الرقم طاقة ودلالة وأشياء أخرى، وهو من اللامتناهي فيما أعلم إن صحت الكلمة، فليس هناك رقم أخير، وهذا من عظيم دلائل الله سبحانه وتعالى على أن الإنسان لن يحيط بكل شيء، ومما وقع تحت يدي من الكتب ما جعلته عنواناً لهذا المقال، وهو في فلك الأرقام يسبح كما جاء في العنوان، ومن العنوان يتضح أيضاً أنه من كتب التراث العربي، والتي غالباً ما يعتمد كتابها مثل هذا الأسلوب في وضع عناوين كتبهم. وقبل أن نوضح موضوع الكتاب سنشير إلى أن (واو الثمانية) ستأتي معنا لاحقاً ضمن سياق المقال بإذن الله تعالى، وأما موضوع الكتاب فماتع وقراءته سلسة، فالمؤلف أبو منصور الثعالبي أورد آيات قرآنية وأحاديث نبوية، ومواعظ وحكماً وأقوالاً مأثورة، وأشعاراً وطرائف ونوادر، ونصائح طبية تدور حول الأعداد كما ذكر المحقق الدكتور أسامة البحيري، وهو ما وجدته وأنا أستعرضه قبل أن أقرأه، فعلى سبيل المثال: في الحديث والرقم (2) قال عليه الصلاة والسلام: «خلتان لا يجتمعان في مؤمن: البخل، وسوء الخلق»، ومن مقولات الحكماء في الرقم (3) ما جاء على لسان سهل بن هارون: ثلاثة يعدون من المجانين وإن كانوا عقلاء: السكران، والغضبان، والغيران، وفيما جاء عن الرقم (4) وأما أصحاب الشرائع: فإبراهيم، وموسى وعيسى ومحمد عليهم أفضل الصلاة والسلام. هذه فكرة عامة عن الكتاب الذي عمل المحقق على تخريج أحاديثه وتزويده بالشروحات والفهارس اللازمة. وفيما يتعلق ب(واو الثمانية) التي أشرنا إليها بالأعلى، فهي كذلك تدور في فلك الأرقام، ومما قرأت مؤخراً عن هذا الموضوع مقال جاء على صفحات الرياض، ومشاركة -تغريدة- على منصة إكس، والمقال للدكتورة نجوى الكحلوت، والتغريدة للأستاذ الدكتور ظافر العمري، والعمري وضع صورة لمتحدث يبدو أنه تطرق للحديث عن واو الثمانية منظراً لصحتها فيما يحذر العمري من نشر مثل هذه الأقوال التي أنكرها أهل العلم، ومقال الدكتورة نجوى تناول الحديث عن واو الثمانية في القرآن الكريم في مقال بعنوان «رمزية العدد في لغة العرب» ذكرت فيه «وكانت العرب تعد السبعة عددًا كاملاً، فإذا جاوزوه، ابتدؤوا عدًّا جديدًا. فتأتي «واو الثمانية» هنا إعلان الانتقال إلى مرتبة جديدة» واستشهدت ضمن ما استشهدت به قوله تعالى: (سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ... وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) [الكهف: 22]. وهي في مجمل عرضها للفكرة لم تتشدد في التأييد أو المعارضة، وأوردت بعض الآراء التي عارضت أي معنى خاص لورود الواو في سياق الموضوع المرتبط بالرقم سبعة ومن بعده الثمانية. موضوع يتناوله كل من زاويته من أهل الاختصاص ولنا أن نميل إلى هذا الرأي أو ذاك أو أن نتوقف دون أن نتخذ قراراً قطعياً ما دام أن في الأمر سعة، وأقوالاً معتبرة مستندة إلى حجة ودليل.