قتل شقيقان السبت جراء ضربة إسرائيلية استهدفت سيارتهما في منطقة محاذية لجنوبلبنان، وفق ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، على وقع اتساع المخاوف من توسيع إسرائيل نطاق ضرباتها بعد نحو عام من سريان وقف إطلاق النار. وكرّر لبنان خلال الأسبوع الحالي إبداء استعداده للتفاوض مع إسرائيل من أجل وقف ضرباتها التي بلغت ذروتها الخميس مع استهداف مبان في جنوبلبنان، قالت إن "حزب الله" يستخدمها كبنى تحتية في سياق محاولاته لإعادة إعمار قدراته العسكرية. وأوردت الوكالة الوطنية أن "مسيّرة معادية استهدفت شقيقين من بلدة شبعا"، خلال مرورهما على طريق عند السفح الغربي لجبل الشيخ، يربط محافظتي الجنوب بالبقاع (شرق)، ما "أدى إلى اشتعال سيارتهما رباعية الدفع ومقتلهما". وأوردت وزارة الصحة الحصيلة ذاتها. وتعدّ المنطقة المستهدفة خارج نطاق الضربات التي سبق لإسرائيل أن نفذتها منذ اندلاع المواجهة مع "حزب الله" قبل عامين. وأدت ضربة إسرائيلية مماثلة صباح السبت على سيارة قرب مستشفى في مدينة بنت جبيل في جنوب البلاد إلى إصابة سبعة مواطنين بجروح، وفق وزارة الصحة. ومع اقتراب مرور عام على وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا استمرت سنة بين إسرائيل و"حزب الله"، تواصل الدولة العبرية شنّ غارات، خصوصا على جنوبلبنان، تقول إنها تستهدف بنى عسكرية وعناصر في الحزب يحاولون إعادة إعمار قدراته. وتبقي قواتها في خمس نقاط حدودية، يطالبها لبنان بالانسحاب منها. وفي رسالة وجهها إلى المسؤولين والشعب اللبناني الخميس، أعلن "حزب الله" رفضه أن "يُستدرج" لبنان إلى "تفاوض سياسي مع إسرائيل". وشنّت إسرائيل خلال اليوم ذاته سلسلة غارات على ما وصفته ب"أهداف" للحزب بعد توجيه إنذارات للسكان بالإخلاء، في تصعيد أثار تنديد مسؤولين لبنانيينوالأممالمتحدة. وقال الرئيس اللبناني جوزيف عون الخميس إن "التفاوض هو النتيجة المتاحة لوقف الاعتداءات" الإسرائيلية. وقال إنه منذ وقف إطلاق النار، "لم تدّخر إسرائيل جهدا لإظهار رفضها لأي تسوية تفاوضية بين البلدين" مضيفا "وصلت رسالتكم". وبحسب مصدر رسمي لبناني، فإن "إسرائيل لم ترد سلبا أو إيجابا على اقتراح التفاوض". قرّرت الحكومة اللبنانية في الخامس من أغسطس، نزع سلاح "حزب الله"، ووضع الجيش اللبناني خطة من خمس مراحل للقيام بذلك. إلا أن الحزب رفض باستمرار تسليم سلاحه، واصفا قرار الحكومة بأنه "خطيئة". وأدان الاتحاد الأوروبي السبت الغارات الإسرائيلية الأخيرة على جنوبلبنان، ودعا إلى احترام اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع في نوفمبر 2024 مع "حزب الله". وقال المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية أنور العنوني إن "الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وقف كل الأعمال التي تنتهك القرار 1701 واتفاق وقف إطلاق النار المبرم قبل عام". وأضاف أنه "في الوقت نفسه، نحضّ جميع الأطراف اللبنانية، وخصوصا "حزب الله"، على الامتناع عن أي خطوة أو رد فعل من شأنه أن يزيد من تأزيم الوضع. على جميع الأطراف العمل على الحفاظ على وقف إطلاق النار والتقدّم الذي تحقق حتى الآن". والخميس أعلن الجيش الإسرائيلي شنّ سلسلة غارات على "بنى تحتية ومستودعات أسلحة" تابعة لحزب الله في جنوبلبنان، بعد ساعات من تأكيد الحزب رفضه أن "يُستدرج" لبنان إلى "تفاوض سياسي