربعاء، مستفيد من انتهاء أطول إغلاق حكومي أمريكي على الإطلاق والذي قد يعزز الطلب في أكبر دولة مستهلكة للنفط الخام في العالم. استقرت العقود الآجلة لخام برنت ملامسة 65 دولارًا للبرميل، بينما حام خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي حول 61 دولارًا للبرميل. وصوت مجلس النواب الأمريكي، الذي يهيمن عليه الجمهوريون، على مشروع قانون، أقره مجلس الشيوخ بالفعل، من شأنه إعادة تمويل الوكالات الحكومية حتى 30 يناير. وقال توني سيكامور، محلل السوق في آي جي، في مذكرة أن إعادة فتح الحكومة من شأنها أن تعزز ثقة المستهلك والنشاط الاقتصادي، مما يحفز الطلب على النفط الخام. كما قد يؤدي إنهاء إغلاق الحكومة الأمريكية، الذي عطل عشرات الآلاف من الرحلات الجوية في الأيام القليلة الماضية وحدها، إلى انتعاش في السفر واستهلاك وقود الطائرات قبل موسم العطلات القادم. وصعدت أسعار النفط لليوم الثالث بعدما عوّضت علاوات منتجات الوقود مثل البنزين والديزل ضعف مؤشرات سوق الخام، وقالت شركة الاستشارات إنرجي أسبكتس، إن ارتفاع علاوات أسعار الوقود إلى جانب نشاط المتداولين الفنيين قد يدفع إلى مزيد من عمليات الشراء في الأيام المقبلة. وأوضح جيمس تايلور، رئيس قسم التحليل الكمي في إنرجي أسبكتس، أن "المشتريات الكبيرة من مستشاري تداول السلع فوق مستوى 64.50 دولار تجعل ميزان المخاطر مائلًا نحو الاتجاه الصعودي، مضيفًا أن التقلبات قد تبقى محدودة بسبب التدفقات بغرض التحوط من قبل المتعاملين. من جهتها، توقعت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها السنوي، عن توقعات الطاقة العالمية، الصادر أمس الأربعاء، أن الطلب على النفط والغاز قد يستمر في النمو حتى عام 2050. يُمثل هذا التوقع انحرافًا عن توقعات وكالة الطاقة الدولية السابقة بأن الطلب العالمي على النفط سيبلغ ذروته هذا العقد، حيث ابتعدت الهيئة الدولية عن أسلوب التنبؤ القائم على تعهدات المناخ، وعادت إلى أسلوب يأخذ في الاعتبار السياسات القائمة فقط. وخلص سيناريو السياسة الحالي، الذي استُخدم آخر مرة في عام 2019، إلى أن الطلب على النفط سيرتفع إلى 113 مليون برميل يوميًا، وبنسبة 13 % بحلول منتصف القرن، مقارنةً بمستويات عام 2024. تعرضت وكالة الطاقة الدولية، الجهة الرقابية على أمن الطاقة في الغرب، لضغوط من الولاياتالمتحدة للتحول في السنوات الأخيرة نحو التركيز على سياسات الطاقة النظيفة، حيث دعا الرئيس دونالد ترمب الشركات الأمريكية إلى زيادة إنتاج النفط والغاز. وتوقعت وكالة الطاقة الدولية أن يبلغ الطلب العالمي على النفط ذروته هذا العقد، وقالت إنه لا حاجة لمزيد من الاستثمار في النفط والغاز إذا أراد العالم تحقيق هدفه المناخي. ووصف وزير الطاقة في عهد ترمب، كريس رايت، توقعات وكالة الطاقة الدولية لذروة الطلب بأنها "غير منطقية". في وقت تُموّل وكالة الطاقة الدولية من قِبل الدول الأعضاء، والولاياتالمتحدة هي المساهم الأكبر، وتُشكّل تحليلاتها وبياناتها أساس سياسات الطاقة للحكومات والشركات حول العالم. وتوقعت الوكالة أن يرتفع الطلب العالمي على الطاقة بمقدار 90 إكساجول بحلول عام 2035، بزيادة قدرها 15 % عن المستويات الحالية. وأفادت