في كل فترة يطل علينا لاعب سعودي يذكرنا بأن الموهبة لا تزال تولد في ملاعبنا، وأن الإبداع يمكن أن يصنع بالإصرار والعزيمة قبل أن يصقل بالاحتراف، واليوم يقف صالح أبو الشامات لاعب خط الوسط بنادي القادسية والمنتخب السعودي كأحد أبرز الوجوه الصاعدة التي سطعت في سماء الكرة السعودية خلال ملحق التأهل لكأس العالم 2026. قدم أبو الشامات مستوى استثنائياً في المباريات الأخيرة فكان المحرك الحيوي في وسط الميدان يمزج بين القوة والذكاء وبين الهدوء والدهاء، ويظهر في اللحظات التي يحتاج فيها المنتخب إلى من يصنع الفارق لم يكن مجرد لاعب يؤدي واجبه بل كان مصدر الثقة الذي يزرع الطمأنينة في نفوس زملائه. وفي مواجهة إندونيسيا، حين كانت المباراة تتأرجح بين الأمل والخطر أطلق صاروخاً من خارج منطقة الجزاء ليسكن الشباك هدفاً لا ينسى، ربما كان أحد أهم الأهداف في مشوار التأهل. ما يميز هذا الشاب ليس مهارته العالية في المراوغة أو دقته في صناعة اللعب فقط! بل تلك الشخصية التي تجمع بين الهدوء والنضج المبكر، وكأننا أمام لاعب تجاوز عمره الكروي الحقيقي بسنوات، من يتأمل تحركاته ولمساته يدرك أنه لاعب يعرف ماذا يريد؟ ويعرف متى يمرر؟ ومتى يغامر؟ ومتى يهدأ؟ وهذه الصفات لا تأتي إلا لمن ولد ليكون نجماً مختلفاً. ولعل سؤال مدرب المنتخب السعودي الفرنسي رينارد له بعد المباراة الأخيرة: "متى ستحترف في أوروبا؟" لم يكن مجرد مجاملة بل كان رسالة واضحة بأن ما يقدمه أبو الشامات مؤهل تماماً ليكون جزءاً من كرة القدم العالمية لا المحلية فقط، إنه سؤال يعكس ثقة المدرب في قدراته واعتراف صريح بأن مكانه القادم يجب أن يكون بين نجوم القارة العجوز، هذه الهمسة من مدرب خبير يجب ألا تمر مرور الكرام بل يجب أن تترجم إلى مشروع وطني جديد يعيد تجربة عام 2017، حينما خرج تسعة لاعبين سعوديين للاحتراف الخارجي بهدف تطوير المنتخب قبل كأس العالم في روسيا، تجربة صنعت الفارق وأثمرت عن أسماء أصبحت اليوم ركائز أساسية في المنتخب مثل: سالم الدوسري الذي تحول من لاعب محلي واعد إلى نجم عالمي بفضل احترافه الخارجي وعاد بعدها أكثر نضجاً واحترافية. صالح أبو الشامات يملك كل المقومات التي تجعل منه النسخة المقبلة من أولئك النجوم شريطة أن يحافظ على نفسه داخل وخارج الملعب، وأن يدرك أن الموهبة وحدها لا تكفي إن لم يرافقها الطموح والانضباط والرغبة في التطوير المستمر، من أراد صعود الجبال فعليه أن ينظر للأعلى دائماً، وألا يكتفي بما وصل إليه مهما لمع اسمه أو كثر المادحون. الطريق أمامه طويل، لكنه طريق من يسير فيه بخطوات ثابتة يكتب له الخلود في ذاكرة الجماهير، فلتكن بداية احترافه الأوروبي هي الخطوة التالية التي تفتح له الأفق نحو العالمية، ولتكن تجربته دافعاً لجيل كامل من المواهب السعودية التي تنتظر الفرصة لتقول للعالم: هنا لاعب سعودي يستحق أن يكون بين الكبار، إنها لحظة نضج كروي جديد عنوانها: "صالح أبو الشامات، متى تحترف في أوروبا". سعود الضحوك