كان السؤال عن علاقة الإنسان بالمعرفة لا يتوقف عبر التاريخ، ومع كل عصر جديد تتبدل الأدوات وتفتح أبواب وتغلق أخرى، العالم اليوم يقف أمام مرحلة مختلفة لا تقاس بالحديد والنار ولا تختصر في النفط والذهب، بل تقاس بتدفق البيانات الذي لا ينضب، وبالخوارزميات التي تتطور وتبتكر كما لو كانت كائنات حيّة تنبض داخل شبكات من ضوء، في هذا المشهد المتغير، تبرز المملكة العربية السعودية كنجمة في سماء التحولات الكبرى، لا تكتفي بالمشاهدة من بعيد، بل تخطو بثقة نحو القمة بعزم وإصرار جبل طويق لمستقبل يفتخر به صنّاعه وينعم به قادم الأجيال، ومن بين أروقة الجامعات، ومن مختبرات الأبحاث، ومن أحلام شباب لم يكتفوا بأن يكونوا ورثة لماضٍ عريق، بل اختاروا أن يكونوا صانعي الغد، يتشكل جيل سعودي جديد، يحاور الذكاء الاصطناعي لا كخصم، بل كرفيق، يمد له اليد ليبني معه وطنًا أكثر إشراقًا، جيل يؤمن أن التقنية ليست غاية جامدة، وإنما وسيلة تعيد تعريف ما يعنيه أن نعيش، أن نتعلم، أن نتنقل، أن نعالج، أن نحمي أنفسنا، وأن نصنع من كل خلية سيليكونية نافذة نحو حياة أكثر كرامة، جيل يرى في البيانات لغة جديدة للقوة، وفي الخوارزميات أداة لإعادة صياغة المستقبل، ومع كل مبادرة وطنية، وكل مشروع رقمي، تتعزز صورة السعودية كقوة صاعدة في عالم يقاس فيه النفوذ بكمية المعرفة وقدرة العقول على تحويلها إلى واقع ملموس، وهكذا يتحول السؤال عن حدود العقل البشري إلى فرصة، وعن الذكاء الاصطناعي إلى حكاية سعودية تُكتب فصولها اليوم، وتقرأها الأجيال غدًا كإرث من الإبداع والإرادة. الطموح الوطني وبالحديث عن الذكاء الاصطناعي تحدث د. رامي بن محمد عضو هيئة تدريس جامعة الامام محمد بن فيصل، وقال إن المملكة العربية السعودية وضعت الذكاء الاصطناعي في قلب مشروعها الوطني الطموح، رؤية 2030، وكأنها تقول للعالم إن زمن الاعتماد على ثروة واحدة قد انتهى، وإن الثروة الجديدة هي العقول، هي الخوارزميات، هي القدرة على تحويل البيانات الصامتة إلى قصص تنبض بالحياة. رؤية 2030 ليست وثيقة جامدة أو شعارات محفوظة، بل هي أشبه بخارطة طريق ترسم درباً من الصحراء إلى الفضاء، في هذه الرؤية يتحول الذكاء الاصطناعي إلى جسر يربط بين الطموح الوطني والواقع العالمي، فيصبح الاستثمار في التقنية استثمارًا في الإنسان ذاته، في وعيه، وفي قدرته على أن يكون مشاركاً لا متفرجاً. لقد أنشأت المملكة مؤسسات وهيئات تعنى بالبيانات والذكاء الاصطناعي، كما أطلقت برامج لتأهيل الطاقات الشابة، وفتحت أبواب الشراكات مع كبرى الجامعات والشركات العالمية، وكأنها تقول إن المستقبل لا يصنع في عزلة، بل في تفاعل مع الآخر، في تنافس شريف، وفي تعاون يرفع الجميع. وبين الرمال التي كانت يوماً رمزاً للسكون، تنهض الآن مدن ذكية كنيوم، لتجسد كيف يمكن أن تتحول الصحراء إلى مختبر مفتوح للحياة الرقمية، وكيف يمكن أن تصبح المملكة مركزاً إقليمياً وعالمياً يصدّر المعرفة بدلاً من أن يكتفي باستيرادها، إن الذكاء الاصطناعي في المملكة العربية السعودية ليس مجرد تقنية، بل رمزا لعصر جديد، عصر يلتقي فيه التراث مع التحديث، ويذوب فيه الماضي في نهر المستقبل، ليخرج جيل سعودي شاب مزوّد بالعلم والإرادة، مستعد أن يقود لا أن يقاد، أن يبتكر لا أن يستهلك، أن يكتب فصلاً جديدا في قصة وطن لا يعرف المستحيل، لقد أدركت المملكة العربية السعودية أن الاستثمار في المعرفة هو الاستثمار الأسمى، فيسرت لأبنائها تعلم تخصصات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، وكأنها تغرس بذورا في أرض خصبة، تعرف أن غدا سيأتي موسم حصادها. ومن بين قاعات التدريب ومختبرات الابتكار وورش العمل الرقمية، يتشكل وعي جديد، وعي لا يرى التقنية مجرد أدوات باردة، بل يراها امتدادا لروح الإنسان وسعيه الأزلي لفهم ذاته والعالم من حوله. فها هي الجامعات السعودية قد تحولت إلى مصانع للمعرفة ومختبرات للأفكار، حيث تنصهر الطاقات الشابة كما تنصهر المعادن النادرة، لتخرج أكثر صلابة وأكثر إشراقا. ولم تعد الجامعة جدرانا من حجر، بل باتت فضاءً مفتوحا، تتدفق فيه العلوم كأنهار، وتدور فيه الأفكار كما تدور