يُعد الإعلام اليوم أحد الأعمدة الأساسية في حياة المجتمعات المعاصرة حيث لا يقتصر دوره على نقل الأخبار والمعلومات فحسب، بل يمتد ليشمل الترفيه وإثراء أوقات الفراغ من خلال البرامج التلفزيونية، المنصات الرقمية، والألعاب التفاعلية، حيث يقدم الإعلام محتوى متنوعًا يُسهم في تشكيل الذوق العام، وتعزيز الثقافة وإضفاء أجواء من المتعة والتفاعل على حياة الأفراد. ومنذ عقود جمع التلفزيون والراديو والسينما الناس حول قصص وحكايات وبرامج صنعت لهم أوقاتًا لا تُنسى حيث كانت جلسات المساء أمام مسلسل رمضاني أو متابعة مباراة حاسمة، أو حضور مهرجان يٌنقل مباشرة مناسبة ليصبح مناسبة لتقاسم الضحكات والانفعالات وكان الإعلام يحول ملايين الشاشات إلى مجلس واحد. ومع بداية الثورة الرقمية، تغيرت المعادلة حيث أصبح بإمكان كل فرد أن يختار محتواه الترفيهي بدقة فيشاهد فيلمًا على منصة بث أو يتابع بثًا مباشرًا لمباراته المُفضلة، أو يشارك في تحدٍ على مواقع التواصل ولم يعد الجمهور مجرد متلقٍ بل صار جزءًا من الحدث يعلق ويشارك ويؤثر. وبفضل التطور التقني، تجاوز الإعلام حدود الجغرافية ليخلق فضاءً مشتركًا يجمع الثقافات والشعوب فالمحتوى الترفيهي أصبح وسيلة لفهم الآخر لينشر القيم الإنسانية والتقريب بين العادات والتقاليد المختلفة ومن خلال الترجمة والبث العابر للحدود تحول الإعلام إلى لغة عالمية يفهمها الجميع مما جعل الترفيه أداة لتعزيز الحوار الحضاري والتواصل الإنساني. ولا يقتصر دور الإعلام الترفيهي على الإمتاع فقط بل تجاوز ذلك إلى ترسيخ الهوية الثقافية للمجتمعات فالأفلام والمسلسلات المحلية تُعرف العالم بخصوصية كل مجتمع وتُسهم في حفظ الموروث الشعبي، بينما تسمح المنصات العالمية بمزج الثقافات وتبادلها في إطار من الإبداع وهكذا أصبح الإعلام أداة لحفظ التراث من جهة ومن جسر للتواصل الحضاري من جهة أخرى. وفي المملكة العربية السعودية شكلت رؤية 2030 نقطة تحول كبرى في صناعة الترفيه والإعلام حيث وضعت هذا القطاع اهتمامًا خاصًا باعتباره جزءًا من جودة الحياة وركيزة من ركائز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فقد أطلقت المملكة عبر الهيئة العامة للترفيه العديد من الفعالية العالمية، والمهرجانات الفنية والعروض الحية التي جذبت ملايين الزوار كما ساهمت الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية الترفيهية مثل المسارح ودور السينما والمواسم الترفيهية لتعزيز مكانة المملكة كوجهة عالمية للثقافة والفنون حيث أصبح الإعلام ينقل هذه التجارب الاستثنائية إلى العالم ليعكس صورة حضارية مشرفة عن المملكة وانفتاحها على المستقبل. ختامًا، يتضح أن الإعلام لم يعد مجرد وسيلة لنقل الأخبار أو المعلومات، بل أصبح رافدًا رئيسًا لصناعة الترفيه وصياغة الذائقة الجماهيرية، بما يحمله من تأثير واسع على الأفراد والمجتمعات. ومن خلال قدرته على المزج بين المتعة والمعرفة، وتعزيز الهوية الوطنية، ودعم الرؤى المستقبلية مثل رؤية المملكة 2030، يواصل الإعلام أداء دوره كجسر يربط بين الثقافة والابتكار من جهة، وبين المتلقي وشغفه بالترفيه من جهة أخرى. وعليه، فإن استثمار هذا الدور وتطوير أدواته يظل ضرورةً لمواكبة تطلعات الحاضر وصناعة مستقبل أكثر إشراق.