روابط الدين والاقتصاد أساس التكامل الخليجي الملك عبدالعزيز وصناعة العمق الاستراتيجي في الخليج العربي الخليج العربي روح واحدة تجسدت في مشروع سعودي رائد من الجذور التاريخية إلى مجلس التعاون مسار الوحدة الخليجية قطر والمملكة.. مراسلات الأخوة وجذور التاريخ المشترك من المعاهدات إلى النفط مسار ترابط سياسي واقتصادي متين في مطلع القرن العشرين، حين كانت الجزيرة العربية تموج بالتحولات وتتهيأ لصياغة فصل جديد من تاريخها، بزغ اسم الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود باعتباره قائدًا فذًّا حمل على عاتقه مهمة استعادة الرياض، ثم توحيد أقاليم مترامية الأطراف تحت راية واحدة. لم يكن هذا المشروع العظيم محصورًا في الداخل السعودي فحسب، بل ارتبط ارتباطًا وثيقًا بمحيطه الخليجي، إذ أدرك المؤسس منذ وقت مبكر أن نجاح مشروع التوحيد يحتاج إلى عمق استراتيجي تتجلى ملامحه في بناء جسور قوية مع جيرانه من المشيخات والسلطنات الخليجية التي كانت آنذاك تحت الحماية البريطانية. في زمن الملك عبدالعزيز لم تكن دول الخليج العربية قد تأسست بشكلها الحديث المعروف اليوم. بل كانت عبارة عن مشيخات وإمارات وسلطنات، ومعظمها كان تحت النفوذ أو الحماية البريطانية. البحرين: كانت إمارة يحكمها آل خليفة، تحت الحماية البريطانية منذ أواخر القرن التاسع عشر. الكويت: كانت مشيخة يحكمها آل الصباح، واعترفت بريطانيا بها ككيان مستقل عن الدولة العثمانية في معاهدة 1899. قطر: كانت تحت حكم آل ثاني، ودخلت في اتفاقيات حماية مع بريطانيا منذ 1916م. الإمارات (الساحل المتصالح آنذاك): لم تكن دولة الإمارات بعد، بل مجموعة مشيخات (أبو ظبي، دبي، الشارقة، رأس الخيمة...)، جميعها ارتبطت باتفاقيات حماية مع بريطانيا (منذ 1820 حتى 1892م). عُمان: كانت سلطنة قائمة بالفعل، يحكمها سلاطين البوسعيد، لكنها تأثرت هي الأخرى بالنفوذ البريطاني في شؤونها البحرية. المملكة العربية السعودية: في طور التأسيس والتوحيد بقيادة الملك عبدالعزيز، حتى إعلان المملكة العربية السعودية عام 1932م. الملك عبدالعزيز تعامل مع شيوخ وأمراء هذه الكيانات مباشرة، وكانت علاقاته معهم ذات طابع شخصي وسياسي في آن واحد. فكرة "دول الخليج" ككتلة سياسية مستقلة لم تتبلور إلا لاحقًا، خصوصًا بعد الاستقلالات في الستينات والسبعينات. لقد عاشت المنطقة في تلك الفترة حالة من السيولة السياسية، حيث كانت القوى الاستعمارية الكبرى، وفي مقدمتها بريطانيا، ترسم خطوط النفوذ على سواحل الخليج. ومع ذلك، سعى الملك عبدالعزيز إلى أن تكون علاقته مع هذه الكيانات الخليجية علاقة أخوّة وتفاهم، لا علاقة صراع أو تبعية. كان ينظر إلى البحرين والكويت وقطر ومشيخات الساحل المتصالح (الإمارات لاحقًا) وعُمان بوصفها امتدادًا طبيعيًا لجزيرة العرب، يتشارك أهلها مع السعوديين في الدين والعادات والقبائل والتجارة، وأن أي مشروع للوحدة الداخلية لا يكتمل إلا بتثبيت دعائم هذه الروابط. وكانت البحرين، في قلب تلك الرؤية، أولى محطات علاقاته الخليجية. فقد أقام فيها الملك عبدالعزيز طفلًا مع والده الإمام عبدالرحمن بعد خروجهم من الرياض عام 1891م، ونشأ في كنف الشيخ عيسى بن علي آل خليفة، حيث تشرّب معنى الضيافة والوفاء، وعايش كيف يمكن للجوار أن يتحول إلى حاضنة آمنة. تلك التجربة المبكرة عمّقت لديه قناعة بأن البحرين ليست مجرد جار، بل أخ وصديق، وهو ما انعكس لاحقًا حين توطدت المراسلات والزيارات المتبادلة بينه وبين حكامها بعد أن أصبح ملكًا. أما الكويت، فقد شكّلت نموذجًا آخر لهذه السياسة المبكرة. فالمؤسس كان يرى في مشيخة الكويت شريكًا حيويًا، يتقاطع معها في المصالح التجارية، ويتداخل معها عبر القبائل والأسواق البحرية. ولذا حافظ على علاقات متوازنة مع آل الصباح، قائمة على الاحترام وتقدير الجوار، متجاوزًا أي حساسيات قد تثيرها التحالفات الخارجية أو الأوضاع السياسية المعقدة في ذلك الزمن. في قطر ومشيخات الساحل المتصالح (الإمارات لاحقًا)، كانت السياسة ذاتها حاضرة. فقد اتسمت نظرة الملك عبدالعزيز بالبراغماتية الحكيمة؛ فهو لم يسع إلى فرض نفوذه على حسابهم، بل إلى ترسيخ علاقة ودٍ تتيح له المضي في مشروعه التوحيدي من دون أن ينشغل بخلافات جانبية. كانت رسائله ومراسلاته لشيوخ تلك المناطق، وما تضمنته من تهنئة بالمناسبات وتأكيد على روابط الأخوّة، دليلاً على أنه أراد للعلاقة الخليجية أن تُبنى على الاحترام والثقة المتبادلة. وعُمان بدورها احتلت حيزًا مهمًا في رؤية المؤسس. فقد كان يدرك طبيعة موقعها الاستراتيجي على مدخل المحيط الهندي، ويرى في علاقته مع سلاطينها امتدادًا لنهج الاستقرار المطلوب لتأمين الجزيرة العربية من أي تهديدات بحرية أو تجارية. ولم يكن الهدف في تلك المرحلة تحقيق نفوذ سياسي مباشر، بل ضمان علاقة حسن جوار تجعل حدود المملكة الشرقيةوالجنوبية آمنة ومستقرة. لقد جاءت معاهدة دارين عام 1915م لتكون محطة فارقة في رسم معالم هذه السياسة، حيث أكّدت على استقلالية المشيخات الخليجية من جهة، واعترفت بدور الملك عبد العزيز كقوة صاعدة في الجزيرة من جهة أخرى. ثم جاءت معاهدة جدة 1927م لتمنح هذا النهج بعدًا أكبر من الشرعية الدولية، إذ تضمنت التزامات متبادلة بين الملك عبدالعزيز وبريطانيا فيما يخص احترام سيادة البحرين والكويت وبقية مشيخات الخليج. هذه الاتفاقيات لم تكن مجرد وثائق سياسية، بل كانت تعبيرًا عن فلسفة المؤسس في أن التوحيد الداخلي لا ينفصل عن ترسيخ الثقة مع الجيران. اقتصاديًا، كان الملك عبدالعزيز واعيًا بأن التجارة والاقتصاد هما الجسر الأكثر ثباتًا للعلاقات. ففي مرحلة ما قبل النفط، كانت تجارة اللؤلؤ في البحرين والكويت، وتجارة التمور في الأحساء والقطيف، تشكّل شبكة مترابطة عززت وحدة المصير بين ضفتي الخليج. ومع بداية عصر النفط، تعامل المؤسس مع المورد الجديد بوصفه فرصة لتعميق هذه الروابط، لا لإثارة التنافس عليها. فقد اتفق مبكرًا على تكرير جزء من النفط السعودي في البحرين، وأدرك أن التعاون في هذا المجال سيجعل مستقبل المنطقة أكثر استقرارًا. ولم تقتصر الروابط على الاقتصاد والسياسة فحسب، بل امتدت إلى الاجتماع والثقافة. فالمصاهرة بين الأسر الخليجية، وتنقل العلماء وطلبة العلم، وحركة الحج عبر موانئ البحرين والكويت، كلها عوامل نسجت نسيجًا اجتماعيًا متداخلًا جعل فكرة "الخليج الواحد" حقيقة معيشة قبل أن تكون شعارًا سياسيًا. كان المؤسس يرى في هذا النسيج قوة معنوية تُسند مشروعه التوحيدي، وتمنحه بعدًا أوسع يتجاوز حدود الرياض والحجاز إلى كامل محيط الجزيرة. إن قراءة تلك المرحلة تكشف أن الملك عبدالعزيز أسس بنهجه السياسي لعلاقات جوار تقوم على الحكمة، وبنظرته الاقتصادية لشبكات مصالح متبادلة، وبوعيه الاجتماعي لروابط أخوّة لا تنفصم. وهكذا تحوّل مشروع التوحيد الداخلي إلى مشروع أوسع: مشروع وحدة روح الخليج في زمن التأسيس، الذي ما زال صداه حاضرًا في الذاكرة التاريخية لشعوب المنطقة. استضافت الرياض عدداً من الباحثين الخليجيين المتخصصين في التاريخ الحديث، للحديث عن علاقة الملك عبدالعزيز بدول الخليج في فترة التوحيد، مؤكدين أنها أسست لعمق استراتيجي وروابط مصير مشترك. البحرين.. ضيافة آل خليفة وبذور الثقة المتبادلة وجاءت البداية مع البحرين التي شكلت أول محطة وعي المؤسس، حيث عاش مع والده الإمام عبدالرحمن بعد الخروج من الرياض فوجد في كنف آل خليفة معنى الجوار والوفاء، لتتحول هذه التجربة المبكرة إلى نواة علاقة استراتيجية متينة بين المملكتين وبذلك تحدثت د. أسماء بنت خالد بن سلمان/ باحثة في التاريخ وأكاديمية بحرينية: تمثّل العلاقات السعودية البحرينية إحدى أبرز صور العلاقات الخليجية المتينة التي ارتكزت على وحدة التاريخ والجغرافيا والدين واللغة والمصير المشترك. وقد كانت شخصية الملك عبدالعزيز آل سعود (1876 – 1953م) محورية في صياغة هذه العلاقة، فلم تقتصر سياسته على توحيد أقاليم الجزيرة العربية، بل امتدت لتشمل بناء علاقات قوية مع الدول المجاورة، وفي مقدمتها البحرين التي كانت مركزًا مهمًا للتجارة وجسرًا للتواصل الحضاري. ومن هنا تأتي أهمية تسليط الضوء على علاقة الملك عبدالعزيز بالبحرين، بوصفها أنموذجًا للعلاقات السعودية الخليجية التي أسّست فيما بعد للتكامل الإقليمي في مجلس التعاون الخليجي. الجذور التاريخية للعلاقات السعودية البحرينية ترجع جذور العلاقة بين السعودية والبحرين إلى عصور موغلة في القدم، حيث ارتبطت المنطقتان بوحدة جغرافية وسكانية منذ العصور القديمة وما قبل الإسلام. فقد كانت قبائل ربيعة وبكر بن وائل وتميم وغيرها تنتشر بين أقاليم الجزيرة العربية التي كانت البحرين أحدها، وتتنقل بينها بحرية، ممّا جعلها فضاءً واحداً من الناحية القبلية والاجتماعية والاقتصادية. ومع مجيء الإسلام استمر هذا الارتباط، إذ كانت البحرين جزءًا من دائرة الدعوة الإسلامية منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تعززت الروابط عبر موجات التجارة والهجرات