يعتبر التطوع الثقافي هو أحد أهم أشكال العمل التطوعي الذي يشجع على الابتكار والإبداع، واستثمار الطاقة الإبداعية عند المهتمين، كما يركز على دعم ونشر الثقافة والأدب والفنون داخل المجتمع، سواء من خلال مبادرات فردية أو جماعية تسهم في تجديد مفاهيم الجمال والنور والرقي والوعي والابتكار الثقافي، وتعزيز الهوية الثقافية، وإتاحة المعرفة الناضجة للجميع، وتشجيع التفاعل بين الأفراد والفئات المتنوعة. تكمن أهمية التطوع الثقافي في الحفاظ على الهوية الثقافية، ومن المعلوم أن الثقافة والأدب والفنون ليست ترف، بل هي قوى فاعلة في بناء الوعي الثقافي، ورسم المستقبل، ومن أهم عناصر أساسيات تكوين المجتمعات، وأن العمل التطوعي في هذا المجال يساعد على تعزيز الهوية الثقافية المحلية ومواجهة الآثار السلبية للانفتاح الكوني عموماً الذي قد يؤدي إلى إلغاء الخصوصيات الثقافية. قد يتساءل البعض ما هو أثر التطوع الثقافي على المجتمع؟ وهو من المعلوم أن التطوع في المجال الثقافي من أهم أدوات التنمية المجتمعية، وتعزيز الهوية الثقافية، ويرتقي بالواقع الثقافي داخل المجتمع ويجعلها نمط حياة، ويحقق التكافل الاجتماعي، ويمتد أثاره إلى مجالات كثيرة . إن التطوع الثقافي يشجع على الإبداع والابتكار، ويساهم في تعزيز الهوية الثقافية، ونشر الوعي الثقافي، وحث أفراد المجتمع وتشجيعهم على القراءة والكتابة، من خلال تأسيس الأندية الأدبية والثقافية، وإقامة اللقاءات الثقافية والورش، ومعارض الكتب وغيرها. كذلك يسهم التطوع الثقافي في حفظ التراث وتوثيقه بأعلى المعايير، والتعريف به، من خلال إقامات فعاليات ولقاءات، وورش عمل للمساهمة والعمل على ترميم المواقع التاريخية، أو التعريف بها للناس بشكل فعال ومؤثر حتى يتوارث ذلك الأجيال، والمملكة العربية السعودية غنية بالتراث العريق على مستوى 13 منطقة، وهناك جهود عظيمة مبذولة رسمية. كما أن التطوع الثقافي سوف يمنح مساحة أكبر للمواهب وأصحاب الهويات للالتقاء والاستكشاف، وتبادل الخبرات الثقافية والفنية وتقديم مشاريعهم وأعمالهم، وهذا مما يشجعها على العطاء، وتقديم ما هو مفيد ومثمر ويخدم الرؤية، ومما يعزز لبيئة الابتكار والإبداع وخلق العقول الاستثنائية. إن التطوع في المجال الثقافي يعزز روح فريق العمل الواحد، بعيداً عن أي تنافس لا يخدم إيجاباً، وهذا مما يعزز جودة العلاقات، والقيم الاجتماعية، ويعزز من معاني جودة الحياة والارتقاء بالإنسان نحو الجمال والخير والعلم. من حسنات التطوع في المجال الثقافي، أنه يبني القدرات والمهارات، وينمي الذكاء الاجتماعي والعاطفي، ويعزز الثقة بالنفس، ويٌكسب الخبرة الثقافية، والعمل المشترك، والرؤية والتخطيط، وإدارة الفعاليات الثقافية. كما أن التطوع الثقافي من أثآره تعزيز المكانة والسمعة الحسنة وهي قوة ناعمة، والتعريف بالمعالم الثقافية، ووسيلة جذب لرواد السياحة الثقافية من داخل المملكة وخارجها. والجدير بالذكر أن رؤية المملكة 2030 تنص على أن الثقافة " من مقومات جودة الحياة"، ووزارة الثقافة تعمل مشكورة على تجديد وتنشيط الحراك الثقافي والأدبي والفني، وتشجيع المواهب السعودية ودعمها، وتقف الوزارة سنداً لهم، وتعزز من قيمة الاعتزاز بثقافتنا العظيمة وتاريخنا وتاريخ أرضنا. خلاصة القول؛ إن التطوع الثقافي جزء لا يتجزأ من رؤية المملكة2030، وهو إحدى أهم الوسائل التي تسهم في نشر الثقافة والابتكار والجمال والرقي، وتعزيز القيم الإنسانية وحفظ التراث وأكثر، وبناء مجتمعات أكثر وعياً وارتباطاً بهويتها الوطنية. ومع تزايد الاهتمام العالمي بهذا المجال، أصبح من الضروري قياس أثر فاعلية نظام العمل التطوع وكل ما يتصل بذلك من الأنظمة، و يعزز من ثقافة العمل التطوعي في المشروعات الثقافية لضمان استمراريتها وتأثيرها الإيجابي على المجتمع. *كاتب ومؤسس صالون نُبل الثقافي منصور بن عمر الزغيبي