كان هنالك فريق كرة قدم جماهيري وله صيت يلعب في أحد أقوى الدوريات وينافس على المستوى القاري والعالمي في بعض الأحيان. ورغم ترسانة النجوم العالميين والمحليين أخفق في تحقيق نتائج إيجابية وكان ترتيبه السادس في ذلك الدوري. لم يعجب الحال الإدارة العليا وقرروا الاستعانة بمدير فني مشهور ليقود الفريق ويعيده إلى البطولات ومنصات التتويج. طلب المدير الفني المعين حديثاً بعض الوقت لدراسة الوضع وقرر الاستعانة بشركة استشارية أجنبية كبيرة. وبعد أسابيع من الدراسة والتحليل عرض المدير الفني خطته المتمثلة في القضاء على أسباب الفشل التي تسببت بإبعاد الفريق عن المنصات وهي: * كثرة الإصابات للنجوم الكبار * ضعف نسبة الاستحواذ على الكرة * كثرة الطرد للاعبي الفريق خلال المباريات وأقنع ذلك المدير الفني الإدارة العليا بأن معالجة هذه المشكلات الثلاث الكبرى كفيلة بتغيير حال الفريق. وبعد سنة اجتمع المدير الفني مع الإدارة العليا ليعرض نتائجه. في الواقع تمكن ذلك المدير من تحقيق جميع المستهدفات بل تفوق فيها. فقد أنهى الموسم دون أي إصابة لأي من النجوم الكبار، ولم تحصل إلا حالتا طرد فقط مقارنة بعشرين حالة طرد في الموسم الماضي. أما نسبة الاستحواذ فقد كان الفريق صاحب أعلى نسبة استحواذ على مستوى الدوري. كان المدير الفني فخوراً بنفسه وهو يعرض تلك الأرقام الرائعة. لكن في الواقع قررت الإدارة العليا إقالة ذلك المدير الفني لأن الفريق نزل في الترتيب وهبط إلى دوري الدرجة الأولى ولم يتمكن من تحقيق أي ألقاب وخسر الكثير من المباريات. وبعد تحليل الأسباب تبين أن ذلك المدير الفني جعل كل همه تحقيق المستهدفات التي وعد بها الإدارة العليا بغض النظر عن النتائج. ولذلك ولكي يضمن عدم تعرض النجوم الكبار للإصابات وفق المستهدفات فقد كان أفضل قرار هو عدم إشراكهم في التشكيلة الأساسية وجلوسهم معظم الوقت في دكة الاحتياط. ولضمان تقليل عدد الكروت وحالات الطرد فقد تم الاستغناء وبيع عقد أي لاعب يلتحم بقوة ويقاتل بحماسة في الملعب. من ناحية أخرى كان الهم هو قتل اللعب بالتمريرات الكثيرة عديمة المعنى بين الحارس والمدافعين لرفع نسبة الاستحواذ على الكرة. وبطبيعة الحال كانت النتيجة الطبيعية هي الهبوط إلى دوري الدرجة الأولى. صحيح أن هذه القصة خيالية، ولكنها واقعية إلى حد كبير وتحصل في الكثير من بيئات العمل بصور مختلفة. فما أكثر المدراء الفاشلين الذين يحاربون الكفاءات ويحاولون تهميشهم وإبعادهم كما فعل ذلك المدير الفني مع كبار النجوم في دكة الاحتياط. وما أكثر الكفاءات التي تم تسريحها والاستغناء عنها رغم أنها كانت تعمل بشكل سليم وتسعى لمصلحة المنظومة ولكن طريقتها لم تكن تتماشى مع المدراء الفاشلين كالمدير الفني الذي أبعد أقوى اللاعبين الذي يلتحمون بقوة وحماسة دفاعاً عن شعار فريقهم. وما أكثر الميزانيات التي أهدرت في أمور بلا معنى لتكون التقارير والمستهدفات التي يرفعها المدراء الفاشلون في أبهى صورة بينما الأثر الحقيقي مهمل كالمدير الفني الذي فكر بنسبة الاستحواذ ونسي الأهداف ونتائج المباريات. وباختصار، المستهدفات مهمة ولكن الأهداف والأثر أهم، ولكي تنجح المنظمة فلا تحتاج مديراً كل همه شكل الأرقام والتقارير بل تحتاج قائداً قوياً وصادقاً يواجه التحديات ويحقق الأحلام ويصنع المصير..