الدبلوماسية السعودية.. زمن الفعل وصناعة المبادرات في الذكرى الخامسة والتسعين لتوحيد المملكة تتجدد معاني الفخر والانتماء، ليس فقط بما تحقق في الداخل من إنجازات تنموية واقتصادية، وإنما أيضاً بما رسخته الرياض على الصعيد الخارجي من حضور متوازن ومكانة دولية جعلتها لاعباً أساسياً في صياغة القرار العالمي. ففي عالم مضطرب تتسارع فيه الأزمات من السودان إلى أوكرانيا، ومن غزة إلى أسواق الطاقة والمناخ، برزت السعودية كمنصة رئيسة للوساطة والحوار، وصوت عاقل يسعى لترسيخ الأمن والاستقرار. لقد انتقلت السياسة الخارجية السعودية من مرحلة الاقتصار على رد الفعل إلى مرحلة الفعل والمبادرة، حيث غدت الرياض وجهةً للقادة وصناع القرار، يأتون إليها بحثاً عن حلول للأزمات المعقدة، أو سعياً لبناء شراكات استراتيجية جديدة. هذا التحول لم يأتِ صدفة، بل كان ثمرة نهج قائم على مبادئ ثابتة أرساها المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، يقوم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، والانفتاح على العالم من موقع القوة والاعتدال في آن واحد. ومع تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، تعزز هذا الدور ليبلغ مستويات غير مسبوقة. فقد باتت المملكة اليوم قوة إقليمية ودولية مؤثرة، تستند إلى مزيج متكامل من القوة الاقتصادية (باعتبارها أكبر اقتصاد في المنطقة وأحد أكبر منتجي الطاقة في العالم)، والقوة السياسية (عبر دبلوماسية نشطة ووساطات ناجحة)، والقوة الناعمة (من خلال الثقافة والرياضة والسياحة). هذا المزيج جعل من الرياض لاعباً لا غنى عنه في معادلات الأمن والاستقرار والتنمية على مستوى الإقليم والعالم. الاحتفاء باليوم الوطني ال95 إذن ليس مجرد استذكار لمسيرة التوحيد، بل هو قراءة متجددة لدور المملكة في النظام الدولي، حيث باتت عضويتها في مجموعة العشرين، ودعوتها للانضمام إلى البريكس، واستضافتها لمعرض إكسبو 2030، دلائل واضحة على موقعها المتنامي في صناعة التوافقات الدولية. ومن هنا جاءت هذه المادة الاستطلاعية، التي تشارك فيها أصوات عسكرية وأكاديمية وسياسية وإعلامية، لتضيء أبعاد الدبلوماسية السعودية من زوايا مختلفة. من رؤية اللواء محمد القبيبان حول ثبات الاستراتيجية ووضوح المرتكزات، إلى قراءة الدكتور علي بن دبكل العنزي لمسار الانتقال من التوازن الإقليمي إلى التأثير العالمي، مروراً بتحليل مبارك آل عاتي لمفهوم الحياد الاستراتيجي وصناعة القرار، وصولاً إلى رؤية الدكتور خالد الهباس التي تبرز السعودية كمنصة للسلام وصوت للتوازن. جميعها شهادات تؤكد أن المملكة، وهي تحتفل بيومها الوطني الخامس والتسعين، تقف اليوم في موقع لم تبلغه من قبل: دولة مرجعية في السياسة الدولية، وصوت لا يمكن تجاوزه في صناعة المستقبل العالمي من رد الفعل إلى صناعة الفعل بمناسبة اليوم الوطني ال95، يؤكد اللواء محمد القبيبان، الخبير الاستراتيجي، أن هذه الذكرى ليست مجرد مناسبة للاحتفاء بالتوحيد، بل فرصة لتجديد العهد بالوفاء والولاء للقيادة الرشيدة، والدعاء بأن يحفظ الله الوطن ومقدراته. ويضيف: "أتوجه بخالص التهاني لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وللشعب السعودي الكريم، سائلاً المولى عز وجل أن يديم على وطننا نعمة الأمن والاستقرار." ويشير القبيبان إلى أن الحديث عن اليوم الوطني