في حلقة ماضية قدم المستكشف والصحافي البريطاني دي غوري وصفا لهيئة ولباس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عند ما زاره مرافقا لفريق دبلوماسي بريطاني بقيادة الوزير اندرو ريان سنة 1935م في الرحلة التي قطعوا بها الجزيرة العربية من الشرق الى الغرب خلافا لأغلب رحلات المستكشفين الاوربيين الذين قدموا للجزيرة من الشمال او من البحر الأحمر غربا وفي تلك الحلقة ذكر بعض أوصاف وهيئة الملك كان طوله الهائل بكامله كما قال ممشوقا بكل امتداده الكامل لأن هذا الوقوف باستعداد يشبه استعداد عسكري لاستقبال الضيوف وهو تقليد من تقاليد الامراء ونبلاء العرب. كان هادئا جدا، وكانت عباءته تنزل من كتفيه الى الأرض في شلال رشيق ذا خط متواصل. كان لباسه بسيط لكنه مصنوع بإتقان ومرتب بعناية – عباءة خام من قماش رمادي رقيق من دمشق وتعرف بصدر اليمامة وجلابية من وبر الإبل بنية اللون ومنديلا يدويا ذا مربعات شطرنجية باللونين القرمزي والأبيض. أما عصابة رأسه فكانت من الصوف الأسود مع خيط ذهبي، من النوع الموجود في نجد امتيازا للعائلة المالكة وأولئك الذين يتشرفون بتقديمه لهم من الملك. كان لدية منديلا تحتيا كما لو كان من اجل الدفء. كان صندله مصنوعا خصيصا على الطراز النجدي. وكانت حلقة ختمه من الفضة والعقيق الأحمر. كان اسمه بدون ترويسه أو شعار وحده منقوشا على الختم. حتى قال: في الصيف يرتدي الملك جلابية أرق وقميصا ابيض طويل بدلا من العباءة السميكة يربو طول الملك على ستة اقدام وهو ذو قامه مربوعة بتناسب. جفنه الايسر منخفض قليلا –انفه دقيق لكنه بارز– لحيته مدببة على الذقن وصغيرة ومقصوصة بشكل قصير على الجانب. في بعض الأحيان يكون الشعر الناعم لنهاية لحيته بشكل شبه افقي مثل لحى الملوك الاشوريين. ابتسامته عذبه جدا وتكشف عن اسنان حسنة الترتيب يداه وقدماه ناعمة وصغيرة بالنسبة الى رجل بهذه الضخامة، بشرته بيضاء لفحتها الشمس كثيرا في الماضي. يده اليمنى ذات ندب من جرح قديم أصيب به في المعركة ضد الاتراك وخصومه في معركة البكيرية وجرح اخر في الفخذ الأيمن عند ما يتغير الطقس في الشتاء يشكو منه رغم شفائه التام. عند ما يتكلم بن سعود يتكلم بقوة واتقان وإذا ما تحدث عن الشأن الدبلوماسي او السياسي يتكلم عموما بإسهاب ملحوظ مرتبا حقائقه لكي يدونها المستمع بوضوح تام. يبتسم بسحر جذاب وعذوبته ووضوح رؤيته ملحوظة في كل مكان لكنها تأتي بقوة صادمة في قلب الجزيرة العربية. ينهض الملك قبل الفجر للصلاة ويكون يومه موزعا بين واجباته الدينية وإدارة شئون دولته ومصالح شعبه. ويحج بشكل سنوي تقريبا. قارئو القرآن يرتلون القرآن الكريم في ردهات القصر بين صلاتي العصر والعشاء يجلسون محجوبين عن الأنظار في ظلال الممرات المقنطرة. بعيدين قليلا عن مكان جلوس الملك الخاص به. بحيث تأتيه أصواتهم رخيمة مثل الحان مؤداه ببراعة. بينما كانوا يتحدثون مع الملك كان مقدمو القهوة يقومون بعملهم - في حضرة الملك تقدم القهوة له أولا، اما في امكنه أخرى مالم يكن الضيف في خدمة المضيف فإن القهوة تقدم للضيف أولا. وإذا كان من مرتبة مساوية تقريبا او اقل من المضيف في السن او المنصب فمن التهذيب ان يرفض تناولها وتقدم للمضيف. ويحب العرب مثل هذا التهذيب ويعتبر مثيرا للإعجاب بشكل خاص لدى الأجنبي والاوربي. دي غوري ختم هذه اليومية مشيرا الى ان هذه المقابلة هي الأولى وكانت غير رسمية جاءت عند وصولهم فكانت استفسارات ابن سعود حول رحلتهم فقط وراحتهم في قصر الضيوف. سعود المطيري