والمصاهرة التي ربطت الأسر والقبائل على جانب الخليج العربي. وهذا الأصل والمصير المشترك عزّز شعور الوحدة والانتماء، ورسّخ الروابط بين الأسرتين الحاكمتين والشعبين. الرؤية السياسية المبكرة لآل سعود وفي العصور اللاحقة برزت البحرين في الرؤية السياسية المبكرة لآل سعود، التي ركّزت على الامتداد الجغرافي والاجتماعي علاوةً على الديني والاقتصادي، وقد تجسّدت هذه الصلات في الزيارات المتبادلة بين قادة الأسرتين، مثل زيارة الإمام عبدالرحمن بن فيصل آل سعود (والد الملك عبدالعزيز) للبحرين عام 1876م، ثم زيارته الثانية عام 1891م مصطحبًا ابنه عبدالعزيز، حيث رأى الإمام عبدالرحمن الفيصل البحث عن مأوى مريح لأسرته فنادى ابنه عبدالعزيز وقال له:" امضِ يا بني إلى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة شيخ البحرين وحدّثه بما نحن فيه واستأذنه بالإقامة في جواره"، فتوجه وهو في سن الحادية عشر، فاستقبلهم الشيخ عيسى بن علي آل خليفة وأكرم وفادتهم، فأقام في البحرين عدّة أشهر مع والده ضيفًا على آل خليفة، ووجد منهم كل الترحيب والأمن والحماية. وقد أتاحت له هذه الإقامة اكتساب خبرة مبكرة في شؤون الحكم والعلاقات السياسية، كما توطّدت صداقته بأبناء الشيخ عيسى، وهو ما أسّس لعلاقات مودة وثقة استمرت حتى بعد أن أصبح ملكًا وقائدًا للجزيرة العربية. ومن حلقات هذه العلاقة ما يُروى أن الشيخ عيسى سأل الملك عبد العزيز عندما كان شابًا: "قطر أحسن أم البحرين؟"، فأجاب بثقة: "الرياض أحسن منهما". عندها قال الشيخ عيسى: "سيكون لهذا الغلام شأن"، وهو ما تحقق لاحقًا حين وحّد الملك عبد العزيز المملكة العربية السعودية وأثبتت الأيام صحة فراسة الشيخ عيسى. أما من الناحية الاقتصادية، وقبل اكتشاف النفط، فقد تميّزت البحرين بكونها مركزًا رئيسًا لصيد اللؤلؤ والتجارة البحرية، في المقابل كانت الأحساء والقطيف مصدرًا رئيسًا للتمور والمواشي والحبوب التي يحتاجها المجتمع البحريني، ممّا رسّخ علاقات اقتصادية عميقة. وقد عزّزت المصاهرة والتواصل الاجتماعي هذا التداخل المستمر بين البحرين وشرقيّ الجزيرة العربية. الملك عبدالعزيز وبناء علاقات الجوار مع إعلان توحيد المملكة العربية السعودية عام 1932م، رسّخ الملك عبد العزيز مكانته كقائد إقليمي واسع النفوذ. وبمجرد أن استتب له الحكم في الداخل، التفت إلى علاقات الجوار، وكان ينظر إلى البحرين باعتبارها شريكًا طبيعيًا لا يمكن تجاوزه. فاعتمد سياسة حسن الجوار التي تقوم على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، مع الحرص على ترسيخ روابط الأخوة، وهي سياسة لمسها حكام البحرين بوضوح وأسّست لعلاقة قائمة على الثقة. المراسلات والصلات الشخصية تُظهر الوثائق التاريخية المحفوظة في مركز عيسى الثقافي ودارة الملك عبد العزيز حجم المراسلات المتبادلة بين الملك عبد العزيز والشيخ عيسى بن علي آل خليفة خلال الفترة من 1913 إلى 1927م. حيث اتسمت هذه الرسائل بروح أخوية إلى جانب الطابع الرسمي، إذ تضمنت تبادل التهاني بالمناسبات الدينية والسياسية والاطمئنان على الأهل والأبناء. كان الملك عبد العزيز يخاطب الشيخ عيسى بلقب "الوالد"، في إشارة إلى عمق المودة والاحترام الذي يكنّه له، ما منح العلاقة بُعدًا عائليًا يتجاوز الطابع السياسي. كما عكست المراسلات ثقة الملك عبد العزيز بالشيخ عيسى، إذ كان يستشيره في قضايا تتعلق بأوضاع المنطقة. وفي المقابل، أكّد الشيخ عيسى في رسائله مكانة آل سعود الخاصة لدى آل خليفة. الزيارات المتبادلة إلى جانب المراسلات، شكّلت الزيارات المتبادلة بين الملك عبد العزيز وقادة البحرين محطات مفصلية في تاريخ العلاقات بين البلدين. فقد كانت الزيارة الأولى عام 1891م حين رافق الشاب عبدالعزيز والده الإمام عبدالرحمن إلى البحرين بعد خروجهم من الرياض، ثم جاءت زيارته الثانية عام 1930م بعد أن أصبح ملكًا مؤسسًا، وكانت أول زيارة رسمية له للبحرين، حيث التقى مجددًا بالشيخ عيسى في لقاء مؤثر عبّر فيه كل طرف عن مكانة الآخر، حيث ذكر الشيخ عيسى بن علي والدموع في عينيه:" أموت الآن مطمئنًا بعدما رأيت عبدالعزيز في هذه الحالة". وذلك عند زيارته للبحرين ونزوله بها رغم عدم رغبة وقبول بريطانيا لتحركاته، وكأنه يستحضر ذاكرته حول الشأن الذي تخيله للإمام عبدالعزيز عندما قابله لأول مرة. وقد كانت تلك آخر مرة يلتقيان فيها قبل وفاة الشيخ عيسى عام 1932م. وفي عام 1937م قام ولي العهد الأمير سعود بزيارة رسمية إلى البحرين التقى خلالها بالشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، وحظيت الزيارة باحتفاءٍ رسمي وشعبي واسع. أما الزيارة الكبرى فكانت عام 1939م بدعوة من الشيخ حمد بن عيسى، واستمرت خمسة أيام استُقبل خلالها الملك عبدالعزيز بحفاوة رسمية وشعبية بالغة، وصلّى الجمعة في جامع الفاضل، وزار المنشآت النفطية ومصفاة البترول، وأقيم له حفل استقبال كبير في حديقة الباغشة حضره أعيان البحرين ورجالاتها. وبعد مغادرته أرسل برقية مؤثرة إلى الشيخ حمد عبّر فيها عن امتنانه وعمق روابط الأخوة. العلاقات السياسية والأمنية برزت العلاقات السعودية–البحرينية منذ وقت مبكر على الصعيدين السياسي والأمني، فقد شكّلت معاهدة دارين 1915م محطة أساسية في ترسيم حدود المملكة مع دول الخليج العربي وتأكيد اعتراف الملك عبدالعزيز باستقلالها، بما فيها البحرين، الأمر الذي عزّز الثقة والاستقرار الإقليمي. ثم جاءت معاهدة جدة 1927م لتمنح هذه العلاقة بعدًا أعمق، حيث نصت على اعتراف بريطانيا بالسيادة الكاملة للملك عبدالعزيز على الحجاز ونجد وملحقاتها، وفي الوقت نفسه تعهّد بالحفاظ على علاقات الود والسلم مع البحرين وبقية مشيخات الخليج العربي، الأمر الذي عكس حرصه على ترسيخ سيادة البحرين وتعزيز أمنها، ورسّخ مكانة المملكة كطرفٍ فاعل في حماية استقرار المنطقة. أما على الصعيد الأمني، فقد جاء التنسيق بين البلدين ضرورةً لحماية السواحل وضمان حرية الملاحة، إضافة إلى معالجة الإشكالات الناتجة عن القرب الجغرافي مثل انتقال القبائل والمسائل الحدودية. وقد عولجت هذه القضايا بالحوار والتفاهم المباشر بين الملك عبدالعزيز وحكام البحرين بعيدًا عن التصعيد، ممّا جعل العلاقة بينهما نموذجًا للتعاون السلمي القائم على الحكمة وروح الجوار. كما امتد هذا التعاون إلى الشأن الداخلي، حيث أسهم التنسيق السياسي في احتواء النزاعات القبلية وتعزيز الاستقرار الداخلي، الأمر الذي دعم هيبة الدولة الحديثة ورسّخ مكانتها في الجزيرة العربية. العلاقات الاقتصادية ارتبطت البحرين والسعودية بروابط اقتصادية وثيقة منذ القدم. ومع بداية القرن العشرين ظهرت تحديات مثل "ضرائب الترانزيت" المفروضة على التجارة المارة عبر البحرين، ما دفع الملك عبدالعزيز إلى التفاوض لتخفيفها، وتم التوصل إلى اتفاق جمركي متوازن عام 1935م. ومع اكتشاف النفط في البحرين عام 1932 ثم في السعودية عام 1938م، دخلت العلاقات الاقتصادية مرحلة جديدة غيّرت ملامح الاقتصاد في البلدين. فقد أصبح النفط المورد الأساسي للدخل، ودخلت شركات النفط العالمية المنطقة مما خلق مصالح اقتصادية مشتركة. وفي عام 1936م اتُفق على تكرير جزء من النفط السعودي في مصفاة البحرين، ثم جرى لاحقًا مد خط أنابيب بحري بين الدمام والبحرين عام 1945م، كما قام الملك عبدالعزيز بزيارة البحرين عام 1939م للاطلاع على المنشآت النفطية وبحث سبل التعاون، وهي زيارة عكست إدراكه العميق لأهمية البعد الاقتصادي في العلاقات الثنائية. ولم يقتصر الأثر على الاقتصاد فقط، بل انعكس أيضًا على المجتمع، إذ ازدادت حركة العمالة بين البلدين، فعمل العديد من البحرينيين في شركات النفط السعودية، بينما استفادت البحرين من الخبرات والعمالة القادمة من السعودية. هذا التداخل الاقتصادي أسهم في خلق وعي مشترك بأهمية التعاون لمواجهة تحديات العصر الجديد، ورسّخ دعائم الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. العلاقات الاجتماعية والثقافية امتدت العلاقات بين المجتمعين السعودي والبحريني لتشمل الروابط الاجتماعية والثقافية، فقد عزّزت المصاهرة والأنساب المشتركة شبكة واسعة من العلاقات بين العائلات، وكان التنقل بين البلدين أمرًا طبيعياً للتجارة والعمل والدراسة والإقامة الدائمة. كما لعبت البحرين دورًا محوريًا في حركة الحج، إذ كانت محطة رئيسة للحجاج القادمين من الهند وشرق آسيا قبل انتقالهم إلى الأراضي المقدسة عبر السواحل السعودية. هذا الدور عزّز من ارتباط البحرين الديني بالمملكة التي تحتضن الحرمين الشريفين، ورسّخ العلاقة الروحية بين الشعبين. أما على الصعيد الثقافي والفكري، فقد أسهمت حركة التجارة والتنقل والحج في تبادل واسع للأفكار والعادات، ممّا أسس لوعي خليجي مشترك ووحدة في القيم والمفاهيم. وكان للعلماء وطلبة العلم دور بارز في هذا التبادل، حيث شهدت البحرين حضورًا لعلماء سعوديين، كما كان لعلماء البحرين مشاركات في المجالس العلمية بالحجاز. هذه الحركة الفكرية والدينية رفدت القاعدة الثقافية