من المؤكد أننا فرحنا كثيرًا بتأهل المنتخب السعودي الأول لكرة القدم إلى نهائيات كأس العالم 2026 وعشنا لحظات الفخر والفرح للمرة السابعة في تاريخ مشاركاتنا المونديالية، وهو إنجاز كبير يضاف إلى سجل الكرة السعودية المضيء، ويؤكد أن المنتخب ما زال حاضرًا في المشهد القاري والعالمي رغم كل التحديات، وزاد هذا التأهل بهجة كونه جاء من أمام منتخب العراق الذي أشعل المنافسة خارج المستطيل الأخضر، وأضفى طابع الندية والإثارة على مشوار التصفيات قبل أن يفقد بطاقة التأهل في المنعطف الأخير. لكن وبينما نستمتع بهذه الأفراح المشروعة والتبريكات المتواصلة يجب أن نقف قليلًا ونعيد النظر في الطريق الذي سلكناه نحو هذا التأهل الصعب، لأنه رغم جمال النتيجة إلا أن الرحلة لم تكن سهلة أبدًا بل كانت مليئة بالمطبات الفنية والإدارية والنفسية، وصلنا نعم لكن بصعوبة وبأداء لا يعكس تمامًا إمكانيات الكرة السعودية ولا طموحات جماهيرها الكبيرة. المنتخب السعودي في هذه التصفيات لم يكن في أفضل حالاته، وكان واضحًا أنه يعرج، كما يقال إذ واجه فترات من التذبذب في المستوى وفقدان الهوية الفنية، نعم بدأ في التعافي خلال الجولات الأخيرة وقدم لمحات من الروح والرغبة لكنه لم يتشاف تمامًا بعد، وما زال يحتاج إلى عمل كبير على المستوى الفني والبدني والنفسي قبل دخول المونديال المقبل. مباريات مثل العراق وإندونيسيا رغم الفوز والتأهل كانت مؤشرًا على وجود خلل في التوازن العام للفريق فالفوز بنتيجة ثلاثة اثنين والتعادل في لقاء، آخر ليست نتائج مريحة ولا مطمئنة أمام منتخبات ليست من الصف الأول في آسيا حاليًا، هذا يعني أن أمامنا عملًا ضخمًا إذا أردنا أن نكون جاهزين لمواجهة كبار العالم في أمريكا وكندا والمكسيك. وهنا يأتي دور صناع القرار في الاتحاد السعودي لكرة القدم والجهات المسؤولة عن المنتخبات الوطنية، فالمطلوب الآن أن نغلق صفحة الأفراح ونفتح صفحة العمل وأن نبدأ الاستعداد الفعلي للمونديال دون تكرار أخطاء الماضي لا نريد أن نكرر تجاربنا التي كانت مليئة بالمجاملات والمجازفات في الاختيارات والقرارات نحتاج إلى الواقعية إلى النقد البناء إلى غربلة شجاعة وشاملة لكل ما يمكن أن يعيق المنتخب عن بلوغ هدفه الحقيقي المنافسة الشريفة وتقديم صورة مشرفة للكرة السعودية. أما المدرب الفرنسي هيرفي رينارد فقد قدم ما يمكن وصفه بالعمل الإيجابي في وقت وجيز وبظروف صعبة سواء على صعيد الإصابات أو غياب الاستقرار في بعض المراكز أو حتى الضغوط الإعلامية والجماهيرية كل ذلك يشفع له أن يمنح الثقة والفرصة الكاملة للاستمرار في بناء المنتخب وتطويره فالاستقرار الفني هو أول مفاتيح النجاح بشرط أن يتاح له الوقت والبيئة المثالية لإعداد المنتخب على الوجه الأكمل. اشتقنا أن نرى منتخبنا لا يكتفي بالتأهل بل يذهب بعيدًا يتأهل من المجموعات ويخوض الأدوار الإقصائية ويصنع الفارق أمام كبار العالم، اشتقنا أن نرفع رأسنا عاليًا ونحن نشاهد الأخضر بين صفوة المنتخبات العالمية ، ينافس لا ليشارك فقط بل ليصنع إنجازًا يليق بتاريخ المملكة ومكانتها الرياضية. لقد وصلنا بصعوبة نعم لكننا نملك ما يؤهلنا لأن نصل بقوة في المرة القادمة، فقط إن تعلمنا من أخطائنا وأخلصنا في عملنا ووحدنا هدفنا خلف راية الوطن. سعود الضحوك