الكواكب في مداراتها، كل فكرة لها مدارها و كل حلم له مساره. في هذا الفضاء المتقد، يلمع شغف الشباب السعودي كوميض برق في ليل طويل. يتجهون بعقول شغوفة إلى تخصصات الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات كما يتجه العطشان إلى الماء، مؤمنين أن هذه الحقول ليست مجرد وظائف مستقبلية، بل هي مفاتيح لعصر جديد، عصر تكتب فيه معادلات القوة بلغة الخوارزميات أكثر مما تكتب بلغة الجغرافيا والسياسة. ترى الطالب منهم يتأمل شاشة حاسوبه وكأنه يتأمل مرآة لذاته، يزرع الأكواد كما يزرع الفلاح بذوره، يحلم أن ينمو منها غد أفضل، وطن أقوى، وإنسانية أرحب. ولأن المعرفة لا تعرف الحدود، فتحت المملكة أمام شبابها أبواب العالم، فأرسلتهم في بعثات علمية إلى جامعات مرموقة، ليعودوا وهم يحملون في عقولهم عصارة تجارب الحضارات الأخرى. لكنهم لا يعودون غرباء ولا منقطعين عن جذورهم، بل يعودون كجسور حية تربط بين الرياض وبوسطن، بين جدة ولندن، بين الظهران وطوكيو. يعودون حاملين مزيجا من الأصالة والمعاصرة، من الصحراء والتقنية، من التراث والحلم العالمي. وهكذا تتحول رحلة التعلم إلى رحلة وجودية، رحلة تتجاوز حدود الشهادة والوظيفة، لتصبح بحثا عميقا عن معنى أن يكون الشاب السعودي فاعلا في هذا الكون الواسع، لا مجرد متفرج على مسرحه. السعودية في قلب التحولات العالمية الكبرى اقتصاد معرفي يعتمد على العقول لا يمكن أن يمر الحديث دون أن نذكر الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، إنها أشبه بقلب نابض يضخ الدماء في شرايين المشروع الوطني الكبير، مشروع التحول الرقمي وبناء اقتصاد معرفي يعتمد على العقول، فهي تجمع البيانات من مختلف القطاعات كما يجمع القلب الدماء من أعضاء الجسم، تنظّمها وتحللها، ثم تعيد ضخها كمعرفة نقية تتدفق في أوردة الدولة الحديثة، لتتحول إلى قرارات أكثر دقة وحلول تسهّل حياة الإنسان وتفتح أمامه مسارات جديدة. منذ لحظة تأسيسها، حملت سدايا على عاتقها مهمة جليلة بأن تجعل من المملكة مركزا عالميا للبيانات والذكاء الاصطناعي، وأن تضعها في مصاف الدول التي تسهم في صياغة قواعدها وتطوير أدواتها. وما يثير الإعجاب أن سدايا لم تنغلق على نفسها، بل انطلقت نحو العالم بشراكات واسعة، مدركة أن الذكاء الاصطناعي قوته الحقيقية تكمن في تفاعله مع التجارب الدولية وفي قدرته على التكيّف مع السياقات المحلية. وإن كانت سدايا هي القلب النابض، فإن مبادراتها التعليمية وبرامجها التدريبية هي الشرايين التي تنقل الدماء إلى كل خلية في جسد الوطن. فهي لا تكتفي برسم الاستراتيجيات أو صياغة الرؤى، بل تهبط إلى الميدان، إلى القاعات والمختبرات وفضاءات التدريب، لتصنع الفارق في تفاصيل حياة الشباب السعودي. ولأن سدايا لا ترى التقنية كغاية بحد ذاتها، بل كوسيلة لبناء الإنسان، فإنها جعلت الشباب في قلب مشروعها. فهي تستثمر فيهم، تعلّمهم، تدربهم، وتفتح أمامهم فضاءات للتجريب والإبداع. وكأنها تقول إن أغلى ما نملكه ليس الخوارزميات ولا المخازن العملاقة للبيانات، بل الطاقات البشرية القادرة على تحويل هذه الأدوات إلى واقع حي يخدم الوطن والإنسانية. وهكذا، تصبح سدايا رمزا لزمن جديد، زمن تتكامل فيه الدولة مع طموح شبابها، وتلتقي فيه التقنية مع الهوية الوطنية، ليولد من هذا اللقاء مسار واضح نحو تحقيق رؤية 2030 وما بعدها، مسار يضع السعودية في قلب التحولات العالمية الكبرى في ميدان الذكاء الاصطناعي. صنّاع الغد ذكر د. رامي أن الاستثمار في التعليم والابتكار والمسابقات يصب في بناء قدرات وطنية متينة يعكس أثره على الاقتصاد والمجتمع والهوية، قد يتساءل أحدهم «أين يجد الشباب السعودي ثمرة ما تعلمه وتدرّب عليه؟»