المشتركة، وعمّقت الروابط الحضارية بين الشعبين. كما شكّل المجال الصحي أحد أوجه التعاون المبكر بين البلدين في عهد الملك عبدالعزيز، وذلك في ظل انتشار بعض الأمراض والأوبئة في منطقة الخليج العربي خلال النصف الأول من القرن العشرين. فقد أظهرت الوثائق التاريخية حرص الملك عبدالعزيز على تقديم الدعم الصحي للبحرين، حيث استُقدمت فرق طبية أجنبية لمعالجة الأوبئة المنتشرة آنذاك، كما جرى تبادل الخبرات الطبية والأدوية بين الجانبين. وقد أسهمت زيارة الأطباء الأمريكيين والبريطانيين للمنطقة في تعزيز هذا التعاون، إذ كان الملك عبدالعزيز يسهّل وصولهم إلى البحرين ويقدم التسهيلات اللازمة لأعمالهم. ويُعد هذا الجانب دليلاً على أن العلاقات بين البلدين لم تقتصر على المجال السياسي والاقتصادي، بل امتدت إلى المجال الإنساني والصحي بما يعكس طبيعة التعاون الشامل بينهما. النتائج والتأثيرات المستقبلية لقد أرسى الملك عبدالعزيز من خلال سياسته المتوازنة نموذجًا في العلاقات الخليجية يقوم على حسن الجوار والاحترام المتبادل. لقد أثبت الملك عبدالعزيز أنّ بناء الدولة السعودية الحديثة لا يعني الانعزال عن محيطها، بل إن قوتها الحقيقية تكمن في توثيق الروابط مع جيرانها. وبفضل هذا النهج تحولت العلاقة السعودية البحرينية إلى علاقة استراتيجية شملت السياسة والأمن والاقتصاد والمجتمع. ومن أبرز نتائج هذه العلاقة ترسيخ الثقة السياسية بين القيادتين، وبناء شراكة اقتصادية متطورة انطلقت من تجارة اللؤلؤ والتمور وتوسعت مع عصر النفط، إضافة إلى تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية التي جعلت الشعبين جزءًا من نسيج واحد. كما وضعت هذه العلاقة أساسًا لفكرة التكامل الخليجي التي ظهرت لاحقًا، إذ كان الملك عبدالعزيز يؤمن بأنْ استقرار الجزيرة العربية والخليج العربي لا يمكن أن يتحقق إلا بالتعاون والتنسيق بين دول المنطقة. وقد مهّدت هذه الرؤية الطريق لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981م، والذي يُعد امتدادًا عمليًا لسياسة الملك المؤسس الحكيمة. إنّ العلاقات السعودية–البحرينية لم تكن عبر التاريخ مجرد علاقة جوار جغرافي، بل جسّدت نموذجًا فريدًا من التكامل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي. فقد أرسى الملك عبد العزيز، بحكمته وبعد نظره، قاعدة متينة لهذه الروابط، لكن ما ميّزها أنها لم تتوقف عند جيله فحسب، بل واصلت مسيرتها وتعززت عبر العقود بفضل حرص القيادتين في البلدين على تمتينها وتطويرها. لقد أثبتت التجربة أنّ مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية هما أكثر من جارتين؛ فهما شعبان يجمعهما التاريخ والهوية والمصير المشترك، وروابط الأخوّة التي تمتد عميقًا في الوجدان. وما تأسس من عهد الملك عبد العزيز أصبح اليوم ركيزة أساسية لعلاقات راسخة تتجدد باستمرار، وتفتح آفاقًا أوسع لمستقبل خليجي أكثر تكاملًا وأمنًا وازدهارًا. الكويت والسعودية علاقة أخوة ممتدة منذ التأسيس مثّلت الكويت محطة مفصلية في مسيرة الملك عبدالعزيز، إذ كانت الحاضنة التي شهدت بدايات مشروعه لاستعادة الرياض وتوحيد الجزيرة العربية. فقد وفرت له أرض الكويت الأمان والملاذ والدعم، وكانت مسرحًا للتواصل مع القبائل والتجار، ما منح المؤسس خبرة سياسية مبكرة وعلاقات متينة مع آل الصباح. ومن هنا، ترسخت العلاقة السعودية–الكويتية منذ البدايات على أسس من الأخوة والجوار والشراكة التاريخية التي ما زالت امتدادها حاضرًا حتى اليوم ذكر ذلك من دولة الكويت الباحث سالم بن بشير السليماني وحديثه عن العلاقات الكويتية السعودية اليوم الوطني السعودي.. هو قصة حلم سبقت الزمن ،وأداة فاعلة ارتقت بالواقع لترسم خطوط مستقبل مشرق بإرادة حقيقية تظهر نتائجها للعيان ،تشهد على ذلك نهضة رؤية المملكة الحالية التي تحققت في فترة وجيزة وسرعة فائقة بعزم ينبذ اللين ويتخطى كلاسيكية الشعارات لينطق بحروف التنفيذ والإنجاز المشهود. إذا استذكرنا زوايا التاريخ والماضي، فإنها مليئة بالأحداث، أحداث لم تأت من فراغ، صُنعت على أيدي رجال عظام فنى جيلهم، لتنعم أجيال أخرى بما صنعوا، ولله سبحانه في كل أمر حكمة. تجمع كتب تاريخ الجزيرة العربية، أن جزيرة العرب مرت بقرون من غلبة الجهل والفرقة والتمزق، إضافة إلى انتشار الخرافات والبدع بين سكانها، إضافة إلى النزاع الشديد بين بلدانها وقبائلها المختلفة. كانت جزيرة العرب إلى عهد قريب، الأمن فيها مفقود، وسبلها غير آمنة، والحروب بين مدنها وقراها وباديتها دائبة الاستمرار، وهكذا تتقلب أحوال أهلها بين جهل وفقر وخوف بحيث يمسي الناس فيها على حال ويصبحون على حال آخر يتسلط فيها القوي على الضعيف، حتى أن قوافل الحج والتجارة التي تمر على أرضها يندر أن تسلم من السلب والنهب، وتفاصيل أحداثها مذكورة في كتب المؤرخين ممن عاصروا تلك الأحداث مثل تاريخ ابن غنام وابن بشر وابن عيسى والبسام وغيرهم من أصحاب الكتب المعروفة وكذلك دواوين الشعر القديمة، حيث جاء بها تفاصيل تلك الفترات التي عانى الناس فيها أقسى حالات التمزق والشتات وعدم الاستقرار، كل ذلك بسبب عدم وجود سلطة مركزية تحقق الاستقرار السياسي والأمني، إلى أن هيأ الله سبحانه وتعالى لهذه البلاد قيادة أسرة آل سعود التي أسسها محمد بن سعود عام 1139ه/1727م، فكانت بذرة خير نمت وأينعت، واستمرت في ذريته بين مد وجزر من الأحداث إلى مجيء عصر الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل -طيب الله ثراه- الذي كان في بادئ أمره ملكا على نجد والحجاز وملحقاتها، ثم قام بجهوده التي ابتدأت باسترداده ملك أجداده بتحرير الرياض عام 1902م، تلاه سعيه لاسترداد حكم الأحساء في عام 1913م، ثم ضم حائل في عام 1921م ثم إقليم عسير في 1922م ثم دخل مكة في ديسمبر عام 1924م ودخل المدينة عام 1925م، وهكذا تم الحلم الذي كان يراود الملك عبدالعزيز ذات يوم وهو توحيد المملكة، وحين تحقق له ذلك بفضل من الله أولا ثم بجهده وجهد المخلصين معه ،أصدر في 23 سبتمبر من عام 1932م المرسوم الملكي رقم 2716 الذي قضى بتحويل اسم الدولة من مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها إلى المملكة العربية السعودية، ومنذ ذلك الحين أصبح هذا التاريخ هو اليوم الوطني لتوحيد المملكة العربية السعودية. وقد صدق ابن عقيل حين قال: كل ناشئ في هذه الجزيرة يلزمه لعبدالعزيز ما هو لازم للأب والمعلم والسلطان والعالم، لأنه حكم الشرع وحرر النفوس من تديّك أمراء القرى ومشايخ القبائل وغطرسة القوي، وأشاع التعليم ومحو الأمية، وهيأ الله له وهيأ لمن خلفه وسائل تضمن الكسب الحلال وسبل الحياة الكريمة الشريفة. ولا شك أن كل ما ننعم به اليوم من رغد ورخاء بفضل الله تعالى، لم يكن يحصل لولا جهود ذلك الرجل الذي قلب موازين المعادلة في جزيرة العرب لتصب لصالح كل فرد من شعوبها، فكيف جاء عبدالعزيز إلى الحكم؟ بعد وفاة الامام فيصل بن تركي عام 1865م، نشب نزاع وشقاق بين ابنيه عبدالله وسعود، تنافسا على الزعامة، وتسبب ذلك في سلسلة من الحروب الطاحنة التي امتدت آثارها السلبية قرابة ثلاثين عاما. آل الحكم سنة 1874م إلى عبدالرحمن الفيصل بعد وفاة أخيه سعود، لكنه بعد شهرين تنازل لأخيه عبدالله بن فيصل بهدف إنهاء الصراع على الحكم، إلا أنه حصلت اضطرابات وفتن وتدخلات خارجية، وبعد انتصار ابن رشيد على اهل القصيم في معركة المليدا عام 1890م، أدرك عبدالرحمن الفيصل انه ليس في قدرته الوقوف في وجه ابن رشيد، فأخرج نساءه وأولاده من الرياض وارتحلوا الى الأحساء، فآثر الرحيل متنقلا بين البادية وقطروالبحرين حتى استقر به المقام في الكويت، وكان انتقاله إلى الكويت في عام 1892م في عهد حاكم الكويت محمد بن صباح، وهنا بدأت علاقة عبدالعزيز المباشرة بالكويت. إذا رجعنا إلى الوراء قليلا للاطلاع على العلاقات الكويتية السعودية، نجد أول ذكر لها في رسالة من أمير الكويت عبدالله الصباح الذي تولى الحكم سنة 1176ه / 1763م، وكان معاصراً للشيخ محمد بن عبدالوهاب أي بداية الدولة السعودية الأولى، وكان بعث برسالة إلى الشيخ ابن عبدالوهاب يسأله عما ينسب إليه فأجابه عن سؤاله، ثم طلب منه أن يفصل الجواب فكتب إليه رسالة مفصلة. وقد طبع الدكتور محمد الشيباني رئيس مركز المخطوطات والوثائق في الكويت كتيبا عنوانه: نص وثائقي نادر عن رسالة جوابية للشيخ محمد بن عبدالوهاب إلى الشيخ عبدالله بن صباح، نشر به نص جواب هذه الرسالة ومحتواه. ابتداء الكويت كبلد عامر منذ أوائل القرن السابع عشر الميلادي 1605، وكان نهج قادتها سياسة حكيمة وطدت العلاقة بين هؤلاء القادة ومواطنيهم، وجنبت العلاقة بينها وبين جيرانها مواطن التوتر بصفة عامة ،كما أن موقعها الجغرافي خلق منها قوة ذات طابع بحري ،وكانت علاقتها مع السعوديين خالية من الشوائب، يستثنى من بعد أن حدثت بعض الإشكالات الخاصة في قضية «السابلة»ثم حلت ودياً فيما بعد بين القيادتين بأسلوب حسن واستمرت هذه الإيجابية إلى زماننا هذا. ولامتلاك الكويت الكثير من السفن التجارية فقد