يقترن تلقائياً بإنجازات المملكة في سياستها الخارجية، حيث انتقلت من مرحلة الاقتصار على ردود الفعل إلى مرحلة المبادرة وصناعة القرار. ويستشهد بما ورد في كتاب الدبلوماسية السعودية الحديثة (1975م) الذي تناول بدايات العمل الدبلوماسي منذ 1902 حتى 1945، قائلاً: "ما نقرأه في تلك الدراسة التاريخية نجد صداه اليوم، فالنهج لم يتغير: ثبات في الأسس، ومرونة في الأدوات، وانفتاح محسوب على العالم." ثبات الاستراتيجية ووضوح المرتكزات يرى القبيبان أن قوة الدبلوماسية السعودية تنبع من وضوح استراتيجيتها، إذ تقوم على الانفتاح المدروس على المجتمع الدولي مع التمسك بالثوابت الوطنية والإسلامية. ويستشهد بخطاب ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في افتتاح أعمال مجلس الشورى، حين أكد على رغبة المملكة في الحوار والتفاعل مع الأمم الأخرى لتحقيق الغايات الإنسانية المشتركة، رغم التحديات الإقليمية غير المسبوقة. ويضيف القبيبان: "ثبات الموقف السعودي هو ما أكسبه المصداقية. فمنذ تأسيس الدولة السعودية الحديثة، كان الانفتاح على الخارج جزءاً من رؤية استراتيجية، لا تكتيكاً عابراً. لذلك تجد المملكة اليوم أكثر حضوراً في القضايا الدولية، من الأمن إلى الاقتصاد والطاقة." وساطات ومبادرات مؤثرة يتوقف القبيبان عند أبرز الملفات التي قادتها المملكة مؤخراً: * الأزمة السودانية: من خلال مباحثات جدة (1) و(2)، نجحت الرياض في جمع الأطراف المتنازعة على إعلان حماية المدنيين، ووقف إطلاق النار المؤقت، وتأسيس منبر إنساني بإشراف الأممالمتحدة، مؤكداً أن هذه الجهود تعكس حرص السعودية على استقرار محيطها العربي والإفريقي. * القضية الفلسطينية: عبر اللجنة الخماسية، دفعت المملكة مع شركائها العرب باتجاه تنفيذ حل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لمعالجة جذور التوتر في المنطقة، بل وتولت الرياض قيادة مبادرة دولية مشتركة مع فرنسا لتعزيز المسار السياسي. * الصراع الروسي - الأوكراني: استضافة جدة لاجتماع ضم ممثلي أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية مثّلت خطوة نوعية عززت موقع المملكة كمنصة حوار عالمي، وأسست لأرضية تفاهمات يمكن البناء عليها نحو تسوية سلمية. رؤية تقوم على "النَفَس الطويل" يوضح القبيبان أن السعودية تعتمد سياسة النفس الطويل في التعاطي مع القضايا الدولية، فهي لا تنجر إلى ردود فعل انفعالية، ولا تقبل الوصاية أو التدخل في شؤونها، لكنها في الوقت نفسه لا تتردد في لعب دور الوسيط النزيه عند اشتداد الأزمات. ويقول: "في عالم تتناقص فيه أدوار القوى التقليدية، تبقى المملكة قادرة على أن تكون صمام أمان، بفضل توازنها ووزنها السياسي والاقتصادي." ويختم القبيبان حديثه قائلاً: "الدبلوماسية السعودية اليوم تعكس قوة الدولة، ورؤية قيادتها، وإيمانها بأن الأمن والاستقرار لا يُبنى إلا بالحوار. وهذا ما يجعلها شريكاً دولياً يحسب له حساب في أي معادلة إقليمية أو عالمية. من التوازن الإقليمي إلى التأثير العالمي يؤكد الدكتور علي بن دبكل العنزي، أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، أن الاحتفال باليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية لا يمثل مجرد استذكار لتاريخ التوحيد عام 1932، بل هو محطة لتأمل التحولات الكبرى التي جعلت من المملكة لاعباً