شهد مؤتمر الاستثمار الثقافي في الرياض حضوراً لافتاً لشركة حِرف السعودية التي عرضت من خلال جناحها مجموعة واسعة من المنتجات الحرفية التي جمعت بين روح التراث وأسلوب العصر، ما عكس الدور المتنامي للشركة في تمكين الحرفيين المحليين وتعزيز الصناعات اليدوية كرافد اقتصادي وثقافي للمملكة. وقد شكل الجناح منصة للتعريف بجهود الشركة في تحويل الحرف إلى منتجات قابلة للتسويق محلياً وعالمياً، وهو ما استقطب أنظار المستثمرين والمهتمين بالقطاع الثقافي. وفي كلمته خلال إحدى جلسات المؤتمر، أوضح إبراهيم الناصر الرئيس التنفيذي لشركة حِرف السعودية أن القطاعين الثقافي والسياحي يُعدان من الأسرع نمواً على مستوى العالم، مشيراً إلى أن المملكة استقبلت خلال العام الماضي ما يقارب 6.5 ملايين زائر عبر المواقع التراثية، فيما سجلت الفنادق التراثية نمواً بنسبة 60 % خلال عام واحد. وأكد أن تعزيز مكانة المنتجات الحرفية يعتمد على دمجها في قطاع الضيافة عبر تصميم الفنادق وتجارب النزلاء ومنافذ البيع بالتجزئة، مبيناً أن الأداء المالي للقطاع يرتكز على ثلاثة عناصر أساسية تتمثل في زيادة إنفاق الضيف، وإطالة فترة إقامته، ورفع إيرادات متاجر التجزئة. وأضاف أن الحرف اليدوية لم تعد مجرد منتجات إبداعية، بل أصبحت قيمة مضافة ترفع من معدلات الحجوزات وتكرار الزيارات، وتسهم في خلق فرص دخل مستدامة لكل من الفنادق والحرفيين على حد سواء. وكشف أن الشركة تعاونت خلال الربع الثالث من العام الجاري مع أكثر من 600 حرفي سعودي، ما أسهم في رفع منتجاتها من 200 إلى أكثر من 900 منتج خلال فترة ثلاثة أشهر، الأمر الذي مكّنها من بناء شراكات مع جهات حكومية وخاصة ومنظمات غير ربحية. وفي إطار متصل، أعلنت هيئة الأزياء خلال المؤتمر إطلاق ورقتها البحثية بعنوان "اقتصاديات الحرف في الأزياء: كيف تعيد الحرف اليدوية تشكيل اقتصاد الأزياء العالمي"، في خطوة تتماشى مع إعلان وزارة الثقافة عام 2025 عاماً للحرف اليدوية. وتهدف الورقة إلى إبراز التفاعل بين الحرف التقليدية وصناعة الأزياء المعاصرة، مؤكدة أن الحرف اليدوية أصبحت ركيزة أساسية في ممارسات الأزياء المستدامة ونماذج الإنتاج المحلي، إلى جانب تزايد الطلب العالمي على المنتجات الأصيلة. وقدّرت الورقة حجم قطاع الحرف اليدوية في المملكة بنحو 405 ملايين دولار، تشكل الحرف المحلية منها نسبة 20%، فيما تجاوز عدد المسجلين في منصة "أبدع" التابعة لهيئة التراث خمسة آلاف حرفي وحرفية، مع إنتاج أكثر من 4,400 منتج لصالح الفنادق وشركات الطيران وقنوات البيع بالتجزئة، لافتة إلى أن النساء يشكلن النسبة الأكبر من الحرفيين، بما يعكس الدور الشامل للقطاع في تمكين المجتمعات وتعزيز فرصها الاقتصادية.