قطر تعرب عن قلقها من التوترات الحدودية بين باكستان وأفغانستان    العراق يهزم إندونيسيا ويشعل صراع التأهل قبل مواجهة «الأخضر»    النصر يستعد لمواجهة الفتح بودية الدرعية    «الأخضر» يغلق التدريبات قبل مواجهة العراق    مقرر أممي : إسرائيل دمرت كل مباني غزة ويجب عليها أن تدفع مقابل ذلك    تحفيز المنشآت الصغيرة    وصول أكبر سفينة شراعية عربية إلى جدة ضمن رحلتها الدولية    "بوليفارد وورلد" تنطلق بتصميم يوسّع التجربة ويضيف ثلاث وجهات جديدة    والدة شيخ قبيلة البهاكلة في ذمة الله    العالم السعودي عمر ياغي: دعم ولي العهد أسهم في تحقيقي لجائزة نوبل للكيمياء    تأكيد سعودي بأهمية الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف    المملكة تؤكد أهمية الحفاظ على النظام التجاري متعدد الأطراف    وكيل إمارة الرياض يحضر حفل سفارة كوت ديفوار    قصة تصدير شحنة ب1.1 مليار ريال بحجم سيارة    23% زيادة في الغرف الفندقية بالأحساء    تداول يترقب تحركات جديدة    «سلمان للإغاثة» يوزّع (650) سلة غذائية في محلية كرري بولاية الخرطوم    تراث عالمي    جامعة جازان تواصل الصعود عالميا في تصنيف التايمز    خطيب المسجد الحرام: اتركوا فضول الكلام في غير فنه وتخصصه    إمام المسجد النبوي: لا تيأسوا من رحمة الله.. عودوا إليه    إدراج «حياتنا ذوق» و«دليل المعلم» في «عين الإثرائية»    نائب أمير الشرقية يعزي الرميح    «سلمان للإغاثة» يوزع مساعدات إيوائية طارئة للمتضررين من الأمطار والسيول بمحافظة مأرب    الإمارات تتغلب على عُمان بثنائية في الملحق الآسيوي    "الكتاب للجميع".. تجربة ثقافية مبتكرة    13 مليون قاصد للحرمين خلال أسبوع    التحايل في الغرب خيانة وهوى    المعلم البطل الصامت في رحلة التحول الوطني    12 شراكة مجتمعية لمدارس عسير    فيتامين سي بين الحقيقة والمبالغة    الأخضر يواصل استعداده للقاء العراق في ختام ملحق تصفيات كأس العالم    صمود الهدنة يكشف مرحلة ما بعد الحرب في غزة    عودة الكهرباء إلى 800 ألف منزل في كييف    احتفلت بمحاربة السرطان فأنهت حياتها إبرة    ترحيل 11849 مخالفا للأنظمة    المملكة تواصل تقديم المساعدات الإنسانية لغزة وسوريا    267 مبتعثا ومبتعثة يدرسون تخصصات الفضاء في أمريكا    القبض على شخص في جازان لترويجه (21) كجم "حشيش"    الكشف عن شعار استضافة المملكة لبطولة العالم للإطفاء والإنقاذ    شعراء سوريا يصدحون في أرض الشعر ب"كتاب الرياض"    علماء روس يطورون طريقة جديدة لمراقبة مستويات السكر    بر الشرقية تشارك في النسخة الثامنة من معرض الحرف والأعمال اليدوية    تقارير.. شرط ريال مدريد لرحيل فينيسيوس جونيور إلى دوري روشن    جمعية إرادة تحصد اعتمادًا دوليًا من منظمة (CARF) العالمية    جمعية المودة تشارك العالم في اليوم العالمي للصحة النفسية 2025    اختتمت جامعة أم القرى أعمال الملتقى العلمي ال25 لأبحاث الحج والعمرة والزيارة    أكتوبر الوردي ينير القطيف للكشف المبكر عن سرطان الثدي    أنامل سعودية تُجدد التراث وتنسج المستقبل في معرض الحرف اليدوية بالظهران    الطيور تزيّن السوق الأسبوعي في بيش وتنعش الحركة التجارية    كلويفرت: واثق من الفوز على العراق    محافظ الطائف يقدم التعازي لأسرة الزهراني    أمير منطقة جازان يستقبل وزير الصحة    السعودية تدين اقتحام إسرائيليين باحات الأقصى.. ارتفاع قتلى غزة وتحذير من انهيار النظام الصحي    أكد دعم مصر للمفاوضات.. السيسي يدعو ترمب لحضور توقيع اتفاق غزة    الأهالي يعبّرون عن امتنانهم للأستاذ سعيد بن صالح القحطاني: كفيت ووفيت    حدثوا أبناءكم وذكروهم    بهدف تطوير ورفع كفاءة منظومة العمل بالعاصمة.. إطلاق برنامج «تحول الرياض البلدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحايل في الغرب خيانة وهوى
نشر في الوطن يوم 11 - 10 - 2025

من الصورة القاتمة التي تتكرر في بعض المجتمعات الغربية، مشهد التحايل على القروض؛ حيث يقدم بعض المهاجرين على الحصول على قرض كبير لشراء بيت أو مشروع، وما إن يتسلم المال حتى يغادر إلى بلاده، تاركًا وراءه التزامات لم يفكر يومًا في أدائها، وربما عاد بعد عامين أو ثلاثة، معلنًا عجزه عن السداد، لتضعه السلطات على لائحة سوداء تحرمه من بعض المعاملات، فلا يستطيع استئجار مسكن باسمه، ولا شراء سيارة بالتقسيط، لكنه لا يتورع عن التحايل مجددًا بالاقتراض أو الشراء بأسماء آخرين، وأحيانًا تنتهي القضية بتسوية مع الجهات المحصّلة، فيكتفى منه بسداد نحو 40 % من القرض، بينما يقسط الباقي بعد احتساب «حدود دنيا» لمعيشته..
