تنطلق الدراسة في مدارس التعليم العام بمناطق المملكة -وفق التقويم المعتمد من وزارة التعليم، وبعودة نظام الفصلين الدراسيين- وكانت عودة الهيئتين الإدارية والإشرافية قد سبقت عودة المعلمين لاستكمال الاستعدادات قبل استقبال الطلاب والطالبات في آلاف المدارس الحكومية والأهلية، وجاء إقرار نظام فصلين دراسيين بناءً على قرار مجلس الوزراء مع الإبقاء على الإطار الزمني للخمسة أعوام المقبلة، ما يمنح المدارس وضوحًا في التخطيط الزمني والبرامجي. وينطلق العام الجديد بالتأكيد على الانضباط، فتعميمات إدارات التعليم شدّدت على الالتزام بمواعيد الاصطفاف والحصة الأولى وفق التوقيت الصيفي، وفي العام الماضي سجلت الوزارة انتظام أكثر من 6.7 ملايين طالب وطالبة في أكثر من 31 ألف مدرسة؛ وهذا الرقم يمنح مؤشرًا على حجم المنظومة اللوجستية المطلوبة لبداية سلسة هذا العام. والاستعدادات ميدانيًا تمت وفق خطط مدروسة من حيث توقيت الدوام واعتماد جداول الاصطفاف وبداية الحصة الأولى ونشرها للأسر ومديري المدارس، كما أن جاهزية المدارس -وفق ما نشرته وزارة التعليم- تمت من خلال لجان ميدانية أنهت الفحص والتسليم قبل عودة الطلاب. التركيز على عمق المناهج وإتاحة مساحة أوسع للأنشطة والمهارات مشهد جديد وتهدف خطوة العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين إلى إستراتيجية لتحقيق التوازن بين جودة التعليم وراحة الطلاب والأسر، ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في رفع مستوى التحصيل العلمي، وتعزيز الاستقرار النفسي والاجتماعي للمجتمع التعليمي ككل، وفي سيناريو متوقع مع صباح أول يوم دراسي بنظام الفصلين، ستبدأ الأجواء مختلفة هذه المرة، فالطالب يدخل المدرسة بابتسامة عريضة، يحمل حقيبته بخفةٍ غير معهودة، وكأن لسان حاله يقول: "عام دراسي أخف، فرصة جديدة للتفوق، وبداية أستطيع معها أن أثبت نفسي من جديد"، الحماس يملأ عينيه، والفضول يدفعه لاكتشاف كيف سيكون إيقاع العام بنظام الفصلين فقط، أمّا المعلم فسيستقبل طلابه بطاقة متجددة، يشعر بارتياح داخلي؛ لأن المنهج لم يعد متكدساً كما في السابق. يفتح دفتر تحضيره وهو يفكر بأن اليوم يستطيع أن يشرح بعمق، وأن يبتكر، وأن يرى ثمرة جهده بشكل أسرع، التفاؤل يبدو واضحاً في نبرة صوته وهو يرحب بطلابه، أمّا الأسرة فستودع أبناءها بقلوب مطمئنة، وقد ارتسمت على وجوههم علامات ارتياح، ولسان حال الأسرة يقول: "العام أصبح أكثر وضوحاً، نستطيع متابعة التحصيل أولاً بأول، ونمنح أبناءنا دعماً نفسياً بلا قلق زائد"، وستشعر الأسرة أن العودة إلى الفصلين ستمنح أبناءهم توازناً أفضل بين حياتهم الدراسية والاجتماعية، وفي هذا التلاقي بين الطالب المتحمس، والمعلم المتفائل، والأسرة المطمئنة، يتشكل مشهد جديد للتعليم، ليعكس بداية مرحلة أكثر توازناً وفاعلية في مسيرة التعليم العام. أنشطة ومهارات وسيشهد التعليم العام في المملكة تحولاً تعليمياً جديداً مع العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين، حيث يهدف القرار إلى رفع جودة التعليم، وتخفيف الأعباء على الطلاب والمعلمين، وتعزيز الشراكة مع الأسرة، ويمنح هذا التحول العملية التعليمية قدراً أكبر من المرونة والفاعلية، من خلال التركيز على عمق المناهج بدلاً من كثافتها، وتسريع التقويم ومعالجة الفجوات، وإتاحة مساحة أوسع للأنشطة والمهارات الحياتية، وهذه خطوة تعكس توجه النظام التعليمي نحو الجودة والتوازن والارتقاء بمخرجات التعليم بما يتوافق مع تطلعات المرحلة المقبلة، وهذا تحول التعليمي الجديد جاء مع قرار العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد تطبيق نظام الثلاثة لأربعة أعوام، ويأتي هذا القرار استجابةً لاحتياجات الطلاب والمعلمين والأسر، وحرصاً على رفع كفاءة العملية التعليمية وتحقيق التوازن بين التعليم والراحة، وملامح النظام الجديد تتمثل في عدد الفصول الدراسية وهي فصلان بدلاً من ثلاثة، والتقويم الدراسي تناول توزيعا أوضح للإجازات والاختبارات، ومدة الدراسة أطول لكل فصل بما يسمح بزيادة تركيز المواد وتدرجها، وشمل التقويم الإجازات مثل إجازة منتصف العام الطويلة، إلى جانب الإجازات الرسمية، والمبررات والدوافع للعودة للفصلين بدلاً من ثلاثة تقليل ضغط الاختبارات وكثرة الجداول على الطلاب، وزيادة الاستقرار الأسري عبر إجازات واضحة ومنتظمة، وتوفير وقت كافٍ للتعمق في المناهج وعدم تشتيت العملية التعليمية، والعمل على تحسين كفاءة التخطيط التعليمي للمعلمين والإدارات المدرسية. تعزيز الدافعية وإيجابيات الفصلين الدراسيين على الطالب فنوجزها بالآتي؛ أولا توزيع المقررات، فسيقل ضغط المواد في كل فصل، فيسهل الاستيعاب والتحصيل، وكذلك زيادة الفرص للتحسين، فإذا أخفق الطالب في مادة يمكن تعويضها في الفصل الثاني، كما أن من الإيجابيات تنويع الأنشطة، فسيتيح للطالب المشاركة في أنشطة وبرامج أكثر، لأن كل فصل له خطته المستقلة، كما سيعزز نظام الفصلين الدافعية، فقصر مدة الفصل يساعد على تجديد الحافز الدراسي وعدم الشعور بالملل أو الإرهاق الطويل، كذلك سيسهم في تحسين النتائج، فالتقويم المستمر والاختبارات الدورية تمنح الطالب تغذية راجعة أسرع، ويحقق إيجابيات للمعلم، حيث سيخف العبء التدريسي عنه في توزيع المنهج على فصلين، مما يجعل شرح المحتوى أكثر عمقاً وراحة، إضافةً إلى متابعة أفضل للطلاب، فالمعلم يستطيع تقييم مستوى كل طالب بشكل أسرع وتصحيح المسار خلال العام، إلى جانب تجديد الحافز المهني في تقسيم العام إلى فصلين يمنح فرصة لتطوير أساليب التدريس بين الفصلين، وتنويع الخطط التعليمية، فيتمكن المعلم من إعداد خطتين مختلفتين، ما يزيد من مرونة العملية التعليمية، ومن إيجابيات الفصلين الدراسيين للأسرة توزيع الجهد والمتابعة، فمتابعة الأبناء تصبح أسهل مع تقسيم المواد على فترتين، وتقليل التوتر والضغط النفسي بوجود اختبارات وتقويم في منتصف العام يخفف الضغط المتراكم على الطالب