أصبحت منفذ خليجي وسوق يستقطب الكثير من التجار النجديين وغيرهم لشراء ما يحتاجون إليه من بضائع كانت ترد إليها من الهند وغيرها، يؤكد ذلك نزوح بعض الأسر والعوائل والقبائل من نجد إلى الكويت منذ فترات متقدمة لأسباب كثيرة مثل الأوبئة أو القحط أو الحروب أو العمل في التجارة أو الغوص وطلب العيش فقد استقرت في الكويت كثير من هذه الأسر ،وليس أدل على ذلك من أن عرب الكويت -إلا ما ندر منهم- ينتمون إلى اسر وقبائل نجدية الموطن. وعلى المستوى العلمي فتجدر الإشارة هنا إلى أن أول قاضٍ في الكويت هو محمد بن عبدالوهاب بن فيروز من آل بسام الوهبة من أهل أشيقر، وقد توفي في الكويت سنة 1722م. من ناحية أخرى فقد نشر الأستاذ باسم اللوغاني وثيقة تاريخية تعود إلى عام 1802م، ورد بها شراء دكان لولوة بنت محمد القناعي الواقع في الكويت من قبل حمد بن ثاقب آل وطبان ،وأسرة آل وطبان بن ربيعة تجتمع مع آل سعود في جدهم الأعلى مرخان، حيث انتقل وطبان مع أبنائه إلى مدينة الزبير عام 1654م إثر خلاف بينه وأبناء عمومته، ثم انتقل بعض آل الثاقب بعد عقود من الزمن إلى الكويت واستقروا فيها إلى يومنا هذا، ومنهم إبراهيم بن ثاقب آل وطبان الذي تولى الحكم في الزبير مدة أربعة وعشرين عاماً في عام 1798م، ثم تولى الحكم فيها أيضاً ابنه محمد بن إبراهيم الثاقب ،وهو والد لولوة الثاقب التي تزوجها الشيخ صباح بن جابر بن عبدالله الصباح، وأنجب منها أولاده محمد ومبارك وجراح الصباح. حين انتقال ووصول الإمام عبدالرحمن وأسرته إلى الكويت، استقبل أمير الكويت الشيخ محمد الصباح سفنهم في ميناء الكويت، وأوكل إلى زوجته الشيخة مريم حمد الصباح مهمة استقبال زوجة الإمام عبد الرحمن الأميرة سارة السديري -والدة الملك عبدالعزيز- وذلك منتصف نوفمبر 1892م. وحينما علم عبدالله بن حمد بن عبدالرحمن النفيسي الذي كان مقيماً في الكويت للعمل بالتجارة بقدوم الامام عبدالرحمن وأسرته، قام بشراء بيت ابن عامر الذي أقام فيه الملك عبدالرحمن الفيصل فيما بعد وتم تجهيزه لسكن عائلة الإمام عبدالرحمن . وعبدالله النفيسي المذكور من مواليد الرياض 1861م، كان انتقل مع أسرته من بلاد نجد متوجهين إلى الكويت حيث استقروا وذلك في عام 1880م، وامتهن مع أبيه وأخيه محمد تجارة الخيول واللؤلؤ التي كانوا ينقلونها إلى الهند بحراً ويعودون من هناك بمختلف السلع الهندية لبيعها في دكان صغير بالسوق الداخلي. ولهذه الأسرة علاقة قديمة مع آل سعود حيث يذكر أن عبدالرحمن النفيسي (جد المترجم له) كان من خاصة رجالات الإمام فيصل بن تركي بن عبدالله آل سعود، عيّنه أمينا على بيت ماله ،ولما كان الملك عبدالعزيز في الكويت يضع خطط استرداد الرياض سنة 1902م ،كان مجلسه في ديوان حمد النفيسي (والد المترجم له)، بحضور عبدالله النفيسي والأمير عبدالله بن جلوي، وكان ضمن من خرج مع الملك عبدالعزيز من الكويت لهذا الغرض إبراهيم بن عبدالرحمن النفيسي (عم المترجم له وجد الممثل الكويتي المعروف خالد صالح النفيسي). بعد استرداد الرياض، لم ينسَ الملك عبدالعزيز مروءة ودعم النفيسي، فمنحه مهمة تمثيله في الكويت سياسياً وتجارياً دون قيد أو شرط، وظل شاغلاً هذه الوظيفة إلى أن توفي عام 1942م فخلفه ولده الأكبر عبدالعزيز عبدالله النفيسي الذي توفي سنة 1955م فحلّ مكانه ابنه فهد عبدالعزيز النفيسي (حفيد المترجَم له). وعن بيت آل عامر الذي سكنه عبدالرحمن الفيصل وأسرته يقول فرحان الفرحان: «هذه الاسرة آل بن عامر كانت في تأسيس الكويت «تحن وترن» كانت من كبار تجار الخيل في هذه البلاد.. أسرة من هذا النوع لا بد أن يكون عندها منزل يناسبها وموقع مناسب، لهذا كان منزلها ومسكنها في وسط المدينة على مقربة من براحة السبعان وعلى مقربة من سوق الكويت الرئيسي المطل على البحر. قال الفرحان: كان هذا البيت ملاصقاً لبيت عبدالرحمن حسين الزنكي والد حسن وعبدالله وعلي ومبارك وزوجته هميان عيسى الحاي، وأستطيع ان أحدد بيت العامر وهو على مقربة من مسجد البحر». السيدة هميان بنت عيسى بن حيي (1880م-1958م)، زوجة عبدالرحيم حسين زنكي (1847م-1946م)، أرضعت الملك سعود بن عبدالعزيز أثناء وجوده في الكويت مع ولدها علي (1901م-1943م). كان الإمام عبدالرحمن خطب لابنه عبدالعزيز زوجته الأولى شريفة بنت صقر بن شايع الفجري من بني خالد، وذلك في عام 1894م أثناء تواجدهما في الكويت، وقد توفيت بعد مضي سبعة أشهر نتيجة إصابتها بالجدري، وكانت زوجته الثانية هي وضحى بنت محمد بن برغش بن عقاب من آل عريعر التي أنجبت له ابنه البكر تركي، والأمير سعود والأميرة منيرة، رحمهم الله أجمعين. أُزيل بيت ابن عامر أثناء عملية هدم البيوت القديمة في بداية الخمسينات وبناء الأسواق والمجمعات التجارية، وفي عام 2023م، تم تشكيل فريق خاص مهمته إعادة تدشين سكن الإمام عبدالرحمن بن فيصل في «المباركية» ليكون متحفاً تاريخياً يعرض عمق العلاقات بين الكويت والسعودية. أثناء تواجد الملك عبدالعزيز في الكويت، كان رغم حداثة سنه قريبا من الشيخ مبارك الصباح، يشاهد حضور الوفود العرب والأجانب ويستمع إلى النقاشات السياسية، ويلتقي بوفود القبائل من نجد وغيرها، وقد عاصر حادثة قتل مبارك الصباح لأخويه محمد وجراح في عام 1895م واستلامه زمام الحكم، كل هذه الحوادث وغيرها لا بد أنه استفاد منها وهو في عنفوان شبابه. لقد بذل عبدالعزيز الكثير من الجهد والإجهاد في سبيل توحيد بلاده، وتعرض لصنوف مهلكة من الأخطار بشتى أنواعها، لكنه تجاوزها بشجاعته و حنكته وصبره وحسن إدارته، فتم له توحيد البلاد ،فقام بعد ذلك ببناء الدولة وأرسى قواعد تأسيسها ،ولولا الخروج عن مقتضى التقرير ،لأسهبت في ذكر مآثره ونوادره مما اطلعت عليه في الكتب وأقوال الرجال. لما جاء الملك سعود بن عبدالعزيز، كانت علاقته بالكويت أخوية خالصة، وكيف لا تكون كذلك وهو الذي ولد على أرضها، كانت مواقفه أكثر من أن تحصر، وحسب القارئ موقفه من ثورة عبدالكريم قاسم الذي طالب بضم الكويت إلى العراق بعد أن أعلنت استقلالها من بريطانيا سنة 1961م، فأصدر الملك سعود بيانه الذي قال فيه: «أن الكويت والمملكة العربية السعودية بلد واحد وأن ما يمس الكويت يمس السعودية». واستمرت العلاقة الودية بين البلدين أثناء فترة حكم الملك فيصل بن عبدالعزيز (1964م - 1975م)، وقد زار الكويت عام 1968م ضيفا على الشيخ صباح السالم طيب الله ثراهما، واستمر الود والإخاء أيضا فترة حكم الملك خالد بن عبدالعزيز (1975م -1982م) ،وتجلت العلاقة أثناء تعرض الكويت للغزو العراقي سنة 1990م أثناء حكم الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي لعب دوراً فاعلاً في تحرير دولة الكويت، ولا يمكن أن تنسى كلمته المشهورة الخالدة: «الحياة والموت واحد بيننا، بعد ما احتلت الكويت، وبعد ما شاهدت بعيني ماذا جرى للشعب الكويتي، ما في كويت وما في سعودية، في بلد واحد، يا نعيش سوا يا ننتهي سوا، وهذا القرار الذي اتخذته لا يوجد أي سعودي إلا واتفق معي على نفس القرار، يا تبدأ الكويت والسعودية، يا تنتهي الكويت والسعودية». كانت كلماته مؤثرة،وأفعاله مشهودة،احتوى القيادة الكويتية ،وفتح السعوديون قلوبهم قبل بيوتهم لإخوتهم الكويتيين ،فمرت تلك الأزمة الضخمة المؤلمة، بردا وسلاما ،وأضحت أسطورة يحكيها الآباء لأبنائهم حين ينطق لسان الوفاء بذكر الوفاء، لا يمكن لأي كويتي طال الزمن أو قصر أن ينسى موقف السعودية بقيادتها الحكيمة وشعبها الوفي ولا عجب، فهم أهل لكل المكارم وسمو الأخلاق وطيب الأفعال. واستمرت العلاقات من علو إلى علو في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، وكذلك في عهد الملك سلمان وابنه حفظهما الله اللذين أصبحت السعودية في عهدهما متفوقة على تفوق الدول المتقدمة. إن العلاقة بين الكويت والسعودية لا يمكن مقارنتها مع أي علاقة جوار أخرى، وفي ظني أنها في نظر الكويتي والسعودي بلد واحد، تجمعهما علاقة الدين والدم واللسان والعادات، وأختم هذا المقال المقتضب بكلمة للدكتور المؤرخ عبدالله العثيمين -رحمه الله- حيث قال ما نصه: «قادة الكويت أساساً من منطقة نجد، وأن بقية أهلها المنتمون إلى أصول عربية أساساً من هذه المنطقة أيضاً إلا ما ندر، ولذلك فإن الصلات التاريخية بين الكويتيين وبين النجديين من العمق والرسوخ بحيث لا تكاد تساويها، ناهيك عن أن تتفوق عليها أية صلات بين قطرين عربيين». حفظ الله المملكة وأهلها ووفقهم إلى أنبل المقاصد. الملك عبدالعزيز والإمارات – جذور العلاقات ورؤية الاستقلال شكّلت صلات عبدالعزيز وزايد الأول نواةً لشراكة قائمة على رفض التبعية الأجنبية، ما جعل العلاقة السعودية–الإماراتية ركيزة للتضامن الخليجي ذكرت ذلك :أ.