في هذه الزاوية سيأخذنا إلى عوالم القراءة عبدالله بيلا الشاعر والكاتب، صدر له أربع مجموعاتٍ شعريةٍ: «تأويل ترابية» عام 2012، «صباح مُرمّمٌ بالنجوم» عام 2015، «سفرٌ إلى الجسد الآخر» عام 2019 والأخيرة بعنوان «أربع وعشرون ذاكرة لقصيدةٍ واحدةٍ» عام 2022. شارك في العديد من المهرجانات والمسابقات الشعرية داخل الوطن وخارجه، وحاز على العديد من الجوائز، وحظي بإشادة لجان التحكيم والنقاد بشاعريته الخصبة، من خلال ما اطلع عليه مؤخراً ويوصي القراء بقراءتها. هل الحياة قصيرة حقاً تأليف: سينيكا يتساءل الفيلسوفُ الرواقي سينيكا في كتابه «هل الحياة قصيرةٌ حقاً»؟، ويطرح الكثير من الأسئلة والقليل من الإجاباتِ والقناعات عن كل ما يتعلق بالحياةِ وطريقة عيشها واستغلال كل لحظةٍ منها؛ ينظر سينيكا إلى الحياة بمفهومها الشامل فتتبدى له في تلك اللحظات المتكاثفة التي يصنعُ مجموعُها ما يمكن تسميته مرحلةً عمريةً مُعاشة، ولكن الإشكال الأكبر ليس في الحياة وإنما في الكيفية التي يمكن أن تُعاش به، وهل بإمكاننا ونحن نقطع آخر شوطٍ من العمر أن نزعم أننا قد عشنا حقاً، أم أنَّنا فقط كنا موجودين لفترة طويلة؟؛ لا يفوت سينيكا أن يشير إلى قيمة الفلسفة في الحياة، وأنَّ المهتمين بالفلسفة هم وحدهم القادرون على أن يعيشوا الحياة بشكلٍ مختلفٍ عن غيرهم، لأنَّ المعرفة الفلسفية بالإنسان وتاريخه تضيف إلى أعمارهم أعماراً أخرى، يمكن اختصار فلسفة سينيكا في هذا الكتاب ب «عِش لحظَتكَ وحسبْ». ذكاء الأزهار تأليف: موريس ميترلينك بلغةٍ شعريةٍ فلسفيةٍ تأملية عميقة يأخذ المؤلف القارئ إلى مجاهل ذلك العالم العميقِ الذي يتجاوز الشكل الطبيعي الجذاب واللون الساحر والرائحة العاطرة، التي دائماً ما نظن أنها هي كل ما تمتلكه الأزهار من مزايا ومقومات، وإذ بنا نكتشف أنَّ للأزهار لغاتها المشتركة الخاصة، وأساليبها المبتكرة للنجاة والاستمرار، تلك العوالم الذكية والمهارات والتقنيات والحيل المتقدمة التي تمتلكها الأزهار، للتكيّف مع البيئات المختلفة التي يمكن أن تنشأ فيها، وعقد أواصر العلاقات الحميمة بينها، بشكلٍ قد يبدو أقرب للخيال منه إلى الحقيقة، هذا ما توحي به تلك اللغة الشعرية للمؤلف، غير أنّها لا تنفي حقيقةَ وجودِ هذا العالمِ الزهري المتقدم في ذكائه على الكثير من العوالمِ المجاورة له، ليصل ميترلينك إلى الاستنتاج بأنَّ قوة الطبيعة العظمى التي أبدعت هذا العالَم اللانهائي من الأزهار هي ذاتها التي أبدعت الإنسان، وأحاطته بعنايتها وإرادتها. طريق الحياة رسائل في الروح والموت والحياة تأليف: ليف تولستوي ليف تولستوي، أحدُ أعظمِ روائيي العالَم على الإطلاق يقدم لقارئه في هذا الكتاب «طريق الحياة، رسائل في الروح والموت والحياة»، عصارةَ تجاربه الروحية وقناعاته الفلسفية، وأزعم أنَّ قارئ هذا الكتاب سيشعر بتلك الرابطة الروحية القوية بينه وبين تولستوي، وسيصغي بكل جوارحه إلى ذلك الصوت الهادئ المفعم بالحكمةِ والسلام والمحبة، وسيظل مشدوداً إلى تلك الروحِ الإنسانية الصافية؛ تلك الروح التي تذكرنا بقيمة التراحم الإنساني، وتعميم هذه القيمة لتشمل كل الموجودات على البسيطة من إنسانٍ وحيوانٍ ونباتٍ حيوانٍ وغيره؛ ما يميز الكتاب هو أنَّه من آخر ما كتبه المؤلف بعد أن اختمرت كلُ تجاربه المختلفة لتثمر ما يمكن اعتباره هديتَه الأثمنَ إلى كل قرائه في العالم، وكأنه يمنح الإنسانية بكل محبةٍ مشروعاً روحانياً عظيما، أزعم أنَّه قادرٌ على توجيه الروح إلى البحث عن الطريقة المثلى للحياة. التاريخ الثقافي للقباحة «تأليف: غريتشن إي هندرسن متتبعةً بشكلٍ شغوفٍ وعملي المسارَ التاريخيَ والإنسانيَ لتطور مصطلح القباحة، تضعُ الكاتبة غريتشن إي هندرسن بين أيدي قرائها كتابها المعنون ب «التاريخ الثقافي للقباحة»، مستشهدةً في غضون ذلك بالكثير من القصص والروايات التي قد تكون أقرب إلى الخيال، ولكنها كانت واقعاً حقيقياً في طريقة التعاطي الاجتماعي مع التقبيحِ ومرادفاته، وكيف أنَّ مدى ارتياحنا أو قلقنا من أشخاص أو أعراق وثقافات مختلفة قد يحملنا على وسمها بالقباحة، ومن ثمَّ وضعها في إطارٍ تصنيفي يسعى إلى تحجيمها أو محو أي أثرٍ جماليٍ لها؛ وتثبت المؤلفةُ أنَّ التقبيح في حالات كثيرة يحتكم إلى المعيار الاجتماعي الانفعالي وما تواطأ عليه المجتمع، وأنَّ التقبيح فكرة ثقافية اجتماعية متطورة ومتجددة، وما هو قبيحٌ اليوم اجتماعياً قد يصبح حسناً غداً والعكس كذلك، لأنَّ القبح صفة تشمل كل الموجودات والمؤثرات من حولنا بما فيها الكتابة واللغة والأسلوب والسياسة إلخ؛ قراءةُ هذا الكتاب ستغير نظرتنا إلى مفهوم القباحة وكذلك الجمال كونه الضد الذي يُظهر الضدُ الآخرُ عيوبَه ومحاسنه. نحن الذين هنا الآن تأليف: جوستاين غاردر يصل الفيلسوفُ إلى ما يظنه ربما الأمتارَ الأخيرةَ في ماراثون حياته الطويل، ويرى أن يهب في هذه اللحظةِ لأحفاده الستة هذا الكتاب الأشبه بالوصية الفلسفية «نحنُ الذين هنا الآن»، مستعيناً بمعرفته الواسعة في العلوم الفلكية والطبيعية، لتكون مدخلاً لكل تساؤلاته الفلسفية عن الكون من حولنا بكواكبه ونجومه ومجموعاته الشمسية ومجراته، هذه الأسئلة المطروحة ببساطةٍ عميقةٍ مستغنيةٍ عن التعقيدات الفلسفية؛ طرافةُ الفكرة في الكتاب أنه مُهدىً إلى أحفاد المؤلف، وهو إهداء رمزي يعزز الجانب المعرفي لديهم ولدى كل قارئ يشعر بأنَّ هذه الكلمات المكتوبة إنما هي قادمةٌ عبر أثيرِ الزمن بصوتِ الجد الفيلسوف جوستاين غاردر، الذي يهمسُ في روعنا بأننا متى أدركنا بأنَّ زمننا ليس أقلَّ أهميةً من أيِّ زمن آخر، تأكّدت لنا تلك المسؤولية العظيمة الملقاة على عواتقنا، وهي أن نسلِّم الأرضَ -هذه الأمانةَ الكونية- إلى الأجيال المقبلة وهي بخير حال، وأنَّ وعينا الشموليَ بالكائنات من حولنا، يحتِّم علينا مسؤولية الحفاظ على أساسيات الحياة على الأرض، وكذلك أساسيات الحياة في الكونِ كله.