مع إشراقة اليوم الوطني الخامس والتسعين للمملكة العربية السعودية، تستحضر المملكة، حكومةً وشعبًا، بفخر واعتزاز مسيرة وطنٍ عظيم حافلة بالإنجازات التنموية في مختلف الاتجاهات. فقد واصلت المملكة خطاها الواثقة بثبات نحو الريادة والتقدم، لاسيما في المجال الاقتصادي، الذي يُعد ركيزة أساسية في بناء مستقبل مزدهر ومستدام. وفي ظل رؤية السعودية 2030، التي انطلقت في عام 2016، شهدت المملكة تحولات اقتصادية نوعية وغير مسبوقة، ساهمت في تنويع مصادر الاقتصاد الوطني، وفي زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، وتنويع مصادر الإيرادات العامة. كما وشملت هذه التحولات تطوير البنية التحتية، وتحقيق نمو اقتصادي متوازن يلبي تطلعات القيادة الرشيدة، ويخدم مصالح المواطنين والمقيمين على حد سواء. قفزة نوعية في مساهمات القطاعات غير النفطية من بين الإنجازات الاقتصادية غير المسبوقة التي تحققت في مجال تنمية الأنشطة غير النفطية، والتي أشار إليها الخطاب الملكي الكريم بمناسبة افتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى، نجاح المملكة في تعزيز مساهمة هذه الأنشطة في الاقتصاد الوطني. وقد أثمر هذا التحول الاستراتيجي عن ارتفاع مساهمة القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي لتصل، ولأول مرة في تاريخ المملكة، إلى 56 %، كما وتجاوز إجمالي الناتج المحلي حاجز 4.5 تريليون ريال سعودي. استثمارات عالمية تثبت مكانة المملكة وعلى صعيد الاستثمارات المحلية والأجنبية، تَمكنت المملكة، من خلال تحديث وتطوير أكثر من 700 نظام وتشريع، إلى جانب إعادة هيكلة نظام الاستثمار الأجنبي، من ترسيخ مكانتها كمركز اقتصادي عالمي يستقطب مختلف الأنشطة التجارية والمالية، حيث قد أصبحت المملكة وجهة استثمارية جاذبة لأكثر من 660 شركة عالمية اختارتها مقرًا إقليميًا، متجاوزة بذلك مستهدف رؤية 2030 المتمثل في جذب 500 مقر إقليمي بحلول عام 2030. يُجسد هذا الإنجاز فعالية البيئة التشريعية والاستثمارية في المملكة، ويؤكد أيضًا على متانة الاقتصاد السعودي، وقدرته على استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوطينها بشكل مستدام. توجهات صناعية وتقنية متقدمة وفي إطار تعزيز الاستثمارات المحلية والأجنبية النوعية، ركزت المملكة على التوجهات الاستثمارية المستقبلية التي تقوم على تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الذكاء الاصطناعي، ومعالجة البيانات الضخمة، والأمن السيبراني، وإنترنت الأشياء، وغيرها من التقنيات المتقدمة. كما وشملت هذه التوجهات الصناعات الثقيلة، بما في ذلك صناعة السيارات، وهياكل الطائرات، والسفن وغيرها من الصناعات الإستراتيجية التي تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز صناعي وتقني رائد على المستويين الإقليمي والعالمي. إصلاحات جذرية في قطاع الإسكان وعلى صعيد ملف الإسكان الذي كان يُعد قبل انطلاقة الرؤية السعودية وبرنامج الإسكان، من أكثر الملفات تعقيدًا رغم الجهود الكبيرة التي بُذلت بتخصيص مبلغ 250 مليار ريال سعودي، إلا أن تلك الجهود واجهت صعوبات متعددة نتيجة لغياب التشريعات والتنظيمات الداعمة لنمو القطاع العقاري عمومًا وقطاع الإسكان خصوصًا، إلى جانب غياب بيئة تنظيمية ومؤسسية موحدة تجمع الجهات ذات العلاقة بمجالات التمويل والتطوير والبناء والتشييد. وقد مثّل إنشاء مركز خدمات المطورين العقاريين "إتمام"، خطوة محورية رائدة نحو إصلاح القطاع العقاري والسكني، إذ يُعد أحد أهم المبادرات التي تهدف إلى تيسير