، الإجابة تكمن في مجالات عمل الذكاء الاصطناعي التي بدأت تتفتح في المملكة كما تتفتح أزهار الربيع بعد موسم طويل من الغرس والانتظار. هذه المجالات هي مسارات تضع الشباب في قلب الثورة التقنية وتمنحهم دورا فاعلا في صياغة المستقبل، أول هذه المجالات هو تحليل البيانات الضخمة، حيث يعمل الشباب على استخراج أنماط ومعارف من كميات هائلة من المعلومات، لتمكين الجهات الحكومية والشركات من اتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية، هذا أشبه بالتنقيب عن الذهب، لكن الذهب هنا ليس معادن في باطن الأرض، بل بيانات في أعماق الأنظمة الرقمية، وتبرز الرؤية الحاسوبية والتعرف على الصور والفيديو كمجال ذو شجون. هنا يطوّر الشباب تطبيقات قادرة على قراءة الصور، التعرف على الوجوه، متابعة حركة المرور، أو حتى مساعدة الأطباء في قراءة صور الأشعة وتشخيص الأمراض. إنها عيون رقمية تمنح الآلة قدرة على الفهم البصري. وعلى صعيد آخر يتجلى مجال معالجة اللغات الطبيعية، وهو المجال الذي يطمح فيه الشباب إلى تمكين الحواسيب من فهم اللغة بعمق، لا كمجرد كلمات، بل كمعانٍ وسياقات ثقافية، في هذا الحقل، يعملون على بناء روبوتات محادثة، أنظمة ترجمة، وأدوات تعليم ذكية تخاطب المستخدم بلغته الأم. أما في ميدان الروبوتات والأنظمة ذاتية القيادة، يساهم الشباب في تطوير مركبات ذكية، طائرات مسيّرة، وروبوتات مساعدة يمكن أن تعمل في المصانع أو المستشفيات أو حتى البيوت، إنه المجال الذي يجمع بين البرمجة والهندسة والابتكار، ويحوّل الخيال العلمي إلى واقع ملموس. وأخيرا، هناك المجالات البحثية والأكاديمية، حيث يواصل الشباب دراساتهم العليا، يكتبون أبحاثا تنشر في مجلات عالمية، ويضيفون أسطرا جديدة في كتاب المعرفة الإنسانية. هؤلاء الباحثون هم الذين يؤسسون القواعد النظرية التي تقوم عليها التطبيقات العملية، ليبقى الوطن حاضرا في قلب حركة الفكر العلمي العالمي، بهذا الشكل، نجد أن مجالات عمل الشباب في الذكاء الاصطناعي ليست محصورة في زاوية ضيقة، بل هي فضاء واسع متعدد الأبعاد. تحديات تصنع الريادة أما عن التحديات الخاصة بالجيل الشاب السعودي فقد أكد الدكتور رامي، أنه حين يدخل الشباب السعودي إلى عالم الذكاء الاصطناعي، فإنهم لا يدخلون طريقا ممهدا بالكامل، بل طريقا ممتزجا بالعقبات والآمال. هناك صعوبات حقيقية قد تبطئ المسير، لكن في قلب هذه الصعوبات نفسها تكمن الفرص التي تصنع الفارق. من أبرز التحديات أن هذا المجال يتغير بسرعة مذهلة، فما يتعلمه الشاب اليوم قد يصبح قديما غدا. هذه السرعة تجعل عملية التعلم المستمر ضرورة لا خيارا، وتجعل من المرونة الذهنية صفة أساسية لكل من يريد البقاء في السباق. وتبرز قضية اللغة والبيانات العربية كعقبة إضافية، إذ ما زالت اللغة العربية تعاني من نقص في الموارد الرقمية التي تغذي الخوارزميات. هذا التحدي يجعل من تطوير تطبيقات ذكية تخاطب المستخدم العربي مهمة أصعب، لكنه في الوقت نفسه يقدم فرصة ذهبية للشباب السعودي ليكونوا روادا في سد هذه الفجوة، وليحولوا لغتهم وثقافتهم إلى مادة خصبة للتجارب العالمية. كما أن التمويل يمثل أحد العوائق، فالأفكار المبتكرة تحتاج إلى رأس مال ودعم استثماري لتتحول إلى مشاريع قائمة. قد يواجه بعض الشباب صعوبة في إقناع المستثمرين أو في الوصول إلى منصات الدعم، لكن هذه الصعوبات تكسبهم مهارات جديدة في العرض والإقناع وبناء الشراكات. ولا يمكن إغفال التحديات الأخلاقية والتنظيمية. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة برمجية محايدة، بل هو قرار يمس الخصوصية، ويؤثر في العدالة. وهنا يجد الشباب أنفسهم أمام مسؤولية مضاعفة، أن يبدعوا تقنيا وفي الوقت ذاته يلتزموا بالقيم والأخلاقيات. لكن في مواجهة هذه التحديات تتفتح فرص هائلة. فالمجال في السعودية ما زال في بداياته الذهبية، وهذا يعني أن مساحة الإبداع مفتوحة، وأن كل فكرة جديدة يمكن أن تجد لها مكانا في السوق. كما أن الدعم الحكومي والرؤية الوطنية يوفران مظلة قوية تدعم المبتكرين وتمنحهم فرصا لا تتاح في كثير من الدول. إن الشباب السعودي الطموح يعلم إن التحديات والفرص في الذكاء الاصطناعي هما وجهين لعملة واحدة. في كل عقبة تكمن إمكانية، وفي كل صعوبة فرصة للنمو. ومن يتعامل مع هذه المعادلة بوعي وشجاعة، سيجد نفسه ليس فقط جزءًا من ثورة تقنية عالمية، بل فاعلًا رئيسيًا في كتابتها من قلب المملكة، وهكذا نجد أن رحلة الجيل السعودي الشاب في عالم الذكاء الاصطناعي هي فصل جديد يكتبه الوطن بأقلام أبنائه وبناته. إنها حكاية امتزجت فيها الرمال