الوكالة بأنها خططت لتقييم أهداف مناخية جديدة للدول تغطي الفترة 2031-2035، ولكن لم يقدم عدد كافٍ من الدول هذه الخطط لرسم صورة واضحة. في سيناريو السياسات المعلن لوكالة الطاقة الدولية، والذي يأخذ في الاعتبار السياسات التي طُرحت ولكن لم تُعتمد بالضرورة، سيبلغ الطلب على النفط ذروته حوالي عام 2030. وتقول الوكالة إن سيناريوهاتها تستكشف مجموعة من النتائج المحتملة في ظل مجموعات مختلفة من الافتراضات، وليست توقعات. وأشار التقرير إلى أن القرارات الاستثمارية النهائية لمشاريع الغاز الطبيعي المسال الجديدة قد ارتفعت بشكل كبير في عام 2025. ستبدأ عمليات تصدير حوالي 300 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال سنويًا بحلول عام 2030، مما يمثل زيادة بنسبة 50 % في العرض المتاح. حجم سوق الغاز الطبيعي في ظل السياسات الحالية، سيرتفع حجم سوق الغاز الطبيعي المسال العالمي من حوالي 560 مليار متر مكعب في عام 2024 إلى 880 مليار متر مكعب في عام 2035، ثم إلى 1020 مليار متر مكعب في عام 2050، مدفوعًا بتزايد الطلب على قطاع الطاقة، مدعومًا بنمو مراكز البيانات والذكاء الاصطناعي. وأشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يصل الاستثمار العالمي في مراكز البيانات إلى 580 مليار دولار في عام 2025، مشيرًا إلى أنه في حال تحقيق ذلك، سيتجاوز هذا الرقم الإنفاق العالمي السنوي على إمدادات النفط والبالغ 540 مليار دولار. سترتفع درجات الحرارة العالمية لتتجاوز 1.5 درجة مئوية يتضمن التقرير أيضًا سيناريو صافي انبعاثات صفرية يصف مسارًا لخفض انبعاثات الطاقة العالمية إلى الصفر بحلول عام 2050. تعهدت أكثر من 190 دولة في محادثات المناخ في باريس عام 2015 بمحاولة منع ارتفاع درجة حرارة العالم بأكثر من 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت). لكن التقرير يُظهر أن العالم سيتجاوز 1.5 درجة مئوية من الاحترار في جميع السيناريوهات، ولن ينخفض مجددًا إلا في سيناريو صافي الانبعاثات الصفرية إذا تم استخدام تقنيات إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي. على صعيد العرض، تتجلى تداعيات العقوبات الأمريكية على أكبر منتجين للنفط في روسيا، لوك أويل وروسنفت، مما يدعم الأسعار بشكل أكبر. وأفادت تقارير أن شركة يانتشانغ بتروليوم الصينية للتكرير تسعى للحصول على نفط غير روسي في أحدث مناقصة لها لتوريد النفط الخام، كما أغلقت شركة لويانغ للبتروكيميائيات، التابعة لشركة سينوبك، أبوابها لإجراء أعمال الصيانة كنتيجة غير مباشرة للعقوبات. وكانت إجراءات الشهر الماضي أول عقوبات مباشرة يفرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب على روسيا منذ بداية ولايته الثانية. ظلت أسعار النفط تحت ضغط من المخاوف المستمرة بشأن تخمة المعروض الوشيكة، في حين أبقى صمود الدولار الأمريكي النفط في حالة تراجع. وافق مجلس الشيوخ الأمريكي يوم الثلاثاء على مشروع قانون لإعادة فتح الحكومة، ومن المتوقع أن يُنهي مشروع القانون، الذي سيحتاج إلى توقيع الرئيس دونالد ترمب ليصبح قانونًا، أطول إغلاق حكومي في تاريخ الولاياتالمتحدة، والذي استمر حوالي 42 يومًا اعتبارًا من يوم الثلاثاء. قدّم