والأسرة، كما أنها تتم متابعة التحصيل بشكل أسرع إذا ظهر ضعف لدى الابن في الفصل الأول فيمكن معالجته مبكراً قبل نهاية العام، إضافةً إلى مرونة في التخطيط الأسري، فالأسرة تستطيع تنظيم الإجازات والأنشطة بناءً على فترات الفصلين. ليس مجرد تغيير والعودة إلى نظام الفصلين ليست مجرد تغيير في التقويم الدراسي، بل هي تحول نوعي يركز على الجودة بدل الكم، والتوازن بين التعليم والحياة، وتسريع التقييم ومعالجة الفجوات التعليمية، وتهيئة بيئة أكثر مرونة وفاعلية للمعلم والطالب والأسرة، وبالفعل فقرار العودة إلى نظام الفصلين سيحدث تحولاً تعليمياً جديداً على عدة مستويات، ويمكن النظر له من عدة زوايا، أولاً على مستوى المنهج والمحتوى فإعادة توزيع المناهج بما يتناسب مع فصلين فقط، يتيح التعمق أكثر في المفاهيم الأساسية بدلاً من السرعة في التغطية، وزيادة التركيز على الجودة بدلاً من الكم، حيث يتم التركيز على المهارات والمعارف الجوهرية، وإدخال أنشطة وأساليب تقييم متنوعة تتماشى مع قصر مدة العام مقارنة بثلاثة فصول، وثانياً على مستوى الطالب، فسيتحول الطالب من مجرد متلقٍ إلى مشارك نشط، لأن ضغط المواد سيكون أقل، فيتسع المجال للتجارب العملية والأنشطة، وتسريع التغذية الراجعة، فكل فصل يعتبر فرصة مستقلة لقياس التقدم وإعادة المحاولة ودافعية أكبر، فتقسيم العام إلى فصلين يساعد الطلاب على تجديد الحافز وعدم الاستنزاف المستمر، ثالثاً فعلى مستوى المعلم سيتاح للمعلم مساحة أوسع لتطبيق استراتيجيات تعليم حديثة مثل التعلم النشط، والتعلم القائم على المشروعات، ورفع جودة التدريس نتيجة تخفيف الضغط الزمني وتوزيع الدروس بشكل أكثر مرونة، وإمكانية التطوير المهني بين الفصلين، عبر التدريب أو مراجعة طرق التدريس، ورابعاً وعلى مستوى النظام التعليمي ككل فهو تحول نحو المرونة، فالنظام التعليمي يصبح أكثر قدرة على الاستجابة لاحتياجات المجتمع والطلاب، وتعزيز التكامل بين التعليم والأنشطة اللاصفية، لأن الفصلين يسمحان بمساحات زمنية أوسع للأنشطة، وإعادة تعريف التقييم من خلال التركيز على الاختبار النهائي فقط إلى تقويم مستمر ومتنوع خلال العام. شراكة حقيقية وأثار الحديث عن إمكانية العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين بعد أربعة أعوام من تطبيق الفصول الثلاثة نقاشًا واسعًا بين المختصين وأولياء الأمور، خاصة فيما يتعلق بمستوى الانضباط المدرسي، وكان إقرار نظام الفصول الثلاثة في عام 1443ه ضمن خطط تطوير التعليم لتحقيق مستهدفات رؤية 2030، بهدف زيادة أيام الدراسة الفعلية، وتقليص الإجازة الصيفية الطويلة، وتوزيع المناهج بشكل أكثر مرونة، إلاّ أن الواقع أظهر تحديات أبرزها ظاهرة الغياب المتكرر قبل الإجازات وبعدها نتيجة كثرة الإجازات القصيرة، ما دفع وزارة التعليم لتكرار تحذيراتها من الغياب غير المبرر في كل فصل، والسؤال هل العودة للفصلين حل مثالي؟