بوهج الشاشات، وتداخل فيها صوت الماضي مع همس المستقبل، لتولد سيمفونية وطنية عنوانها الطموح وإيقاعها الإبداع. قلب الحاضر ونبض المستقبل لقد أثبت هذا الجيل أن المعرفة حين تزرع في أرض خصبة من العزيمة تتحول إلى شجرة وارفة تمد جذورها في عمق الهوية، وتفتح أغصانها نحو سماء لا حدود لها، فتثمر ثمارا من ابتكار وريادة ووعي إنساني متجدد. إن ما يعيشه الشباب السعودي اليوم مع الذكاء الاصطناعي هو إعادة تعريف لدور الإنسان في هذا العصر، وتجديد لعلاقة الوطن بأبنائه، وتجسيد لرؤية بعيدة المدى ترى في كل عقل فرصة وفي كل فكرة بذرة وفي كل حلم مشروعا ينتظر أن يتحقق. وبينما ينشغل العالم بتسارع التحولات، يقف هذا الجيل بثقة على أرضه، ينظر إلى الأفق بعين حالمة وأخرى واقعية، ويقول للعالم إن المملكة ليست مجرد متلقٍ للمعرفة، بل صانع لها ومشارك أصيل في صياغة مستقبلها. ولعل أجمل ما في هذه المسيرة أن الذكاء الاصطناعي أصبح جزءا من نسيجها، يتسلل إلى قاعات الدرس، مختبرات البحث، ساحات الابتكار، وحتى إلى أحاديث الشباب عن أحلامهم القادمة. لقد أصبح الذكاء الاصطناعي لغة جديدة للتعبير عن الطموح، وجسرا يربط بين الخيال والواقع، وبين التراث والانطلاق نحو آفاق كونية واسعة. وهنا تكمن فرادة التجربة السعودية، فهي لا تذيب هويتها في بحر العولمة، بل تجعل من عراقتها مركبا ومن تقنيتها شراعا ومن شبابها رياحا تدفع المسير إلى الأمام، أيها الشباب السعودي، أنتم قلب الحاضر ونبض المستقبل، أنتم الذين تحملون في عقولكم شغف المعرفة وفي قلوبكم قوة الانتماء، أنتم الذين تملكون القدرة على تحويل الذكاء الاصطناعي من مجرد تقنية إلى لغة جديدة تكتب بها قصة وطن يتجدد في كل يوم، فلا تجعلوا ما تعلمتموه يقف عند حدود القاعات والمختبرات، بل اجعلوه وقودا لحلم أكبر، حلم يفتح أمامكم أبواب الابتكار وريادة الأعمال ويمنحكم مكانا بين صناع التغيير في العالم، تذكروا أن التحديات التي تواجهونها ليست عوائق بل جسورا تعبرون من خلالها نحو إنجاز أعظم، وأن كل فكرة تضيئون بها عتمة الواقع هي بذرة لمستقبل يليق بكم وبالسعودية التي تراهن عليكم، فكونوا على قدر هذا الرهان، وامضوا بثقة في طريق لا يعرف المستحيل. البيانات نفط المستقبل وفي إطار الذكاء الاصطناعي والنفط، يذكر المحامي فارس الدرعاني، متخصص في حوكمة الذكاء الاصطناعي، أن المملكة اليوم تدخل مرحلة ما بعد النفط، والذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية بل أداة سيادية لإعادة تشكيل الاقتصاد الوطني، حين نضع الخوارزميات في قلب الصناعات المالية، الصحية، التعليمية، وحتى الزراعية، فإننا نخلق مصادر دخل متجددة لا تعتمد على النفط، بل على "البيانات". هنا يكمن الفرق: النفط مورد ينضب، أما البيانات فهي تتضاعف كل ثانية، لذا فإن البيانات هي نفط العالم والسيادة لمن يواكب الذكاء الاصطناعي في كل المجالات، وذكر الدرعاني أنه يمكن اعتبار البيانات نفط القرن الحادي والعشرين، حيث إن البيانات هي نفط القرن الجديد، ولكن الفرق أن النفط يبيعونه بالبراميل، أما البيانات فتُستثمر بالعقول والخوارزميات، السعودية اليوم أنشأت بنوك بيانات وطنية وأطلقت منصات مثل سدايا لتكون المرجعية. وهذا استثمار استراتيجي يعزز قوتها الناعمة والصلبة معًا، كما كان النفط قوة السعودية في القرن الماضي، سيكون الذكاء الاصطناعي قوتها في هذا القرن. الفرق أن النفط يُستخرج من باطن الأرض، أما الذكاء الاصطناعي فيُستخرج من عقول أبنائها". فرص وتحديات ذكر الدرعاني أن الفرص للشباب السعودي هائلة، تبدأ من مقاعد الدراسة في مبادرات مثل أكاديمية سدايا، ولا تنتهي عند حدود تأسيس شركات ناشئة في قطاعات الأمن السيبراني، التشخيص الطبي، أو المدن الذكية. الشباب اليوم قادر على أن يكون ليس فقط مستخدمًا للتقنيات، بل صانعًا لها. المستقبل في هذا القطاع لن يُمنح، بل سيُنتزع بالعلم والابتكار، أما بالنسبة للتحديات، فإن التحدي الأول هو بناء ثقة تشريعية، أي أن تكون لدينا أنظمة وقوانين تنظم الذكاء الاصطناعي كما ننظم أسواق المال، والتحدي الثاني هو سد فجوة الكفاءات؛ فالخوارزمية تحتاج لعقل