مع إسرائيل"، على وقع ضغوط متزايدة لنزع سلاحه. وبعيد إنذارات للسكان بإخلاء مبان ومحيطها في خمس بلدات تقع جنوب نهر الليطاني، أعلن الجيش الإسرائيلي "شنّ سلسلة غارات" قال إنها استهدفت "بنى تحتية إرهابية ومستودعات أسلحة تابعة لوحدة الرضوان"، قوات النخبة في "حزب الله". واعتبر الجيش اللبناني أن تلك الغارات تهدف إلى "منع استكمال" انتشار وحداته، بموجب وقف إطلاق النار الذي أنهى قبل نحو عام حربا بين حزب الله وإسرائيل ونصّ على حصر السلاح بيد القوى الشرعية. إلى ذلك شدد وزير الدفاع اللبناني ميشال منسى، الجمعة على ضرورة الضغط على إسرائيل للبدء بتنفيذ القرار 1701. جاء ذلك خلال استقبال الوزير منسى في مكتبه في اليرزة شمال شرق بيروت الجنرال نيك كارتر على رأس وفد من معهد توني بلير للتغيير العالمي، "وتم خلال اللقاء استعراض مستجدات الأوضاع العامة في المنطقة"، بحسب بيان صادر عن وزارة الدفاع اللبنانية. وشدد اللواء منسى "على ضرورة ممارسة الضغط على العدو الإسرائيلي للبدء بتنفيذ القرار 1701 من جهته، بما يتيح للجيش اللبناني استكمال المرحلة الأولى من خطته، التي ستشكل نموذجا لتطبيق المراحل اللاحقة وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية". وجرى خلال اللقاء "بحث حاجات الجيش اللبناني من الدعم المالي والعتاد والتطويع، لتأمين متطلبات تنفيذ القرار 1701، بما في ذلك التحضيرات الجارية لتولّي مهام قوات الأممالمتحدة العاملة في الجنوب بعد انتهاء مهامها نهاية العام 2026." وتناول اللقاء "الصعوبات التي تواجه تنفيذ خطة الحكومة اللبنانية الهادفة إلى حصر السلاح بيد السلطة الشرعية ومراحل تطبيقها. كما تمّ التطرق إلى العلاقات مع سوريا، والانخفاض الملحوظ في نسبة التهريب الذي شكّل أحد أبرز أسباب التوترات على الحدود، إضافة إلى الاستعدادات لعقد مؤتمر دعم الجيش اللبناني". تصعيد كبير في مؤشر على انتقال التهديدات الإسرائيلية ضد حزب الله اللبناني من التهديدات والضربات المتقطعة إلى مرحلة خطيرة تشي بتصعيد كبير، شن الجيش الإسرائيلي سلسلة غارات جوية الخميس على جنوبلبنان، بدعوى محاولته منع حزب الله من إعادة التسلح. ولاقت الهجمات الإسرائيلية انتقادات أممية، ممثلة في القوة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، حيث اعتبرتها "انتهاكات واضحة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701". وحذرت اليونيفيل من أن "أي عمل عسكري، وخاصة على هذا النطاق المدمر، يهدد سلامة المدنيين ويقوض التقدم المحرز نحو حل سياسي ودبلوماسي"، ودعت القوة الأممية إلى الوقف الفوري لهذه الهجمات "وجميع انتهاكات" القرار 1701، كما حثت "الجهات الفاعلة اللبنانية" على الامتناع عن أي رد من شأنه أن يزيد تأجيج الأوضاع. وتتهم تل أبيب الحكومة اللبنانية بالتقصير في القيام بدورها في التعامل مع حزب الله، لكنها تتجاهل ما يتعين عليها القيام به بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في أواخر شهر نوفمبر الماضي والذي أنهى قتالا استمر 13 شهرا على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. فبموجب شروط الاتفاق، يتعين على "حزب الله" نزع سلاحه، وعلى الطرفين التوقف عن إطلاق النار على بعضهما البعض، مع انسحاب إسرائيل من الأراضي اللبنانية، لكنها لا تزال تحتفظ بخمسة مواقع في لبنان. وذكرت القناة الثانية عشرة أن