أيام قليلة تفصلنا عن احتفالات وطننا الكبير «المملكة العربية السعودية» وشعبه والمقيمين على ثراه الطيب الطاهر بالذكرى ال 95، مناسبة تتجاوز حدود الزمن لتروي حكاية نجاح استثنائية بدأت مع إعلان التوحيد في عام 1932م. هذا اليوم ليس فحسب ذكرى وطنية عابرة، بل محطة للتدبر في المنجزات الفريدة التي عززت منزلة المملكة كأيقونة عالمية للتطور والتنمية، منذ الوهلة الأولى التي أَعلن فيها الآباء والأجداد المؤسسون، بقيادة المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - توحيد هذا الوطن، برز الحلم بشكل واضح، والطموح بشكل شامخ، وعلى الرغم من الاستهلال المليء بالتحديات، فإن رؤية القيادة الرشيدة وحكمة المؤسسين استطاعت تحويل الصحراء إلى واحة تنبض بالحياة، تزدهر فيها الفرص وتنبثق منها الاكتشافات وينتقل فيها المستحيل إلى واقع ملموس ومشاهد. لكن ماذا عن العقود التسع والنصف التي تشكل تاريخ منجزات المملكة العربية السعودية؟ وكيف ينتقل الحلم إلى واقع ملموس ومشاهد؟ وإلى أي مدى كانت المملكة العربية السعودية قادرة على إحراز التوازن والمحافظة على الهوية الوطنية القوية والانفتاح العالمي؟ وأين تعليم المملكة على الخارطة الإقليمية والدولية؟ إذا نظرنا إلى العقود التسعة ونصف الماضية، نلاحظ أن المملكة حققت بكل اقتدار تقدماً استثنائياً في مختلف المسارات، من التعليم وجودة الحياة والاقتصاد والرياضة إلى الابتكار والتحول التقني والطاقة المستدامة، لتثبيت منزلتها كوجهة دولية رائدة، وما يميزها حقاً هو في قدرتها الفائقة على إحراز التوازن بين الحفاظ على هويتها وانتمائها الوطني والثقافي والانفتاح على العالم برؤية مستقبلية طموحة، التي ترى فيها خطوة مهمة على طريق التمكين لدخول مرحلة جديدة من التطور والنمو والازدهار، تستفيد فيها من كل الفرص التي يتيحها العالم اليوم. على الجانب التعليمي، تتسلم المملكة زمام الطليعة إقليمياً وذلك يرجع إلى المنظومة التعليمية المتطورة التي تركز على إعداد أجيال في استطاعتها التنافس عالمياً، وفي الإبداع والابتكار، باتت المملكة محوراً هاماً للتقنية، حيث تم تصنيفها من بين الدول المتميزة في مجالات الذكاء الاصطناعي واستكشاف علوم الفضاء، ونرى ذلك في إرسال رواد فضاء سعوديين إلى محطة الفضاء الدولية وطموحها الممنهج في إجراء تجارب علمية تستهدف خدمة البشرية وحماية كوكب الأرض، ما يترجم رؤيتها المتطورة واستراتيجيتها الواقعية لإحراز منجزات عالمية. ذكرى مرور 95 عاماً على توحيد وطننا الغالي ليس مجرد احتفال فقط، بل مناسبة لنؤكد فيها قيم الانتماء والولاء، والعمل والطموح الذي ليس له حد، وكما قال المغفور له جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه : «إننا معكم نعايش أمانيكم وأحلامكم فلم يبق لنا من أمل شيء سوى خدمتكم والسهر على راحتكم وتفقد أحوالكم»، وفي المملكة، معايشة أماني وأحلام الشعب تُبنى كل يوم. اليوم الوطني ال 95 هي ذكرى وطنية تترجم روح توحيد هذا الوطن، وفرصة سانحة لتجديد العهد، وفيه يقف المواطن والمقيم على أرض المملكة الطيبة الطاهرة، ليعبّروا عن حبهم وامتنانهم لوطن احتضن الكل.