في هذه المرحلة المهمة من عمر الوطن الذي يشهد نقلة نوعية مذهلة ويصنع تحولاً رائعاً على كافة الصعد والمستويات، تظهر وبشكل لافت قيمة وأهمية وتأثير القوى الناعمة المختلفة والمتعددة، وهي بمثابة العناوين والروافع التي تعكس حجم التطور والتنمية في هذا الوطن الكبير الذي أصبح يتصدر أغلب الصور والمشاهد. والكتابة عن القوى الناعمة السعودية بمختلف أشكالها وأنواعها وبنوعية تأثيراتها وتموجاتها، تحتاج الكثير من الدراسات والمقالات، ولكنني في هذا المقال سأذكر مثالاً واحداً فقط عن كل تلك الأشكال والأنواع للقوى الناعمة السعودية التي تزدحم بها قائمة طويلة وزاخرة. التمور السعودية التي أصبحت العنوان الجاذب الأشهر والقيمة الغذائية الأهم في كل الأسواق / البيوت العالمية، هي السلعة الاقتصادية والقوى الناعمة الأكثر جذباً وطلباً محققة وبشكل قياسي مذهل مستهدفات واستراتيجيات رؤيتنا الوطنية الكبرى كأحد أهم المنتجات السعودية الشهيرة التي دعّمت ورسّخت بعمق وثبات مسار الاقتصاد الوطني الذي أصبح يعتمد وبشكل كبير على تنوع مصادر الدخل والاستثمار الوطني. تحتل المملكة المراكز الأولى في عالم التمور على مستوى العالم، فمنذ العام الماضي 2024 أصبحت الدولة الأولى إنتاجاً للتمور بكمية إنتاج تُقارب ال2 مليون طن، وتجاوز عدد النخيل في المملكة ال37 مليون نخلة، وهناك أكثر من 300 صنف من التمور تتوزع على مختلف المناطق في المملكة، كما تجاوزت قيمة إنتاج التمور حاجز ال10 مليارات ريال، وتجاوزت قيمة الصادرات من هذه السلعة الشهيرة ال1.7 مليار ريال لأكثر من 133 دولة في شتى بقاع العالم، وبلغت نسبة الاكتفاء الذاتي للمملكة من التمور 124 %. أرقام ونسب قياسية يُحققها قطاع التمور في المملكة، مؤكداً وبشكل مذهل النجاح الكبير والتميز الرائع لهذا المنتج الغذائي الذي يمتلك خصوصية ورمزية وطنية وعالمية. ولا يمكن الكتابة أو الحديث عن نجاحات وقفزات قطاع التمور في المملكة وتصدره لقائمة القوى الناعمة السعودية التي تصنع صورة جذابة ومؤثرة لهذا الوطن الذي أصبح حديث العالم، إلا بالكتابة عن أهم حدث موسمي لقطاع التمور السعودية وهو كرنفال بريدة للتمور وهو السوق الأكبر عالمياً بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية وتتجاوز حجم مبيعاته ال3 مليارات ريال. وتُمثّل القصيم 50 % من إنتاج المملكة للتمور حيث يبلغ عدد النخيل في منطقة القصيم أكثر من 11 مليون نخلة تنتج أكثر من 45 صنفاً، كما أنها تُمثّل نسبة 30 % من صادرات المملكة لكل العالم. هذا الكرنفال / البازار الوطني الكبير الذي يوفر أكثر من 4000 فرصة عمل موسمية لشباب وشابات القصيم ويستمر 75 يوماً ويرتاده أسبوعياً أكثر من 90 ألف زائر، يُعتبر التظاهرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الأهم في منطقة القصيم، بل وفي روزنامة الفعاليات والمهرجانات الوطنية الكبرى. قبل 15 عاماً، كانت زيارتي الأولى لهذا الكرنفال الوطني الرائع، وشاهدت عن قرب كيف كانت البدايات والتطورات والتحولات. وتجربة النجاح والتميز للفعاليات والمهرجانات في القصيم، تستحق الإعجاب والفخر، فضلاً عن الدراسة والمحاكاة. وهنا لا بد من الشكر والامتنان لدولتنا العزيزة التي تدعم وتشجع كل الفعاليات والأنشطة الوطنية التي تُسهم في تطور وتنمية كل القطاعات والمجالات، وكذلك الشكر للداعم الأول لكل الأحداث والأنشطة والمهرجانات القصيمية التي أصبحت علامة وطنية فارقة تحظى بالإعجاب والدهشة وهو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود أمير منطقة القصيم الذي وضع القصيم في صدارة النجاح وقمة التميز. وختاماً، لكل فريق هذا الكرنفال الوطني الرائع من شباب وشابات الوطن بقيادة عرّابه الملهم الدكتور خالد النقيدان الرئيس التنفيذي لكرنفال بريدة للتمور: شكراً من القلب من كل الوطن.