صدر مؤخراً كتاب «رجل دولة» الذي يتناول سيرة أحد رجالات الدولة البارزين، الشيخ إبراهيم بن عبد الله العنقري -رحمه الله- في رحلة حافلة امتدت على مدى نصف قرن، عاش خلالها تحولات المملكة وتطورها، وأسهم في بناء مؤسساتها وإرساء دعائمها الحديثة. في مقدمة الكتاب، كتب نجله مازن بن إبراهيم العنقري كلمات مؤثرة، أشار فيها إلى أن فكرة التوثيق لم تكن مجرد وفاء ابن لأبيه، بل رغبة في تسجيل تجربة ثرية لرجل عاش للعمل بصمت ونزاهة وإخلاص. الكتاب لا يكتفي بسرد محطات شخصية، بل يضع القارئ أمام لوحة واسعة من التحولات الإدارية والتنموية التي شهدتها المملكة خلال العقود الماضية، والتي كان الفقيد أحد صناعها، خصوصاً في المرافق التي تولى تأسيسها وإدارتها في ظروف دقيقة ومفصلية. أما التمهيد، الذي كتبه الباحث عبد اللطيف بن محمد الحميد، فيؤكد أن السير ليست ترفًا أو تكريمًا فرديًا بقدر ما هي واجب وطني ومعرفي، تنقل الخبرات والتجارب للأجيال، وتضع أمامها نماذج من الريادة والعمل. ويرى الحميد أن سيرة الشيخ العنقري تمثل صورة للمسؤول العصامي الذي شق طريقه بالكفاءة والانضباط، ليغدو قدوة في الإدارة والتخطيط والاستشراف. الكتاب يعرض شخصية نادرة، جمعت بين الحزم الإداري والإنسانية، وبين القدرة على الإنجاز والالتزام بالصمت بعيدًا عن الأضواء، وهو ما جعل توثيق مسيرته تحديًا ممتعًا لفريق الإعداد الذي وجد في كل محطة من محطات حياته إضافة نوعية لمسيرة الدولة. يُعد «رجل دولة» إضافة نوعية لمكتبة السير الوطنية، فهو يقدم للقارئ مادة تاريخية موثقة تعكس مسيرة رجل من رجال الرعيل الأول الذين وضعوا بصمتهم في مرحلة التأسيس والتحديث. الكتاب ليس فقط استذكاراً لمسيرة شخصية بارزة، بل هو وثيقة معرفية ترصد ملامح بناء الدولة السعودية الحديثة، وتفتح أمام الباحثين والمهتمين آفاقًا لفهم التحديات التي رافقت نشأة المرافق الحكومية وتطورها، كما أن الكتاب يعكس قيمة ومكانة شخصية استثنائية، وبنموذج من نماذج الوفاء والعطاء، حيث يلتقي الخاص بالعام، والذاتي بالوطني، ليظل شاهداً على مرحلة مفصلية من تاريخ المملكة، وعلى رجل عاش عمره في خدمة وطنه بصمت وإخلاص.