لعبة التحايل السالفة الذكر وإن كان ظاهرها القانون، فهي في حقيقتها إساءة كبيرة تلطخ سمعة الجالية المسلمة كلها، وترقى إلى الحرام الصريح؛ فالذي يأخذ قرضًا حتى لو فرضنا جدلًا جوازه في بعض الحالات بضوابط فإنما يأخذه بنية الأداء لا بنية التهرب، أما من يعقد العزم من أول يوم على المراوغة أو الهروب أو الاحتيال، فإنه يجمع بين محظور الربا ومحظور الخيانة.. يقول النبي المصطفى، صلى الله عليه وسلم: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله»، ولم يحدد النص ديانة الناس هنا؛ وكم هو شديد هذا الوعيد حين يقترن بنصوص القرآن الواضحة: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾، وقوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، وقوله صلوات الله وسلامه عليه: «من غشّنا فليس منا».
من دخل بلاد الغرب بعقد إقامة أو لجوء أو عمل، فإنه ملتزم بما اشترطوه عليه من عقود، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُود﴾، والنبي عليه الصلاة والسلام جعل الغدر من خصال المنافقين: «إذا عاهد غدر»، وكان يوصي جيوشه في مواجهة أعدائهم: «لَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا»؛ فإذا كانت الخيانة والغدر محرّمين حتى في حال الحرب، فكيف تُستباح في حال السلم، مع من آوى المسلم ومنحه فرصة إقامة وعمل وحياة كريمة؟
لا ريب أن الأثر الاجتماعي لهذا التحايل المقيت يتجاوز الفرد، إذ يجعل المؤسسات المالية أشد حذرًا مع المسلمين، وربما يفرض قيودًا جماعية تعاقب الأبرياء بجريرة المفرّطين، كما يعزز الصور النمطية عن المسلم المحتال، ويضعف ثقة المجتمع الغربي بجاليته، ويجعلها أكثر عرضة للتضييق والريبة، ولا شك أنه يحرم الجادين من تسهيلات وفرص كان يمكن أن تعينهم على الاستقرار، لولا ما أحدثه غيرهم من إساءات، والمشكلة الأعمق أن هذا السلوك يُظهر المسلم بارعا في «اللعب على القوانين»، بدلا من أن يكون قدوة في مكارم الأخلاق، والحق أن الإسلام جاء ليبني سمعة جماعة صالحة، لا أفرادًا يتفننون في التحايل، والمسلم في بلاد الغربة سفير لدينه قبل أن يكون مستفيدًا من قوانينها، وما يفعله البعض من غش وخيانة لا يُحسب عليهم، بل يُحسب، وللأسف، على الإسلام الذي ينتسبون إليه.
أختم بأن معضلة التحايل في القروض ليست في نصوص القانون ولا في صرامة النظام، بل في ضعف الضمير وغيابه؛ ومن استحل مالًا بنية المراوغة فقد خان نفسه قبل أن يخون غيره، وأن الدين لا يصان بالدهاء، بل بالوفاء، ولا يحفظ بالعجز عن السداد، بل بالصدق في الأداء؛ والمسلم الصادق الأمين لا يُعرف بدهائه في الإفلات، بل بأمانته في الالتزام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.