إقليمياً بارزاً وقوة مؤثرة في المشهد الدولي. ويضيف: "اليوم الوطني يجسد قيم الوفاء والتجديد والانتماء، لكنه أيضاً يتيح قراءة المسيرة التي نقلت السعودية من إطار التوازن الإقليمي إلى دائرة التأثير العالمي." من الداخل إلى الخارج.. مسار صعود يرى العنزي أن ما تحقق خلال السنوات الأخيرة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، وضع المملكة في مصاف القوى الفاعلة دولياً. فبينما كانت الرياض لعقود ركيزة للاستقرار الإقليمي، باتت اليوم مركز استقطاب للقوى الكبرى، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو الطاقة أو الأمن. ويستشهد العنزي بمكانة المملكة خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن جدةوالرياض تحولتا إلى منصات للحوار الدولي، سواء عبر المحادثات الأمريكية - الروسية، أو الاجتماعات المرتبطة بالأزمة الأوكرانية. كما يلفت إلى رمزية اختيار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب للمملكة كأول محطة خارجية في ولايته الثانية، باعتبارها شريكاً محورياً في صياغة السياسات العالمية. ويضيف: "هذا الحضور الدولي انعكس أيضاً في تقدير روسيا للدور السعودي في وساطة الحرب الأوكرانية، وفي توطيد الشراكة الاستراتيجية مع الصين، بما يعكس قدرة الرياض على نسج شبكة متوازنة من العلاقات مع الشرق والغرب معاً." قضية فلسطين.. ثبات في الموقف يشدد العنزي على أن القضية الفلسطينية تظل محوراً ثابتاً في السياسة الخارجية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز وحتى اليوم، قائلاً: "المملكة لم تتغير بوصلتها، فهي تنادي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية." ويشير إلى أن الدبلوماسية السعودية لم تكتفِ بالبيانات، بل رعت مؤتمرات دولية، كان أبرزها المؤتمر المشترك مع فرنسا لدفع المجتمع الدولي نحو حل الدولتين، إضافة إلى الدعم المباشر لسكان غزة والضفة الغربية في احتياجاتهم الإنسانية والتنموية. الحضور في القضايا العربية والإقليمية إلى جانب فلسطين، لعبت السعودية دوراً محورياً في دعم سوريا بعد سقوط النظام السابق، حيث ساهمت في رفع العقوبات الغربية عنها ومساندة الحكومة الجديدة اقتصادياً وسياسياً، وصولاً إلى عقد منتدى الاستثمار السعودي في دمشق، لإعادة دمج سوريا في الاقتصاد الإقليمي. كما شمل الدعم ملفات عربية أخرى من لبنان إلى السودان واليمن، بهدف حماية استقرار هذه الدول من التدخلات الخارجية، إدراكاً بأن استقرار المنطقة يعني بالضرورة استقرار العالم. سياسة متوازنة مع القوى الإقليمية ويضيف العنزي أن المملكة حرصت على الاحتفاظ بعلاقات متينة مع دول مثل تركيا وإيران وباكستان، انطلاقاً من قناعة بأن الحوار مع القوى الإقليمية المؤثرة ينعكس مباشرة على استقرار وأمن المنطقة. ويوضح أن هذه السياسة قائمة على مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، واحترام القانون الدولي، والسعي لتغليب لغة الحلول السياسية على التصعيد العسكري. وساطة فاعلة في الحرب الأوكرانية يتوقف العنزي مطولاً عند الجهود السعودية في ملف الحرب الروسية - الأوكرانية، مؤكداً أن الرياض نجحت في الجمع بين طرفي النزاع على طاولة مفاوضات غير رسمية، عبر اجتماعات جدة ومبادرات إنسانية كإطلاق الأسرى بوساطة مباشرة من ولي العهد. ويرى أن هذه الخطوات عكست قدرة المملكة