، يرى مؤيدو العودة أن قلة الإجازات تمنح العملية التعليمية استقرارًا أكبر، وتحد من الغياب المرتبط بفترات الراحة القصيرة، كما أن المجتمع اعتاد هذا النظام لعقود، ما يسهل التكيف معه، في المقابل، يشير خبراء التربية إلى أن طول مدة الدراسة في الفصلين قد يسبب الملل لدى الطلاب، ويؤدي إلى زيادة الغياب في منتصف الفصول، إضافةً إلى عودة الإجازة الصيفية الطويلة التي قد تضعف ترسيخ المهارات، ويرى المختصون أن الانضباط المدرسي ثقافة قبل أن يكون نظامًا؛ فالعبرة ليست بعدد الفصول، بل بفاعلية الأنشطة، والتحفيز، وربط الحضور بالتقويم المستمر، مع تعزيز دور الأسرة في المتابعة، وجاء إلغاء الفصول الثلاثة ليخفف من بعض مظاهر الغياب، لكنه ليس حلاً جذريًا، فالانضباط يتطلب شراكة حقيقية بين المدرسة والأسرة، وتطوير استراتيجيات جاذبة تجعل المدرسة بيئة محفزة على الحضور، أيًا كان نظام الفصول. تحقيق التوازن بين جودة التعليم وراحة الطلاب والأُسر هناك تحديات وإقرار العودة إلى نظام الفصلين الدراسيين قد يحمل عددًا من التحديات التي يجب التعامل معها حتى لا تتأثر جودة التعليم، وأهمها أن كل فصل سيكون أطول مقارنة بنظام الثلاثة فصول، هذا الطول قد يؤدي إلى الملل وفقدان التركيز في منتصف الفصل، خصوصًا عند الطلاب في المراحل الدنيا، كما أن العودة للإجازة الصيفية التقليدية الطويلة قد ينتج عنها نسيان المهارات والمعارف المكتسبة -ظاهرة الفاقد التعليمي-، وضعف الاستمرارية التعليمية مقارنة بتوزيع الدراسة في ثلاثة فصول، وقد تعود بعض المواد إلى كثافة أكبر في المحتوى خلال فصلين فقط، ما قد يسبب زيادة الضغط على الطلاب والمعلمين لإنهاء المناهج في وقت قصير، إضافةً إلى تقليل الفرص للأنشطة الإثرائية والمهارية التي تم تعزيزها في نظام الفصول الثلاثة، ونظرًا لطول الفترة بين الإجازات، قد ترتفع معدلات الغياب خلال منتصف الفصل، خاصةً عند الطلاب غير المتحمسين أو في الفترات التي تسبق الاختبارات، كما أن الأسر التي تأقلمت على الإجازات القصيرة المتعددة قد تجد صعوبة في التكيف مع الإجازة الطويلة مرة أخرى، والطلاب قد يحتاجون لفترة إعادة تأقلم مع النظام القديم، وقد يكون هناك تأثير على خطط التطوير التي جاءت مع الفصول الثلاثة، فبعض المشروعات التعليمية الحديثة -مثل تنويع المناهج والأنشطة- بنيت على أساس نظام الفصول الثلاثة، ما قد يتطلب إعادة هيكلة خطط التطوير والمناهج مرة أخرى، ويلزم لذلك الحاجة إلى تهيئة الطلاب نفسياً للتكيف مع الفصل الطويل نسبياً، وضرورة تطوير المناهج بما يتناسب مع الفصلين الدراسيين، وضبط أوقات الأنشطة والبرامج المساندة لتتناسب مع النظام الجديد، وإعداد برامج توعوية للطلاب وأولياء الأمور حول مميزات الفصلين الدراسيين، وكذلك تفعيل الأنشطة المدرسية لتعزيز دافعية الطلاب طوال الفصل، واستخدام التكنولوجيا التعليمية لزيادة التفاعل والتحفيز، والتقييم المستمر للتجربة خلال أول عامين للتأكد من فاعليتها. الارتقاء بمخرجات التعليم بما يتوافق مع التطلعات