انطلاقة القطاع العقاري، وخلق بيئة استثمارية جاذبة، تُسهم في تسريع وتيرة تنفيذ المشاريع السكنية، وزيادة المعروض من الوحدات السكنية سنويًا، لتحقيق الهدف الوطني بتيسير حصول المواطنين على سكن ملائم، حيث يَعمل المركز من خلال اتفاقيات شراكة وتعاون مع الجهات المعنية، مثل وزارة العدل، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة المياه الوطنية، وغيرها من مزودي خدمات التطوير العقاري، كمنصة رقمية تمكّن المطورين العقاريين من الحصول على الخدمات بسلاسة، ومتابعة جميع مراحل المشاريع العقارية من الترخيص وحتى الإنجاز. مبادرات مبتكرة لتعزيز جودة الحياة وبقيادة وزارة البلديات والإسكان، وبالتعاون مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، أسهم برنامج "سكني" ضمن مبادرات رؤية السعودية 2030 في تقديم حلول سكنية مبتكرة تُعزز جودة الحياة، وتوسّع خيارات تملك السكن للمواطنين. وقد أعلنت الوزارة أن أكثر من 54 ألف أسرة سعودية استفادت من برامج الدعم السكني خلال النصف الأول من عام 2025، ضمن جهود تحقيق مستهدفات البرنامج بالوصول إلى نسبة تملك سكني تبلغ 70 % بحلول عام 2030. كما واستفادت نحو 3,800 أسرة من مستفيدي الضمان الاجتماعي من مسارات الإسكان التنموي، في حين بلغت نسبة رضا المستفيدين 90 %، متجاوزةً بذلك المستهدف السنوي البالغ 80 %. الإسكان من التحدي إلى الإنجاز وقد تمكنت تلك الجهود مجتمعة من تحقيق نسبة تملك بلغت 65.4 % بنهاية عام 2024، متجاوزت المستهدف السنوي للعام 2025 البالغ 65 %، وهذا يُعد مؤشرًا واضحًا على فاعلية البرامج والمبادرات المعتمدة لنمو قطاع الإسكان. وبالتوازي مع الإنجازات، واجه القطاع العقاري تحديات تمثلت في ارتفاع أسعار العقار السكني، خصوصًا في مدينة الرياض، نتيجة للنمو الاقتصادي المتسارع، مما انعكس سلبًا على متوسط تكلفة السكن مقارنة بدخل المواطن. ولمعالجة هذه التشوهات، صَدرت توجيهات حكومية صارمة شملت: تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، وتوفير أراضٍ سكنية مخططة ومطورة للمواطنين وفق شروط معينة، بعدد يتراوح بين 10 إلى 40 ألف قطعة سنويًا على مدى خمس سنوات، حسب العرض والطلب، وبسعر لا يتجاوز 1,500 ريال للمتر المربع.، ورفع الإيقاف عن أكثر من 81 ملايين متر مربع من الأراضي في بعض المناطق. وتهدف هذه الإجراءات إلى تحقيق التوازن في السوق العقاري، والتأثير إيجابيًا على الأسعار بما يضمن عدالة التملك واستدامة التنمية. تعزيز المحتوى المحلي والصناعات العسكرية وفي مجال تعزيز المحتوى المحلي، فقد قطعت المملكة شوطًا كبيرًا في معظم القطاعات والأنشطة الاقتصادية، وقد نجحت في ذلك من خلال إنشاء هيئة متخصصة تهدف إلى تنمية المحتوى المحلي بجميع مكوناته على مستوى الاقتصاد الوطني، والارتقاء بأعمال المشتريات الحكومية ومتابعتها. ومن بين الأمثلة على نجاح تلك الجهود، تجاوز الصناعات العسكرية بالنسبة للمحتوى المحلي نسبة 19 % بعد أن كانت لا تتجاوز النسبة 2 % قبل انطلاقة الرؤية السعودية. تعدين يغير الخريطة وصناعة تبني المستقبل وفي مجال الصناعة والتعدين، فقد حققت المملكة مستويات غير مسبوقة من حيث الأداء المتميز، حيث تجاوز عدد المصانع في المملكة ال 12000 مصنعًا توجهًا للوصول وفق الاستراتيجية الوطنية للصناعة إلى 36000 مصنعًا خلال السنوات القادمة. وفي إطار التعدين، فقد قفزت المملكة من المركز 104 إلى 23 عالميًا في مؤشر جاذبية الاستثمار التعديني، وفقًا لتقرير المسح السنوي لشركات التعدين الصادر عن معهد فريزر الكندي لعام 