المُحاضر: الغلاف مدخل تأويلي للنص قدّمت أكاديمية فِنسفة الثقافية للتدريب الحلقة السادسة من برنامجها غير الربحي "ما بعد الغلاف"، تحت عنوان لافت: «إيقاظ الفلسفة.. استعادة السؤال وتحفيز الدهشة». اللقاء الذي احتضنه فضاء الأكاديمية جاء هذه المرة بقراءة نوعية قدمها المهندس حمد الراشد، عضو مجلس الإدارة والعضو المؤسس في جمعية الفلسفة السعودية وحلقة الرياض الفلسفية، والذي اشتغل على تفكيك العلاقة الثلاثية بين الغلاف والعنوان والمحتوى، وهي الفكرة المحورية لبرنامج «ما بعد الغلاف». استهل الراشد ورقته بتأملات تاريخية في نشأة الغلاف، متتبعاً تطور تصميمه من مخطوطات الأمس إلى منشورات اليوم، حيث تقاطعت فيه الفنون البصرية مع أدوات الطباعة الحديثة، وتداخلت فيه الصورة مع النص في تشكيل وعي أولي بالمحتوى، وقد استعرض تأثير المدارس التشكيلية والتصوير الفوتوغرافي في تكوين الغلاف كواجهة فكرية للنص. في المحور الثاني، انتقل المحاضر إلى قراءة معمقة في كتاب «أوراق فلسفية»، وهو الإصدار الثاني لحلقة الرياض الفلسفية، الذي شارك في تأليفه الراشد مع نخبة من الباحثين المؤسسين، وقدم له الدكتور سعد البازعي، حاملاً هاجس إيقاظ الفلسفة في المجتمع السعودي، واستعادة قيمة السؤال والتفلسف، وبعث روح الدهشة الفلسفية. جاءت قراءة الراشد للكتاب في ثلاثة محاور رئيسة هي: بحوث فلسفية والتي ناقشت مفاهيم مثل المفارقة، الضحك، إشكالية دريدا. والفلسفة في السياق العربي والإسلامي التي تناولت تأسيس الفلسفة، دور الترجمة، والتأثيرات اليونانية. ثم نقد الفلسفة الغربية حيث اشتمل على نقد لمثالية هيجل، تأملات في فلسفة الوجود، والوجودية. كما استعرض محاور إضافية في نهاية الكتاب، من بينها تساؤلات حول: ما الفلسفة؟ قراءة في فلسفة أفلاطون، ونقاش في البعد الأيديولوجي، والتأسيس الفلسفي للأخلاق عند كانط. تميّزت مداخلة الراشد بأسلوب تحليلي سلس، عمد فيه إلى إعادة لملمة أفكار الكتاب وربطها بمفاهيم فلسفية تولّدت منها تساؤلات عميقة، حفّزت الحضور على التفاعل والمشاركة، ما أضفى على اللقاء طابعاً حيوياً وتفاعلياً. وقد انتهى اللقاء بجملة من المقترحات لتقديم محاضرات لاحقة تجيب عن التساؤلات المفتوحة، أو تتوسع في بعض المحاور التي أثارت اهتمام المشاركين، وبهذه الورقة، يؤكد الراشد أن الغلاف ليس غلافاً فحسب، بل مدخل تأويلي للنص، وأن الفلسفة لا تزال قادرة على إيقاظ الحواس الفكرية متى ما تم استدعاؤها بالسؤال، واستحضارها بشغف الدهشة. جانب من الحضور