د. فاطمة الصايغ- أكاديمية جامعة الإمارات العربية المتحدة: في مطلع القرن العشرين، كانت منطقة الخليج العربي تقف عند منعطف حاسم، إذ كانت أطماع القوى الأجنبية – من البريطانيين الذين بسطوا نفوذهم على سواحل الخليج، إلى العثمانيين الذين سعوا لإحياء حضورهم في شرق الجزيرة - تُلقي بظلالها الثقيلة على المشهد السياسي. وفي هذه اللحظة التاريخية الحرجة، برز زعيمان عربيان امتلكا الكاريزما والقدرة على صناعة الحدث: الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان (زايد الأول)، حاكم أبوظبي (1856 – 1909)، والملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (1876 – 1953)، مؤسس المملكة العربية السعودية. لم يكن حضورهما مجرد انعكاس لظروف داخلية، بل كانا صوتين عربيين بارزين سعيا للحفاظ على استقلال بلديهما في وجه الضغوط الخارجية. وكما استطاع زايد الأول أن يرسخ مكانة أبوظبي ضمن مشيخات الساحل المتصالح، استطاع الملك عبدالعزيز أن يطلق مشروع توحيد الجزيرة انطلاقًا من الرياض عام 1902. زايد الأول وعبدالعزيز - زعامتان برؤية متقاربة يُجمع المؤرخون على أن زايد الأول والملك عبدالعزيز كانا شخصيتين تتمتعان بالحضور الطاغي والرؤية البعيدة. * زايد الأول، الذي حكم أبوظبي أكثر من نصف قرن، نجح في تحقيق توازن بين المصالح القبلية والضغوط الخارجية، وجعل من الإمارة قوة يحسب لها حساب في منطقة الخليج. * أما عبدالعزيز، فقد كانت بدايته من الرياض معركةً لإعادة الحق التاريخي لأسرته، ثم توسعت رؤيته إلى مشروع وطني أكبر هو بناء دولة مركزية موحدة. التقاطع الأهم بينهما أن كليهما رفض الخضوع للنفوذ الأجنبي. كان زايد الأول حريصًا على أن تبقى أبوظبي بعيدة عن التبعية الأوروبية، فيما كان عبدالعزيز يعمل على إبعاد نجد والحجاز عن هيمنة العثمانيين والبريطانيين. الاتصالات المبكرة بين أبوظبي والرياض مع بدايات القرن العشرين، بدأت الاتصالات بين أبوظبي وعبدالعزيز، إذ أدرك زايد الأول أن استقرار أبوظبي مرهون بتحالفاتها مع العمق العربي في الجزيرة. وبالمقابل، رأى عبدالعزيز أن علاقته بأبوظبي تمنحه سندًا سياسيًا في منطقة كانت مسرحًا للتنافس الدولي. ومع وفاة زايد الأول عام 1909، لم تنقطع هذه الصلات، بل استمرت على يد خلفائه الذين حافظوا على نهج التواصل مع الرياض. هذا الحرص على الاستمرارية يعكس أن العلاقة لم تكن عابرة أو مرتبطة بشخص واحد، بل كانت خيارًا إستراتيجيًا للجانبين. وحدة الهدف - الاستقلال عن النفوذ الخارجي كانت القوى الأجنبية آنذاك تمارس نفوذًا عبر معاهدات الحماية التي فرضتها بريطانيا على مشيخات الخليج، في وقت كان العثمانيون يحاولون استعادة حضورهم العسكري. أمام هذا الواقع، تشابه موقف الزعيمين: * زايد الأول تمسك بالقرار المستقل ورفض أن يُختزل مستقبل أبوظبي في تفاهمات القوى الأجنبية. * الملك عبدالعزيز أدار توازنًا دقيقًا مع البريطانيين، لكنه لم يسمح لهم مطلقًا بالتدخل في شؤون دولته الداخلية. هذه الرؤية المشتركة منحت العلاقة بين أبوظبي والرياض عمقًا إستراتيجيًا مبكرًا، ومهدت لاحقًا لظهور فكرة التضامن الخليجي. إرث ممتد عبر الأجيال بعد وفاة زايد الأول، واصل خلفاؤه العلاقة مع الملك عبدالعزيز، الذي كان في خضم بناء الدولة السعودية الحديثة. هذا الامتداد التاريخي جعل من العلاقة بين أبوظبي والرياض قاعدة راسخة، تتجاوز حدود الجغرافيا إلى مفاهيم وحدة المصير. وبينما انشغل العالم بتقاسم النفوذ في الخليج مع اكتشاف النفط لاحقًا، ظلت العلاقة السعودية – الإماراتية (أبوظبي خصوصًا) محكومة بثوابت: الاستقلال، الأمن المشترك، والروابط الاجتماعية والثقافية. فقد كان كلا الشعبين يدرك أن التهديدات الخارجية لا تواجه إلا بتماسك داخلي. أثر العلاقات في الواقع الخليجي إن استقراء تلك المرحلة التاريخية يكشف أن العلاقة بين الملك عبدالعزيز وزايد الأول لم تكن مجرد صفحة عابرة، بل كانت نواة لنهج ما زال حاضرًا في السياسة الخليجية حتى اليوم. ففكرة الاعتماد على العمق العربي، ومواجهة النفوذ الأجنبي بالتضامن، وجدت لاحقًا تعبيرها المؤسسي في مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981. ولولا تلك الجذور المبكرة من التفاهم بين أبوظبي والرياض، لما كان بالإمكان أن تنشأ شراكة سعودية - إماراتية بالصلابة التي نراها اليوم. يمكن القول إن علاقة الملك عبدالعزيز بإمارة أبوظبي، منذ عهد زايد الأول وخلفائه، مثلت جزءًا من مشروع أكبر لتثبيت استقلال المنطقة وإبعادها عن الأطماع الأجنبية. فقد جمع الزعيمان طموح مشترك ورؤية متقاربة جعلت منهما حجر الأساس لعلاقات استراتيجية ممتدة. واليوم، حين نقرأ تلك الصفحات من التاريخ، ندرك أن السعودية والإمارات لم تلتقيا مصادفة، بل عبر إرث متين تأسس على يد زعامات آمنت بأن الخليج للعرب، وأن قراره ينبغي أن يبقى بيد أبنائه. إنها علاقة ضاربة في الجذور، لا تزال تلهم الحاضر وتوجّه المستقبل. عمان والمملكة.. جذور ممتدة وعلاقة راسخة امتدت علاقة السعودية وعُمان منذ واحة البريمي إلى اتفاقات التعاون والدفاع، لتتجذر كشراكة تاريخية عابرة للقرون، قائمة على حسن الجوار ذكر ذلك: أحمد بن سعيد البادي- كاتب وباحث في التاريخ الخليجي. اليوم الوطني للملكة هو بمثابة فخر واعتزاز للجميع لأن المملكة العربية السعودية هي القاطرة التي تقود دول المنطقة بلا استثناء. المملكة هي وجهة المسلمين جميعا فقد أكرمها الله بشرف عظيم وهو خدمة الحرمين الشريفين وهذا من كرم الله عز وجل لهذه البلاد، كما يزيدها شرفا وفي كل عام خدمة حجاج بيت الله الحرام الذين يأتون من كل حدب وصوب في تظاهرة عالمية بنظام متقن وفي مكان واحد وفي أيام محددة، حيث تتشرف هذه البلاد سنويا باستقبال الملايين من الحجاج في كل عام وبكل ترحيب وفرح. كل الجهات المختصة في قطاعات الدولة يزيدها شرفا هذا الحدث العظيم الذي قال الله عز وجل فيه (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب). هذه الشعيرة العظيمة لا يمكن لأي دولة مهما بلغت إمكانياتها وتقدمها التقني والعلمي أن تنظم هذه المسيرات والتجمعات في وقت واحد وتسخر لها جميع الخدمات وتجعلها في متناول ضيوف الرحمن دون من ولا أذى. نعم حق لهذه البلاد أن تفاخر بهذا العمل الجبار الذي يستمر في التطور والتجديد والاحترافية في العمل في كل عام، مع تسخير الخدمات الصحية والأمنية والتطوعية وتسخير التقنية الحديثة التي يشرف عليها رجال مخلصون يرجون الثواب من الله عز وجل. أما في مجال التطور المتسارع فقد قفزت المملكة قفزات سريعة في المجال الصناعي والتقني والطبي والأمني من خلال الخدمات الالكترونية التي سبقت فيها الكثير من الدول المتقدمة. وقد شهدت لها تلك الدول في جميع هذه الجوانب، ناهيك عن مواقفها الإنسانية وعلاقاتها المتميزة مع دول الجوار والدول العربية والأجنبية. كل هذه القفزات الهائلة جاءت بتوفيق الله عز وجل ثم بحكمة قيادتها الرشيدة واهتمام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين الذين جعل نصب أعينهما تطوير العنصر البشري بكل ما اتيح لهم من جهود مستمرة في التطوير والتعليم في جميع المجالات. وهذا ما جعل المملكة تصبح في مصاف الدول المتقدمة في شتى المجالات وهذا قليل من كثير. هذه الخطى المتسارعة تسابق الزمن وتقول للمجتمعات الأخرى نحن معكم يدا بيد في سبيل تحقيق الحياة الكريمة للإنسان الذي هو من يعمر هذه الأرض. ذلك فضل الله الذي أنعم به على هذه البلاد بعلاقاتها مع دول الخليج العربي المتجذرة في التاريخ. وسلطنة عمان تفاخر بهذه العلاقة المتميزة التي تزداد قوة ومتانة وتطورا يوم بعد يوم وليس في كل عام. حفظ الله قادتنا جميعا وأدام بينهم المحبة والتواصل الأخوي الذي يطمح إليه الجميع بين الشعبين الشقيقين. العلاقات التاريخية بين سلطنة عمان والمملكة العربية السعودية بعض السمات المشتركة بين الدولتين سنة التأسيس هي واحدة في عام 1744 في الدرعية اتفاق الأمير محمد بن سعود، وفي عمان مبايعة الامام أحمد بن سعيد البوسعيدي غير أنه تم تغيير هذا التاريخ بعد ذلك ليكون تاريخ التأسيس عام 1727 وهي سنة تولي الامام محمد بن سعود إمارة في الدرعية. اشتركوا في كثير من السمات منها الاسم البوسعيديون وآل سعود وبعض أسماء الحكام مثل الرقم المملكة العربية السعودية سلطنة عمان 1 الإمام محمد بن سعود السيد محمد بن تركي بن سعيد 2 الإمام عبدالعزيز بن محمد السيد عبدالعزيز بن سعيد بن سلطان 3 الإمام سعود بن عبدالعزيز (سعود الكبير) السيد سعود بن عزان بن قيس البوسعيدي 4 الإمام تركي بن عبدالله السلطان تركي بن سعيد بن سلطان 5 الإمام فيصل بن تركي السلطان فيصل بن تركي تزامن الحكام بحسب المراحل التي مرت بها الدولة السعودية الدولة السعودية الأولى من عام 1744 الى عام 1818م. كانت عاصمتها الدرعية. 1 - الإمام محمد بن سعود 2 - الإمام عبدالعزيز بن محمد 3 - الإمام سعود بن عبدالعزيز (سعود الكبير) 4 - الإمام عبدالله بن سعود. حكام عمان في هذه الفترة 1 - الإمام أحمد بن سعيد البوسعيدي. العاصمة صحار ثم الرستاق. 2 - الإمام سعيد بن احمد البوسعيدي. الرستاق 3 - السيد حمد بن سعيد البوسعيدي. مسقط 4 - السيد سلطان بن احمد البوسعيدي. مسقط 5 - السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي. العاصمة مسقط ثم زنجبار الدولة السعودية الثانية 1824 الى عام 1897م. العاصمة الرياض 1 - الإمام تركي بن عبدالله. 