يلتقي الرئيس السوري أحمد الشرع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض الإثنين، في أول زيارة من نوعها لرئيس سوري الى واشنطن تتويجا لمسيرة الرئيس الذي أخرج بلاده من العزلة خلال أقلّ من عام على توليه الحكم. ومن المقرر أن توقّع دمشق خلال هذه الزيارة التاريخية اتفاقا للانضمام إلى التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الذي تقوده واشنطن، وفق ما أعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية توم باراك. وتسعى سورية التي خرجت من نزاع مدمّر دام 14 عاما، إلى تأمين تمويلات لإعادة الإعمار التي قدّر البنك الدولي كلفتها بأكثر من 216 مليار دولار. ورفع مجلس الأمن الدولي الخميس العقوبات عن الشرع، بعدما كان ينبغي عليه الحصول على إعفاء خاص من الأممالمتحدة في كلّ تحرّك خارجي. ويرحّب قرار رفع العقوبات الذي أعدته الولاياتالمتحدة، بالتزام السلطات الجديدة بقيادة الشرع في «مكافحة الإرهاب». وأجرى الشرع أول زيارة له إلى الولاياتالمتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك حيث ألقى كلمة. لكن زيارته إلى واشنطن هي «الاولى بالمطلق في التاريخ منذ ولادة الدولة الحديثة» لرئيس سوري إلى البيت الأبيض، وفق ما يشرح المؤرخ سامي مبيّض لفرانس برس. ويرى من جهته المحلل في معهد «نيو لاينز» نيك هيراس أن «زيارة الشرع الى البيت الأبيض بمثابة اعلان فصل جديد في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، بعيدا عن مكافحة الإرهاب، ونحو عقد صفقات براغماتية». ويضيف هيراس لفرانس برس «يُحضر ترمب الشرع الى البيت الأبيض ليدلي باعلان هام وهو أن الشرع قائد براغماتي، والأهم من ذلك، مرن، ومن شانه ان يضمن، أن تشكل سورية حصنا استراتيجيا في المنطقة لعقود مقبلة». من جهته يريد الشرع «مباركة ترمب لضمان تدفق مليارات الدولارات إلى دمشق، لبدء إعادة تأهيل سورية ولترسيخ سيطرته على البلاد ، في آن معا». سبق أن التقى دونالد ترمب بالشرع خلال زيارته إلى الخليج في مايو، حيث أعلن رفع العقوبات الأميركية عن سورية. وبحسب مصدر دبلوماسي سوري «سيكون موضوع انضمام سورية إلى قوات التحالف على رأس جدول الأعمال» خلال الزيارة. وألحقت قوات سورية الديموقراطية التي يقودها الأكراد، بدعم من التحالف الدولي، الهزيمة بتنظيم «داعش» في سورية في العام 2019. ويناقش الأكراد حاليا مع السلطات سبل الاندماج في الجيش السوري الجديد. ويرى المحلل السياسي السوري بسام سليمان القريب من دمشق أن «انضمام سورية الى التحالف الدولي سيكون له ارتدادات إيجابية على الصعيد الداخلي، وسيساعد في توحيد الدولة السورية وسيكون خطوة هامة في إنهاء بعض الملفات العالقة مثل ملف قسد (قوات سورية الديموقراطية)». إسرائيل من المقرر أن يناقش ترمب والشرع كذلك المفاوضات المباشرة بين السلطات السورية وإسرائيل. وحضّ ترمب في مايو الرئيس السوري على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية وهي عملية شهدت في العام 2020 تطبيع العديد من الدول العربية علاقاتها مع إسرائيل. وأعلن الشرع في سبتمبر أن المفاوضات مع إسرائيل تهدف إلى التوصل لاتفاق أمني تنسحب بموجبه اسرائيل من مناطق في جنوب سورية تقدّمت إليها بعد سقوط الأسد وأن توقف غاراتها. ومنذ ديسمبر تعرّضت سورية للعديد من الغارات الاسرائيلية والتوغّلات في جنوب البلاد، بدون أن تردّ عليها. ويعتبر الباحث نيك هيراس أن «رؤية ترامب لسورية تتضمن نفوذا إسرائيليا كبيرا على مساحة استراتيجية من البلاد لسنوات مقبلة». رفع العقوبات عن الشرع رفعت الولاياتالمتحدةوبريطانيا العقوبات عن الرئيس السوري أحمد الشرع الجمعة بعد أن اتخذ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرارا مماثلا قبيل اجتماع الشرع مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فيما أكد الاتحاد الأوروبي أنه سيتخذ القرار نفسه. وأعلنت الولاياتالمتحدةوبريطانيا في إشعارين على الموقع الإلكتروني للحكومتين رفع العقوبات أيضا عن وزير الداخلية السوري أنس خطاب. وقالت وزارة الخارجية الأميركية في بيان «هذه الإجراءات اتخذت تقديرا للتقدم الذي أظهرته القيادة السورية بعد رحيل (الرئيس السابق) بشار الأسد»، وأشارت وزارة الخارجية في بيانها إلى العمل على مكافحة المخدرات والتخلص من الأسلحة الكيماوية وتعزيز الأمن في المنطقة. وقال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي إن قرار الأممالمتحدة سينعكس في الإجراءات التي سيتخذها التكتل. ورفعت بريطانيا بعض العقوبات عن سورية في أبريل، بينما رفع الاتحاد الأوروبي عقوباته الاقتصادية في مايو ، لكن القيود المتعلقة بالأسلحة والأمن لا تزال سارية. وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية «نظل ملتزمين بدعم عملية انتقال سلمية وشاملة يقودها السوريون للمساعدة في بناء مستقبل أفضل لجميع السوريين». وتطالب واشنطن مجلس الأمن المكون من 15 عضوا منذ أشهر بتخفيف العقوبات المفروضة على سورية.