أمير المدينة المنورة يستقبل رئيس بعثة الحج العُمانية    ارتفاع قيمة صفقات النفط والغاز الأميركي الى 200 مليار دولار    المملكة تدين اقتحام المسجد الأقصى    رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يستقبل وزير الدفاع    وزير الدفاع يجري اتصالًا هاتفيًا بالرئيس المنتخب وزير الدفاع الإندونيسي    مانشيني: هدفنا الفوز.. الليلة    «نمّور» يلهم الشباب والأطفال للحفاظ على البيئة    السديري يدفع ب93 خريجة من «تقنية بنات المجمعة» لسوق العمل    المملكة تدين اقتحام عدد من المسؤولين في حكومة الاحتلال وأعضاء الكنيست ومستوطنين متطرفين للمسجد الأقصى    أمير الجوف يشدد على إيجاد بيئة عمل جاذبة للكوادر    المملكة تدشّن فعاليات اليوم العالمي للبيئة بمشاركة محلية ودولية واسعة    وزير التجارة: الأنظمة تمنع الاحتكار.. وهناك مؤشرات ستكون معلنة على وكالات السيارات    المحكمة العليا تدعو لتحري رؤية هلال شهر ذي الحجة    الأردن يحبط تهريب 9.5 ملايين حبة مخدرة متجهة للسعودية    أمير تبوك يرعى حفل جائزة فهد بن سلطان للتفوق العلمي    وزير الصحة يتفقد جاهزية المنظومة الصحية في المشاعر المقدسة    المؤتمر الصحفي الحكومي يستضيف وزير الحج والعمرة    إنقاذ عين وافد بعملية جراحة معقدة    القيادة تهنئ ملك الدنمارك    أرماح الرياضية تفتتح فرعين نادي بي فت بجدة    وزير الاسكان يدشن اول الضواحي بالعاصمة المقدسة    اعتماد إستراتيجية «الأولمبية والبارالمبية السعودية» ل 7 سنوات    فيصل بن فرحان يستقبل نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية العراقي ووزير الخارجية الكويتي    إسرائيل توسع هجماتها على مخيمات اللاجئين وتعذب المعتقلين    ضبط 9 مخالفين لأنظمة الحج لنقلهم 49 مخالفا ليس لديهم تصريح    «مسام»: إتلاف 659 لغماً وعبوة ناسفة وقذيفة غير منفجرة في باب المندب    العميد يتمسك بالغامدي والموسى    "الشؤون الإسلامية" تعلن جاهزية مسجد الخيف بمشعر منى لاستقبال حجاج بيت الله الحرام    آل سلامة وآل باناجة يستقبلان المعزين في لطيفة    المخلافي: حضور السعودية من أجل التنمية والإعمار.. ومشاريع إستراتيجية في مواجهة الخراب    لأول مرة في الحج.. نظام ذكي لرصد تساقط الصخور على عقبة الهدا    معاقبة شركات نقل سيارات لاتفاقها على رفع الأسعار    السوري «قيس فراج» منفذ الهجوم على السفارة الأمريكية في بيروت    إجراء أول عملية قلب مفتوح بالروبوت الجراحي بمستشفى الملك فهد الجامعي في الخبر    متوسطة ابن المظفر بالظهران تحتفي بتخريج الدفعة 30    سفير المملكة لدى كوت ديفوار يتفقّد الصالة المخصصة لمبادرة "طريق مكة"    فعالية "اليوم العالمي لمكافحة التدخين"    صندوق الاستثمارات العامة يعلن تسعيراً ناجحاً لأول عرض سندات بالجنيه الإسترليني    ثغرة أمنية واختراق حسابات شهيرة ب"تيك توك"    «الأرصاد»: طقس مكة والمشاعر في الحج حار إلى شديد الحرارة    النسخة5 من برنامج "جسور" لتأهيل المبتعثين بالولايات المتحدة    الإسباني "هييرو" يتولى منصب المدير الرياضي في النصر    «طيران الرياض» يعزز خطوطه العالمية    صدق أرسطو وكذب مسيلمة    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية "2"    دعم رواد الأعمال في الطائف    السعودية واحة فريدة للأمن والأمان ( 1 2 )    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين.. مؤتمر دولي عن البرنامج السعودي للتوائم الملتصقة    كيف يمكننا أن نتخذ قراراتنا بموضوعية؟    جمعية تعظيم تطلق مبادرة تعطير مساجد المشاعر المقدسة    من أعلام جازان… فضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد الفقيهي    تخصيص منزل لأبناء متوفية بالسرطان    «لا تضيّقها وهي واسعة» !    عالم عطور الشرق !    بعد انتشار قطع ملوثة دعوة لغسل الملابس قبل الارتداء    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات لخدمة ضيوف الرحمن    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    محافظ بيش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية بالشخوص ميدانياً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين كتابين أو ثلاثة - قوة الحدس العاشقة
نشر في الحياة يوم 15 - 02 - 2004

تنتمي رواية "فتاة البرتقال" للكاتب النروجي جوستاين غاردر إلى الأعمال التراجيدية الخالدة التي تمجّد الحدس، وتزهو بالحب، وتزنّر الحياة بالمعنى، وتكسو الروح أسئلة لا مفر منها.