على استثمار علاقاتها المتوازنة مع موسكو وكييف لبناء جسور تفاهم لم تتمكن قوى كبرى أخرى من إنجازها. حضور اقتصادي وسياسي متنامٍ على المستوى الدولي، يؤكد العنزي أن عضوية المملكة في مجموعة العشرين، وتلقيها دعوة للانضمام إلى منظمة البريكس، دليل على مكانتها الاقتصادية المتعاظمة. ويقول: "اقتصاد المملكة هو الأكبر في المنطقة، ومع رؤية 2030 بات التنويع الاقتصادي قوة مضافة تجعل من السعودية رقماً صعباً في معادلات التجارة والطاقة والاستثمار العالمي." ويضيف أن استضافة المملكة للعديد من المؤتمرات الدولية - سواء مع الاتحاد الأوروبي أو منظمة آسيان أو التكتلات الاقتصادية الأخرى - يعكس إدراك العالم أن السعودية ليست مجرد دولة مصدّرة للطاقة، بل قوة إقليمية ودولية تمتلك رؤية استراتيجية لدورها في المستقبل. ويختتم الدكتور علي العنزي بالقول: "المملكة اليوم ليست مجرد قوة إقليمية متوازنة، بل دولة ذات تأثير عالمي آخذ في التوسع. من فلسطينوسوريا واليمن، إلى أوكرانياوروسياوالصين وأمريكا، باتت الرياض نقطة التقاء، وصوتاً عاقلاً، ومركز ثقل لا يمكن تجاوزه في القضايا الدولية الكبرى صناعة القرار الدولي يؤكد الباحث السياسي مبارك آل عاتي أن السياسة السعودية تستند منذ تأسيسها إلى نهج واضح قائم على قواعد ومبادئ راسخة، في مقدمتها احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو ما أكسب المملكة احترام العالم وثقته. ويضيف: "هذا المبدأ لم يكن مجرد شعار، بل ممارسة متجذرة جعلت السعودية تحظى بسمعة الدولة المتوازنة والموثوقة، ما منحها موقع الحياد الاستراتيجي الذي أهّلها للعب دور الوسيط النزيه في أزمات المنطقة والعالم." حضور مؤسّس في النظام الدولي يشير آل عاتي إلى أن التزام المملكة بمسؤولياتها تجاه الأمن والاستقرار الدولي تجسّد منذ وقت مبكر، فهي من الدول المؤسسة للأمم المتحدة، والجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومجلس التعاون الخليجي، ومنظمة أوبك، إلى جانب العديد من الهيئات والمنظمات الدولية. ويؤكد أن هذا الحضور التأسيسي تطور بمرور العقود من مجرد عضوية إلى فاعلية وتأثير متزايدين، وصولاً إلى عضويتها في مجموعة العشرين التي جعلتها شريكاً أساسياً في صياغة القرارات الاقتصادية والسياسية العالمية. ويضيف: "استضافة المملكة لمعرض إكسبو 2030 تعكس حجم الثقة الدولية في قدراتها، ليس فقط اقتصادياً أو لوجستياً، بل باعتبارها دولة قادرة على جمع العالم تحت سقف واحد لتعزيز التعاون في التنمية المستدامة والابتكار." من الحضور إلى الفعل يلفت آل عاتي إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تحوّل المملكة من مجرد طرف مشارك في المحافل الدولية إلى فاعل رئيسي في صناعة القرار الدولي. ويقول: "اليوم، لم تعد السعودية تكتفي بالمساهمة في النقاشات، بل باتت تصوغ المواقف وتبني التوافقات وتدفع باتجاه تنفيذ القرارات على أرض الواقع." ويشير إلى أن الرياض باتت وجهة سياسية عالمية تُقصد للبحث عن حلول للأزمات المعقدة، من الصراعات المسلحة إلى التحديات الاقتصادية والإنسانية، ما جعلها مركز استقطاب للزعماء وصناع القرار. محطة أميركية لافتة ومن أبرز الشواهد على المكانة الجيوسياسية المتنامية للمملكة، يستحضر آل عاتي زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للرياض كأول محطة