2024، حيث قد حققت المملكة إنجازًا عالميًا غير مسبوقًا خلال العقد الأخير، متقدمة على قطاعات التعدين في وجهات بارزة بآسيا وأمريكا اللاتينية؛ لترسخ المملكة مكانتها كأبرز القوى الصاعدة عالميًا في قطاع التعدين. السياحة السعودية في صدارة النمو العالمي وقد حققت المملكة العربية السعودية تقدمًا استثنائيًا في القطاع السياحي، إذ تصدّرت قائمة الدول من حيث نمو إيرادات السياح الدوليين خلال الربع الأول من عام 2025، مقارنةً بالفترة ذاتها من عام 2019، وفقًا لتقرير باروميتر السياحة العالمية الصادر عن منظمة الأممالمتحدة للسياحة في مايو 2025. كما وجاءت المملكة في المرتبة الثالثة عالميًا من حيث نمو أعداد السياح الدوليين، والثانية إقليميًا على مستوى الشرق الأوسط خلال الفترة نفسها، بنسبة نمو بلغت 102 % مقارنة بعام 2019، متجاوزةً المعدل العالمي البالغ 3 %، ومعدل نمو منطقة الشرق الأوسط البالغ 44 %. تؤكد هذه المؤشرات الإيجابية الصادرة عن جهات دولية محايدة، على فاعلية الجهود السعودية في تطوير القطاع السياحي، ونجاحها في ترسيخ مكانتها كوجهة سياحية رائدة عالميًا، عبر خطوات استراتيجية تنسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. الإنسان في قلب التحول وفي إطار التمكين الاقتصادي، وحرصًا على تعزيز فرص العمل للمواطنين، حرصت المملكة منذ انطلاق رؤية 2030 على بناء أسس قوية لسياسات التوطين، من خلال منظومة متكاملة تقودها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وتدعمها برامج وطنية مثل برنامج "هدف" لتنمية الموارد البشرية. وقد أثمرت هذه الجهود عن: خفض معدل البطالة إلى أقل من 7 %، متجاوزةً المستهدف المقرر تحقيقه بحلول عام 2030، وارتفاع نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى أكثر من 35 % ووصول عدد السعوديين والسعوديات في سوق العمل إلى أكثر من 2.4 مليون. ويُعد هذا التحول دليلاً على كفاءة السياسات الاقتصادية، ونجاحها في تهيئة بيئة عمل جاذبة، تسهم في استدامة التنمية وتعزيز جودة الحياة. دور محوري لصندوق الاستثمارات العامة وقد لعب صندوق الاستثمارات العامة دورًا محوريًا في دعم الحراك الاقتصادي الذي تشهده المملكة، من خلال تنفيذ استثمارات نوعية ذات جدوى اقتصادية ومالية عالية المستوى، تستند إلى معايير الكفاءة والاستدامة. ويواصل الصندوق أداء مهامه الاستثمارية بفعالية، لا سيما بعد أن ارتبط بشكل مباشر بتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، ليصبح أحد أهم محركات تنويع الاقتصاد الوطني، ودعامة رئيسية في بناء مستقبل مزدهر ومستدام للمملكة. وقد ساهم صندوق الاستثمارات العامة بصفته أحد أبرز الروافد الاقتصادية الوطنية، في تأسيس أكثر من 103 شركة حيوية في قطاعات متنوعة، وخلق أكثر من 1.1 مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة، مما عزز من أثره الإيجابي في نمو الاقتصاد المحلي. مشروعات استراتيجية كبرى كما ولعب الصندوق دورًا رئيسيًا في تمويل مشاريع استراتيجية كبرى، أسهمت في ترسيخ مكانته كقوة استثمارية فاعلة، وداعم أساسي لمسيرة التنمية الشاملة. وقد مكّن هذا الدور الريادي الاقتصاد السعودي من تحقيق قفزات نوعية، أهلته للانضمام إلى مجموعة العشرين التي تضم أقوى اقتصادات العالم. وأظهر التقرير السنوي لصندوق الاستثمارات العامة لعام 2024 أداءً مميزًا على مختلف المستويات؛ حيث سجل نموًا في إجمالي الإيرادات بنسبة 25 %، مع الحفاظ على استقرار مستويات الموجودات النقدية على أساس سنوي، ما يعكس قوة المركز