في فضاءات الفن والإنجاز قدّمت الجمعية عبر مسيرتها آلاف الفعاليات التي مزجت بين الأصالة والحداثة؛ من مهرجانات وأمسيات ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية وورش فنية، إلى مسرحيات وعروض موسيقية، قادها مدير الجمعية الأستاذ محمد آل صبيح بكلّ تميزٍ واقتدار.. في جدة، حيث تتنفس المدينة من البحر وتزدهر في ذاكرة التاريخ، تقف جمعية الثقافة والفنون كأحد أهم البيوت التي احتضنت المبدعين، وشكّلت فضاءً فسيحًا للتجارب والأفكار، وذاكرةً متجددة لروّاد الكلمة واللون والموسيقى والمسرح. فمنذ تأسيسها من عام 1394ه، حملت الجمعية رسالة واضحة أن تكون حاضنة للمواهب ومنصّة تُعيد للفن مكانته بهوية ثقافية رفيعة. في قلب هذه المسيرة يقف الأستاذ محمد بن إبراهيم آل صبيح، مدير الجمعية، الذي جمع بين كونه مستشارًا ثقافيًا، شاعرًا وناقدًا، وبين خبرةٍ صحفية بدأت من جريدتي البلاد والمدينة، حين أشرف على الملاحق المختصة بالشعر والفن في عدد من الصحف والمجلات الخليجية. خبرته تلك جعلت منه (قائدًا) ثقافيًا يعرف لغة المثقف والفنان، ويتعامل مع قضاياهم بعين الخبير وقلب المبدع حتى كتب بالإدارة كما يكتب بالقصيدة، فقاد الجمعية برؤية ثقافية توازن بين الأصالة والتجديد والتماهي مع مستهدفات رؤية 2030 الثقافية بكل تميزٍ واقتدار. ففي فضاءات الفن والإنجاز قدّمت الجمعية عبر مسيرتها آلاف الفعاليات التي مزجت بين الأصالة والحداثة؛ من مهرجانات وملتقيات وأمسيات شعرية ومعارض تشكيلية وفوتوغرافية وورش فنية، إلى مسرحيات تجريبية وعروض موسيقية جعلت من قاعاتها ملتقى مفتوحًا لأجيال من المبدعين. وكانت برامجها في التدريب والتأهيل رافدًا مهمًا للشباب، إذ صاغت عبرها جسورًا بين الموهبة الخام والاحتراف الفني. كما تجاوزت جهودها وأنشطتها إلى بناء شراكات مع الجامعات والمدارس والجهات الثقافية، لتكون الثقافة جزءًا من حياة الناس اليومية. وقد نجحت في أن تكون منبرًا للمواهب السعودية التي تشق طريقها نحو الاحتراف، وفي الوقت ذاته ذاكرةً تحفظ إرث الروّاد الذين أسسوا للحركة الثقافية في جدة. وخلال قيادة آل صبيح أطلقت الجمعية سلسلة من المبادرات النوعية التي تجاوز صداها جدرانها إلى المجتمع كله، من أبرزها المشاركة الفاعلة في (ملتقى مكة الثقافي) الذي قدّم مشاريع تُجسّد دور الثقافة في خدمة التنمية، ومبادرة تحسين التشوه البصري بجدة التي ربطت الفن برسالة اجتماعية تُعيد الجمال إلى الفضاء العام، إلى جانب برامج الاحتفالات الوطنية كل عام، والتي جعلت من الفن شريكًا في صياغة البهجة والاعتزاز بالوطن. كما ارتبط اسم آل صبيح بمنجزات رسّخت الجمعية كحاضنة للفن والإبداع، ومن أبرزها إطلاق (مسابقة ضياء عزيز للبورتريه) التي دخلت عامها الثامن تكريمًا للرموز الفنية الرائدة، واستحداث جوائز تحمل أسماء عمالقة الفن التشكيلي مثل عبدالحليم رضوي، طه صبان وأحمد فلمبان، وتخصيص جوائز في مجالات الخط العربي والتصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام، والمسرح لتشجيع الشباب والمواهب الناشئة ومنحهم فرصًا لتقديم إبداعاتهم. كما أقامت