2 - الإمام فيصل بن تركي. 3 - الإمام عبدالله بن فيصل. 4 - الإمام عبدالرحمن بن فيصل. حكام عمان. 1 - السلطان سعيد بن سلطان البوسعيدي. العاصمة مسقط ثم زنجبار 2 - السلطان ثويني بن سعيد البوسعيدي. مسقط 3 - السلطان سالم بن ثويني البوسعيدي. مسقط 4 - السلطان تركي بن سعيد البوسعيدي. مسقط 5 - السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي. مسقط الدولة السعودية الثالثة من عام 1902 الى يومنا هذا. العاصمة الرياض 1 - الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود 2 - الملك سعود بن عبدالعزيز. 3 - الملك فيصل بن عبدالعزيز 4 - الملك خالد بن عبدالعزيز 5 - الملك فهد بن عبدالعزيز 6 - الملك عبدالله بن عبدالعزيز 7 - الملك سلمان بن عبدالعزيز * حكام عمان، العاصمة مسقط. 1 - السلطان فيصل بن تركي البوسعيدي. 2 - السلطان تيمور بن فيصل البوسعيدي. 3 - السلطان سعيد بن تيمور. 4 - السلطان قابوس بن سعيد البوسعيدي. 5 - السلطان هيثم بن طارق البوسعيدي. أول تماس بين الدولتين في عهد الإمام عبدالعزيز بن محمد آل سعود في الدولة السعودية الأولى حين أرسل إبراهيم بن عفيصان لواحة البريمي وذلك في عام 1797م. بعض المصادر تقول إن أول من أرسل للسيطرة على واحة البريمي كان العبد سالم الحريق وذلك عام 1800م، وأنا استبعد هذا الموضوع لعدد من الأسباب لا يتسع المقام لذكرها في عام 1833م وقع اتفاق بين السعوديين والسلطان سعيد بن سلطان وكان من أهم بنود هذا الاتفاق هو إبرام معاهدة دفاع مشترك، وبأن يدعم كل منهما الآخر في حالة قيام تمرد قبلي في المقاطعة الواقعة تحت نفوذه بموجب التقسيم الذي أوردوه في اتفاقهما. تفعيل بند التعاون بين القوات السعودية في عهد الإمام تركي بن عبدالله وبين السيد سعيد بن سلطان تعاون السيد سعيد مع القوات السعودية المرابطة في البريمي وفعل معها بند تعاون الدفاع المشترك الذي وقع بينهما وذلك حينما أراد السلطان سعيد أن يرجع جزيرة ممباسا لحكمة وينتزعها من يد المزاريع فقد طلب عام 1833م، من سعد بن مطلق المطيري الأمير الذي عين خلفاً لعمر بن عفيصان على البريمي، أن يساعده في إخضاع جزيرة ممباسا في الشق الافريقي من ممتلكات السلطان سعيد. ابحرت الحملة الى ممباسا بعد ان ترك السلطان سعيد احد أبنائه ينوب عنه في مسقط، وهكذا نجد ان السلطان سعيد استعان بالقوات السعودية اكثر من مرة مثل ما سنرى في قادم الاحداث تعاون السيد سعيد والسعوديين للسيطرة على صحار من يد السيد حمود بن عزان بن قيس من صحار. ايضا نجد ان السيد سعيد بن سلطان فعل بند التعاون بينه وبين القوات السعودية في البريمي عندما حاول استرداد صحار من يد السيد حمود بن عزان وكذلك الرستاق التي كانت تحت حكم السيد حمود بن عزان ايضاً، فعقد اتفاق عام 1836م، مع سعد بن مطلق لمحاربة صحار والرستاق، وقد كانت الخطة تقتضي أن يهاجم سعد بن مطلق صحار من البر بينما يهاجم السيد سعيد بأسطوله من البحر لم تتم الخطة بحسب ما اتفق عليه ليرجع كلى الفريقين الى معسكرة. * والي السلطان سعيد بن سلطان في مسقط السيد ثويني بن سعيد يتعاون مع السعوديين لإخضاع المخالفين له من بعض القبائل العمانية. بعد أن وقع الصلح بين البوسعيديين وآل سعود في البريمي عام 1853، وتوقيع اتفاقية السلم البحرية الدائمة في الشارقة هدئت الاوضاع في المنطقة، ومنها تفعيل بند التعاون المشترك بين القوات السعودية والعمانيين، وذلك حينما خرجت بعض القبائل العمانية عن الطاعة وذلك في عام 1854م، وأمام هذا الموقف تعاون السيد ثويني مع القوات السعودية المتواجدة في البريمي وطلب منهم المساعدة في اخضاع هذه القبائل. استجاب الامير تركي بن أحمد السديري لطلب السيد ثويني فتقدمت قواته من واحة البريمي لتنضم للقوات العمانية، تحرك القوات لإخضاع القبائل المارقة، وبعد عدة مواجهات تمكنت القوات المتحالفة من اخضاع القبائل. * الأمير سعود بن فيصل بن تركي يطلب النصرة من الإمام عزان بن قيس ضد اخيه الامام عبدالله بن فيصل. على اثر الخلاف بين الإمام عبدالله بن فيصل وأخوه الأمير سعود بن فيصل، قرر هذا الاخير الذهاب الى عمان، واللجوء الى الامام عزان . قرر الامير سعود الذهاب الى عمان ومقابلة الامام عزان بن قيس وطلب النصرة منه، فشد الرحال وانطلق وجهته مسقط وذلك أواخر عام 1869م، فمر على واحة البريمي، وبعدها وهو في طريقه الى مسقط نزل في بركاء، حيث وجد الامام عزان هناك، فاجتمع به في شهر يناير عام 1870م، وقد طلب الامير من الامام النصرة بالمال والرجال، غير ان الامام اعتذر عن نصرته واخبره بانه لا يمكن ان يتدخل بين أبناء الامام فيصل وعدها شأن داخلي سعودي لا يجب التدخل فيه * استعانة السيد تركي بجنود سعوديين لصد هجمات اخيه السيد عبدالعزيز بن سعيد. حدث بين السلطان تركي بن سعيد وأخيه السيد عبدالعزيز بن سعيد، وفي مرحلة من هذا الصراع استعان السيد تركي بجنود سعوديين لمساعدته لصد هجمات اخيه عليه، وقد ذكر الحارثي في كتابه موسوعة عمان للوثائق السرية هذه الواقعة * العلاقات العمانية السعودية فترة حكم السلطان قابوس والملك فيصل بن عبدالعزيز. قام جلالة السلطان قابوس بن سعيد في 11 سبتمبر عام 1971م بزيارة تاريخية للمملكة العربية السعودية وقد كانت أول زياره له للخارج بعد توليه الحكم، واستقبله الملك فيصل بحفاوة بالغة، ودارت بينهما مفاوضات تتعلق بالمشكلات الداخلية والعلاقات الثنائية، وعلى ضوء هذه الزيارة أعلنت الحكومتان بأن الخلافات الحدودية بينهما قد تم تسويتها وأرسيت الحدود الثابتة بين البلدين بشكل عام على أساس التحديدات البريطانية في نوفمبر سنة 1955م، وأثناء هذه الزيارة وعد الملك فيصل جلالة السلطان قابوس بتقديم الدعم المالي لعمان في مواجهة الخطر الشيوعي، وتأييد عضوية عمان في الجامعة العربية والأمم المتحدة. وقد اشارت التقارير الرسمية إلى أن حكومة المملكة العربية السعودية قد اعترفت بسيادة السلطان قابوس على قرى البريمي الثلاث حماسة وصعراء والبريمي بموجب التسوية التي أقرت عام 1955م، ووقف الدعم السعودي لرجال الإمامة في السعودية، وتخيرهم بين أن يرجعوا إلى عمان مع وعد من جلالة السلطان قابوس وأن يفتح معهم صفحة جديده، أو ان يضلوا في السعودية ولكن بدون أن يقوموا بأي نشاط سياسي يضر بحكومة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد. لقد بدأت المملكة العربية السعودية في اتخاذ جوانب عدة لمساعدة عمان لصد الجبهة الشيوعية التي أصبحت تهدد عمان والخليج بشكل عام. عليه تم عقد اجتماع ثلاثي في الرياض في عام 1972م بين ممثلين من المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدةالامريكية بهدف دراسة الوضع الداخلي في عمان والعمل على تطويق الجبهة الشعبية لتحرير ظفار، وتقديم السلاح والعتاد اللازم والمساعدات المالية للسلطنة. عليه قامت المملكة العربية السعودية بدعم السلطان قابوس للتصدي لشيوعية في بلاده. وفي العام التالي استقبلت عمان بعثتين سعوديتين تحمل أموالاً وصفقات من الأسلحة قدرت بأكثر من خمسة عشر مليون دولار أميركي. وفي يناير 1973م، تم إرسال شحنات من الأسلحة من ميناء رأس تنورة السعودي في الخليج مع بعثة عسكرية سعودية إلى عمان. وبمساعدة الاشقاء في المملكة تم القضاء على الشيوعية في ظفار بصورة نهائية. * دعم المملكة السلطنة من عام 1975 إلى عام 2015 كان الملك فيصل خير معين لعمان في تلك الفترة الحرجة من تاريخها وقد سار خلفاؤه الملوك على نهجه وكانوا خير سند لعمان في كل امر جلل وكانت الحصن الحصين لها. * العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان في عهد السلطان هيثم والملك سلمان -حظهما الله-. في يوم 11 يوليو زار جلالة السلطان هيثم بن طارق المملكة العربية السعودية، وهي أول زيارة خارجية للسلطان هيثم منذ توليه الحكم قبل سنة من هذا التاريخ. وقد تزينت شوارع مدينة نيوم السعودية بأعلام المملكة وسلطنة عمان لاستقبال سلطان عمان الذي يبدأ زيارة تلبية لدعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود. تكررت الزيارات بين ولاة الأمر -حفظهم الله- سواء في المملكة أو السلطنة وآخرها زيارة سمو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان -حفظه الله- قبل أيام قليلة. واليوم تعتبر المملكة العربية السعودية من أكبر المناصرين لسلطنة عمان والمحامين عنها في المحافل الدولية والعالمية والداعمين لاقتصادها. ارتبطت قطر والسعودية بروابط قبيلة وتجارية مبكرة، تعززت بمراسلات قاسم بن محمد والملك عبدالعزيز، فغدت العلاقة عنوانًا للأخوة والتعاون تحدث عن ذلك د. عمر بن معن العجلي أكاديمي وعضو اتحاد المؤرخين العرب حول العلاقات التاريخية بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر: مشهد العلاقات التاريخية بين السعودية وقطر من خلال أهم المحطات والمفاصل التاريخية التي وقف عندها معظمُ المؤرخين وذوو الاهتمام من الباحثين، كما كانت محوراً لمعظم الوثائق والمخطوطات لتلك الحقبة. فبدءاً من الصلح الذي عُقد عام 1267ه - 1851م بين الإمام فيصل بن تركي والشيخ محمد بن ثاني، يتضح مسار التاريخ الممتد بين قطر وعمقها النجدي، تتجلّى فيه محطات فارقة تعكس عمق العلاقات القطرية-السعودية في القرن التاسع عشر، حيث كانت أول لبنة في بناء جسور التفاهم والتعاون، ثم توالت فصولُ هذه العلاقة عبر محطات تتعمّق فيها الروابط، خاصةً في زمن الشيخ محمد بن ثاني وابنه قاسم والعلاقات التي نسجها مع حكام آل سعود آنذاك، من الإمام فيصل بن تركي وابنه عبدالله وصولاً إلى عبدالعزيز بن عبدالرحمن. في تلك المرحلة المبكرة من القرن التاسع عشر الميلادي، وقبل الصلح المشار إليه، كان والد الإمام فيصل بن تركي، وهو تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود، قد أسس الدعائم الأولى للدولة السعودية الثانية منذ 1824م. فقد كان سقوط الدرعية عام 1818م على يد إبراهيم بن محمد علي حدثاً مفصلياً. هذا السقوط جاء بسبب حملة عثمانية (مصرية) شرسة، حيث ارتكب إبراهيم بن محمد علي بالغدر وانعدام المروءة مجازر مروّعة قُتل فيها الآلاف، وتشير وثيقة عثمانية إلى إنه تم إعدام (أو التنكيل حسب وصف الوثيقة) بما يقارب عشرين ألف شخص. وقد سجّل المؤرخون مثل البيطار والجبرتي تلك الفظائع. من هنا نجد أن منتصف القرن التاسع عشر الميلادي الذي شكّل بأحداثه موقعًا محوريًا في تاريخ الجزيرة العربية وخليجها، حيث كانت نجد وقطر بمثابة مسرحين متداخلين لحركة التاريخ وتطورات متسارعة وحلقات متتابعة تسوقها الأقدار نحو تشكيل مستقبلٍ موعود للمنطقة بأسرها. وقد يلزم استقراء موجز للبيئة التاريخية والسياسية لأحداث الحقبة المشار إليها، يكون فيه تغطية وإنارة لبعض الزوايا لتسلسل الحوادث وشخوصها منذ ظهور زعامة الإمام فيصل بن تركي واتساع نفوذه من جنوب البصرة ولغاية عُمان، ثم عودة العثمانيين كقوة ظاهرة متغلبة في المنطقة بعد غياب دام مئتي عام عن شرق جزيرة العرب وخليجها، ليبدأ سجالُ الصراع والمنافسة مع البريطانيين كقوة جديدة اتسمت بالخطورة والمكر والسطوة الكاملة على معظم سواحل الخليج العربي، بلوغاً إلى حملة الأحساء 1871م، وهو الحدث التاريخي الذي غيّر المشهد السياسي بظهور زعامة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني، الذي أصبح رقماً صعباً وثابتاً في معادلة الصراع بين القوى الدولية التي شكّلت مستقبل المنطقة فيما بعد الحرب العالمية الأولى. والمعلوم أن حملة مدحت باشا جاءت مختصرةَ الأهداف بسبب تغير موازين القوى، وجنوح هذه الموازين لنفوذ الإنجليز وقوتهم الجديدة المتغلغلة، وتعقد علاقتها مع العثمانيين، خلافاً للأوضاع السياسية السائدة قبل منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.. فمثلاً، نلاحظ أن دعم الإنجليز للدولة العثمانية في حربها مع الروس (حرب القرم 1853م) كان لسبب وحيد هو الاستئثار بالغنيمة العثمانية وتقطيع أوصال ما عُرفَ ب"الرجل المريض" بدون حرب معلنة، وبالمقابل كان هذا الدعم بمثابة دين مردود في رقبة الدولة العثمانية ومستوجباً للوفاء في كل مناسبة، وكان الإنجليز يطوقون الدولة العثمانية بالديون، مما ترتب من نتائجه هو غض الطرف من قبل الدولة العثمانية لتغلغل الإنجليز في المنطقة، والتأكيد الرسمي المستمر على الولاة والموظفين بعدم استفزاز الإنجليز بالرغم من التقارير الصريحة التي توضح خطورة الأحداث والمواقف التي تعني بمجملها انحسار النفوذ العثماني وإحلال الإنجليز محله. مع ذلك استمرت الصدارة العظمى بهذا النهج في التراجع أمامهم والتساهل في قضايا مصيرية تخص مصالح المنطقة العربية عموما صاحبَها تفريطٌ مؤلمٌ ومؤذٍ خلال العقود الأخيرة التي سبقت انحسار الدولة العثمانية. إن رؤيتَنا إلى المشهد تقترب وتبتعد.. فحين تقترب تتبين لنا مظاهر القوة في إعادة تشكّل الكيان السعودي بقيادة الإمام فيصل بن تركي، وما جرى من تحالف عقائدي وقبلي مع الشيخ محمد بن ثاني بعد خصومة عابرة عام 1851م.. ثم وقائع حملة مدحت باشا العثمانية 1871م، وتلاحق أحداثها بضم قطر وتعيين الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني قائمقام وحاكم لقطر من قبل الدولة العثمانية، وما جرى بعد ذلك من السجال في العلاقة مع العثمانيين والبريطانيين والقوى الإقليمية الأخرى. كما تبتعد رؤيتنا، في تقليب صفحات التاريخ الذي تدافعتْ أحداثُه بسنن الله المعلومة، تمازجاً وتفاعلاً وتأثّراً ببعضها، لنرى كيف تشكّلَ مستقبل المنطقة بشخصيتين من طرفي المشهد: الإمام فيصل بن تركي وحفيده عبدالعزيز وهما يستأنفان الدولة السعودية بنسختيها الثانية والثالثة العتيدة، والطرف الآخر برز فيه الشيخ محمد بن ثاني ومن بعدُ ابنُه قاسم مؤسس قطر الحديثة. وقد تداخلت بينهما روابط الدين والقبيلة والمصالح، كما تخللتها لحظات شدّ وجذب، وظهرت في خلفيتها أنفاس العثمانيين وعيون البريطانيين، وتداخل قوى الجوار. لم تكن العلاقة بين الطرفين مجرد شأنٍ محلي، بل كانت انعكاسًا لصراع القوى في جزيرة العرب والخليج العربي، فالدولة السعودية الثانية مثّلت القوة المركزية في نجد، بينما كانت قطر، بما امتلكته من تجمّع قبلي لافت الى جانب أهميتها التجارية بوجود موانئ ومغاصات لؤلؤ، أغرتْ القوى الطامحة إلى النفوذ البحري. وبين هذا وذاك، تشكّلت شبكة علاقات ذات طابع خاص بين آل ثاني وآل سعود، قوامها التداخل الاجتماعي والاقتصادي، والتماثل العقائدي والقبلي، والاعتبارات السياسية التي فرضتها لحظة تاريخية فارقة. أشار الرحالة البريطاني وليم بلجريف في رحلته عام 1863م ولقائه بالشيخ محمد بن ثاني وثنائه عليه وأنه شيخ الدوحة، أشار أيضاً إلى أن ساحل قطر كان يرتبط مع نجد من الناحية القبلية والاقتصادية، حيث كانت قوافل اللؤلؤ والتمور والحبوب تربط الدوحة والزبارة بالأحساء والرياض. لقد ترك المؤسسون لهذين الكيانين تراثاً غنياً في تقاليد الحكم في تعزيز التلاحم القبلي وربط وشائج المجتمع الجديد برؤية جامعة نحو الوحدة الاجتماعية المتطلعة إلى كيان واضح المعالم. بعد ذلك دخلت هذه القبائل مرحلة التفاعل والانتقال من مستويات الخلاف والعداء والتنافر إلى مرحلة التحالف القبلي الداخلي.. وصولاً إلى مرحلة مقبولة من الانسجام نحو تبلور عمق مجتمعي كان رديفا لنضوج الحالة السياسية في ظهور الكيانات السياسية الحديثة، والانتقال بهذا الوجود الاجتماعي من حالة الغموض وعدم الاستقرار- التي صبغتْ الحالة الاجتماعية لقرون عديدة خلتْ إلى حالة من الوعي الجمعي بأهمية الارتباط بالأرض والعمل بتناغم وانسجام نحو العلاقة المصيرية وشعور الانتماء بها. وهذا يُعدُّ نقلة نوعية في تاريخ هذه الإقليم الجغرافي الذي لم يشهد حكماً سياسياً مشابهاً من قبلُ يضبطُ الحدودَ والسكان بإرادةٍ ذات أهداف واضحة. تُظهر الوثائق العثمانية وتقارير المقيمية البريطانية، إلى جانب روايات الرحالة أمثال بلجريف ولوريمر، أن العلاقة بين آل سعود وآل ثاني لم تُختزل في تحالف شكلي أو علاقة عابرة، بل تميّزت بقدرٍ من المرونة السياسية التي أتاحت لقطر الحفاظ على خصوصيتها، وفي الوقت نفسه ربطتها بشبكة النفوذ النجدي ذات المرجعية الدينية والسياسية، وعبر منظومة الروابط القبلية والتجارية. لقد شكّلت هذه العلاقة إحدى الحلقات الحاسمة في رسم مسار التوازنات الخليجية في القرن التاسع عشر، وأسهمت في بلورة صبغة الكيانين السياسية، في ظل صراع القوى الإقليمية والدولية: (الدولة العثمانية، بريطانيا، الساحل العمانيوالبحرين). وفي قلب هذه العلاقة تبرز المراسلات الودية المتبادلة، وأيضاً أعمال الأوقاف التي أنشأها الشيخ قاسم في السعودية، وما حملته من دلالات عقائدية واجتماعية. ويُضاف إلى ذلك الدور العلمي والثقافي المتمثل في نشر الكتب المطبوعة في الهند وإيصالها إلى الجزيرة العربية، مما عمّق جسور المعرفة والمقاربة الثقافية والفكرية المجتمعية. بهذا الربط ومن خلال الإضاءات التالية، تتضح لنا صورة مقبولة تُظهر كيف أسهمت هذه المحاور في تشكيل نسيج هذه العلاقات التاريخية: الرسائل الأخوية المتبادلة وتظهر هذه المراسلات العلاقة القوية بين رأس الأسرة الحاكمة في قطر وهو الشيخ قاسم ومؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز. فالاطلاع على فحوى هذه الرسائل يغني الكثير من التفصيل وبيان الحال لما كان سائدا من العلاقات بين قطر والسعودية. ففي وثيقة تمثل إحدى الرسائل النادرة التي كتبت في عام 1310 للهجرة وهي مرسلة إلى الإمام عبدالرحمن الفيصل عندما كان في قطر وهي بخط الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ. كما تشير وثيقة مهمة (مرفقة) مؤرخة سنة 1328 ه- 1913م وهي من الرسائل الأخوية المتبادلة بين الشيخ قاسم بن محمد والملك عبدالعزيز وفيها من الأدب الجم وتقاليد الاحترام المتبادل والأخوة الثابتة، بالرغم من اختلاف وجهة النظر في حينه. وكذلك رسالة نادرة أيضاً من الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني إلى الملك عبدالعزيز وفيها تهنئة على الانتصارات الحربية بتاريخ 1327 للهجرة. وفي وثيقة أخرى تُبين أن هناك قرضاً من