صدرت مؤخَّرًا سيرةُ الشيخ محمد بن عبدالله الصغير - رحمه الله - في كتابٍ جديدٍ بعنوان "خزائن قاضي الرَّس الملهم: الشيخ محمد بن عبدالله الصغير"، ألَّفه الدكتور خالد الصغير، موثِّقًا فيه مسيرةَ والده الحافلةَ بالعطاء، وكاشفًا للقارئ ملامحَ شخصيةٍ استثنائيةٍ جمعَتْ بين مكانةِ القاضي العادل، وعلمِ العالم الرباني، ورحابةِ المربي الحاني، وأفقِ الداعية الصادق. وقد جاءت هذه السيرة بعد رحلةٍ طويلةٍ من البحث والتوثيق، خاضها المؤلِّف بين الذكريات والوثائق والشهادات، ليقدّم صورةً صادقةً عن رجلٍ آثر العملَ بصمتٍ، فغابت تفاصيلُ كثيرةٍ من حياته عن المدوِّنين، بينما بقي أثرُها خالدًا في نفوس مَنْ عرفوه وتَعامَلوا معه. ضم الكتاب عشرات الشهادات والقصص المعبّرة، وأكثر من مائة وثيقة واستشهاد، إضافة إلى صور نادرة من محطات مهمّة في حياة الشيخ محمد، ما أضفى على السيرة روحًا قصصية نابضة جعلت القارئ يعيش مراحل نشأته وتعليمه وعطائه في ميادين القضاء، والعلم، والدًّعوة والتًّربية. وقد قسّم المؤلف الترجمة إلى ثلاثة عشر قسمًا متكاملًا، تناولت نشأته وأسرته، ومسيرته التعليمية والعلمية، وعطائه في مجالات القضاء والدعوة والإرشاد، إضافة إلى جوانب شخصيته الإنسانية والاجتماعية، وما رُوي عنه من شهادات وذكريات ومواقف تركت أثرًا لا يُمحى في محيطه ومجتمعه. وخُتمت هذه الأقسام بلمحة وجدانية تحت عنوان "ومضة ختام"، لتكون بمثابة بصمة أخيرة في سيرة رجلٍ لم يكن عابرًا في الحياة، بل حاضرًا في ذاكرة الناس والتاريخ. وبهذا الجهد، يقدّم الدكتور خالد الصغير للقارئ عملًا توثيقيًا أدبيًا يجمع بين الدقة العلمية وحرارة العاطفة، ويضع بين يديه سيرة والدٍ كريمٍ وأستاذٍ فاضلٍ وقاضٍ شامخ، سيظل أثره ممتدًا في ميادين العلم والعدل والتربية، وفي وجدان من عاصروه وأحبوه.