سعودي يصيغها ويراقبها. أما التحدي الثالث فهو حماية الخصوصية، لأن البيانات إذا لم تُصن فهي تتحول من "نفط رقمي" إلى "ثغرة أمنية"، ستشهد الصحة قفزة بتقنيات التشخيص المبكر، التعليم سيتحول إلى منصات ذكية تواكب كل طالب بحسب قدراته، النقل سيُدار بخوارزميات تجعل الحوادث نادرة، والخدمات الحكومية ستصبح أكثر سرعة وشفافية، كل هذه القطاعات ليست مجرد مستفيدة من الذكاء الاصطناعي، بل ستكون جزءًا من هويته الوطنية الجديدة، وتعتبر نيوم وذا لاين ليست مجرد مشاريع عمرانية، بل هي سيادة خوارزمية تُدار بقوانين رقمية. في هذه المدن ستُدار الطاقة كما يُدار القضاء: بعدالة وكفاءة وشفافية. المواطن سيشعر أن حياته اليومية أكثر سهولة: سيارات ذاتية القيادة، مستشفيات تتنبأ بالمرض قبل وقوعه، ومنازل تعرف احتياجاتك قبل أن تطلبها. إنها نقلة حضارية تضع السعودية في قلب القرن الحادي والعشرين. الفضاء الرقمي إن الأمن القومي لم يعد جنديًا على الحدود فقط، بل خوارزمية ترابط خلف الشاشات، حيث أشار الدرعاني أن الذكاء الاصطناعي قادر على رصد التهديدات في لحظة وقوعها، بل والتنبؤ بها قبل حدوثها. بالنسبة للسعودية، حماية فضائها الرقمي لا تقل أهمية عن حماية حدودها البرية والبحرية. الأمن السيبراني هو جبهة المستقبل، والذكاء الاصطناعي هو سلاحها، أما بالنسبة للتحديات هذا هو التحدي الحقيقي: أن نسمح للخوارزمية أن تخدم الإنسان لا أن تراقبه. هنا يظهر دور التشريع والرقابة، تمامًا كما في الأنظمة المالية. إذا كانت لدينا تشريعات صارمة تُجرّم إساءة استخدام البيانات، ومؤسسات رقابية تتابع التنفيذ، فإن الخصوصية تصبح جزءًا من السيادة الوطنية. حماية الأنظمة يشرح الدكتور بلال المطارنة متخصص في أنظمة وأمن المعلومات من جامعة العربية المفتوحة أن الذكاء الاصطناعي يختصر الوقت والجهد المبذول في اكتشاف الثغرات الأمنية، ويجعل عملية تأمين البرمجيات أكثر استباقية وذكاءً مقارنة بالطرق التقليدية المعتمدة على التدخل البشري اليدوي، وذلك من خلال استخدام الخوارزميات المتقدمه التى تساهم بشكل فعال في تحليل كميات بيانات ضخمه والتعلم منها، كما يؤكد د. بلال بوجود برامج وتطبيقات حالية تستخدم من أجل تعزيز حماية الأنظمة، مثل أنظمة الكشف المبكر عن التهديدات باستخدام التعلم الآلي، وأدوات تحليل السلوك غير الطبيعي، وأنظمة الرد التلقائي على الهجمات لتعزيز الحماية بشكل ذكي وفعّال، وفي الحديث على التنبؤ بالهجمات السيبرانية قبل حدوثها، يرى د. بلال أن الذكاء الاصطناعي لا يمكنه منع كل الهجمات قبل وقوعها، لكنه يُعد أداة قوية للكشف المبكر والتنبؤ الاحتمالي، بدمجه مع أنظمة الدفاع التقليدية والبشرية، يمكن أن يُحدث فرقًا حقيقيًا في أمن الشبكات، وفي هذا السياق يؤكد د. بلال أنه من الممكن أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي نفسه كأداة للهجوم السيبراني، حيث أنه ليست تنبؤات او توقعات بل حدثت بالفعل وهنالك العديد من الحالات الواقعية الموثقه المسجله تم استخدام الذكاء الاصطناعي في عمليات هجوم فعليًا، والجهات الأمنية تعتبر هذا من أكبر التهديدات الحديثة، تكلم د. بلال عن موازنة الفوائد الكبيرة حيث أنها تكون من خلال ايجاد توازن دقيق بين الابتكار والضوابط ومن وجهة نظري يمكن تحقيق ذلك من خلال الحوكمه وايجاد قوانين توضح مالذي يسمح ومالا يسمح ومراقبة انظمه الذكاء الاصطناعي حتى لا تتجاوز المهام الخاصه بها، أما بالنسبة للتهديدات الأمنية التي تواجه مطوري البرمجيات ذكر أنها تتمثل أبرز التهديدات في استغلال الثغرات الأمنية الناتجة عن شيفرات مولدة بالذكاء الاصطناعي، وزيادة الهجمات السيبرانية المعتمدة على أدوات ذكية للتصيد والتحايل. استثمارات كبرى في التقنيات الحديثة تطوير وحلول وبحسب ما ذكره د. بلال عن المنظمات والشركات التي تكون مستعده فعليًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تأمين أنظمتها فإن من من وجهة نظر د. بلال أن العديد من المنظمات بدأت باستخدام الذكاء الاصطناعي في تأمين أنظمتها، لكن الاستعداد الفعلي يختلف فبعضها يمتلك البنية والخبرة الكافية، بينما لا يزال