تمثل العاصمة الرياض واحدة من أسرع المدن نمواً في العالم، ما يضع أمانتها أمام مسؤولية جسيمة لتطوير منظومة العمل البلدي ومواكبة هذا التسارع. واستجابةً لهذا التحدي، وبمباركة ودعم من القيادة، أطلق سمو الأمير الدكتور فيصل بن عبدالعزيز بن عياف أمين منطقة الرياض، برنامج «تحول الرياض البلدي» الذي يُشكّل نقلة نوعية في فلسفة الخدمات البلدية، معتمداً على استراتيجية واضحة تقوم على اللامركزية وتقريب الخدمات من المواطن عبر مراكز «مدينتي». وانطلاقاً من التموضع الاستراتيجي القائم على مفهوم اللامركزية، أعادت أمانة منطقة الرياض تعريف منظومتها الداخلية لإنشاء هيكل تنظيمي أكثر كفاءة وفعالية. ويتكون هذا الهيكل من ثلاثة مستويات متكاملة: المستوى الاستراتيجي والإشرافي: ويمثله وكالات الأعمال في الأمانة، الذي يضع الخطط العليا ويشرف على تنفيذها.. المستوى التشغيلي: وتمثله القطاعات التشغيلية الخمسة المكلفة بالإشراف على تشغيل نطاقات جغرافية محددة في المدينة، بعد دمج 16 بلدية فرعية سابقة فيها.. المستوى التمثيلي: وتمثله مكاتب «مدينتي»، التي تُعد الواجهة الجديدة للأمانة مع المجتمع، وتمثل نقطة التفاعل الأولى مع المستفيدين. هذا التحول الهيكلي لا يهدف فقط إلى رفع الكفاءة التشغيلية، بل إلى خلق منظومة مرنة قادرة على الاستجابة السريعة لاحتياجات كل حي على حدة، بما يتناسب مع خصوصيته الجغرافية والديموغرافية. حيث تمثل مكاتب «مدينتي» القلب النابض لبرنامج التحول، حيث تجسد الدور المجتمعي الجديد للأمانة. فهي ليست مجرد مكاتب لتلقي البلاغات، بل منصات متكاملة للتفاعل مع السكان تعكس رؤية الأمانة في أن تكون «أمانة رائدة لمدينة مزدهرة ومستدامة ترتقي بجودة الحياة». وتترجم هذه المكاتب رسالة الأمانة عبر: تقديم خدمات عملاء متميزة، تكون سهلة الوصول وسريعة الاستجابة.. تنفيذ أنشطة المشاركة المجتمعية التي تعزز انتماء السكان وتشركهم في صناعة القرار.. تعزيز تجربة المستفيد وجعلها أكثر سلاسة وإرضاءً، من خلال القرب الجغرافي والمؤسسي. لا يمكن لأي تحول هيكلي أن ينجح دون بناء رأسمال بشري متميز. وقد أظهرت الأمانة وعياً عميقاً بهذا المبدأ، حيث سعت إلى تحفيز منسوبيها وغرس ثقافة التميز والإبداع بينهم. وتجسد ذلك في إطلاق «جائزة الأمين للتميز والإبداع» التي وصل عدد المشاركين في دورتها الثانية إلى 535 مشاركاً، وتكريم 39 فائزاً في مسارات مختلفة مثل «التميز الوظيفي» و»المبادرات النوعية» و»خدمة المستفيدين».. وأكد سمو أمين منطقة الرياض أن هذا الحراك التنافسي يؤكد وجود «أعداد كبيرة من المتميزين» ويخلق بيئة عمل محفزة على الابتكار وخدمة سكان المدينة. يأتي برنامج «تحول الرياض البلدي» تماشياً مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، واستجابة للدعم السخي الذي تلقاه من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظهما الله-. وهو يمثل حلقة في سلسلة من الجهود التطويرية التي تشهدها العاصمة، والتي تهدف إلى تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية الحضرية المستدامة. وقد عبرت الأمانة عن طموحها أن يسهم هذا البرنامج في تحسين جودة الحياة، ومراعاة احتياجات كل حي، وتحقيق استجابة فعلية وسريعة، وإتاحة مشاركة مجتمعية نشطة تبنى مجتمعاً حضرياً متفاعلاً ومتكاملاً. برنامج «تحول الرياض البلدي» ليس مجرد إعادة هيكلة إدارية، بل هو نقلة حضارية شاملة في فكر العمل البلدي. فهو يجمع بين الحوكمة الإستراتيجية من خلال الدعم الحكومي الراقي، والكفاءة التشغيلية عبر هيكلة اللامركزية، والتواصل الإنساني الفعّال عبر مراكز «مدينتي»، هذا المزيج يجعل من العاصمة الرياض نموذجاً يُحتذى به في بناء مدن المستقبل التي تضع المواطن في صلب اهتماماتها، وتعمل بجد لتحقيق أعلى درجات الرضا له، ما يعكس الصورة المشرفة للمملكة وتطورها في ظل قيادتها الحكيمة.