خارجية في ولايته، وهو ما اعتبره حدثاً مفصلياً في تاريخ العلاقات السعودية - الأمريكية، ورسالة واضحة عن دور الرياض في المعادلات الإقليمية والدولية. ويضيف: "ذلك التوجه نحو المملكة كان بمثابة اعتراف بدورها القيادي، ورغبة في أن تكون الرياض منصة للسلام والحلول السياسية في العالم." مزيج القوة الصلبة والناعمة ويرى آل عاتي أن التحول السعودي لم يأتِ صدفة، بل هو نتاج تكامل القوة الاقتصادية (كمصدر رئيسي للنفط والغاز والبتروكيماويات)، مع القوة السياسية (عبر دبلوماسية نشطة ووساطات فاعلة)، إضافة إلى القوة الناعمة التي تجسدت في الثقافة والرياضة والسياحة. ويختم قائلاً: "بهذا المزيج الفريد، تصوغ المملكة صوتاً جديداً في السياسة الدولية، صوتاً لا يشبه سوى نفسها. منصة دولية للسلام يؤكد المحلل السياسي الدكتور خالد الهباس أن المملكة العربية السعودية أصبحت في السنوات الأخيرة محط أنظار المجتمع الدولي، ليس فقط على مستوى المنطقة، بل أيضاً على المستوى العالمي، بوصفها منصة رئيسية يقصدها قادة الدول للانتقال من حالة الحرب إلى مسار السلام. ويقول: "اليوم، لم تعد السعودية مجرد دولة فاعلة في محيطها، بل تحولت إلى مركز ثقل دولي، يُنظر إليها باعتبارها مرجعاً للوساطة وحلاً للخلافات المستعصية." ثقة دولية متراكمة يوضح الهباس أن هذا الدور لم يكن ليتجذر لولا الثقة التي تحظى بها المملكة نتيجة مواقفها المتوازنة من القضايا الإقليمية والدولية، وحرصها على الوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف. ويضيف: "الدبلوماسية السعودية لم تُبنَ على الانحياز أو الاصطفاف، بل على تعزيز الشراكات الدولية من موقع الحياد الإيجابي، وهو ما أكسبها احترام المجتمع الدولي وتقديره." وساطات ناجحة وحضور متنامٍ يشير الهباس إلى أن الوزن الإقليمي والدولي للمملكة انعكس مباشرة على قدرتها على لعب أدوار الوساطة في ملفات حساسة، قائلاً: "لقد رأينا نجاح الدبلوماسية السعودية في تقريب الفرقاء السودانيين عبر محادثات جدة، كما لمسنا دورها في تقريب وجهات النظر بين واشنطنوموسكو في لحظات توتر حادة." ويستشهد بتقرير نشرته صحيفة نيوزويك الأميركية التي وصفت السعودية بأنها قوة دبلوماسية متزايدة الأهمية، ليس فقط في الشرق الأوسط بل أيضاً في أوروبا، مؤكدة أن حضورها السياسي اليوم يفرض نفسه في المعادلات الكبرى. قيادة مؤثرة واحترام دولي ويتوقف الهباس عند العلاقات الشخصية التي نسجها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع عدد من قادة العالم، معتبراً أنها من العناصر التي عززت مكانة المملكة ورسّخت ثقتها على الساحة الدولية. ويضيف: "الاحترام الكبير الذي يحظى به ولي العهد على مستوى القادة والرؤساء - من واشنطن إلى موسكو - كان له دور مباشر في تعميق الثقة العالمية في السعودية وحكمتها السياسية." صوت محوري في القضايا الدولية ويخلص الهباس إلى أن المكانة التي وصلت إليها المملكة جعلت الزعماء وصناع القرار حول العالم يتطلعون باستمرار إلى معرفة موقف الرياض، والتنسيق معها في القضايا المصيرية، بدءاً من ملفات الأمن الإقليمي مروراً بالطاقة وانتهاءً بالتحديات العالمية المعاصرة. ويقول: "اليوم، السعودية لم تعد مجرد جزء من النقاش الدولي، بل أصبحت جزءاً من الحل، وصوتاً محورياً لا يمكن تجاوزه في أي معادلة سياسية أو استراتيجية.