الشيخ عبدالله بن قاسم للملك عبدالعزيز أيضاً سنة 1327 للهجرة وهو يعتذر فيها عن عدم إكمال المبلغ المطلوب حيث معظم الأموال كانت مستثمرة في موسم الغوص وتم تسليم المبلغ هذا لعبدالرحمن بين معمر أحد رجالات الملك عبدالعزيز. كما توجد أيضاً وثيقة لا تخلو من أهمية فيها أخبار وتفاصيل ورد فيها اسم الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني يبين فيها أنه مستعد لمساعدة الإمام عبدالرحمن الفيصل في أي أمر يطلبه وهي وثيقة نادرة في تاريخ 23 من ربيع 1322ه. هناك أيضاً تقارير بريطانية مدونة سنة 1912 ميلادي تتحدث عن العلاقة بين الشيخ قاسم آل ثاني مع الملك عبدالعزيز كتبه يوسف بن أحمد كانو وهو يشير إلى الأجواء الإيجابية في هذه العلاقة ومعروف عن يوسف أحمد كانو انه يزود المقيم البريطاني بتفاصيل عن أحوال المنطقة في قطر والسعودية خلال حكم الشيخ قاسم آل ثاني. وآخر كتبه يوسف كانو سنة 1331 ه -1914 ميلادي يتحدث فيه عن مضمون وصية الشيخ قاسم آل ثاني وأنه ترك 10,000 روبية للملك عبدالعزيز ومثلها للإمام عبدالرحمن الفيصل ومثلها للشيخ عبدالله بن عبد اللطيف آل الشيخ و20 ألف لفقراء نجد. وقد أشار الدكتور راشد بن محمد بن عساكر في كتابه الأعمال الخيرية والأوقاف الشرعية في نجد للشيخ قاسم بن محمد آل ثاني إلى بعض الرسائل النادرة المتبادلة والوثائق والتقارير البريطانية التي تحدثت عن العلاقات الحميمة والصداقة المتينة بين أسرتي آل سعود وآل ثاني، "لتؤكد مدى المحبة بين القائدين الملك عبدالعزيز والشيخ قاسم بن محمد بن ثاني" حيث أشار لبعض الوثائق البريطانية نقلاً عن تقرير من جون كالكوت جاكسون سنة 1902م إلى أن "الشيخ قاسم كان يضمر محبته القلبية للملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وأنه رأى عدم تقديم أي دعم لابن رشيد. بل أرسل الشيخ قاسم معونات مالية للإمام عبدالرحمن الفيصل في سنة 1904م، وبالمثل قام الملك عبدالعزيز بزيارة سريعة إلى قطر لمساعدة الشيخ قاسم في بعض الأمور الداخلية بشأن أوضاع بعض القبائل وذلك في أغسطس من سنة 1905م، والتقى به في مكان عريق بالدوحة كما تفيد الوثائق البريطانية بأنه كانت بين القائدين صداقة وحلف قديم". ومثل هذه النصوص نقلت عن فيلبي ولوريمر بوثائق مرقمة وذات مراجع معلومة. ويستطرد الدكتور راشد بن عساكر بالتأكيد على متانة تلك العلاقات الأخوية بين القائدين الكبيرين ما كان يقوم به الشيخ قاسم بن ثاني من وساطات وشفاعات للأفراد والأسر وللقبائل التي تكون أخطأت في بعض تصرفاتها أو توجهاتها، وهي ضمن سلطة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل فكان الملك لا يقبل شفاعة أو طلباً لالتماس العفو إلا بشفاعة الشيخ قاسم بن محمد آل ثاني. ويشير إلى حادثة بعض الأفراد من أسرة آل بسام من أهل عنيزة وبني هزان من أهل الحريق. كذلك أوردها فيلبي في كتابه: "السعودية من سنوات القحط إلى بوادر الرخاء". وهناك رسالة نادرة كتبها الشيخ إسحاق بن عبدالرحمن آل الشيخ من الهند إلى الإمام عبد الرحمن الفيصل في عام 1310 ه، وتأتي هذه الرسالة ليكشف تاريخُها عن إقامة عبد الرحمن الفيصل وأسرته في قطر ويشير تاريخها إلى ربيع الأول من عام 1310 هجري والرسالة مكتوبة في الهند ومرسلة إلى قطر. أوقاف الشيخ قاسم آل ثاني في السعودية وأثرها الإنساني في تعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية: نشير من خلال الوثائق بهذا الخصوص أن للشيخ قاسم بن محمد أربعةُ أوقاف كبيرة في نجد وأربعةٌ مثلها في المذنب ومثلها في الأحساء والقصيم.. وفي العارض له وقف في الأراضي والمزارع. وقد وكل الشيخ قاسم الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ بإدارة الأوقاف الخاصة به في منطقة العارض ونجد. ومن أشهر الأوقاف في مدينة الرياض هو الوقف المعروف في محلتي الباطن وسلطانة. وكان شرطها أن تُصرف هذه الأوقاف للأعمال الخيرية وأن يكون ريعُها في سبيل الله إلى طلبة العلم من الغرباء والمهاجرين وعلى من هو مستحق له. وقد جاء في وصيته توزع عليهم على يد الشيخ عبدالله بن عبداللطيف 10,000 روبية مرسل له منها 2000 لأهل الخرج و2000 أوروبية إلى سعد بن عتيق يضعوه في الوقف وألف روبية على الشيخ إبراهيم في الحوطة يضعها في الوقف وفي نص آخر عشرة 10,000 روبية الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف ويوجد وقف مشهور في بلدة العذار الواقعة في الدلم وهذا الوقف يصرف على الأئمة والمؤذنين والفقراء بالدلم وكذلك العذار وزميقة. وهناك وثائق على شكل توكيلات مخطوطة باليد محررة إلى الشيخ عبدالله بن عبد اللطيف آل الشيخ بشأن أوقاف الشيخ قاسم في السعودية. ومن المعلوم أيضاً أنه لديه أوقاف كثيرة أخرى في البحرين وفي البصرة التي أوكلت إدارتها إلى أسرة القرطاس في الزبير. وينقل أيضاً عن الرحالة سانت فيلبي قوله وحدث في قطر أن مات صديق بن سعود وحليفه القديم قاسم بن ثاني. وجاء في إحدى التقارير البريطانية المكتوبة من قبل يوسف أحمد كانوا في سنة 1912م الموافق 1331 للهجرة أن الشيخ قاسم توفي يوم الخميس 24 يوليو وقد ترك في وصيته ضمن ما ترك 10,000 روبية لعبد العزيز آل سعود ومثلها لأبيه و10,000 لأحد العلماء في الرياض و20,000 توزع على الفقراء النجديين والمقصود بأحد العلماء هو الشيخ عبدالله بن عبداللطيف. ودون الشيخ محمد بن عبد العزيز بن مانع المتوفي سنة 1385ه بعض مآثر الشيخ قاسم مشيراً إلى أعماله الخيرية وأوقافه ووصفه إنه من أكابر الرجال المحسنين وأوصى بأموال كثيرة تفرق بعد موته، على أن تكون لأهل التوحيد. ومن الوثائق التي تبين عمق الصلة الاجتماعية بين أهل قطر ونجد، ورد فيها الإشارة إلى إحدى محلات الدوحة أو ما يسمى بفريج أهل نجد في قطر وهذه الوثيقة مؤرخة سنة 1330 للهجرة وهي ضمن مكتبة الشيخ عبد الله المحمود. وهذا الفريج سمي نسبة لأهل نجد آخر سنة في حياة الشيخ قاسم. عناية الشيخ قاسم بالكتب والعلماء وطلبة العلم لقد تأكد أيضاً صرف ريع الأوقاف على الكتب وتوزيعها بعد طبعها في الهند حيث يتم إرسالها إلى نجد ونواحيها. هناك رسائل نادرة مكتوبة بخط جيد من حائل من صالح البنيان إلى الشيخ قاسم يخبرونه فيها بوصول بعض الكتب المطبوعة المرسلة إلى نجد وأنهم بصدد الشروع في توزيعها. وكذلك وثائق كثيرة تبين الأوقاف على طباعة الكتب. وهذه الكتب هي بعضها في مجال العقائد والفقه، والسيرة، واللغة، والحديث. فهذه وثيقة تبين نسخة من وقفية لكتاب لسان العرب عام 1324 للهجرة ومن ضمن الشهود الشيخ أحمد بن حمد الرجباني الذي استقر في قطر وأصبح من المقربين لدى الشيخ قاسم. ووثيقة أيضاً وهي صورة من نسخة من كتاب ديوان الشيخ سليمان بن سحمان والإشارة إلى جواب قصيدة من الشيخ قاسم ومدحه فيها. ويبدو أن هذا الجواب بعد الانتصار في معركة الوجبة. ومن أبرز ما طبع على نفقة الشيخ قاسم جملة من الكتب منها "فتح المنان تتمة منهاج التأسيس رد صلح الإخوان"- للشيخ محمود الألوسي وتم توزيعها في العراق ونجد وغيرهما. والمطلع على كثير من تلكم الكتب التي قام بطباعتها يجد أنها مطبوعة في بلاد الهند ويعود سبب ذلك إلى التبادل التجاري والاقتصادي مع قطر بالإضافة إلى كثرة التجار والأدباء والعلماء الذين يفيدون إليها من أهل نجد والكويت وسائر الخليج العربي. وكانت قطر في عهد الشيخ قاسم آل ثاني موئلاً وسكناً لطلاب العلم من أهل نجد والأحساء بالإضافة إلى اتصاله بهم وطلبه الإجابة منهم على الأسئلة الشرعية المختلفة والرد على خصوم الدعوة السلفية ومن هؤلاء الطلبة والعلماء: عيسى بن عكاس وعبدالله بن درهم وأحمد الرجباني وحسين بن علي بن نفيسة ومحمد بن عثيمين وسليمان الدخيل وعلي بن سلمان ومحمد بن حمدان ومبارك بن مضحي ناصر بن محمد الشايقي، وغيرهم كثير ولعل عبدالله بن خاطر هو مندوب الشيخ قاسم والمسؤول عن طبع الكتب السلفية فقد كان الشيخ سليمان بن سحمان يحثه على طبع الكتب التي تدافع عن دعوة الشيخ محمد عبدالوهاب وهذا فيه ذكر كثير وتفصيل في ديوان الشيخ سليمان بن سحمان. وهناك أيضاً وثائق تبين وصول عدد من العلماء النجديين لقطر أرسلهم الإمام عبدالله بن فيصل كما جاء في" قلائد النحرين في تاريخ البحرين"- تأليف ناصر بن جوهر الخيري. الملك عبدالعزيز يستعرض حرس الشرف مع الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة أثناء زيارته للبحرين. أرامكو. (دارة الملك عبدالعزيز) زيارة الملك عبدالعزيز للبحرين ويظهر في الصورة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة الملك عبدالعزيز مع الشيخ سلمان آل خليفة حاكم البحرين في حفل استقبال أقامه على شرفهما الأمير سعود بن عبدالله بن جلوي. أرامكو. (دارة الملك عبدالعزيز). د. عمر بن معن العجلي أكاديمي وعضو اتحاد المؤرخين العرب الأستاذة الدكتورة فاطمة الصايغ أكاديمية جامعة الإمارات سالم بن بشير السليماني باحث من دولة الكويت أحمد بن سعيد البادي. كاتب وباحث في التاريخ الخليجي من سلطنة عمّان د. أسماء بنت خالد بن سلمان باحثة في التاريخ وأكاديمية بحرينية