في هذه الزاوية ستأخذنا كريستين حبيب الشاعرة والصحفية المتخصصة في الثقافة والفنون، تولت رئاسة تحرير منصة «أنغامي» للبث الموسيقي، بدأت مسيرتها المهنية كمراسلة ومذيعة تلفزيونية، درست الأدب الفرنسي وحصلت على شهادة الدراسات العليا في الصحافة من جامعة باريس إلى عوالم القراءة والرواية من خلال ما اطلع عليه مؤخرا وتوصي بقراءتها. متحف البراءة أورهان باموك لمعت الفكرة في رأس أورهان باموك في منتصف التسعينات القرن الماضي، أن يجمع أغراضاً ليبني منها رواية تصلح أن تتحوّل متحفاً، سار المشروعان التوثيقي والأدبي بالتوازي، فأبصرت الرواية النور عام 2008، أما المتحف فافتُتح عام 2012، الرواية ضخمة تقع في 611 صفحة، تحكي قصة حب كلاسيكية على غرار أفلام «الأبيض والأسود»، بين كمال المنتمي لأسرة أرستقراطية وفسون قريبته التي تنتمي للفرع الفقير من العائلة الكبيرة. كافكا على الشاطئ هاروكي موراكامي تعرفت على الأدب الياباني لواحد من أهم كتاب العصر الحديث من خلال هذه الرواية التي تسودها أجواء الغموض وأغلب حواراتها فلسفية حافلة بالأسئلة الوجودية، وقضايا الموت والحياة والحب والذكريات أيضاً الأجواء الغرائبية تحاصر القارئ للرواية من الوهلة الأولى رجل عجوز يجيد محادثة القطط، وأسماك تهطل من السماء، وجنود يعيشون في غابة منذ الحرب العالمية الثانية، وحجر سحري قد يقود إلى خراب العالم أو خلاصه، وهي قصص وضعها الكاتب في سياق سردي مذهل وساحر. كائن لا تحتمل خفته ميلان كونديرا أحد أبرز وأهم روائيي القرن العشرين الذين تخطتهم جائزة نوبل، أصبح الكاتب ذو الأصول (التشيكسلوفاكية) يحتل مكانة بارزة في الحياة الأدبية الفرنسية حينما قرأت لكونديرا أول مرة في الجامعة الفرنسية لم أستسيغه لكنه حينما عدت إليه تحملت خفته ورشاقته بشدة أصبح كاتبي المفضل، في خفة الكائن استطاع كونديرا دمج الفلسفة والتاريخ والأحلام والموسيقى والرومانسية في رواياته عبر قالب متحرك، قابل للقراءة بمرونة، ما هي إلا شهادة على أصالته وموهبته الاستثنائية يظهر بأفضل صورة في روايته التي تبدأ بالتفكير في فلسفة (العود الأبدي) لنيتشه، وهو انعكاس يعود بذاته ليصبح أحد الأفكار السائدة في الكتاب. سلالم الشرق أمين معلوف من كرسيه المتميز في الأكاديمية الفرنسية، يواصل أمين معلوف سرد قصة الشرق بكل ما فيها، معلوف يأخذ القارئ إلى حيث يشاء قلمه، سواءً في حقبة زمنية، أو مكان خيالي، أو حقيقي. لقد قرأتُ بالفعل أعمال معلوف المؤرخ والكاتب ببعده الإنساني، التي تدفئ القلب، خاصةً بعد قراءة أعمال اجتماعية أو سياسية أو تاريخية. لقد أثّرت بي قصة «باكو» بعمق. هذا المقاتل التركي الأرمني اللبناني حارب النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، وتجاوز كل الحدود سعيًا وراء الكرامة والمحبة، ودفع ثمن الحرب العربية الإسرائيلية بفقدان عقله تقريبًا، وخانه أقرباؤه، رغم محنة «باكو» الطويلة، تُعدّ قصته ترنيمة للأمل، لمعجزة الخلاص، لقدرة الإنسان على التحرر من قيوده، إن وُجدت الإرادة. جنتلمان في موسكو أمور تاولز لقد سكن هذا الكتاب في وجداني حرفيًا. سافرنا معًا إلى ثلاث دول مختلفة، لسببٍ غامض، لم أستطع إنهاء قراءته، مع أنني قارئٌه نهمٌه وسريعُه القراءة. ظلّ بجانبي عامًا كاملًا، لم أكتشف السبب إلا في الصفحات الأخيرة: لم أستطع التخلي عن الكونت ألكسندر روستوف. تعلقتُ بهذه الشخصية لدرجة أنني تأخرتُ في إنهاء الرواية. لم أُرِدْ له أن يرحل، يا لحظّ عائلة صوفيا التي وجدت ألكسندرها. يزداد الكتاب إمتاعا بأسلوب تاولز بالغ الإتقان، باختياره المدهش واللذيذ للكلمات، إنها بهجة خالصة تدور أحداث الرواية في موسكو، وتحديداً بين جدران فندق «متروبول»، حيث وُضع الكونت ألكسندر روستوف، بطل الرواية، قيد الإقامة الجبرية بعد أن حكمت عليه المحكمة البلشفية بالسجن عقب اندلاع الثورة الروسية عام 1922. لم يُزجّ به في زنزانة، بل حُكم عليه بالبقاء في الفندق، وهناك، في مكان واحد مغلق، تبدأ رحلة سردية ساحرة تنقل القارئ عبر تحولات روسيا، من الثورة البلشفية إلى عهد ستالين، والثمن الذي دفعه المجتمع الروسي مقابل التغيير. كريستين حبيب