إعادة فتح الحكومة الأمريكية بعض الدعم لأسعار النفط، لا سيما مع تعليق العديد من الخدمات الفيدرالية الرئيسية الذي عطّل السفر في جميع أنحاء البلاد. أدت الاضطرابات في المطارات الأمريكية الرئيسية، بسبب نقص في الحركة الجوية وموظفي السلامة، إلى إلغاء آلاف الرحلات الجوية في جميع أنحاء البلاد. وهذا بدوره أثار مخاوف بشأن اضطرابات في الطلب على الوقود. تُقيّم أسواق النفط مخاوف فائض المعروض ومخاطر العقوبات. اكتسبت أسعار النفط بعض القوة يوم الثلاثاء بعد أن أظهرت تقارير أن شركة لوك أويل الروسية أعلنت حالة القوة القاهرة في حقل نفط عراقي، مما يعكس تأثير العقوبات الأمريكية الجديدة الصارمة على أكبر منتجي النفط في موسكو. ومن المتوقع أن تُحدّ العقوبات، التي فُرضت الشهر الماضي، من إمدادات الوقود العالمية، وقد تُعوّض تأثير تخمة المعروض الوشيكة في الأشهر المقبلة. وعلى الرغم من مكاسب يوم الثلاثاء، لا تزال أسعار النفط تُتداول عند مستويات منخفضة للغاية حتى الآن في عام 2025، وسط تزايد القلق بشأن تخمة المعروض في عام 2026. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى استمرار منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) وحلفائها، أوبك+، في زيادة الإنتاج حتى الآن في عام 2025. ومن المتوقع أيضًا أن يُسهم تباطؤ الطلب، وخاصةً في الصين، أكبر مستورد للنفط، في زيادة محتملة في المعروض. من جهته، وقع البنك الدولي اتفاقًا مع تونس ب430 مليون دولار لدعم التحول الطاقي وتعزيز أداء الشركة الحكومية للكهرباء والغاز وتحسين آليات الحوكمة في قطاع الكهرباء. يدعم الاتفاق برنامج تحسين الاعتماد على الطاقة وكفاءتها وحوكمتها في تونس، ويهدف لتحديث قطاع الطاقة في البلاد، ويتضمن الاتفاق 30 مليون دولار على شكل تمويل ميسر، بحسب بيان للبنك الدولي صدر الثلاثاء. تسعى تونس إلى جذب الاستثمارات الخاصة لقطاع الكهرباء وخفض كثافة الكربون في عمليات الإنتاج من خلال حشد 2.8 مليار دولار من الاستثمارات الخاصة، لإضافة 2.8 غيغاوات من كل من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بحلول عام 2028، بالإضافة إلى خلق أكثر من 30 ألف فرصة عمل، خاصة خلال مرحلة بناء مشروعات الطاقة المتجددة. ومن شأن البرنامج أن يُساعد على خفض تكاليف إمدادات الكهرباء بنسبة 23%، وتحسين نسبة استرداد تكاليف الشركة التونسية للكهرباء والغاز من 60 % إلى 80 %، وفقًا للبنك الدولي. في الهند، خفّضت البلاد مشترياتها من الخام الروسي المقرّر تسليمه في ديسمبر، في مؤشر على تأثير العقوبات الغربية والمحادثات التجارية مع الولاياتالمتحدة على أنماط استيراد الطاقة. ووفقًا للمصادر، إن خمسًا من كبرى المصافي الهندية لم تتقدّم بأي طلبات لشراء النفط الروسي للشهر المقبل، علمًا أن صفقات الشراء عادةً ما تُبرم بحلول العاشر من كل شهر. يأتي هذا التحوّل من جانب ثالث أكبر مستورد للنفط في العالم بعد أن ضاعف الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، في أغسطس الماضي، الرسوم الجمركية على جميع الواردات الهندية لتصل إلى 50 %، قبل أن يفرض الشهر الماضي عقوبات على شركتي روسنفت، ولوك أويل، أكبر منتجين للنفط في روسيا.