فكرة البتكوين بدأت كردة فعل على الأزمة المالية العالمية في 2008، وكانت تستهدف إنشاء نظام نقدي رقمي مشفر لإجراء التحويلات المالية بلا وسطاء، كالبنوك أو شركات بطاقات الائتمان، لأنهم يتحصلون على أرباح عالية سنويًا من وراء رسوم المعاملات المالية والقروض السامة وغيرها، فيما ستكون معاملات البتكوين بلا رسوم.. لا يسمح في المملكة بتبادل الخدمات والسلع عن طريق البتكوين، ولا توجد فيها منصة مرخصة للعملات المشفرة حتى تاريخه، والمختصون يعتقدون أن الأمر مرهون بالوقت، وبالنظر إلى ريادة السعوديين الرقمية، فإن عدم استعجالهم في استخدام هذا الشكل من العملات، مفهوم ومقدر، خصوصا أنها تنطوي على ضبابية عالية، ومن المستبعد استخدامها كبديل للعملة المستخدمة، وتحديداً في عمليات البيع والشراء على اختلافها، ولكنها قد تكون متاحة للاستثمار والادخار وفق ترتيبات محددة، وبما يزيل الصعوبات الموجودة حاليا، فالحسابات البنكية السعودية ترفض استقبالها، والبنك المركزي السعودي لديه تحفظات عليها، رغم أن السلفادور اعتمدت البتكوين كعملة وطنية، والرئيس الأميركي دونالد ترمب وافق على إنشاء صندوق سيادي احتياطي للبتكوين، ومعظم الدول الخليجية لديها منصات للعملات الرقمية. محمد القويز، رئيس هيئة السوق المالية السعودية، قال في مؤتمر القطاع المالي بالرياض، في مارس 2023، إن السعوديين يحاولون استبعاد البتكوين كوسيلة للدفع، ويفضلونه كمخزن أو مستودع للقيمة، وهو رأي منطقي وعقلاني، لأن محدوديته تمنع الاعتماد عليه كعملة، فهو مقيد ب21 مليون وحدة بتكوين، ستكون متوفرة بالكامل في 2140، أو بعد 115 عاماً، وحتى وفرته ستجعله يتقاطع مع سيادة الدولة، وسيطرتها على الأموال وحركتها، وسيضر بمصالحها وأمنها المالي. اللافت اعتراف اليابان بالبتكوين كوسيلة قانونية للدفع في 2017، ومعها قبول مدينتي لوغان السويسرية وميامي الأميركية، بالبتكوين كعملة لشراء الأشياء، في إطار محدود، والقيمة السوقية للبتكوين المتداول عالميا، وفق أرقام يوليو 2025، تجاوزت ترليونين و350 مليار دولار، وبواقع 123 الف دولار لكل بتكوين، وقد شغل المركز العاشر في قائمة أقوى العملات القانونية في العالم، استنادا لقيمتها السوقية، والقائمة تصدرها اليوان الصيني، وتبعه الدولار الأميركي، واليورو الأوروبي، والين الياباني، والجنيه الإسترليني البريطاني، والوون الكوري، والروبية الهندية، والدولار الكندي، ودولار هونغ كونغ، وجاء بعد البتكوين عملات رسمية كالريال البرازيلي والبيزو الأرجنتيني. فكرة البتكوين بدأت كردة فعل على الأزمة المالية العالمية في 2008، وكانت تستهدف إنشاء نظام نقدي رقمي مشفر لإجراء التحويلات المالية بلا وسطاء، كالبنوك أو شركات بطاقات الائتمان، لأنهم يتحصلون على أرباح عالية سنويا من وراء رسوم المعاملات المالية، والقروض السامة وغيرها، فيما ستكون معاملات البتكوين بلا رسوم، والكلام بصراحة فيه وجاهة، فإيرادات شركة فيزا زادت على 24 مليار دولار في 2021، وبنسبة 10 % مقارنة بعام 2020، ولعل المواقف السلبية من البتكوين تأتي لأسباب مصلحية، ومن ذلك ما قاله مسؤولو جيه بي مورغان، إنها احتيال ذكي، وإن هذه الإصول المشفرة لا تختلف عن خدعة بونزي المعروفة، وللعلم فقد وصل صافي إيرادات عملاق الخدمات المصرفية والاستثمارية جيه بي مورغان خلال 12 شهرا ما بين عامي 2020 و2021، لأكثر من 121 مليار دولار، وبالتالي فالدوافع المحركة لما يقولونه واضحة، والناس ليسوا أغبياء إلى هذا الحد. يعتقد الخبراء أن البتكوين سيواصل ارتفاعه، وأنه في 2030 ستكون قيمة البتكوين الواحد خمس مئة ألف دولار، وأول عملية شراء بهذه العملة الافتراضية تمت في 2010 عندما نشر شخص في مدونته عرضا يتضمن شراء قطعتي بيتزا مقابل عشرة آلاف بتكوين، وقد قبل أحدهم عرضه، وفي نهاية العام نفسه تم تسعير البتكوبن بقيمة 39 سنتا أميركيا، وارتفع إلى دولار في 2011، وألف دولار في 2013، وبدأ افتتاح شركات للعملات المشفرة، تعمل على تحويل البتكوين إلى أموال حقيقية، واستمرت الزيادات حتى وصلت إلى 132 ألف دولار في 2025، ولا بد من ملاحظة أن أجهزة الكمبيوتر الضخمة واستعانتها بنظام البلوك تشين والمعادلات الرياضية في تعدين وتشفير البتكوين يستهلك كميات عالية من الكهرباء توازي استهلاك بريطانيا الكهربائي، وتعدين بتكوين واحد يحتاج إلى ستة ملايين وأربع مئة ألف كيلو واط في الساعة، على مدار 12 عاماً، وبتكلفة شهرية تقدر بنحو 44 ألفا و400 كيلو واط، وبحسب متوسط سعر الكهرباء حول العالم، فإن كلفة وحدة البتكوين تقدر بحوالي 40 ألف دولار، ما يعني أنها تحمل قيمة فعلية، والسابق يمثل ميزة تنافسية للمملكة، فكلفة الكهرباء فيها منخفضة، وهذا سينعكس على ما يتم صرفه على التعدين. أعجب ما سمعت عن البتكوين، وبلسان أهله والعارفين به، أنه سيمكن الأشخاص من الادخار والتخطيط للمستقبل، وسيخرجهم من دائرة الكحول والمخدرات التي يكون دخولها بفعل الإحباط وانعدام الرؤية، وبسبب تعقيدات الحصول على النقود بالطرق التقليدية، وسيرفع قيمة الاخلاق فوق الغرائز، وسيقضي على ظاهرة البطالة التي اخترعتها العملات الكلاسيكية، وسيتحول العمل إلى خيار شخصي، والناس سيعتمدون على مدخراتهم الرقمية، ويتفرغون لأنفسهم بصورة أكبر، وإذا كان ما سبق سيأتي به البتكوين، فإني أسجل نفسي ضمن الراغبين فيه، على أن يتم تداوله كمدخرات لا أكثر، بانتظار ما يراه أصحاب القرار المالي في المملكة.