إسرائيل قدمت "إثباتات" للولايات المتحدة تفيد بأن "الجيش اللبناني لا يمنع إعادة تسلح حزب الله". وبعد تهديدات وضربات شبه يومية خلال الفترة الماضية، ذكرت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية أن إسرائيل حددت مهلة للحكومة اللبنانية لنزع سلاح "حزب الله" قبل أن تبدأ عملية هجومية كبيرة، إلا أنها لم تشر إلى الموعد النهائي لتلك المهلة. وفي السياق، أبدت إسرائيل استعدادا "لاحتمال رد من جانب "حزب الله"، لكن الثمن سيكون باهظا". ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر في الجيش أن هدف الهجمات الأخيرة على لبنان هو تفكيك سلاح حزب الله. وأضافت هيئة البث أن الهجوم على لبنان "يجري بتنسيق مع الولاياتالمتحدة". ولم يقتصر التهديد الإسرائيلي على توجيه ضربات للمعقل الرئيس لحزب الله في جنوبلبنان، بل امتد ليشمل بيروت. ونقلت القناة العبرية عن مصدر لم تسمه أنه حال عدم تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار "سنشن هجمات في جميع أنحاء لبنان بما يشمل بيروت". وسلطت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على التطورات الأخيرة، وقالت إن "الجيش الإسرائيلي يقصف لبنان بشكل شبه يومي، لكن غارات الخميس كانت غير عادية من حيث شدتها وكونها سبقتها تحذيرات بالإخلاء". وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الغارات جاءت بعد ساعات من إرسال "حزب الله" رسالة مفتوحة إلى القيادة اللبنانية، أعرب فيها عن التزامه بوقف إطلاق النار، لكنه لا يزال يحتفظ ب"حق مشروع" في مقاومة "الاحتلال الإسرائيلي". وأعربت الحكومة اللبنانية عن التزامها بنزع سلاح "حزب الله" وحصر السلاح بيد الدولة. وقالت إنها نزعت حوالي 85% من مخابئ أسلحة "حزب الله" في جنوبلبنان وتهدف إلى نزع السلاح بالكامل في المنطقة بحلول نهاية العام، وفقا للجارديان التي أشارت إلى أن إسرائيل تضغط على الحكومة اللبنانية للتحرك بسرعة أكبر في نزع السلاح، لكنها قالت إن القيام بذلك قد يؤدي إلى تأجيج الصراع الأهلي الداخلي. وسردت إسرائيل تفاصيل استهدافها تحديدا لوحدة قوة الرضوان في "حزب الله" في محاولة لقطع الطريق على ترميم قدرات الحزب ومن ثم استهداف إسرائيل، بينما توعد قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي بمواصلة "العمل الهجومي من أجل الحفاظ على أمن البلدات الحدودية"، وشدد على مواصلة القصف وإضعاف حزب الله، قائلا: "لن نسمح لحزب الله بالتموضع قرب حدودنا". وتزامن التصعيد الميداني الإسرائيلي مع إعلان الولاياتالمتحدة فرض عقوبات على أفراد بدعوى نقلهم عشرات الملايين من الدولارات من إيران إلى "حزب الله" لتمويل أنشطته الإرهابية. وفي مقال تحليلي في مجلة فورين بوليسي الأميركية، اعتبر مايكل جاكوبسون، وهو زميل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وماثيو ليفيت، مدير برنامج مكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن "تقويض هذه الجماعة "حزب الله" في لبنان يتطلب استهداف شبكاتها في الخارج". وعلى وقع تلك التطورات يخشى كثيرون من انهيار الهدنة الهشة واشتعال المواجهات من جديد على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، في وقت تتسارع فيه التحركات الدولية الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والخروج من دوامة العنف التي تلف المنطقة منذ أكثر من عامين.