عند زيارة المستكشف البريطاني غوري مرافقا لمواطنه الوزير اندرو للرياض سنة 1935م ومقابلة جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- مكنته إقامته في الرياض لبعض الوقت ومقابلة الملك من رصد بعض تقاليد الملك عبدالعزيز وشعب المملكة كما يقول ومنها ما ذكره أن جلالة الملك يبقي دائما عددا من الرجال منتظرين عند باب ديوانه مستعدين لأوامره عندما ينادي أحد المراجعين يستدعيه الملك بالكلمات (امش يا ولد) يجيبون وهم يخطون نحو الأمام بالقول سم التي قد تكون بحسب تفسيره اختصارا لعباره سمعا وطاعه وعندما تجلب الأوراق إليه من أجل الختم يقرأها ويختمها ويرميها جانبا بحركة مكرره بدقة بحيث أن أحد كتابه وهو يموضع نفسه أمامه وإلى يمينه قليلا يلتقط الأوراق وهي تنزل إلى الأرض أما عندما يقوم حامل السيف (المسؤول عن القهوة) بإحضار القهوة المصنوعة من القشرة والمبهرة بالهيل في فناجين صغيرة بلا قبضات يقدمها مرة واحدة فقط وليس ثلاثا كما في أمكنة أخرى وفيما يتعلق بطلب القهوة يذكر أنه ينادى عليها مرتين ويكرر الأمر بصوت مرتفع عند الباب يردده الرجال في الرواق إلى أن تصل صيحة قهوة إلى موقد القهوة وعندئذ يقول صانع القهوة وهو يرفع مدق الهاون (أي والله قهوة) ويعتقد غوري بأن إيقاع المدق في الهاون عندما تسحق حباتها يبهج العرب وصانع القهوة ينزع السدادة على جانب الهاون بين الشوطين النازلين مع زيادة العزم عندما يقترب من نهاية عمله يوضع ملء فنجال من القهوة في الماء المغلي في ركوة توضع بعد ذلك جانبا لكي يغلي برفق لمدة ثلاث أو أربع دقائق في هذه الأثناء يسحق بعض الهيل ويوضع ملء نصف فنجان في ركوة قهوة أخرى تدخل بعدها قطعة من ليف النخيل في فتحة الركوتين وتسكب القهوة بعدها من خلال الليف في الركوة الحاوية على الهيل وتكون جاهزة للتقديم. ويستطرد غوري: في نجد تسكب القهوة دائما باليد اليمنى ويعتقدون أنه يدل على جهل غريب عندما تسكب في أقطار عربية أخرى باليد اليسرى -تملأ الفناجين إلى ربعها والساكب ينتظر الشارب لكي يفرغ فنجاله قبل المتابعة إلى الضيف التالي ويفضل المتدينون أحيانا القهوة المصنوعة من القشور بدلا من حب البن لأن القهوة القوية كما يعتقدون منبهة وحكمها حكم المحرم من المشروبات. ولاحظ غوري أن الطعام في القصر يقدم حال ذاك بشكل اعتيادي على طاولة لكن في معظم البيوت الأخرى وفي المخيمات يقدم الطعام دائما بالطريقة التقليدية والضيوف يركعون حول دكة دائرية توضع عليها كومة من الأرز الذي يتصاعد منه البخار يعلوه لحم الغنم النجدي اللذيذ أما تحت الدكة وحولها فتوضع غالبا أطباق صغيرة من الحلويات وكرات من الحشوات الجميلة وسلطات صحراوية من أنواع مختلفة حسب التوافر. فلو أن قافلة وصلت من الشمال قد توجد حلويات دمشقية وتوجد أحيانا فواكه نجدية مثل التمر المشمش والتوت إذ ينضج المشمش في الربيع وفي الوديان الشمالية تحدث في هذا الفصل هجرة الطيور الصغيرة الصفراء العنق التي تأكل الثمرة إذا لم ينقذها العرب من العصافير بتجنيد الفتيان لطردها أو اصطيادها مشيرا إلى أن الطيور التي يتم اصطيادها في هذا الوقت يكون لها مذاق طعم الفاكهة التي أكلتها مثل عصافير التين السورية التي يكون لها طعم التين في أيلول. قبل الوجبة لاحظ أن أحد الخدم يقوم بصب الماء من إبريق فوق أصابع اليد اليمنى للضيف والتي تستعمل وحدها للأكل قبل أن يدعو المضيف ضيوفه لبدء وجبتهم قائلا بلطف سمو بالله مشيرا إلى أن الحديث ليس مستحبا عند العرب على الطعام أما بين الشيوخ فيسمع أحيانا بعض المحادثات الخفيفة على الأقل في نهاية الوجبة منوها إلى أن المضيف لا يشارك ضيوفه ومن الصعوبة إقناعه إلا نادرا حيث يبقى جالسا إلى أن ينهض آخر ضيف فيما يبقى مستمرا في تشجيع ضيوفه لالتهام مزيدا من الأكل عندما ينهضون واحدا تلو الآخر حسب ترتيب شبعهم يقولون بارك الله لكم أو إحدى العبارات المشابهة. تسكب القهوة دائما باليد اليمنى إيقاع النجر يبهج محبي القهوة إبريق غسيل للضيوف