مئات الورش التدريبية المتخصصة لتأهيل المواهب في مجالات متعددة مثل الموسيقى، والرسم، والخط العربي، والنحت، والتمثيل المسرحي والسينمائي، والتصوير الفوتوغرافي، وصناعة الأفلام، لتكون بذلك حاضنة للطاقات المبدعة ومنصة لإطلاقها نحو الاحتراف. وقد انعكس هذا الحضور الفاعل في مشهد التكريمات التي حظيت بها الجمعية من شخصيات اعتبارية وجهات حكومية وأهلية تقديرًا لدورها المؤثر، ومن أبرزها، تكريم سمو أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، الحرس الملكي، رئاسة أمن الدولة، إمارة منطقة مكةالمكرمة، وزارة الإعلام بمكة، إدارة السجون، جامعة الملك عبدالعزيز، جامعة جدة، جامعة عفت، إدارة التدريب التقني والمهني، المعهد الثانوي الصناعي، كرسي الأمير خالد الفيصل "القدوة الحسنة"، إدارة مكافحة المخدرات، الدفاع المدني، الهلال الأحمر ومستشفى الملك فهد، المركز الوطني للأرصاد وسفارات المملكة في باكستان ومصر وتركمانستان وسويسرا، كما حظيت بتكريم من ندوة الثقافة والعلوم بدبي ومجلس الثقافة والفنون بالكويت إلى جانب العديد من الجهات التي رأت في أنشطة الجمعية ما يستحق الدعم والإشادة. كما أن من العلامات الفارقة في مسيرة الجمعية احتضان (منتدى جدة للدراسات النقدية) الذي جمع قامات سامقة مثل الدكتور السريحي والدكتور عبدالله الخطيب، وتأسيس منتدى الدراسات البصرية مع الدكتور عصام عسيري، وملتقى المبدعات مع الدكتورة خديجة الصبان، واستضافة المثقفين الفاعلين للمساهمة في بث الحيوية في المشهد الثقافي ومنهم الروائي عبده خال، ومصمم الأزياء يحيى البشري والمسرحيين خالد الحربي وياسر مدخلي، وكبار الموسيقيين بدءًا من طلال باغر -رحمه الله-، ومدني عبادي، وعبدالرحمن باحمدين، والفنانين عبادي الجوهر، طلال سلامة، عبدالله رشاد، والتشكيليين ضياء عزيز، طه صبان، هشام بنجابي، والفوتوغرافي خالد خضر. حيث شكّل هذا المنتدى ملتقىً فريدًا للمبدعين عبر الأجيال، ومختبرًا فكريًا وفنيًا جعل جدة عاصمة للنقد والحوار الثقافي. وللمتابع، يجد أن ما ميّز الجمعية أكثر أنها احتضنت كبار المثقفين والفنانين وكرّمت جميع الرواد في جدة، لتؤكد أن ذاكرة المكان لا تُبنى إلا بالاعتراف بالذين أسسوا وتركوا بصماتهم. بهذا الوفاء، جمعت بين الأجيال في علاقة تفاعلية تُقدّر الماضي وتستثمره لبناء المستقبل وتخليدًا لذاكرة الأجيال. كما أن الجمعية أنتجت العديد من الأغاني والأوبريتات الوطنية وساهمت في طباعة العديد من الكتاب المختصة بالفنون. وهكذا غدت جمعية الثقافة والفنون مؤخرًا رمزًا للحراك الإبداعي؛ لتجعل من الثقافة والفنون دورًا محوريًا في جودة الحياة وجزءًا من حياة المجتمع، ولتسهم في صياغة وجدان الأجيال وصناعة مسيرة وعيٍ حضاري ينتمي للوطن ويحتفي به، يقودها الأنيق وصديق الأدباء والفنانين والمبدعين محمد آل صبيح بروح شاعرٍ يرى في الثقافة طريقًا للحياة أولًا، وبإصرار ناقدٍ يعي أن الفنون جمالٌ بديعٌ وركيزةٌ من ركائز النهضة وحضارات الأوطان، حتى غدت الجمعية معه لوحةً حيّةً ترسم ملامح جدة كمدينةٍ تتنفس بالفن، ومنارةً مضيئة لثقافة الوطن بأسره.