إدارة أعمال الفنانين ليست مجرد مهنة تقتصر على التعاقدات وتنظيم الحفلات كما يعتقد البعض فهناك فرق ما بين مدير أعمال الفنانين والمنسق، إدارة أعمال الفنانين هي عملية متكاملة تحمل أبعاداً فلسفية، تجمع بين الجانب العملي والبعد الإنساني والجمالي للفن. من الناحية الفلسفية، تمثل إدارة الأعمال جسرًا بين عالمين: عالم الإبداع الحر الذي ينتمي إلى الفنان، وعالم السوق الذي تفرضه الاعتبارات الاقتصادية والعملية، تعد هذه الموازنة ليست سهلة؛ فهي تتطلب رؤية عميقة تحافظ على خصوصية الفنان ورسالة فنه، وفي الوقت نفسه تضمن استمرارية حضوره في الساحة الفنية. مدير الأعمال لا ينظر إليه هنا كوسيط تجاري فحسب، بل باعتباره حارساً للمعنى، يوجه مسيرة الفنان وفق رؤية تحفظ له مكانته في الوعي الثقافي والاجتماعي. فهو يساهم في رسم الصورة الذهنية للفنان أمام الجمهور، ويحدد طبيعة حضوره، ليس فقط في اللحظة الراهنة، بل أيضاً في ذاكرة المستقبل. إن كل قرار إداري مرتبط بالفنان، من اختيار توقيت الحفل، إلى طريقة ظهوره إعلامياً، كما أنه جوهره قرار جمالي وثقافي يؤثر في كيفية استقبال الجمهور للفن، وفي الدور الذي سيؤديه الفنان داخل المجتمع. وعليه، فإن إدارة أعمال الفنانين، يمكن اعتبارها رسالة تهدف إلى حماية الأثر الفني، وتخليد الجمال، وضمان توازن الفنان بين لحظة الحاضر وامتداد الخلود. نجاح مدير الأعمال يقاس بقدرته على حماية جوهر الفنان دون أن يعزله عن جمهوره، وعلى صياغة قرارات عملية تتكئ على رؤية ثقافية واضحة، حيث ما غابت الفلسفة عن الإدارة، تحوّل الفن إلى منتجٍ عابر؛ وحينما حضرت، صار أثراً يبقى. ولتوضيح الفرق بين مدير أعمال الفنانين والمنسق: مدير أعمال الفنانين هو العقل المدبر، يضع الاستراتيجيات والرؤية والخطط، ومن مهامة الرئيسة التفاوض على العقود، واختيار الأعمال والتعاونات والتخطيط للمسيرة الفنية وبناء هوية الفنان، كذلك إدارة العلاقات العامة والإعلام، ويعد حلقة الوصل بين الفنان والعالم الخارجي، وصاحب القرار، ومن أهدافه نجاح مستدام للفنان ومسيرة منظمة. كما أن المنسق يعد الجندي الميداني الذي يطبق ويهتم بكافة التفاصيل، ومن الأعمال الرئيسة له: ترتيب المواعيد اليومية، كذلك إنهاء جميع الأعمال اللوجستية، أيضاً التواصل مع المنظمين والفنيين خلف الكواليس، ويعمل تحت إشراف مدير أعمال الفنانين، ومن أساسيات العمل هي راحة الفنان وترتيب أعماله اليومية بدون فوضى، حيث إن إدارة أعمال الفنانين، في جوهرها، ليست أداة للربح فقط بل مسؤولية ثقافية تضمن للفن أن يعيش، وللجمهور أن يتذوقه في أبهى صورة، كما أنها حماية وصناعة أثر، يوازن بين واقع السوق وروح الجمال، ليبقى صوت الفنان حياً في ذاكرة الزمن. * مدير الأعمال