احتلت القضية الفلسطينية جانبًا رئيسًا في كلمة رئيس البرلمان العربي أمام رؤساء برلمانات العالم بمقر الأممالمتحدة في جنيف، وأوضح في سياق الحديث عن عالم مضطرب يبحث عن السلام والعدالة، أنه لا يمكن تجاهل حقيقة أن حرمان شعب بأكمله من حقه المشروع في تقرير مصيره، يمثل نموذجًا كاشفًا لإخفاق النظام الدولي في تطبيق أبسط مبادئ العدالة. وأكد محمد أحمد اليماحي أن كافة قرارات الشرعية الدولية تكفل للشعب الفلسطيني حقه في حريته وإقامة دولته المستقلة، ولكن المجتمع الدولي ما يزال عاجزًا عن تحويل هذه القرارات إلى واقع ملموس، ومشددًا على أن استمرار هذا الاحتلال، وغياب الإرادة السياسية الدولية لإنهائه، يمثل تحديًا صارخًا أمام العدالة الدولية. وطالب رئيس البرلمان العربي بأن يتضمن البيان الختامي للمؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات نداءً برلمانيًا عالميًا للاعتراف الرسمي بالدولة الفلسطينية، مشددًا على ضرورة أن يكون هناك ظهير برلماني عالمي داعم للاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، وأكد اليماحي أن البرلمانات، بصفتها الممثل لإرادة الشعوب، تتحمل مسؤولية أخلاقية وتاريخية لإعادة التوازن إلى عالمنا المضطرب، وإرساء قواعد جديدة من أجل عالم أكثر إنصافًا، تُحترم فيه كرامة الإنسان أيًا كانت هويته، ويعلو فيه صوت القانون على منطق القوة. ودعا رئيس البرلمان العربي إلى إطلاق مبادرة تحت عنوان "تحالف البرلمانات من أجل عدالة دولية بلا تمييز"، وهي دعوة مفتوحة لتشكيل تكتل برلماني دولي يُعنى برصد وتوثيق حالات التمييز في تطبيق القانون الدولي، وتقديم تقارير سنوية بشأنها إلى الاتحاد البرلماني الدولي والأممالمتحدة، وذلك بهدف كسر صمت المؤسسات الدولية أمام الانتهاكات التي يتعرض لها القانون الدولي، وإعادة الاعتبار إلى مفهوم العدالة كحق عالمي لا يقبل الاستثناء ولا يخضع للانتقائية. وفي الكلمة التي ألقاها رئيس البرلمان العربي أمام المؤتمر العالمي السادس لرؤساء البرلمانات الذي ينظمه الاتحاد البرلماني الدولي بمقر الأممالمتحدة بمدينة جنيف بسويسرا، بمشاركة واسعة من رؤساء البرلمانات حول العالم، شدد اليماحي على أن العدالة والتعددية الحقيقية التي ينشدها العالم لا يمكن أن تتحقق في ظل وجود مؤسسات دولية تعاني من اختلالات في التمثيل وعجز في اتخاذ القرار. وأكد اليماحي أن إصلاح الأممالمتحدة، وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، لم يعد ترفًا مؤسسيًا، بل هو ضرورة حتمية لضمان تمثيل عادل لمختلف شعوب العالم، وشرط أساسي لاستعادة الثقة في القانون الدولي، وضمان تطبيقه على نحو عادل. وفي شأن آخر، ثمن رئيس البرلمان العربي، التصريحات الصادرة عن رؤساء وزراء كندا ومالطا والبرتغال بشأن عزم بلدانهم الاعتراف بدولة فلسطين، معتبرًا هذا الإعلان خطوة صحيحة واتجاه سليم نحو تصحيح الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني، ويشكل نقطة تحول مفصلية في مسار دعم الحق الفلسطيني، واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، مؤكدًا أنها خطوة متقدمة وموقفًا شجاعًا يُجسد الانتصار لقيم العدالة والشرعية الدولية، ويعكس وعيًا دوليًا متزايدًا بحجم المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني. وأكد اليماحي أن هذا التوجه يعكس التزام هذه الدول بمبادئ القانون الدولي وقرارات الأممالمتحدة ذات الصلة، ويعزز الجهود الدولية الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة ذات السيادة، داعيًا الدول التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى اتخاذ مثل هذه الخطوة الجريئة والشجاعة، والتي تُعزز فرص تحقيق السلام العادل والشامل في منطقة الشرق الأوسط. وجدّد اليماحي التأكيد على دعم البرلمان العربي الكامل للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ومواصلة جهوده في البرلمانات الإقليمية والدولية لحشد الدعم الإقليمي والدولي لنصرة ودعم القضية الفلسطينية وحشد الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية، معتبرًا أن الاعتراف بدولة فلسطين ليس فقط حقًا مشروعًا للشعب الفلسطيني، بل هو واجب أخلاقي وإنساني وسياسي تجاه معاناة طال أمدها، وعدالة طال انتظاره. وطالب رئيس البرلمان العربي السويد باستئناف تمويلها لمنظمة الأونروا والتراجع عن قرار وقف تمويل هذه المنظمة باعتبارها المنفذ الأساسي الذي يوفر أسباب الحياة لأكثر من مليوني فلسطيني، ليس فقط فما يتعلق بالغذاء والدواء، وإنما التعليم أيضًا، موضحًا أن الوضع الكارثي الذي يعيشه أبناء غزة حاليًا ويشاهده العالم يوميًا على شاشات التلفاز، يتطلب مضاعفة تمويل هذه المنظمة وليس وقف التمويل عنها. وأضاف رئيس البرلمان العربي في مباحثاته أندرياس نورلين رئيس برلمان السويد أن السويد كانت أول دولة أوروبية تعترف رسميًا بالدولة الفلسطينية في عام 2014م وهو محل تقدير من جانب الدول العربية وكافة دول العالم الحر، ولكن قرارها بوقف تمويل الأونروا لا يتماشى مع مواقفها الداعمة للقضية الفلسطينية، ومنها على سبيل المثال مطالبة حكومة السويد مؤخرًا الاتحاد الأوروبي تجميد الشراكة التجارية مع كيان الاحتلال. وأعرب رئيس البرلمان العربي عن تطلعه لأن يكون لبرلمان السويد موقف ضاغط على الحكومة السويدية من أجل استئناف تمويل منظمة الأونروا مرة أخرى، والتراجع عن قرارها في هذا السياق. من جانبه، أوضح رئيس برلمان السويد أن قرار الحكومة السويدية بوقف تمويل الأونروا لم يحظَ بدعم برلماني وكان محل انتقاد من أحزاب المعارضة، فضلًا عن أنه مخالف للقانون الدولي، مشددًا على أن برلمان السويد سيضغط بقوة من أجل تحمل حكومة السويد مسؤولياتها تجاه منظمة الأونروا. جلسة للبرلمان العربي