المالي للصندوق. كما بلغ إجمالي استثمارات الصندوق في القطاعات ذات الأولوية منذ عام 2021 أكثر من 642 مليار ريال سعودي، وهو ما يُترجم التزامه الفعّال بتحقيق مستهدفات رؤية 2030. وأشار التقرير إلى ارتفاع أصول الصندوق المُدارة بنسبة 19 % سنويًا، لتصل إلى 3.42 تريليون ريال سعودي ما يعادل نحو 913 مليار دولار أمريكي) بنهاية عام 2024)، مع تحقيق عائد تراكمي للمساهمين بلغ 7.2 % سنويًا منذ عام 2017، ما يعزز من جاذبية الصندوق كمؤسسة استثمارية عالمية ذات أداء مستدام. كما حافظ الصندوق على مستويات قوية من السيولة والموجودات النقدية، مع استمرار استقرارها على أساس سنوي، مما يعكس متانة ملاءته المالية ويعزز من قدرته على الاستجابة الفعّالة للفرص الاستثمارية. وقد أسهم ذلك في ترسيخ مكانة الصندوق كأحد أكبر وأسرع صناديق الثروة السيادية نموًا على مستوى العالم. ومن أبرز النتائج المالية التي عكست الأثر المباشر لصندوق الاستثمارات العامة على النمو الاقتصادي في المملكة، ارتفاع مساهمته التراكمية في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 910 مليارات ريال خلال الفترة من عام 2021 حتى نهاية 2024. كما وأظهرت محفظة الصندوق الاستثمارية تركيزًا واضحًا على تنويع الاقتصاد المحلي، إذ شكّلت الاستثمارات المحلية نحو 80 % من إجمالي استثماراته، مقابل 20 % للاستثمارات العالمية، بما يعكس توازنًا استراتيجيًا بين تعزيز الاقتصاد الوطني وبناء شراكات استثمارية دولية مستدامة. وفي إطار استراتيجيته لتعزيز المرونة المالية، واصل صندوق الاستثمارات العامة تنويع مصادر تمويله خلال عام 2024؛ حيث بلغ إجمالي القروض العامة نحو 36.9 مليار ريال سعودي ما يعادل 9.8 مليار دولار أمريكي، إضافة إلى قروض خاصة تُقدّر بحوالي 26 مليار ريال ما يعادل 7 مليارات دولار، مما يعزز قدرته على التوسع الاستثماري دون التأثير على توازناته المالية. وقد حظي الأداء المستقر والمتنامي لصندوق الاستثمارات العامة بتقدير واسع من وكالات التصنيف الائتماني الدولية، حيث قامت وكالة موديز في عام 2024 برفع تصنيف الصندوق من A1 إلى Aa3، وهو ما يعكس قوة مركزه المالي واستدامة نموه. كما وأكدت وكالة فيتش تصنيف الصندوق عند A+، مع منحه نظرة مستقبلية مستقرة، مما يعزز من مكانته كمؤسسة استثمارية ذات مصداقية عالمية، ويدعم قدرته على استقطاب الشركاء والمستثمرين الدوليين. صندوق سيادي يعيد تعريف الثروة وحقق صندوق الاستثمارات العامة تقدمًا ملحوظًا في مؤشر الحوكمة والاستدامة والمرونة (GSR)، الصادر عن مؤسسة Global SWF، حيث بلغت نسبة التزامه 96 % في عام 2024، مقارنة ب 40 % فقط في عام 2021، ما يعكس تطورًا لافتًا في أدائه المؤسسي والتزامه بأفضل الممارسات العالمية في مجالات الحوكمة والشفافية والاستدامة. وجاء الصندوق في المركز الأول عالميًا – بشكل مشترك – ضمن قائمة تضم 200 صندوق سيادي، محققًا نسبة التزام كاملة بلغت 100 % خلال عام 2025، في تأكيد واضح على التزامه بأعلى معايير الشفافية والاستدامة والحوكمة الرشيدة على المستوى الدولي. وفي دراسة أجرتها شركة "براند فاينانس"، تصدّر صندوق الاستثمارات العامة قائمة العلامات التجارية الأعلى قيمة بين صناديق الثروة السيادية بقيمة بلغت أكثر من 4.13 مليار ريال (ما يعادل 1.1 مليار دولار). ويعود تصدر العلامة التجارية للصندوق إلى استراتيجيته الاستثمارية، ومستوى الثقة العالية فيه، والوعي الكبير بعلامته التجارية، بالإضافة إلى دوره المحوري في تعزيز التطور الاقتصادي. و تفوق بحصوله على