إن على جميع أبناء السودان، وخاصة قوات الدعم السريع، المحافظة على وحدة الأراضي السودانية، والعمل على تعزيز أمن وسلم واستقرار المجتمع والدولة السودانية، والحذر من التدخلات الخارجية الهادفة لتقسيم السودان وسرقة ثرواته الطبيعية، كما فعلت الدول الاستعمارية في القرون السابقة.. بانتهاء نظام البشير في أبريل 2019م، اعتقد أبناء السودان أن مستقبل وطنهم سيكون أفضل، ووحدة مجتمعهم ستكون أقوى، وحال اقتصادهم ستشهد استقرارًا ونمواً، ومستوى حياتهم المعيشية سيتحسن كثيراً، ومكانة دولتهم ستتصاعد تدريبجياً على المستويات الإقليمية والدولية. نعم، لقد كانت هذه هي الأمنيات التي يتطلع لها أبناء السودان الذين عانوا كثيراً خلال العقود التالية للاستقلال في يناير 1956م، وتصاعدت هذه المعاناة بسبب الصراعات والحروب الأهلية التي ابتدأت في 1983م وانتهت في يناير 2005م بخسارة السودان أجزاء كثيرة من أراضيه وثرواته وفقاً ل"اتفاقية نيفاشا" للسّلام التي وقعتها حكومة السودان مع قائد قوات الحركة الشعبية لتحرير جنوب السودان جون قرنق. إلا أن تلك الأمنيات والتطلعات الإيجابية التي انتظرها أبناء السودان تراجعت تدريجياً لتحل محلها أمنيات وتطلعات راجيةً ألا تتصاعد المعاناة والمآسي أكثر مما كانت في العقود السابقة. نعم، فمنذُ انتهاء نظام البشير في 2019م، تصاعدت الانقسامات السياسية بين شركاء الحكم في السودان تدريجياً حتى وصلت إلى حرب أهلية شاملة وعنيفة ابتدأت في أبريل 2023م بين القوات المسلحة السودانية بقيادة رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقوات الدعم السريع. ونتيجة لهذا الصراع والحرب الداخلية بين شركاء الحكم في السودان، تصاعدت معاناة أبناء السودان نتيجة لتدمير البنية التحتية البسيطة التي كانت قائمة، وتراجعت جميع الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية والمعيشية، وتعطلت حركة الملاحة الجوية في الخرطوم نتيجة لاستهداف مطار الخرطوم الدولي، وتوقفت النشاطات التجارية والزراعية وغيرها من نشاطات تساعد على استمرارية الحياة الطبيعية بالمجتمع السوداني. وهذه المعاناة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية التي شملت الكثير من المدن والأقاليم السودانية، تحولت في بعض مدن وأقاليم السودان إلى مآسٍ كبيرة نتيجة للممارسات غير الإنسانية التي مارستها قوات الدعم السريع في المناطق التي تتواجد فيها تجاه المدنيين من أبناء السودان. وإذا كانت الشواهد كثيرة على حجم المعاناة الإنسانية التي وصل لها أبناء السودان، إلا أن المأساة العظيمة التي حدثت في مدينة "الفاشر"، عاصمة ولاية شمال دارفور – جنوب غرب السودان، تشهد على حجم المعاناة الإنسانية التي وصل لها أبناء السودان والتي دعت مجلس الأمن لأن يصدر بياناً بثه موقع أخبار الأممالمتحدة في 30 أكتوبر 2025م، ومما جاء فيه، الآتي: "أصدر أعضاء مجلس الأمن بيانا صحفيا أعربوا فيه عن قلقهم البالغ إزاء تصاعد العنف في مدينة الفاشر، شمال دارفور، وما حولها. وأدانوا هجوم قوات الدعم السريع على الفاشر وأثره المدمر على السكان المدنيين. واستذكروا القرار 2736 (الصادر لعام 2024)، الذي يطالب قوات الدعم السريع برفع الحصار عن الفاشر، ويدعو إلى الوقف الفوري للقتال وتهدئة الأوضاع في الفاشر وما حولها، حيث يُخشى من انتشار المجاعة وانعدام الأمن الغذائي الشديد. وأدان أعضاء المجلس الفظائع المبلغ عنها التي ترتكبها قوات الدعم السريع ضد السكان المدنيين، بما في ذلك عمليات الإعدام بإجراءات موجزة، والاعتقالات التعسفية، وأعربوا عن قلقهم البالغ إزاء تزايد خطر وقوع فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الفظائع ذات الدوافع العرقية". وفي الختام من الأهمية القول أن على جميع أبناء السودان، وخاصة قوات الدعم السريع، المحافظة على وحدة الأراضي السودانية، والعمل على تعزيز أمن وسلم واستقرار المجتمع والدولة السودانية، والحذر من التدخلات الخارجية الهادفة لتقسيم السودان وسرقة ثرواته الطبيعية كما فعلت الدول الاستعمارية في القرون السابقة. نعم، إن كل من يُؤجج الصراع بين أبناء السودان ويحرضهم للتعدي على شعبهم كما حدث في "الفاشِر"، ليس إلا مُحتلا ينظر لكل من يتعامل معه من السودانيين كعُملاء يستخدمهم، ومُرتزقة يوظفهم، لتحقيق أهدافة المادية، والفكرية، والسياسية، والأمنية، ثم يتخلى عنهم بأبخس الأثمان لأنهم خانوا وطنهم لصالح المُحتل الأجنبي.