في إطار سعي المملكة العربية السعودية لتحقيق التميز في التعليم والوصول إلى مصاف الدول المتقدمة، قامت هيئة تقويم التعليم والتدريب بخطوات رائدة لتطوير وتحسين أداء المدارس، من خلال برنامج التقويم المدرسي الذي يعد أحد أهم البرامج الوطنية في منظومة تطوير التعليم. يهدف البرنامج إلى رفع جودة أداء المدارس وتحسين نواتج التعلم عبر منهجية علمية دقيقة تقوم على تحليل شامل لمدخلات المدرسة وعملياتها ومخرجاتها. وقد حظي هذا البرنامج باهتمام عالمي، حيث اختارت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) هيئة تقويم التعليم والتدريب كأول جهة في العالم توثق تجربتها ضمن برامج المنظمة وتنقلها إلى الدول الأعضاء وشركائها، تقديرًا لتميز التجربة السعودية في مجال التقويم والجودة التعليمية. يرتكز البرنامج على أربعة مجالات رئيسية تمثل جوهر عمل المؤسسات التعليمية، هي: الإدارة المدرسية والتعليم والتعلم والبيئة المدرسية ونواتج التعلم. وانبثق عن هذه المجالات عشرة معايير يندرج تحتها خمسون مؤشر أداء تفصيليًا يصف أداء المدرسة وصفًا دقيقًا، وتساعدها على تحديد مواطن القوة وفرص التحسين، بما يمكنها من بناء خطط تطوير واقعية قائمة على بيانات موضوعية. ومن الجدير بالذكر أن المجالات الثلاثة الأولى (الإدارة المدرسية، التعليم والتعلم، والبيئة المدرسية) تشكّل الوقود الذي يغذي وينضج نواتج التعلم، إذ تُعد جودة نواتج التعلم الهدف الأسمى لكل مؤسسة تعليمية تسعى إلى تحسين جودة التعليم؛ كما أن ربط تصنيف المدارس بمستوى نواتج تعلم طلابها يُعدّ الاتجاه الصحيح نحو التميز المستدام في رؤية تتكامل مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في بناء نظام تعليمي رائد عالميا. وقد أحدث مشروع التقويم المدرسي وتصنيف المدارس حراكًا واسعًا داخل الميدان التربوي، إذ تبنته وزارة التعليم كمحرك رئيس لتطوير الأداء المدرسي، ونشر ثقافة التميز والجودة، وبناء بيئة عمل قائمة على المعايير والمساءلة والتحسين المستمر. ونحن اليوم في العام الثالث من الدورة الأولى للتقويم المدرسي، حيث أثمرت الجهود المخلصة عن تكريم (760) مدرسة متميزة على مستوى المملكة في عام 2025، بزيادة بلغت 18 % عن العام الماضي، وذلك خلال الملتقى الوطني للتميز المدرسي، في إنجاز يعكس أثر التقويم على جودة الأداء وارتفاع نواتج التعليم. وفي الختام، فإن ترسيخ ثقافة الجودة والتقويم الموضوعي بمشاركة المقيمين الخارجيين، يمثل توجهًا وطنيًا فاعلًا نحو تحسين المدخلات والعمليات لتحقيق مخرجات تعليمية متفوقة. إنها ثقافة التميز المستندة إلى العمل المؤسسي والمعايير الدقيقة، وهي التي ستقود مدارسنا بإذن الله نحو مستقبل أكثر إشراقًا وجودة، يعكس مكانة المملكة في ميدان التعليم عالميًا.