تصنيف +A في قوة العلامة التجارية، متجاوزًا متوسط تصنيفات صناديق الثروة السيادية المنافسة، ما يعزز من مكانته الرائدة على المستوى العالمي. كما واحتل المركز السابع عالميًا من حيث نسبة الأصول المدارة إلى قيمة العلامة التجارية، ليكون الصندوق السيادي الوحيد بين العشرة الأوائل في هذا التصنيف. يُذكر أن يُذكر أن "براند فاينانس" نشرت نتائج تقريرها السنوي الثاني لأقوى 50 علامة تجارية لصناديق الثروة السيادية ومديري الأصول حول العالم لعام 2025. نحو استدامة شاملة ختامًا، تواصل المملكة العربية السعودية العمل بشكل جاد ومتواصل على تنويع اقتصادها الوطني وتعزيز الموارد المالية، ضمن إطار استراتيجي واضح يستهدف تحقيق الاستدامة المالية والاقتصادية. وتسعى المملكة إلى توجيه الموارد المالية والاقتصادية بكفاءة عالية نحو الأولويات الوطنية التي ترتكز على تحسين حياة المواطن بشكل مباشر، من خلال زيادة الدخل القومي، وتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، إضافة إلى تعزيز بيئة العمل والاستثمار التي تضمن فرصًا متساوية في العمل والحقوق. رؤية طموحة ونهج فريد وقد أثبتت المملكة، بفضل رؤيتها الطموحة 2030، قدرتها الفريدة على التكيف السريع والفعّال مع التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، مما أظهر مرونة غير مسبوقة في القطاعين العام والخاص، إذ استطاع القطاع العام، بقيادة الحكومة الرشيدة، أن يواجه الصدمات الاقتصادية المتتالية عبر سياسات استباقية تستهدف دعم الاقتصاد الوطني، والحد من المخاطر، وتوفير شبكة أمان اجتماعي للمواطنين. وفي الوقت نفسه، برز دور القطاع الخاص كشريك فاعل ومحرك قوي للنمو الاقتصادي، ما أدى إلى خلق بيئة عمل محفزة على الابتكار والاستثمار، وتعزيز مكانة المملكة كمركز اقتصادي عالمي. برامج تنموية تعزز المرونة الاقتصادية كما وعملت الحكومة على مراجعة مستمرة للبرامج التنموية، وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية والتقنية والاجتماعية، مع التركيز على تعزيز المرونة الاقتصادية من خلال تبني آليات متقدمة لإدارة المخاطر، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة ورواد ورائدات الأعمال، وتحفيز الاستثمار في القطاعات الواعدة مثل السياحة، والطاقة المتجددة، والتقنية الحديثة. هذه الإجراءات وغيرها الكثير مكنت الاقتصاد الوطني من مقاومة تقلبات الأسواق العالمية دون المساس بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مع ضمان استمرار تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي. ولا يقتصر النجاح على الجانب الاقتصادي فحسب، بل يمتد ليشمل الأبعاد الاجتماعية والتنموية، حيث عززت المملكة من برامج التوطين والتدريب المهني، وحققت تقدمًا ملموسًا في رفع مشاركة المرأة في سوق العمل، وتقليل معدلات البطالة إلى مستويات تاريخية. كما وتم تحسين جودة الحياة من خلال استثمارات كبيرة في قطاعات الإسكان، والصحة، والتعليم، والخدمات العامة، مما يعكس رؤية متكاملة لاقتصاد يركز على الإنسان ويعمل من أجله. في النهاية، تَعكس هذه الإنجازات الملموسة قدرة المملكة على بناء اقتصاد قوي ومتوازن قادر على الصمود أمام التحديات، ومواكبة التحولات العالمية، مع ضمان توفير فرص مستدامة للنمو والازدهار. كما أنها تضع المملكة في موقع الريادة الاقتصادية الإقليمية والدولية، مستندة إلى إرادة سياسية صلبة، واستراتيجيات تنموية متطورة، وتعاون وثيق بين القطاعين العام والخاص، لتحقيق مستقبل أكثر إشراقًا لجميع أبناء هذا الوطن.