البعض الآخر يواجه تحديات في التبني الآمن والفعال للتقنية، بالإضافة إلى أن للتدريب دور كبير وفعال في بناء الكفاءات البشرية لضمان فهم عميق لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتمكين الفرق من تطوير واستخدام حلول آمنة وفعّالة، مما يقلل مخاطر الهجمات ويعزز القدرة على التصدي للتهديدات المتطورة، أما بالنسبة لمستوى رفع الوعي المجتمعي فيمكن رفعه من خلال حملات توعية مستمرة، ورش عمل تعليمية، وإدماج مفاهيم الأمان الرقمي في المناهج الدراسية، بالإضافة إلى نشر محتوى مبسط يشرح المخاطر وطرق الحماية بأسلوب واضح وعملي، ويقدم د. بلال نصائح لمطوري البرمجيات الجدد في مجال الأمن السيبراني، قائلًا أنصحهم بالتركيز على التعلم المستمر، فهم أساسيات التشفير وشبكات الحماية، تطبيق مبادئ التصميم الآمن، اختبار الشيفرة بانتظام، ومتابعة تحديثات الثغرات والهجمات الجديدة للبقاء دائمًا في الطليعة، ويؤكد أيضا أن الجيل الجديد من المبرمجين يحتاج لتعلم الذكاء الاصطناعي كمهارة أساسية بجانب البرمجة، حيث أنه بكل تأكيد الذكاء الاصطناعي له دور مهم وايجابي في تعزيز القدرة على تطوير حلول ذكية، يحسن كفاءة البرمجيات، ويفتح فرصًا أكبر في سوق العمل المتطور. الاقتصاد الرقمي ذكر أ. طلعت حافظ المتخصص في الاقتصاد أن الخوارزميات وتحليل البيانات الضخمة تلعب دورًا محوريًا في الحراك المتسارع الذي يشهده الاقتصاد الرقمي، حيث تُستخدم الخوارزميات لحل المشكلات وتنفيذ المهام بطريقة منهجية دقيقة. وفي عالم التقنية والاقتصاد الحديث، تسهم هذه الخوارزميات في أتمتة العمليات ودعم اتخاذ القرارات الذكية، مما يؤدي إلى رفع الكفاءة التشغيلية، تخفيض التكاليف، وتقليل الحاجة إلى التدخل البشري، وتنعكس هذه القدرات بشكل مباشر على تحسين جودة الخدمات في مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية، من خلال الاعتماد على تحليل البيانات بشكل فعّال. وبهذا، تُمكن الخوارزميات الدول من تسريع التحول نحو اقتصاد رقمي متقدم يعتمد على أحدث التقنيات الرقمية، أما بالنسبة ل البيانات الضخمة وتحليلها، فهي أداة استراتيجية لدراسة الواقع الاقتصادي والتجاري، حيث تساعد في فهم الاتجاهات والتنبؤ بالنتائج المستقبلية. كما تُستخدم في تحسين كفاءة التشغيل، ودعم صناعة السياسات العامة، وتخطيط البرامج التنموية بشكل أكثر فاعلية، بما يخدم أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي، فإن تكامل تحليل البيانات الضخمة والخوارزميات يوفّر أساسًا متينًا لإدارة الاستراتيجيات الوطنية، ويُسهم في اتخاذ قرارات مدروسة، تنبؤية، وفعّالة في مختلف مجالات الحياة والاقتصاد، وتحدث أ. طلعت حافظ أنه بكل تأكيد، يمكن للاقتصاد الرقمي أن يكون محركًا أساسيًا للنمو الاقتصادي في المملكة، خاصة بتوفر بنية رقمية قوية في المملكة. ويأتي ذلك في ظل التحول الاقتصادي النوعي غير المسبوق الذي تشهده المملكة، والذي يستهدف تنويع القاعدة الاقتصادية ومصادر الدخل، ضمن إطار رؤية السعودية 2030. المملكة تمتلك لمقومات ضخمة تدعم هذا التحول، من أبرزها: بنية تحتية رقمية متقدمة، نسبة عالية من فئة الشباب، استثمارات كبرى في التقنيات الحديثة، جميع هذه العوامل مجتمعة تُمكّن المملكة من الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الرقمي، من خلال تطوير قطاعات حيوية تشمل: التجارة الإلكترونية، والتقنيات المالية (FinTech)، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من التقنيات الحديثة التي تُشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي في المستقبل، بإلاضافة الى أنه يمكن للبيانات أن تتحول إلى مورد اقتصادي يوازي النفط في قيمته ودوره الاستراتيجي، حيث تُعد البيانات اليوم ثروة معلوماتية عظيمة، وأحد أهم الموارد الاقتصادية في العالم، فالدول التي تمتلك القدرة على جمع البيانات وتحليلها بفعالية، ستكون الأقدر على اتخاذ قرارات استراتيجية دقيقة، والبناء عليها في صياغة السياسات وتحقيق التنمية المستدامة، وعند المقارنة بين البيانات والنفط، نجد أن كليهما يلعب دورًا محوريًا في دعم النمو