في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- أصبحت المتاحف في المملكة العربية السعودية عالية الحضور والمنافسة، بفضل الله ثم برؤية الأمير محمد بن سلمان تحولت الطموحات إلى واقع نعيشه اليوم، نهضة شاملة طالت مجالات كثيرة يلحظها كل من يعيش على أرض المملكة أو يزورها، حتى غدت المقارنة مع ما يُعرف بدول العالم المتقدم باهتةً أمام ما تحقق في المملكة، ومع تسارع التغيير في المجتمع، بات على المتاحف أن تواكب هذا الحِراك لتظل جزءاً من مشهده المتطور، لقد فرض هذا الحِراك المتسارع في المملكة على المتاحف دوراً جديداً لا يكتفي بالعرض ولا بالحفظ إنما يتعامل مع الثقافة كعنصر فاعل في مسار التحول الوطني، وفي ظل رؤية وطنية تضع الإنسان السعودي في المقدمة، تحولت الثقافة من كونها نشاطاً نخبوياً إلى ممارسة يومية قابلة للاندماج في حياة الأفراد والمجتمع. يتزامن هذا الحديث مع ذكرى ميلاد الأمير محمد بن سلمان في الحادي والثلاثين من أغسطس، الذكرى التي نحتفي بها كشباب المملكة العربية السعودية بمحبة ووفاء «ماجانا ولد.. جانا بلد»، والتي تذكرنا بأن التاريخ يختار شخصيات قيادية استثنائية تحمل تطلعات الأمّة وتعيد صياغة مستقبلها، لقد استطاع أن يحول الأفكار إلى يقين وأن يرسم للنهضة طريقاً واضح المعالم في المملكة، حيث يلتقي الطموح بالتغيير مع القدرة على الإنجاز، ُولدت رؤية الأمير لتضع الثقافة في صميم النهضة كذكرى حيّة تتطّلع للمستقبل، لم يكن ذلك ليحدث لولا وجود قائد مثله يرى في الثقافة أكثر من قيمة رمزية، يرى فيها أداة لبناء الإنسان، ولاستعادة الهوية، وللوقوف بثبات في وجه التحديات العالمية. الأمير محمد بن سلمان رجل تمكن من إعادة توازن الأمة بأكملها فنقلها من حيرة التوجّه إلى بلوغ المرام، بإيمانه بقدرات الشباب، وبهمّة السعوديين التي شبّهَها «بجبل طويق» الذي لا يُقهر، وبوهج المساعي الكبرى، تجاوز سموّه حدود القيادة الاعتيادية، فلم يأت على رأس مشروع إنما كان هو «المشروع»، ليجسد ظاهرة قيادية متفردة عززت علاقة المواطن بوطنه، والناس بمستقبلهم، لقد قرأ الأمير محمد بن سلمان العالم بلغة جديدة، رأى أن المنافسة فيها تكمن في الاستدامة وفي كيفية تقديم الذات للعالم، فأبدع خطة إدارية بعيدة عن التجرّد، كُتبت كنص طويل بلغة المستقبل، يروي عن مملكةٍ قررت أن تضع الثقافة في قلب نهضتها، من هنا أعاد تعريف «الهوية السعودية المعاصرة» كمزيج متوازن بين العراقة والتجديد، وابتدأ كل ذلك بسؤال عميق: لماذا لا نكون «نحن»؟ لماذا لا نكون كما نريد؟ بدأ الأمير محمد بن سلمان مشروعه رسمياً كعقل استراتيجي صنع المستقبل ولم ينتظره وأعاد تشكيل الواقع ولم يتعامل معه فغيّر الطريقة التي يرى السعوديون بها أنفسهم ووطنهم والعالم، حين نتأمل هذه الرؤية، نلحظ فيها بوضوح أن الاقتصاد لا ينفصل عن الثقافة، ولا التعليم عن الصحة، ولا العمران عن الإنسان، كل مشروع يتساند مع الآخر كما في لوحة حيّة تتمازج ألوانها لتُشكّل صورة واحدة، كل لون فيها يزيد الألوان الأخرى عمقاً وبهاءً. ومن هذا الترابط يولَد شعور في الانسان بأنه جزء من كيان متكامل، فلا يتألّق إلا حين تتصل أبعاد حياته وتتكامل جوانبها. تحت إشراف الأمير محمد بن سلمان، أنشأت المملكة بنية تحتية للثقافة وأعادت تعريفها بالكامل. فأُسست هيئات متخصصة لكل قطاع ثقافي ومنها المتاحف، وظهرت مبادرات كبرى مثل برنامج جودة الحياة، ومواسم السعودية، وسوق عكاظ بحلته الجديدة، ومعرض الرياض الدولي للكتاب بحضور عالمي غير مسبوق. وانطلقت مؤتمرات منها مؤتمر الاستثمار الثقافي عن وزارة الثقافة تحت رعايته ومدفوعا برؤيته الوطنية التي تدعم الاستثمار الثقافي كإحدى ركائز التنمية المستدامة لتدعم المشاريع الثقافية، وتجذب الاستثمارات للقطاع الثقافي، وتحفز ريادة الأعمال في كل المجالات الإبداعية. وفي عمق هذه التحولات صار يُنظر إلى الثقافة كرمز تراثي وكقوة اقتصادية ناعمة تخلق فرصا ًوتبني جسورا ًوتعبّر عن هوية حيوية قادرة على المنافسة. لهذا حين أكتب عن الأمير محمد بن سلمان، أكتب لأننا نعيش أثره، ونلمس تصوراته تتحول إلى واقع، ونقرأ ملامحه في تفاصيل المدن الجديدة، وفي تصميم الشباب، وفي نظرة الوطن لنفسه. أكتب عن رجلٍ آمن بأن الشعوب التي تُنتج ثقافتها تصنع مستقبلها بوعي لا تهزّه التحولات. أكتب لأن الأمير لم يكتفِ بإحياء أمجاد ماضينا إنما علّمنا كشعب كيف نصنع المستقبل ونحلّق نحوه.