قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية نجوزي أوكونجو-إيويالا: "إن الولاياتالمتحدة اتخذت إجراءات أحادية الجانب لأنها ترى أن النظام التجاري العالمي لم يتطور بالشكل الذي كانت ترغب فيه، وتوجه له مجموعة من الانتقادات تتعلق بالممارسات التجارية غير العادلة، وغياب تكافؤ الفرص، مشيرةً إلى الحاجة لإصلاحات النظام التجاري العالمي. وذكرت في إحدى جلسات مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أن الولاياتالمتحدة ليست وحدها في ذلك، إذ ترى الدول النامية أيضًا أن النظام التجاري العالمي لا يعمل لصالحها كما يجب. وأضافت أن البيانات تظهر أن نحو 72% من التجارة العالمية ما زالت تجري في إطار قواعد منظمة التجارة العالمية، لأن الأعضاء الآخرين لم يردوا بإجراءات انتقامية مماثلة ضد الولاياتالمتحدة، وهو أمر إيجابي، لأن العالم لا يريد تكرار ما حدث في ثلاثينيات القرن الماضي مع قانون "سموت-هاولي" وما تبعه من أزمات. وبينت أن أعضاء المنظمة يواصلون التجارة فيما بينهم ملتزمين بالقواعد، وإن ذلك دليل على أنهم لا يبتعدون عن النظام المتعدد الأطراف. لكنها حذرت في الوقت ذاته من أن نسبة ال72% قد تنخفض مستقبلًا. وبحسب إيويالا، نسبة التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولاياتالمتحدة تبلغ 25%، بينما تصل في العديد من الدول الأخرى الأعضاء في المنظمة إلى أكثر من 50%. وتابعت أنه لا يمكن تصور نظام تجاري عالمي ناجح من دون الولاياتالمتحدة، مشيرةً إلى أنها لا تزال عضوًا فاعلًا في المنظمة وتشارك في أعمالها، داعية إلى العمل مع واشنطن على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، معتبرة أن الأزمة الحالية تمثل أيضًا فرصة لتطوير النظام التجاري العالمي. واستطردت "رغم التحديات، إلا أن هناك مجالات في التجارة تشهد نموًا قويًا، وأن تجارة الخدمات تنمو بمعدل يضاعف نمو تجارة السلع، إذ بلغت 4.3% مقارنة ب2.4 % هذا العام، في حين تنمو التجارة في الخدمات الرقمية بنسبة 8%، لتصل قيمتها إلى نحو تريليوني دولار، وهو ما وصفته بأنه تطور مشجع للغاية". وأكدت أهمية الإصغاء إلى الانتقادات والعمل على إصلاح النظام حتى يتمكن الجميع من الاستفادة من الفرص الجديدة، موضحة أن منظمة التجارة العالمية تعمل حاليًا على تحديث القواعد لتناسب الاقتصاد الرقمي. ولفتت إلى أن المنظمة أُنشئت لعالم مختلف، فهي مؤسسة من القرن العشرين، بينما يعيش العالم اليوم تحولات اقتصادية سريعة تشمل الرقمنة والذكاء الاصطناعي، الأمر الذي يستدعي وضع قواعد تجارية جديدة تواكب القرن الحادي والعشرين. وأضافت المديرة العامة، أن المنظمة تعمل على إعداد قواعد للتجارة الإلكترونية، وأن نحو 100 دولة من أعضائها يشاركون في مفاوضات لصياغة اتفاقيات "متعددة الأطراف المصغرة" حول التجارة الرقمية، وهي من الملفات التي يجب تركيز الجهود عليها لضمان الاستفادة من الفرص القادمة. وتحدثت عن أهمية التجارة الخضراء، مشيرة أيضًا إلى الدور المتزايد للذكاء الاصطناعي في التجارة، وكشفت عن دراسة أجرتها المنظمة أظهرت أن التجارة العالمية نمت بنحو 5% في النصف الأول من هذا العام، وأن 42% من هذا النمو جاء من السلع المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وأكدت أنه في حال لم يتم تطوير القواعد التي تنظم هذه التجارة، فسيضيع على العالم وقت ثمين وفرص كبيرة. وأضافت أن هناك أخبارًا جيدة، إذ يوجد بالفعل اتفاق يُسهل تدفق التجارة في منتجات الذكاء الاصطناعي، وهو "اتفاق تكنولوجيا المعلومات" الذي يغطي تجارة بقيمة ثلاثة تريليونات دولار في أشباه الموصلات والمعدات الحاسوبية وغيرها من التقنيات الضرورية للذكاء الاصطناعي. كما أشارت إلى أن المنظمة تعمل أيضًا على مفاوضات التجارة الإلكترونية، داعية إلى وضع معايير واضحة للسلع والخدمات المدعومة بالذكاء الاصطناعي، لما لذلك من أهمية في خفض تكاليف التجارة وتطوير طبيعتها. وقالت أوكونجو-إيويالا حديثها بالتأكيد على أن الصينوالولاياتالمتحدة، رغم أن نسبة التجارة إلى الناتج المحلي الإجمالي لديهما تقل عن 30%، إلا أنهما تدركان أهمية البقاء في منظمة التجارة العالمية والمشاركة في وضع قواعدها.