الاقتصادي، بل يمكن اعتبارهما مكملين لبعضهما البعض. إذ إن التحليل الذكي والمنهجي للبيانات يساهم في تحسين كفاءة الإنتاج، وتقليل تكاليف التشغيل، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات الاقتصادية. جيل رقمي واعد يلعب الشباب السعودي دورًا محوريًا في تطوير حلول أمنية متقدمة قائمة على الذكاء الاصطناعي، حيث يعمل الكثير منهم على ابتكار أدوات وتقنيات تسهم في تعزيز الأمن السيبراني، مثل بناء أنظمة SIEM ذكية وربطها بخوارزميات الذكاء الاصطناعي. هذا الدمج يساعد في الكشف المبكر عن التهديدات والتعامل معها قبل أن تتحول إلى كوارث رقمية، وهو ما يشكل نقلة نوعية في مجال الحماية الرقمية. ويؤكد أ. البراء الصادق، المختص والمحلل في أمن السيبراني، أن "العقول السعودية الشابة قادرة على تقديم حلول رائدة تجعل من الذكاء الاصطناعي أداة استراتيجية للدفاع الرقمي، لا مجرد تقنية مساعدة، وهو ما يفتح آفاقًا واسعة لبناء منظومة أمنية متكاملة محليًا، واضاف أ. البراء ان الجيل الجديد اليوم يمثل بالفعل ما يمكن تسميته ب»النفط البشري» الذي يحمي أصول الدولة الرقمية فالمعرفة المستمرة، ومتابعة أحدث تطورات الهجمات السيبرانية، والتعلم الدائم لطرق التصدي لها، كلها عوامل تجعل من الشباب ثروة استراتيجية قادرة على حماية مقدرات الوطن الرقمية، وبرزت تجارب شبابية سعودية مميزة في هذا المجال؛ على سبيل المثال: مشاريع طلابية وبحثية شاركت في مبادرات مثل سايبرهب و هاكاثون سايبر سيكيوريتي التي أطلقتها جهات وطنية، وابتكرت حلولاً تعتمد على الذكاء الاصطناعي لرصد محاولات الاختراق والاحتيال الإلكتروني كما شارك شباب سعوديون في تطوير أنظمة للكشف التلقائي عن البرمجيات الخبيثة باستخدام تقنيات تعلم الآلة، وحققوا مراكز متقدمة في مسابقات الأمن السيبراني العالمية. أمن ذكي ترتبط العلاقة بين البيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي ارتباطًا وثيقًا، إذ يعتمد الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات لاستنتاج أنماط تساعد على التنبؤ بالهجمات الإلكترونية هذه القدرة التحليلية تشكل خط دفاع متقدم يعزز الأمن الوطني ويدعم متخذي القرار في مواجهة التحديات. ويشير أ. البراء الصادق، مختص ومحلل أمن السيبراني، إلى أن "الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد أداة تقنية، بل تحول إلى عنصر سيادي في حماية الأمن القومي، لأنه يمنح القدرة على التنبؤ والوقاية قبل حدوث الأزمات، وهو ما يصنع الفارق في ساحة المواجهة الرقمية." يبرز دور الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالأزمات بشكل لافت، فهو قادر على إطلاق إنذارات مبكرة حول محاولات الاختراق أو حتى الكوارث التقنية قبل وقوعها، مما يمنح المؤسسات وقتًا ثمينًا للاستعداد والتصدي للهجوم في مهده. الأهمية الكبرى تكمن في كون الذكاء الاصطناعي أصبح خط الدفاع الأول ضد الجرائم السيبرانية، من خلال أنظمة وبرامج قادرة على رصد التهديدات بشكل لحظي، وتفعيل الاستجابة التلقائية للتصدي لها. لكن في المقابل، يشدد الصادق على أن "التحدي الحقيقي يكمن في إمكانية إساءة استخدام هذه التقنية من قبل جهات معادية، مما يفرض على الدول بناء أدوات سيبرانية ذكية تضاهي قدرات المهاجمين." مستقبل الامن السيبراني ، يمكن القول إن الأمن السيبراني يتجه إلى طريق أكثر إشراقًا وتطورًا بفضل الاعتماد المتزايد على الأنظمة الذكية ولن يكون هناك عمل ناجح في المستقبل من دون بيئة سيبرانية آمنة، فالتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي لا ينفصلان عن الأمن القومي الرقمي. مدن ذكية تجسد تحول الصحراء إلى حياة رقمية تشخيص ذكي يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين دقة التشخيص، كما يؤكد أ.