كانت رحلة البريطاني غوري ومواطنه الوزير اندروا قدوماً من البحرين صوب بر جزيرة العرب وتحديداً إلى العاصمة لمقابلة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- عام 1935م، تقترب من نهايتها عندما خلع رجال الطاقم قمصانهم المبللة بالرذاذ ونشروها لتجف وخلف هذا الغطاء شاهد غوري اثنين منهم يدخنان خلسة متجاوزين القوانين المتشددة للجزيرة العربية الوسطى بحظر التدخين وشرب الكحول ويبدو أن البحارة العرب كما يقول غوري مثل البحارة الآخرون يميلون إلى إن يمنحوا أنفسهم تساهلًا معيناً، هنا وهناك كتوازن ضد الحياة وفي نقاط أخرى تلامس قسوة غير معروفه لمعظم أبناء جلدتهم من سكان البر وقد أشارا لأعضاء الرحلة وهما يركعان قرب الحاجز الخشبي إلى نقاط العلام الأرضية والرؤوس البحرية والضفاف الرملية وهما يشرحان كيف شقا طريقهما عبر الأقنية المتشابكة للبحر الضحل وعلموا مدخل المرفأ بالعصى الطويلة. وفي هذه الأثناء نصحهم مالك السفينة عبدالعزيز القصيبي بأن يرتدوا ملابسهم العربية التي كانت آنذاك إلزامية لكل الأجانب الذين يدخلون وسط الجزيرة العربية، وعند وصولهم إلى جانب رصيف الميناء كان الوزير اندرو باللباس الكامل يبدو كأحد الوجهاء العرب إذ كان لديه جلابية صوفية دمشقية رمادية اللون وعباءة بنية من وبر الإبل ذات حاشية من خيوط الذهب، وكان يعتمر عصابة رأس صوفية سوداء ومحرمة كشميري قشدية من أجل السهرة ومناسبات الشعائر وكان يرتدي أيضاً عباءة أكثر دكنةً وقناعاً وجهياً (لفحة) ذات نسيج من خيوط الذهب وشرابات من بغداد وقلنسوة ذات خيط من الذهب ومحرمة قطنية أخرى بيضاء كان عليها بعض التطريز هذه المحارم القطنية تطرز في مكة والتصميم المفضل عادة هو على شكل زهرة، وفي الأعوام الأخيرة باتت الدماء العربية الفتية تزهو بأن تطرز عليها صور السيارات أو الطائرات. استقبلهم وجهاء العقير وعلى رأسهم الأمير أو الحاكم وهو بدوي أبيض اللحية ذو مظهر مميز وعصى الإبل في يده، وكان يرافقه ممثل الملك موظف شاب من مكتب الخارجية اسمه توفيق حمزه شقيق فؤاد حمزة الذي كان عضواً كبيراً في حاشية الملك وأصبح فيما بعد سفيراً في باريس العقير وتلفظ غالباً العجير كما يقول غوري في كتابه رحلة إلى الجزيرة العربية هي الآن ميناء اعتادت القوافل من الجزيرة العربية الجنوبية أن تنقل إليه أحمالها من البخور و البضائع الأخرى إلى السفن المتجهة صوب بلاد الرافدين أو إلى مناخات الإبل المتجهة إلى البتراء ويبلغ عدد سكانها نحو 500 نسمة فقط، لكن توجد بعض الاستحكامات التي قد تغطي آثار مدينة قديمة ويمضي إلى أن ياقوت الحموي ذكر في القرن الثامن عشر أن الشيخ إبراهيم بن عربي حاكم الجزيرة العربية الوسطى من اليمامة في ظل خليفة دمشق الأموي قد دفن هنا ويتكلم من قبره لكنه لم يعد يشاهد الأبنية الضخمة. وهي فقط الآن حظيرة للجمارك الجديدة والحصن القديم والميناء الرئيس على الساحل الشرقي لشبه الجزيرة العربية حيث تدر للدولة نحو 60 ألف جنيه في السنة رسوماً للجمارك بواقع 08 %. عند نزولهم كان عليهم أن يشقوا طريقهم بين مئات من إبل البدو والقوافل المنتظرة والقادمة من أجل توزيع ونقل البضائع كان رجال القوافل -كما يصفهم- رجالاً رائعين غليظي المظهر قمصانهم مشمرة إلى الأعلى ومنديل مهترئ يحجب النصف فقط من خصلات شعرهم ويوجد خنجر على الخصر وعصي الإبل - القصبة النحيلة الطويلة التي يضربون بها رقبه الدابة لسوقها وهي دائماً تفتل في أيديهم وكان الأكثر رزانة والأحسن لباساً وشعورهم مصففة كانوا رجال القبائل الأبعد إلى الشمال، إذ يمكن للعرب عادة أن يميزوا إلى أي من هذه القبائل ينتمي الرجل ومن غير المفيد أن يسال الغريب لأن التقاليد تحظر الإجابة على مثل هذا السؤال، دعاهم الأمير إلى تناول الشربات والقهوة وفناجين صغيره من الشاي جلسوا في ديوانه وهو غرفه عليا من الحصن تطل على المرفأ ورأس الحد.. (يتبع).. قوافل الإبل تنقل البضائع الخنجر لا يفارق الخصر العقير أول ميناء بحري في المملكة سعود المطيري