يتلقى جورج الصغير رسالة من أبيه بعد أحد عشر عاما على رحيله، يروي خلالها الأب كيف تعرف على "فتاة البرتقال" التي غدت في ما بعد زوجته، ويتبادل جورج وأبوه الحوار على مدار صفحات الرواية المائتين، ويتجاذبان الاسئلة. وفي غمرة ذلك تتفتق عبقرية غاردر وقدرته الفذة على الايقاع بالزمن والتحكم بالمصير الفردي ورفعه إلى مصاف المصائر المطلقة. انه يبتدع سيناريوهات للحب تتقاطع مع الميتافيزيقا، لكنه بحدس المحب، وبعذوبة أشواقه، يجعل الميتافيزيقا شأنا طبيعيا منذ وقعت عينا الرجل العاشق على الفتاة في القطار وهي تحمل في يديها كيسا ورقيا مليئا بالبرتقال، فيصطدم بها وتتساقط البرتقالات الثلاثون أو الأربعون على الأرض، وتحت المقاعد وفي أحضان الركاب.
منذ ذلك الحدث أدرك العاشق أن تلك الفتاة هي من أحدث في روحه ما يشبه اصطكاك جرمين، فيدرك على الفور، وبقوة الحدس، أن لا سبيل إلى الافتراق عنها.
يقرر العاشق ان فتاة البرتقال هي التي ينبغي ان يكرس حياته لها، فتراه يتبع حدوس قلبه، انه يقرر ان يلتقيها في مقهى بأوسلو من غير ان يكون قد حادثها او عرفها من قبل عن كثب. إن قلبه يشير عليه بأنها لا محالة ستأتي، وتكون المفاجأة لقاء فتاة البرتقال، ويتكرر على هذا النحو في الكاتدرائية عشية عيد الميلاد حيث تنبثق المرأة من بين الجموع، وتشرق بطلّتها السندريلائية، فيتساقط قلب العاشق، ولا يبقى جزء منه الا ويرتجف فيخفق ويعانق الابد.
وذات مرة يقرر ان يلبي نداء روحه التي تأخذه إلى إشبيلية بإسبانيا، لأنّ صوتا داخليا عميقا أنبأه بأن فتاة البرتقال ربما تكون هناك، في حي سانتا كروز الشهير وتحديدا في ساحة أليَنزا، فينتظرها هناك في مقهى لنحو ثماني ساعات فلا تأتي، ويقرر ان يصحو في اليوم التالي باكرا لينتظرها مجددا من مشرق اليوم حتى مغربه.
وقبل ان يخامره يأس، ويشعر بأنه سافر من النروج إلى اسبانيا عبثا، تطل فتاة البرتقال فجأة على ساحة أليَنزا في السابعة والنصف من مساء ذلك اليوم الطويل المرهق الشاق: "قدمت فتاة البرتقال مرفرفة كالطير على سوق البرتقال، واكتست بفستان صيفي خارق أحمر اللون وهّاجاً، ولعلها استعارت ذلك الفستان من جميلة الغابة النائمة".
ومن أكثر العناصر وضوحاً في "فتاة البرتقال" التشويق، حيث يبرع غاردر في قطع الأنفاس من خلال جر القارىء نحو أقاليم غير متوقعة بلغة تتجاوز طبيعتها الإخبارية المحضة إلى اكتساب طبيعة جديدة أساسها القوة القلبية الحميمة الحارة التي تلتمع بالصدق والنجوى والألم ، ولعل هذه الثيمات الثلاث أن تكون ملمحا جوهريا في كتابة غاردر التي رأينا تجلياتها الفلسفية الواضحة في رواية "عالم صوفي".
تتصارع الاقدار في "فتاة البرتقال" التي ترجمها عن الفرنسية بإبداع حافظ َعلى شاعريتها ودفقها الجزائري، مدني قصري، وصدرت الترجمة العربية عن "دار المنى" بالسويد باشراف الأردنية منى زريقات بجانب 13 ترجمة أخرى، وفيها يؤكد غاردر بأنه حائك بارع في نسج الأزمنة وبث السحر في نسغ أحداثه، كأنما يريد ان يبرهن، وهو استاذ الفلسفة وتاريخ الافكار واللاهوت، بأن طاقة الحدس الصافية المنقاة من أدران البشر العابرة، قادرة على تقريب المسافة بين المستحيل والممكن، بين الاسطورة والواقع، وكأنه يقترب في ذلك من الروائي البرازيلي باولو كويلو. انهما يتشابهان في هذا الأمر، وقد سألنا غاردر اثناء لقائنا معه في معرض فرانكفورت الأخير للكتاب بألمانيا عن ذلك فقال انه يعرف كويلو وسبق ان التقاه، لكنه لم يقرأ أيا من اعماله، على ان ذلك لا يعفي الاثنين من انهما ينهلان من معين واحد: معين القدرة النفسية الجبارة التي تمّحي فيها الحدود بين الاشياء والأقدار لتنصهر في بوتقة واحدة قوامها: اتبع حدوسك وأصغ ِ إلى قلبك، ولبّ النداء حالا، ولا تتردد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.