د. علي سمير سعد قسم التكنولوجيا الطبية الحيوية كلية العلوم الطبية - بجامعة الملك سعود - الذكاء الاصطناعي أصبح أداة مهمة جدًا في المجال الطبي، خاصة في التشخيص، حيث يساعد الأطباء على تقليل الأخطاء وزيادة سرعة ودقة اكتشاف الأمراض. يمكننا تلخيص مساهمته في تحسين دقة التشخيص بالنقاط التالية: تحليل الصور الطبية، يستخدم الذكاء الاصطناعي تقنيات الرؤية الحاسوبية لتحليل صور الأشعة السينية أو صور الرنين المغنطيسي MRI، ويعطي نتائج أعلى دقة من العين البشرية في بعض الحالات. يمكنه اكتشاف أورام صغيرة أو تغييرات دقيقة قد تكون صعبة الرؤية بالعين المجردة، بإلاضافة الى التشخيص المبكر من خلال دراسة الأنماط في بيانات المرضى والتحاليل (الدم، الصور، السجلات صحية)، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبيه لمؤشرات مبكرة للأمراض مثل السرطان، أمراض القلب أو السكري، قبل أن تتطور بشكل خطير، كذلك الاعتماد على كميات كبيرة من البيانات، حيث يتعلم الذكاء الاصطناعي من ملايين السجلات الطبية والصور ليُحسن قدرته على التشخيص باستمرار، مما يقلل من الانحيازات الفردية ويزيد من الموضوعية، و يمكن للذكاء الاصطناعي تحديد العلاج الأنسب لكل مريض باستخدام الطب الشخصي مما يساعد في تقليل أخطاء التشخيص وخيارات العلاج من خلال تحليل البيانات الجينية والسريرية، بشكل فردي ويساعد الذكاء الاصطناعي في سرعة التشخيص و يؤكد د.علي أن هناك فرق واضح وملحوظ في سرعة التشخيص بعد إدخال أنظمة الذكاء الاصطناعي في الطب خصوصاً في المجالات التالية: تقليل وقت تحليل الصور الطبية: قد يحتاج الطبيب إلى 5–20 دقيقة لتحليل صورة أشعة معقدة ويمكن لخوارزميات الذكاء الاصطناعي معالجة آلاف الصور في دقائق فقط، بالإضافة الى الفرز الأولي للمرضى (Triage) أنظمة الذكاء الاصطناعي تساعد في فرز الحالات الخطيرة بسرعة في أقسام الطوارئ، (مثل نزيف الدماغ في الأشعة المقطعية) ، مما يقلل من التأخير في التدخل، جرت تجربة بمستشفيات بريطانية، حيث خفضت أنظمة الذكاء الاصطناعي زمن قراءة صور سرطان الرئة بنسبة تقارب 30 - 40 % مع المحافظة على دقة أعلى أو مساوية لدقة الأطباء، ويتوقع د، علي أن مستقبل الذكاء الاصطناعي يحمل الكثير من التغييرات الجوهرية، بناءً على سرعة تطور الخوارزميات، توفر البيانات، والقبول المجتمعي والأخلاقي، إليك أبرز التوقعات: تشخيص أدق وأسرع، ستصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على التشخيص بدرجة قريبة جدًا من الأطباء الخبراء، بل ربما تتفوق في بعض التخصصات الدقيقة (مثل علم الأشعة والعيون والأمراض الجلدية). قد يتم الاعتماد عليها في الفرز الأولي للمرضى قبل عرضهم على الطبيب، بالإضافة إلى الطب الشخصي (Personalized Medicine) عبر تحليل البيانات الجينية والبيومترية، ستتمكن الخوارزميات من اقتراح علاج مصمم خصيصًا لكل مريض، بدلاً من بروتوكول عام للجميع، إضافة الى الجراحات الذكية، روبوتات مدعومة بالذكاء الاصطناعي ستقوم بجراحات دقيقة جدًا مع إشراف الأطباء ستزداد الدقة وتقل المضاعفات بعد العمليات. البيانات مورد اقتصادي يوازي النفط في قيمته التقنية في غرفة العمليات يشير د. خالد عبدالله باكرمان، استشاري جراحة عظام الأطفال بمستشفى الملك خالد الجامعي، إلى أن الذكاء الاصطناعي أقل حضورًا في التخصصات الجراحية الدقيقة، لأن الجراحة تعتمد على مهارات يدوية وحسية دقيقة جدًا يصعب على الآلة محاكاتها، مثل الإحساس بالأنسجة، التوازن بين القوة والنعومة، واتخاذ قرار لحظي عند حدوث نزيف غير متوقع. ويضيف أن المهارات الإنسانية مثل الحس الإنساني عند لمس الأنسجة، القدرة على اتخاذ قرارات لحظية في المواقف الحرجة، الحدس الطبي المبني على خبرة طويلة، والتواصل مع الفريق الجراحي وبث الطمأنينة للمريض وعائلته، لا يمكن تعويضها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وفي المقابل، يستخدم الزملاء في تخصصات مثل الباطنة والأشعة والجلدية الذكاء الاصطناعي في قراءة الصور الطبية، إدارة السجلات الطبية الإلكترونية، والمساعدة في التشخيص التفريقي، حيث ثبت أنه يقلل من الأخطاء في التشخيص المبكر لكنه لا يغني عن إشراف الطبيب. ويؤكد د. باكرمان أن تأثير الذكاء الاصطناعي على خبرة الطبيب يعتمد على طريقة الاستخدام؛ فإذا اعتمد الطبيب كليًا على النظام، قد تضعف مهارته النقدية، أما إذا استخدمه كمساعد للتحقق من قراراته، فإنه يزيد من خبرته ويمنحه فرصة للتعلم المستمر.