في ظل القيادة الرشيدة، وانسجامًا مع روح رؤية 2030، فإن تمكين ذوي الإعاقة سيكون خطوة عملية لتجسيد شعار "التمكين" وتحويله إلى واقع ملموس في حياة ملايين السعوديين من ذوي الإعاقة وأسرهم، إنها لحظة تاريخية لجعل الجمعيات الخيرية منصة حقيقية للإبداع والابتكار الاجتماعي، حيث يكون ذوو الإعاقة هم القادة والشركاء، وليسوا مجرد متلقين للخدمة.. تسعى المملكة العربية السعودية بخطى ثابتة نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030، التي أولت تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ودمجهم في المجتمع مكانة بارزة. وفي هذا الإطار، يبرز دور وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والمركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي، بقيادة معالي الوزير، في إعادة هيكلة عمل الجمعيات الخيرية والأهلية، وخاصة تلك التي تخدم ذوي الإعاقة، لضمان أن يكونوا شركاء حقيقيين في صنع القرار وليسوا مجرد مستفيدين فقط. إن الفلسفة التي تنطلق منها رؤية 2030 ونظام حماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة هي مبدأ "لا عمل لنا بدوننا". حيث تؤكد المادة الثانية من النظام على "تمكين ذوي الإعاقة من المشاركة الفاعلة في إدارة قضاياهم". وهذا يجعل من غير المقبول وجود جمعيات يصل عدد المنتسبين فيها إلى آلاف الأشخاص من ذوي الإعاقة، بينما يخلو مجلس إداراتها من أي تمثيل حقيقي لهم. إن وجود أعضاء من ذوي الإعاقة في مواقع صنع القرار داخل هذه الجمعيات ليس مجرد ترف فكري، بل هو ضرورة لضمان أن الخدمات والبرامج المقدمة تلبي الاحتياجات الحقيقية وتصمم بفهم عميق لتجاربهم. لتحقيق نقلة نوعية في عمل الجمعيات، يمكن لمعالي الوزير رئيس المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي أن يقود تبني سياسات تحولية تعيد هيكلة الحوكمة الداخلية لهذه المؤسسات، وذلك عبر الركائز التالية: * إقرار نظام الكوتا في مجالس الإدارة: من المنطقي والعملي أن تحدد الوزارة نسبة ملزمة (كوتا) لتمثيل ذوي الإعاقة في مجالس إدارة الجمعيات التي تخدمهم. فكما أن "أهل مكة أدرى بشعابها"، فإن الأشخاص ذوي الإعاقة هم الأكثر فهماً لتحدياتهم وطموحاتهم. يجب أن يكون لهم صوت مسموع ومؤثر في كل قرار يمس حياتهم. * تحديد فترات الرئاسة: لضمان تجديد الدماء وتدفق الأفكار، يجب تحديد مدة رئاسة مجلس الإدارة بحد أقصى دورتين متتاليتين. وجود رئيس واحد لمدة 20 عاماً يتنافى مع مبادئ الابتكار والإبداع التي تنص عليها رؤية 2030، وقد يحول دون استيعاب الأفكار الجديدة والنهج الحديثة في العمل المؤسسي. * إعادة نظر رسوم العضوية: يجب أن تكون رسوم العضوية للأشخاص ذوي الإعاقة في جمعياتهم رمزية، وليس من المنطقي أن تتجاوز الألف ريال. هذه الخطوة تشجع على المشاركة الواسعة وتزيل الحواجز المادية التي قد تحول دون انضمامهم والمساهمة في تطوير جمعياتهم. * الشفافية والمحاسبية: تعزيز آليات الرقابة والمحاسبة لضمان أن موارد الجمعيات تُستخدم بشكل افضل لتحقيق أقصى أثر ممكن في حياة المستفيدين، مع توفير قنوات واضحة للمستفيدين للتعبير عن ملاحظاتهم ومقترحاتهم. في الواقع، تبذل وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية جهوداً كبيرة في تمكين ذوي الإعاقة، وهو ما يشكل أساساً قوياً يمكن البناء عليه لتحقيق الإصلاحات المقترحة. فقد أطلقت الوزارة برنامج "مواءمة" الذي يهدف إلى توفير بيئة عمل شاملة ومناسبة للأشخاص ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، وتحفيز المنشآت على توظيفهم. كما تقدم مجموعة من الخدمات الإلكترونية الشاملة مثل خدمة تقييم الإعاقة، والإعانة المالية الشهرية، وخدمات الرعاية المنزلية، والأجهزة الطبية المساعدة والكثير من الخدمات لذوي الإعاقة. وتعمل الوزارة أيضاً على تهيئة البنية التحتية من خلال مبادرات مثل برنامج الوصول الشامل لمركز الملك سلمان لأبحاث الإعاقة، الذي يضع المعايير والإرشادات لتهيئة البيئة العمرانية ووسائل النقل لتيسير حركة ذوي الإعاقة. وقد حصلت الوزارة على شهادات تقدير عالمية لجودة خدماتها، بما في ذلك خدماتها المقدمة لذوي الإعاقة. إن الدعوة إلى إصلاح هيكلة مجالس إدارة الجمعيات هي استكمال للجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في مجال تمكين ذوي الإعاقة. ومعالي الوزير، الذي أشادت به العديد من التقارير المحلية والدولية لدوره في قيادة عملية التطوير هذه، أمام فرصة تاريخية لترك إرث دائم يعيد تعريف مفهوم العمل الخيري تجاه ذوي الإعاقة، من نموذج الرعاية إلى نموذج الشراكة. في ظل القيادة الرشيدة، وانسجاماً مع روح رؤية 2030، فإن تبني هذه السياسات سيكون خطوة عملية لتجسيد شعار "التمكين" وتحويله إلى واقع ملموس في حياة ملايين السعوديين من ذوي الإعاقة وأسرهم. إنها لحظة تاريخية لجعل الجمعيات الخيرية منصة حقيقية للإبداع والابتكار الاجتماعي، حيث يكون ذوو الإعاقة هم القادة والشركاء، وليسوا مجرد متلقين للخدمة.